تازة: ايكولوجيا منتزه تازكة الوطني بمسالك تجوال محاطة بأجمل مغارة في العالم.

بقلم : عبد السلام انويكًة

الحوار المتمدن-العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 14:53
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

يملك منتزه تازكة الوطني بتازة كل عناصر تكامل وتفاعل، وجميع ما هو متعة تجوال اكولوجي. فهو بمقاييس إعداده وتدبيره والعناية به نموذجا وطنيا، على أساس أبعاده العلمية والانمائية والبيئية النباتية الغابوية ينبني عليها منذ عقود، اهمية تستهدف حماية ما تبقى من شجرة الأرز. كشاهد تاريخي،على امتداد شاسع وتنوع غابوي قديم. وإلى جانب ما ينفرد به من أهمية سياحية ترفيهية، تتجلى في جمالية تركيبة شجرية ذات جاذبية خاصة. هو من وجهة اخرى بمثابة مختبر قائم الذات في الطبيعة، بخلفيات علمية لدعم ابحاث إيكولوجية وجينية، من صلب اهتمامات معاهد علمية عليا ومراكز متخصصة بمدن كبرى مغربية، يقوم أمر تدبيرها على جهد أطر علمية بكفايات عالية داعمة لبحث علمي منتج لتنمية عملية بكل من فاس والرباط والدار البيضاء... ويشهد منتزه تازكة الوطني وبشكل مستمر قيم مضافة منذ عدة سنوات، على إثر توسعات مجالي بقصد احتواء مزيد من تكوينات طبيعية، ذات أهمية إيكولوجية ترفيهية بطابع تحسيسي وتوعوي بالغ الأهمية.
وتجعل المكونات البيولوجية والايكولوجية من منتزه تازكة الوطني بتازة، ومن خلاله منتجع باب بودير الجبلي ككل. مساحات جاذبة متميزة وداعمة لاقتصاد اجتماعي وسياحة قروية بالمنطقة. بالنظر لموقعها كامتدادات جغرافية، وتنوعات كائنة من حيث فصائل نباتية/انباتية تمتلكها. هذا بالإضافة الى تركيبة/ثروة وحيشية بالمنطقة تقتضي عناية أوسع، لتجنب افتقاد كل ما هو توازنات يقوم عليها انتظام بيئي محلي، وبالتالي انقراض إرث طبيعي بمثابة ذاكرة جماعية ووإرث طبيعي مشترك. و للإشارة فالمجال الطبيعي الذي تمتد عليه منطقة باب بودير ومعها منتزه تازكة الوطني،هو فضاء لإرث انساني/ طبيعي ولمشاهد سسيو ثقافية عمرانية. ترتبط بساكنة قروية ودواوير مجاورة وفق أنماط عيش ضاربة في التاريخ، وبتقاليد تعني وجودا/ وقدما وامتدادات تفاعلات في الزمن. فأية خلفية ايكولوجية أو بالأحرى سياحية كانت مؤطرة لهذا المشروع ?.
ثم إحداث منتزه تازكة بموجب قرار وزاري صادر في يوليوز1950، مع العلم أنه مشروع بدأ التفكير فيه مند ثلاثينات القرن الماضي، على مساحة أولية بحوالي 660 هكتار. وبهدف اساسي منه منذ زمن الحماية الفرنسية بالمغرب في سنواتها الأخيرة، هو حماية جميع مكونات واشكال حياة بيئية وموارد طبيعية كائنة بقمة جبل تازكة الشهير، والمطل على اعالي ايناون من جهة الجنوب، أساسا غابة أرز معبرة الامتداد توجد ضمن وضعية عزلة فوق هذه القمة، بعيدا عن غابات أرز أخرى مغربية، سواء بالأطلس المتوسط أو بجبال ريف مقابلة. ويضم هذا المنتزه الفريد بتركيبته الايكولوجية الفريدة جهويا وطنيا ومغاربيا، مرتفعات يصل علوها لحوالي الألفي متر، منها جبل تازكة الذي يشرف على مناطق مجاورة بكاملها، بما في ذلك مضيق جنوب الريف الشهير في جيولوجيا المغرب، أين ما يُعرف محليا ب" طواهر" المنفد البري الوحيد التي يصل شرق البلاد بغربها عبر ممر تازة.
ويملك المنتزه الوطني لتازكة بتازة، عناصر متكاملة وفاعلة، تجعل منه نموذجا من حيث أبعاده البيئية وأهميتة النباتية، التي تتجلى في الحفاظ أساسا على ما تبقى من أشجار أرز، كشاهد على امتداد شاسع لغابات من هذا الصنف قديما، إلى جانب أهمية سياحية ينفرد بها تتجلى في جمالية مركب شجري بمناظر جادبة،. اضافة الى كون المنتزه هو بمثابة مختبر قائم الذات في الطبيعة، نظرا لأهميته العلمية المنحصرة أساسا في دعم أبحاث إيكولوجية وجينية خاصة بكائنات حية، نجدها تتركز في معاهد عليا بتأطير وتوجيه من باحثين بقيمة وتوازن وقدرات وتجارب علمية عليا. ويوجد المنتزه على ايقاع توسع في مساحته، ليحتوي مزيدا من مكونات طبيعية ذات أهمية إيكولوجية ترفيهية. (تنوع نباتي، غابات بلوط، فلين، بلوط أخضر وبلوط سنديان، خصوصا مواقع إيكولوجية سياحية من مغارات وشلالات ومناظر ومشاهد قروية..وقد انتقلت مساحة المنتزه إلى حوالي 13700 هكتار تقريبا، لتشكل فيه غابة الأرز نواة جاذبة. فأية مسالك يمكن اعتمادها للتنزه على هذه الوجهة من الأطلس المتوسط الشمالي الشرقي.?
إذا لم يكن للزائر متسع من الوقت للقيام بجولة عبر مسالك المنتزه تازكة الوطني، الذي يحيط بمنتجع باب بودير الجبلي. هناك من الإمكان شيء كثير للاستفادة سياحيا، والاستمتاع بمناظر رائعة، عبر مدار جبلي طرقي، ينقل الزائر لمواقع جاذبة بطبيعتها في شمال المغرب. مواقع تلتقي فيها جبال الريف بالأطلس، التي تكسو سفوحها أشجار بلوط وفلين غنية بالأخشاب، جبال متنوعة الأشكال تضم أودية ضيقة متدفقة موسمية، ومغارات تمتد تحت الأرض وبحيرات، وتجمعات سكانية قروية ذات ثقافة جبلية أصيلة على امتداد طرق ضيقة. وعلى زائر منتزه تازكة الجبلي أن لا ينسى زيارة مغارة افريواطو الى الجنوب من مدينة تازة بحوالي العشرين كلم، مغارة تعد الأعمق على الصعيد الافريقي، تتوفر على مدخل واسع بعرض الثلاثين مترا. وبعد هذه الزيارة الأساسية لهذه المغارة التي تعد أغلى مادة سياحية طبيعية بتازة ، والتي تنتظرها أعمال ثقافية فنية كونية ضخمة وغير مسبوقة في المغرب. يمكن للزائر مواصلة رحلته عبر طريق باب بودير، ليصادف مركز ارشاد غابوي يقدم للزوار ولكل العابرين من الباحثين عن المعاهد العلمية الوطنية والدولية، وللسياح وعشاق الطبيعة عموما، عدة معروضات حول تراث المنطقة الطبيعي الانساني. وبعيدا عن هذا المركز تحديدا عند مدخل ومخرج مسلك البوهدلي، سيلتقي الزائر بمحمية حيوان الوعل (le Cerf ) وحيوانات أخرى..وعلى بعد حوالي ثمانية كيلومترات من مركز باب بودير السياحي، يوجد طريق يؤدي نحو قمة جبل تازكة، حيث يصادف الزوار عبر هذا الطريق المؤدي نحو القمة، متحف بيئي جديد للمنتزه، كما أن المحمية السابقة الذكر توفر للزائر إمكانية استراحة في هواء طلق، مقدمة له منظرا رائعا وطبيعة بكرا بكثير من الهدوء ومما قد يكون الانسان قد افتقده في زمن سرعة وتقنية احتوائية مدجنة. وإلى جانب كونها مسالك متعددة ومتنوعة في الطبيعة، هي محاور مخصصة لزوار من سياح يفضلون جولات على الأقدام. تأخذ هذه المسالك أسماء إما لأنواع من اشجار، أو جبال أو طيور أو احجار.
فعن ما يعرف بمسلك الفلين : بعد استراحات في الهواء الطلق، يمكن أن تنطلق جولة ونزهة جبلية أولى. بالتنقل عبر هذا المسلك السهل الذي يسمح بمشاهدة حيوان الوعل، الذي أعيد توطينه داخل منتزه تازكة سنة 1994، ما يقدرعدد رؤوسه بأكثر من الأربعين. وعبر نفس المسلك كذلك يجد الزائر المتجول نفسه محاطا بأشجار ضخمة للفلين، وهي اشجار وانواع يتميز بها هذا الجزء من المنتزه. وفي الطريق يلاحظ الزائر أيضا أن بعض الأشجار تم تجريدها من قشرة الفلين، في إطار استغلال أمثل للغابات. و تجدر الإشارة إلى أن الفلين الذي تنتجه هذه الغابة المعروفة بغابة باب أزهار بتازة، هو من النوع الجيد وطنيا، بحيث يستغل في عدة صناعات وطنية ومتوسطية بعد عملية تحويله. وعن مسلك بوسلامة : يمكن عبوره انطلاقا من أحد أطرافه، وكلما توغل فيه الزائر بقصد الوصول إلى إحدى القمم الجبلية (1635 متر)، إلا ويجد نفسه وسط غطاء نباتي كثيف يتشكل من بلوط اخضر وأنواع أخرى من تشكيلات غابوية. ويمكن للمتجول أن يشاهد عدة أصناف حيوانية كالطيور، خصوصا حجل أروبا وفراشات وأصناف أخرى من وحيش ونبات. ويوجد في قمة جبلية واقعة على هذا المسلك، برجا للمراقبة يطل ويشرف على تازة المدينة، وعلى تلال مقدمة الريف المقابلة وعلى كل تلك الاعالي من حوض ايناون. وعن مسلك العقاب: فهو يبدأ من مدخل منتزه تازكة الوطني، الواقع بمنتجع سيدي مجبر المصنف تراثا إنسانيا وطبيعيا. بحيث عندما يصل الزائر إلى قمة الجبل الذي يؤدي إليه المسلك، يمكنه مشاهدة قمم جبال محيطة بالمنتزه. وللإشارة فهذه المنطقة تتردد عليها طيور لاحمة، خصوصا منها طائر " faucon crecerelle" الذي يصادف في غابات وأجراف وفي بنايات عمومية، وينتهي هذا المسلك عند تقاطع طرق مغراوة- باب بودير- الذي يسمح بالرجوع إلى تازة. وبالوصول إلى مدخل مسلك آخر قريب يعرف بمسلك الصخرات، الذي يؤدي إلى قرية سيدي مجبر. وفي ما يتعلق بمسلك السنديان : فهو يتميز بوجود صنف غابوي نادر هو شجر السنديان، يستمد تسميته من هذا الصنف الذي يتميز بأشجاره الضخمة النفضية، وجدوعها الطويلة المستقيمة التي تتلاءم مع محيطها الطبيعي. وينطلق هذا المسلك وكذلك مسلك الأرز من نقطة واحدة، ينتقل الزائر عبرهما إلى قرية بني أسنان الواقعة عند قدم جبل تازكة، ويعتبر مسلك السنديان أحد المسالك الطويلة بالمنتزه، فهو يمكن المتجول من معاينة بعض الحيوانات الفريدة من وحيش موجود بمنطقة تازة، كالخنزير البري والثعابين وحيوانات أخرى. يمتد هذا المسلك بجانب شلال موسمي لينتهي عند موقع "بني أسنان"، الذي ينطلق منه طريق يصل إلى مركز باب بودير السياحي.
وعن مسلك البوهدلي فهو يقع مدخله عند آخر زاوية لمركز باب بودير، تحديدا قرب مسبح يدخل ضمن الأثاث التحتي التجهيزي للاصطياف بالمنطقة. وهو أحد المسالك التي يرتادها زوار داخل المنتزه الوطني لتازكة. وعبر هذا الطريق يشاهد المتجول عدة أنواع من الزهور الطبيعية، وأصناف من حيوانات وفراشات وبعض من طيور شهيرة بهذا الجزء من المنتزه، الذي يعرف ب Le rage gorge. أنثى هذا الطائر تبني أعشاشها بواسطة اعشاب عند قدم الأشجار وثقب جدران، ويؤدي هذا الطريق نحو قمتين يصل ارتفاع أحدهما إلى 1800 متر. وتشرف هاتين القمتين على مجموع جبال الريف من جهة الشمال، وتمكن من إلقاء نظرة عامة على جبال الأطلس من جهة الجنوب ونظرة بانورامية على بحيرة وضاية شيكر الشهيرة بالمنطقة، حيث المركب المغاراتي الذي يشمل مغارتين هما الأهم والأعظم بالمغرب، "فراواطو" و"شيكر". وينطلق مسلك الصخرات على بعد 150 متر تقريبا من ملتقى طرق مغراوة- باب بودير، يصادف عبره الزائر فجوات وسط الغابة، ناتجة عن نشاط الخنزير البري، ويتسع المسلك عند واد جاف،ليمكن من إلقاء نظرة على واد سيدي مجبر، حيث قرية مصنفة عالميا كترات إنساني. وأثناء التوجه نحو هذا الوادي يصادف الزائر وجود أجراف واسعة وأقبية، يلجأ إليها وبإعداد كبيرة طائر الوطواط والبوم التي تظهر في الغالب خلال فصل الربيع. وعن مسلك الأرزية وهو الأكثر شهرة بالمنطقة، يتجه نحو أعالي ومرتفعات المنتزه الوطني لتازكة، ويتميز بروعة مناظره ومشاهده الطبيعية، خصوصا ما يتعلق بالأودية و القرى. وفي وسط غابة الأرز الواقعة على قمة جبل تازكة، نجد بعض من اصناف حيوانية كالخنزير والقنافذ، لتبقى أشجار الأرز الأكثر استهوائا وجاذبية للزائر، لكونها تغطي جبل تازكة من منحدراته إلى قمته، والمهم والأهم هو أنه عبر هذا المسلك يمكن الوقوف على أشجار الأرز القديمة، التي يتجاوز عمرها 200 سنة، بجدوع ضخمة يقدر محيطها ب 14 مترا. وهي بذلك تشكل أجمل موقع طبيعي داخل المنتزه الوطني لتازكة وبجنوب تازة. بهذا المسلك كذلك يمكن الاستفادة وزيارة متحف بيئي جديد للمنتزه، منشأة حديثة يجد فيها الزائر عدة أنواع من معروضات بيئية، وحول مؤهلات منتزه بأهميته طبيعية و ايكولوجية وسياحية عالية.
عبد السلام انويكًة

#بقلم_:_عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات