أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس عشر: (القرءان الكريم رواية آحاد وليس رواية متواترة)















المزيد.....



السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس عشر: (القرءان الكريم رواية آحاد وليس رواية متواترة)


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5030 - 2015 / 12 / 31 - 23:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما هي قصة الأريكيين "القرءانيين" وما هي قصة تواتر القرءان؟

في هذا الجزء نتناول من هم القرءانيون وما هي الأسباب السياسية والتاريخية والفكرية التي ساهمت ودفعت لظهور هذا التيار، ثم بعدها ننتقل إلى أكذوبة تواتر القرءان الكريم. ففي الحقيقة مناقشة تفاصيل جزء من الصورة دون النظر إلى كامل الصورة ومن رسمها ولماذا رسمها لهو العبث بعينه. هكذا مناقشة أفكار وأطروحات القرءانيين دون الوقوف على أسباب نشأة هذا التيار ولماذا نشأ وفي أي ظروف نشأ لهو العبث بعينه. فالقرءانيون لم يوجدوا هكذا دون أسباب ودون دوافع دفعت وبقوة لظهور مثل هذا التيار، فلابد من معرفة من هم القرءانيون ولماذا ظهروا وما هي أسباب نشأتهم قبل مناقشة أفكارهم وأطروحاتهم. وليس فقط معرفة أسباب ودوافع ظهور تيار القرءانيين، بل والتيارات المدنية والعلمانية والليبرالية التي تحمل أفكارا ونظريات وفلسفات غربية، بل لابد من معرفة أسباب ودوافع ظهور تيارات الإسلام السياسي المتمثلة في جماعة الإخوان والجماعات المنبثقة منها. فهذه التيارات جميعها كانت هناك عوامل وأحداث تاريخية وسياسية وعالمية كلها مرتبطة ببعضها بعضا ساهمت في ميلاد ووجود هذه التيارات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

وللتعرف على أسباب ودوافع ظهور كل هذه التيارات لابد من الرجوع إلى قرنين من الزمان لكي نتعرف ونفهم حقيقة هذه القصة من جذورها. والتعرف على تاريخ ميلاد ووجود أي تيار له أي توجه سوف يساعدنا في فهم أفكار هذا التيار أو ذاك التيار، وإلى ماذا يدعو وماذا يريد وأسباب دعوته وما هي أهدافه وغاياته من هذا الفكر. فتعالوا نتعرف على جذور ظهور التيارات الدينية في مصر والعالم العربي لنتعرف على أسباب وأهداف وجود تيار القرءانيين.

جميعنا يعلم أنه في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين كانت الدول الغربية "بريطانيا وفرنسا وإيطاليا" كانت تحتل كل البلدان العربية تقريبا، وأثناء الاحتلال الغربي للمنطقة العربية وقبل رحيل الاحتلال الغربي للمنطقة العربية قام الغرب بزرع أذنابه في البلدان التي كان يحتلها. حتى إذا اندحر ورحل عن أوطاننا يكون له رجاله وجنوده وأذنابه التي تكون تابعة له وتحقق له مصالحه وأهدافه دون تواجد عسكري ودون احتلال أو استعمار في شكله التقليدي، فزرع لنا أذناباً ثلاثة هي:
الذنب الأول: الجيوش العربية.
الذنب الثاني: إنشاء دولة إسرائيل.
الذنب الثالث: وهم المستشرقون والعلمانيون والملحدون والليبراليون ورجال الدين ودعاته من الباحثين والكتاب وشيوخ الأزهر والمثقفين العرب والمسلمون والنصارى المسمون بالإصلاحيين والتجديديين والتنويريين.

ونتوقف هنا قليلا مع هذه الأذناب الثلاثة حتى نحاول تجميع أجزاء الصورة فتضح لنا الحقيقة:
نأتي على أول أذناب الغرب:
الذنب الأول: الجيوش العربية:
وهي في الحقيقة ليست جيوشا حقيقية لحماية الأوطان والذود عن حياضها، إنما هي عبارة عن أجهزة أمنية أو مليشيات مسلحة في صورة جيوش، صنعها الغرب وصنع عقيدتها التي تقوم على حماية المصالح الغربية في المنطقة، حتى إن رحل الغرب بجيوشه وعتاده وعدته فهو باق عبر رجاله وجنوده من قادة هذه الجيوش، ولو طالعت تاريخ هذه الجيوش لوجدت جميعها قد صنعها المحتل الأجنبي، فمثلا الجيش المصري كان فكرة المستعمر الغازي "محمد على باشا" وقد أوكل مهمة صناعته وتكوينه لـ (الكولونيل الفرنسي: چوزيف انتيلمى سيف) الذي تم تلقيبه فيما بعد بـ (سليمان باشا الفرنساوي)، والغرب لم ينشء هذه الجيوش لحماية المصالح الغربية في المنطقة فحسب، بل لمهام أخرى كثيرة، منها مثلا: إن هذه الجيوش مستقبلا ستكون مفرخة للحكام العرب والمسلمين حتى يكون أي بلد عربي أو مسلم في المستقبل في قبضة يد قادة هذه الجيوش التي صنعها المستعمرون والذين سيتحكمون فيما بعد من خلال قادة هذه الجيوش بالشعوب العربية والإسلامية ومحاصرتها وقهرها وإذلالها.

الذنب الثاني هو إنشاء "دولة إسرائيل":
إن الغرب المسيحي هو من زرع دولة إسرائيل في فلسطين وليس اليهود كما يظن كثير من الناس، ولي بحث من 6 أجزاء حول هذا الموضوع منشور على المواقع الالكترونية بعنوان (إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية)، والسؤال الآن لماذا زرع الغرب دولة إسرائيل في المنطقة العربية؟، الجواب: حتى إذا رحلت الجيوش الغربية بقوتها العسكرية وجيوشها المحتلة فقد تركت خلفها قاعدة عسكرية غربية وقوة ضاربة بديلة لها قام الغرب بتسليحها بأقوى الأسلحة تطورا لتكون إسرائيل أداة ردع لأي نظام عربي يخرج عن النص أو يفكر في طلب الطلاق أو الخلع من التبعية للغرب، وجميعنا يعلم ماذا فعلت إسرائيل مع دول الجوار العربي وماذا تفعل حتى الآن.

الذنب الثالث: وهم المستشرقون والعلمانيون والملحدون والليبراليون ورجال الدين ودعاته من الباحثين والكتاب وشيوخ الأزهر والمثقفين العرب والمسلمون والنصارى المسمون بالإصلاحيين والتجديديين والتنويريين.
وهم بعض بني جلدنا من المتغربين الذين عاشوا ودرسوا في الغرب وحصلوا على شهادتهم الجامعية والأكاديمية الذين بدأ ابتعاثهم في منح دراسية إلى الجامعات الغربية منذ عهد "محمد علي باشا"، وهؤلاء كان أغلبهم قد انحدروا من الريف والقرى الفقيرة والأحياء المعدمة وفجأة وجدوا أنفسهم في مجتمعات غاية في الثراء والفخامة والبريق والحضارة ونساء جميلات وحفلات ورقص وخمور وانفتاح لم يعهدوه من قبل في بيئاتهم الريفية والشعبية التي انحدروا منها. فأصابهم فيروس الهوس والجنون بالثقافة الغربية، نتيجة للصدمة الثقافية الجنسية الغربية، فوقفوا صاغرين عاجزين كالأقزام أمام الثقافة والأفكار والفلسفات الغربية العلمانية الإلحادية اللادينية. وكان من أوائل هؤلاء الذين أصيبوا بالصدمة الثقافية الجنسية الغربية وانبهروا ببريق الغرب ومواخيره ونسائه ودياثته ومظاهره الخداعة هو الشيخ "رفاعة الطهطاوي" الذي كان بذرة ونواة للمتغربين الذين تحولوا إلى خدم وغلمان وعبيد للغرب وثقافاته وأفكاره وفلسفاته، ثم تلاه كل من "قاسم أمين، محمد عبده، ، احمد لطفي السيد ،وطه حسين" وغيرهم كثير ممن تتلمذوا وتشكل وجدانهم وعقائدهم الفكرية على أيدي ثقافة الغرب وفي مدارسه وجامعاته.

لكن الغريب في هؤلاء والعجيب حقا أنهم ما نفعوا أوطانهم بشيء في أي مجال من المجالات التي ترتقي بالأوطان وتنشر العدل والحق والقسط فيها، بل العكس تماما هو الذي حدث، فلم يجلبوا لأوطانهم سوى الارهاب والإلحاد واللادينية والعهر والدعارة والفساد والاستبداد والطغيان والقهر تحت شعارات كالحرية والمدنية والرقي والتحضر والمساواة، فبدلا من المناداة بإصلاحات سياسية وقانونية واقتصادية وثقافية واجتماعية نادوا بالدياثة والإباحية الجنسية وتحرير المرأة من ملابسها وعفتها وحيائها.

وأقدم للقارئ مقتطفات من كتابات "رفاعة الطهطاوي" التي يكشف فيها مدى صدمته وانبهاره بالثقافة الجنسية الغربية والرقص وتحرير المرأة وتجريدها من ملابسها وعفتها، فيقول في كتابه "تخليص الإبريز في تلخيص باريز": (والغالب أن الجلوس للنساء، ولا يجلس أحد من الرجال إلا إذا اكتفى النساء، وإذا دخلت امرأة على أهل المجلس ولم يكن ثَمَّ كرسي خالٍ قام لها رجل وأجلسها، ولا تقوم لها امرأة لتجلسها، فالأنثى دائمًا في هذه المجالس معظمة أكثر من الرجل، ثم إن الإنسان إذا دخل بيت صاحبه؛ فإنه يجب عليه أن يحيي صاحبة البيت قبل صاحبه ولو كبر مقامه ما أمكن، فدرجته بعد زوجته أو نساء بيته). ص 168.

ويقول في وصفه لحال المراقص في باريس: (فالرقص في باريس دائمًا غير خارج عن قوانين الحياء، بخلاف الرقص في أرض مصر فإنه من خصوصيات النساء؛ لأنه لتهييج الشهوات، أما في باريس فإنه لا يُشم منه رائحة العهر أبدًا! وكل إنسان يعزم امرأة يرقص معها، فإذا فرغ الرقص عزمها آخر للرقصة الثانية، وهكذا، وسواء أكان يعرفها أو لا، وتفرح النساء بكثرة الراغبين في الرقص معهن). ويقول: (وقد يقع في الرقص رقصة مخصوصة؛ بأن يرقص الإنسان ويده في خاصرة من ترقص معه، وأغلب الأوقات يمسكها بيده). ص119. ويقول في ص 305 : (إن السفور والاختلاط ليس داعيًا إلى الفساد).

ثم يبرر "الطهطاوي" (الدياثة وعدم الغيرة) عند الرجال في المجتمع الفرنسي بقوله في ص122(ولا ُيظن بهم أنهم لعدم غيرتهم على نسائهم لا غرض لهم في ذلك لأنهم وإن فقدوا الغيرة ،لكنهم إذا علموا عليهن شيئا ،كانوا شرّ الناس عليهن وعلى أنفسهم وعلى من خانهم في نسائهم، غاية الأمر أن يخطئون في تسليم القياد للنساء، وإن كانت المحصنات لا يُخشى عليهن شيء...إن نوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أو سترهن، بل منشأ ذلك التربية الجيدة والخسيسة والتعود على محبة واحد دون غيره).

فانحصرت مهام هؤلاء عقب عودتهم من الغرب في الترويج للثقافة والفكر والفلسفة الغربية في جانبها الإباحي والجنسي وحرية العلاقة بين الرجال والنساء فحسب، ولم يفعلوا أي شيء لإصلاح النظم السياسية ولا تقديم أي نموذج لحكم صالح رشيد، وأفني معظمهم جل عمره في مهاجمة وتشويه الثقافة والفكر والرموز الإٍسلامية، بل إن النظم السياسية الفاسدة في بلداننا قاموا باستخدامهم كدمى يقربونهم إليهم ببعض المناصب والأموال والعطايا والمزايا لتلميع الوجوه القبيحة للنظم الحاكمة الفاسدة المستبدة، فقد تحصل "رفاعة الطهطاوي" على ثروة طائلة وامتلك مئات الأفدنة، وهذه ثروته كما ذكرها "علي مبارك باشا" في خططه، فقد أهدى له إبراهيم باشا حديقة نادرة المثال في "الخانقاه"، وهي حديقة تبلغ 36 فدانًا، كما أهداه محمد علي 250 فدانًا بمدينة طهطا، وأهداه الخديو سعيد 200 فدانًا، وأهداه الخديو إسماعيل 250 فدانًا، بينما اشترى الطهطاوي نفسه 900 فدانًا، فبلغ جميع ما في ملكه إلى حين وفاته 1600 فدان، غير ما شراه من العقارات العديدة في بلده طهطا وفي القاهرة، فترى ما الذي قدمه "رفاعة الطهطاوي" من إعجازات خارقة كي يمنحه الحكام والولاة كل هذه الأموال والأراضي؟!!.

وعلى درب "رفاعة الطهطاوي" سار كل من جاء بعده حتى يومنا هذا من المتغربين ممن أطلق عليهم إصلاحيين وتجديديين وتنويريين من مصدومي الثقافة الجنسية الغربية، الذين لم يقوموا بما قاموا به من نشاطات تغريبية هكذا مجاناً لوجه الغرب ولوجه الأنظمة المستبدة، إنما كان المقابل أن الأنظمة الاستبدادية في عالمنا العربي والإسلامي قامت بإطلاق أيديهم في التعليم والإعلام والثقافة والفنون ووضعتهم في المناصب والوزرارت التي تساهم في محو أي شيء له علاقة بالدين أو المرجعية الدينية القيمية والأخلاقية.

والراصد المنصف لكل ما قدمه مصدومي الثقافة الجنسية الغربية منذ البدايات الأولى للقرن التاسع عشر وحتى يوم الناس هذا لا يرى له نتائج إلا السقوط والانهيار في قيم وأفكار وعقائد وأخلاقيات الشعوب العربية والإسلامية وجعلها في القاع والحضيض، هذا فضلا عن مساندتهم للاستبداد والطغيان السياسي الذي آزره هؤلاء باصطفافهم إلى جوار الحكام الطغاة والمستبدين، وكذلك ما تسبب فيه هؤلاء من انهيار اجتماعي وثقافي وعلمي و... الخ، وتحولت الشعوب العربية والإسلامية على أيدي هؤلاء إلى كائنات مسخ مشوهة بلا هوية ولا وزن ولا قيمة ولا طعم ولا لون ولا رائحة، إلا ما رحم ربك. وإلا فأين هي الحرية والعدالة والديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان التي صدعوا بها رؤوس الناس طوال قرنين من الزمان؟؟!!!.

إن هؤلاء المتغربين يستغفلوننا ويستحمروننا كالغرب تماما، ذلك الغرب العنصري المنافق الذي تحدثنا حكوماته في العلن ليل نهار عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وفي الخفاء نفس هذه الحكومات تحمي الأنظمة العربية والإسلامية الطاغوتية المستبدة وتبقي عليها لعشرات السنين في الحكم بقوة السلاح والحديد والنار، فأين هي الحرية والديمقراطية أيها الغرب العنصري المنافق؟؟!!، إن الديمقراطية التي يحدثنا عنها أذناب الغرب وغلمانه وعبيده من مصدومي الثقافة الجنسية الغربية ومسئولي الأنظمة الغربية العنصريين المنافقين هي فقط للشعوب الغربية الصليبية ذوي البشرة البيضاء وذوي العينين الملونتين وليست للشعوب الملونة ولا للشعوب السوداء.

فهل حدث من أدعياء التغريب والعلمانية والليبرالية فور عودتهم من الغرب أن طالبوا بإقامة حكم صالح رشيد؟ هل طالبوا بنظام ديمقراطي؟ هل طالبوا بحقوق الإنسان؟ هل طالبوا بالعمل على إعداد نهضة عسكرية واقتصادية وعلمية في بلدانهم؟ لم يحدث شيء من هذا على الإطلاق، إنما الذي حدث منهم فور عودتهم من الغرب أن طالبوا بثلاثة أشياء لم ولن يحيدوا عنها منذ قرنين من الزمان وحتى يومنا هذا:
1_ طالبوا بتحرير المرأة من ملابسها وعفتها وحيائها تحت شعارات "حقوق المرأة" و"تحرير المرأة" و"تمكين المرأة".
2_ طالبوا بفصل الدين عن السياسة رغم أن العالم العربي والإسلامي منذ قرنين من الزمان تحكمه طغم عسكرية مجرمة استبدادية ديكتاتورية لا تعرف الدين ولا تعرف الحقوق ولا الإنسانية. إلا أن هذه الأذناب ظلت تحدثنا عن فصل الدين عن السياسة طوال هذه العقود والدهور حتى يوم الناس هذا!!.
3_ قاموا بالنيل والحط من العقائد والرموز الدينية ومن التاريخ والتراث الإسلامي تحت شعارات التنوير والإصلاح وحرية الفكر والاعتقاد.

إن الغرب قد نجح بالفعل في صنع أذناب يحمي بعضهم بعضا ويدافع بعضهم عن بعض، فأما الجيوش العربية فتقوم بمحاصرة الشعوب وقمعها، وأما دولة إسرائيل التي هي عبارة عن قاعدة عسكرية غربية فتقوم بردع أي نظام حكم عسكري عربي ينحرف عن الخط والمهمة الموكلة إليه، وأما غلمان الغرب وعبيده من النخب العلمانية والإلحادية واللادينية والنصرانية فيقومون بإضفاء لون من الشرعية على الأنظمة الاستبدادية، هذا فضلا عن عملهم الدؤوب في هدم وشيطنة دين الأمة ورموزها وتاريخها والتشكيك في عقائدها وتراثها كي يصب ذلك كله في صالح تحقيق مصالح الغرب بحيث لا يسمح بوجود حضارة أو قوة حضارية سياسية اقتصادية علمية عسكرية منافسه له، وفي الوقت نفسه يضمن الحفاظ على أمن إسرائيل، كي تبقى إسرائيل هي القوة الاقتصادية والعسكرية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط بينما تبقى الدول العربية والإسلامية في حروب مستمرة ونزاعات عرقية وطائفية فتضعف وتتمزق وتتفتت أكثر مما هي عليه من ضعف وتمزق وتفتت.

لماذا استهداف الدين ذاته من قبل الغرب وأذنابه؟

أنا هنا لا أقصد بالدين الأحكام الدينية أو التشريعات الدينية إنما أقصد بالدين هنا المرجعية القيمية الأخلاقية التي تستمد منها الشعوب قيمها وأخلاقها وكرامتها واستقلالها الذاتي والسياسي والاقتصادي والعلمي. فالغرب النصراني العنصري لا يجد غضاضة أبدا في الإعلان عن هويته النصرانية وانتمائه للنصرانية، فالبابا "بنيدكتوس" أعلن ذات مرة عن اعتراضه على ضم تركيا المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي، وعلل ذلك بأن الاتحاد الأوروبي "نادي مسيحي"، ولا يخجل الأمريكيون عن الإعلان بأن "الأمة الأمريكية هي أمة مسيحية" وكذلك "الاتحاد الروسي"، ولعلنا مازلنا نذكر ما فعله النصارى الصرب بالأمس القريب في مسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفو من مجزار وجرائم ضد الإنسانية تحت سمع وبصر الغرب الصليبي كله بل وبمباركته ورضاه لتخليص القارة الأوروبية الصليبية من الوجود الإسلامي، وكذلك ما نسمعه كل يوم من المسئولين الإسرائيليين عبر وسائل الإعلام وترديدهم بكل صراحة ووضوح أن إسرائيل دولة يهودية، بل إن الغرب النصراني العنصري المنافق متمثلا في قادته وسياسييه لا يخجل من توصيف دولة إسرائيل بأنها دولة يهودية، بينما العرب والمسلمون غير مسموح لهم أن يكون لهم أي انتماء للإسلام أو تكون لهم مرجعية دينية أو هوية دينية أو ثقافة دينية يستمدونها من الإسلام، بل إن الشعوب العربية والإسلامية التي تحمل السلاح لمواجهة الأنظمة الاستبدادية التابعة للغرب تتهم على الفور بأنها شعوب إرهابية متطرفة ويتم قصفها واحتلالها من قبل الغرب الصليبي.

فالغرب يعلم علم اليقين أن المرجعية الدينية والهوية الدينية لأي أمة من الأمم هي العامل الوحيد لتجميع شتات الأمم وتوحيد الشعوب، لهذا فطن الغرب عبر أذنابه إلى محاولة محو الدين من قلوب العرب والمسلمين حتى يصبحوا محض كيانات مفتتة لا يجمعها جامع ولا يربط بينها رابط فيسهل استقطابها واستدراجها إلى مستنقع التبعية للغرب والشرق. لذلك كان من أهم الأذناب التي تبناها الغرب واحتضنها هم أدعياء العلمانية والملحدين واللادينيين والمتغربين من الكتاب والمفكرين والمثقفين العرب والمسلمين وخاصة النصارى، فيحاول من خلالهم هدم حائط الصد الوحيد وتدمير الجبهة الوحيدة وردم النبع الوحيد الذي يستمد منه الإنسان العربي والمسلم قيمه وأخلاقه وجديته ونظامه واستقلاله وتفرده في قراره وانتمائه وسياساته وعلاقاته ببقية دول العالم والتحرر من التبعية المهينة للغرب، وأنه بهدم الهوية الدينية وإضعافها في نفوس الناس والتشكيك فيها وفي عقائدها داخل نفوس الناس يسهل تحويلهم إلى قطعان من اللصوص والهمج والمرتزقة والفاسدين والخائنين والمختلسين والمتحرشين والمغتصبين، وبهذا تصير الشعوب العربية والإسلامية معلقة بين السماء والأرض وبالتالي يسهل اقتيادهم من أعناقهم وجرهم إلى مستنقع التبعية للغرب. وقد نجح الغرب بالفعل نجاحا ملحوظا عبر أذنابه في أن يضع الإسلام وعقائده ورموزه وأحكامه وتشريعاته في قفص الاتهام ونجح أيضا في تشويه الإسلام وتشويه أحكامه وتشريعاته وتاريخه ورجاله الأوائل في نفوس بعض القطعان ممن ينتسبون إلى الإسلام. وتم هذا عبر تناولهم المغرض والقاصر وغير العلمي وغير الموضوعي لسيرة الرسول الأكرم وصحبه الكرام العظام وأحاديث النبي الأكرم والتاريخ الإسلامي.

وبعد تركيب وتجميع أجزاء هذا المشهد البشع الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي منذ عشرات السنين، بدأ ظهور طرف آخر مناهض ومعارض ومعادٍ لأذناب الغرب من حكام ونخب علمانية إلحادية.

بدء ظهور التيارات الإسلامية:
هذا المشهد الذي سبق عرضه منذ قليل أدى إلى ظهور طرف آخر معارض ومضاد لهذه الأذناب الغربية من بني جلدتنا، تمثل هذا الطرف في ظهور التيارات الإسلامية السياسية كجماعة الإخوان المسلمين وكل ما تفرع عنها من تيارات إسلامية سياسية وظهور التيارات السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة وغيرها من تيارات، ولكن هذا الطرف المتمثل في التيارات الإسلامية السياسية لم يقدم بديلا فكريا لهذا الواقع الخاضع تماما للغرب، وكل ما استطاع الإسلاميون تقديمه عبر تاريخهم هي أطروحات فقهية عتيقة بالية قديمة لا تغني ولا تثمن من جوع، بل إن أطروحاتهم البالية الساذجة أسهمت بشكل كبير في تقديم مادة دسمة لأذناب الغرب للنيل أكثر وأكثر من الإسلام ذاته كدين. وظهرت جماعات جهادية تكفيرية عنيفة تكفر وتفجر هنا وهناك لأسباب عقائدية وطائفية ومذهبية، وكل هذا كان نتيجة حتمية لهذا المشهد البشع الذي وضعنا الغرب فيه عبر أذنابه خلال قرنين كاملين من الزمان.

أسباب ودوافع ظهور التيار القرءاني:

لما نجح أذناب الغرب في استدراج بعض بني جلدتنا إلى أن هناك كثير من التشوهات والقبح في الدين الإٍسلامي وسيرة الرسول وأحاديثه وأقواله وأفعاله وسيرة صحبه الكرام، ولما لم تقدم التيارات الإسلامية مجتمعة بديلا فكريا وسياسيا وثقافيا مناسبا ومعاصرا يساهم في خلق حضارة ومدنية وقوة واستقلال وطني وتحرر من التبعية المقيتة للغرب، ولم لم تفلح تيارات الإسلام السياسي في وضع مشاريع لنظام سياسي أو اقتصادي أو علمي أو نهضوي حداثي ومعاصر للنهوض بالأمة بدء ظهور من يسمون بالقرءانيين. وهؤلاء القرءانيون عبارة عن مجموعة من العاطلين والقواعد من الرجال والنساء والصبيان أطلق عليهم اسم القرءانيين _لإنكارهم كل التراث الإسلامي_ وهم الذين استدرجوا بالفعل لهذه القناعة التي نجح الغرب عبر أذنابه في جرهم إليها، فقاموا بمحاولات عبثية بهلوانية مثيرة للضحك والسخرية والشفقة وكأنهم يحاولون تجميل صورة الإسلام ونفي التهمة عنه وإخراجه من قفص الاتهام، فقاموا بأولى خطواتهم نحو هذه المهمة التي أعتقد أن الغرب باركها لهم واستحسنها منهم، فقاموا بجرة قلم منهم بإلغاء التاريخ الإسلامي كله والتراث الإسلامي كله وأحاديث الرسول كلها وسيرته وأقواله وأفعاله وقاموا باختطاف القرءان وسلخه من تاريخه وتراثه وبيئته وواقعه ومحيطه الاجتماعي وزعموا انه لا مصدر للدين الإسلامي سوى القرءان الكريم فقط وأن القرءان هو المصدر الوحيد للتشريع.

ما البديل الذي حاول القرءانيون تقديمه؟:

لم يقدم التيار القرءاني أي بديل يذكر سوى إشغال الشباب والناس بأطروحات فكرية بالية سخيفة سفيهة، وبدلا من أن يقدم القرءانيون لأمتهم فكرا أو فهما حقيقيا وقراءة علمية موضوعية للتاريخ الإسلامي وللتراث الإسلامي ولنصوص الأحاديث وسيرة الرسول الأكرم أو يقدموا لنا بديلا عصريا يساهم في استقلال أوطاننا وشعوبنا من التبعية المخزية للغرب قاموا بالعبث بآيات القرءان الكريم وتحريفها عن مضامينها ومدلولاتها واختلاق مضامين ومدلولات جديدة مختلقة مكذوبة كي تتوافق مع الثقافة الغربية، أو بالأحرى حاولوا أن يقدموا للغرب إسلاما أمريكيا أوروبيا إسرائيليا كي يقولوا للغرب هذا هو ديننا يتوافق مع ثقافتكم وأفكاركم وفلسفاتكم وأنماط عيشكم. وقد زادوا الطين بلة بقولهم للناس إن القرءان سهل وميسر ويمكن لآحاد الناس وهو جالس في بيته متكئ على أريكته فهم القرءان بكل سهولة ويسر، فأطلقوا أيدي العابثين والمغرضين والصبية وحدثاء الأسنان للعبث بالقرءان وطرح بلاوي ومصائب تصب جميعها في محاولات خلق إسلام يتوافق مع الثقافة الغربية، هل تريد إباحية جنسية؟ موجود في القرءان، هل تريد شرب خمور؟ موجود في القرءان، هل تريد دين بلا سياسة؟ موجود في القرءان، هل تريد ....إلخ موجود في القرءان.

القرءانيون لا يعلمون ولا يعون ولا يفهمون أن الغرب لا يريد أي فكر يكون مصدره الدين الإسلامي ذاته وهذا ما لم ولن يفهمه القرءانيون، والمضحك في الأمر أن الغرب وأذنابه من الملحدين والعلمانيين والمتغربين والنصارى لم يرضوا عن القرءانيين بل راح أذناب الغرب يهاجمون القرءانيين ويصبون عليهم جام غضبهم واتهموهم بأنهم يبذلون جهدهم في تجميل دين قبيح لا يمكن تجميله وإصلاح معتقدات فاسدة لا يمكن إصلاحها. وهنا تنطبق على القرءانيين الحقيقة العلمية الإلهية الكونية التي لا تقبل الشك ولا الريب ألا وهي: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). لأن الغرب لا يريد منهم أي ثقافة أو فكر مهما توافق مع الفكر والثقافة الغربية قد خرج من رحم الإسلام، لأن الغرب مشكلته الأساسية وهدف أذنابه الأساسي هو استئصال الإسلام ذاته كدين.

ومع كل هذا لم ينج القرءانيون من إشكاليات علمية وفكرية واجهتهم أثناء الترويج لأفكارهم بين الناس، وواجهوا كثيرون يقولون لهم: (انتم جايين بعد 1400 سنة تقولوا للناس إن الأحاديث ليست من الدين والإسلام فقط هو القرآن؟!!). فهنا وجدوا أنفسهم أمام إشكالية كبرى حاولوا أن يبحثوا لها عن حل ومشروعية حتى يتقبل الناس أفكارهم تلك. ولما أدرك القرءانيون أنه لا يمكن لهم ترويج مثل هذا الفكر الشائه الذي لم يقل به أحد خلال 1400 سنة من تاريخ المسلمين وليس لهم أدنى حجة ولا برهان ولا مشروعية مستساغة له قام القرءانيون يبحثون عن مشروعية لهذا الفكر الجديد الذي لم يعهده المسلمون من قبل، وكانت المشروعية والحجية التي حاولوا تبنيها لتثبيت دعائم فكرهم والترويج له بين الناس أن راحوا يروجوا بين البسطاء ومن لا علم لهم ولا فكر ولا دراية ولا دراسة أن القرءان تم جمعه وتدوينه ووصل إلينا عن طريق التواتر بين المسلمين عبر التاريخ، وأن التواتر يفيد اليقين والقطع بينما أحاديث الرسول وأقواله وأفعاله وسيرته وتاريخ المسلمين وتراثهم ورد إلينا بطريق الآحاد وهو طريق يفيد الظن ويثير الشك في صدقه وثبوته، فقاموا بمحاولات مستميتة للتفريق بين طريقة جمع القرءان وطريقة جمع الأحاديث، كي يسقطوا حجية الأحاديث، ويسقطوا كونها مصدرا دينيا تشريعيا يعادل القرءان الكريم، ولكي ينفردوا بالقرءان الكريم بعد تقشيره وتعريته من التاريخ والسيرة والأحاديث والتراث ويقولوا فيه ما شاءوا، وكي يتمكنوا من تغريب الإسلام أي: تحريف مضامين ومدلولات نصوص القرءان الكريم، كي تتوافق والثقافة الغربية فيرضى عنهم الغرب الصليبي ويضمنا إلى عداد الشعوب المتحضرة والراقية والمتقدمة.

لكن عبثا يحاول القرءانيون إيجاد شرعية لهذا الفكر المختلق، فراحوا يفرقون بين طريقة جمع القرءان وطريقة جمع الأحاديث، فقال تيار منهم إن الرسول كتب القرءان بيده، وقالت طائفة ثانية أن الرسول جمع القرءان في حياته وتركه مجموعاً، وقالت طائفة أخرى القرءان تم جمعه بعد الرسول بالتواتر من جميع الصحابة والمسلمين. بينما الأحاديث تم جمعها وتدوينها بعد الرسول بفترة كبيرة ولم تحظ بالتواتر الذي حظي به جمع وتدوين القرءان الكريم. وفي الحقيقة كل ما ذكره القرءانيون هو محض كذب وتدليس ليس لدى أي تيار منهم أدنى دليل على هذه الأكاذيب والاختلاقات. بل إن كل ما ينطبق على الأحاديث من طرق تدوينه وجمعه تنطبق تماما على القرءان الكريم.

ونتناول الآن هذه الأكذوبة بالتفنيد والرد:

استخدام مفاهيم ومصطلحات كـ (التواتر والأحاد) في القضايا الدينية هو استخدام عبثي لا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً ولا يفيد علما ولا صدقاً، وليس برهانا ولا دليلا على يقينية شيء أو ظنيته، فما هذه المصطلحات إلا خدعة يمتطيها البعض لتمرير قناعاته الشخصية وميوله واتجاهاته الفكرية فحسب، حتى يقبل هذا ويضفي عليه شرعية القبول والتصديق، ويرفض ذاك ويضفي عليه شرعية الرفض والنبذ، والسؤال الآن: هل مصطلحان كالتواتر والآحاد يفيدان علما أو يحقان حقا أو يبطلان باطلاً في الأمور الدينية؟. بداية أقول إن التواتر العلمي اليقيني القطعي الحاسم لا علاقة له بالأديان ولا بالمعتقدات الدينية على الإطلاق بل لا يمكن تحققه أو وجوده فيها. بل إن تبني أي شخص مصطلحات كالتواتر أو الآحاد في الأمور التي تخص موضوع من موضوعات أي دين من الأديان هو دلالة واضحة على عدم فهمه للمدلول والمفهوم الحقيقي للتواتر، ولا حتى الآحاد، إذ لو فهم المدلول والمفهوم الحقيقي للتواتر والآحاد لما أدخله في الأمور التي تتعلق بالدين، وأنا هنا لا أقصد بالدين الإسلام فحسب بل جميع الأديان. لأن القول بوجود تواتر وآحاد لمعرفة الحق من الباطل واليقيني من الظني في الأمور الدينية أوقع جموع المسلمين في الماضي والحاضر في مآزق فكرية ودينية وإيمانية شنيعة. فنجد القرءانيين مثلا من أشهر مزاعمهم في رفض أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام أنها _حسب زعمهم_ أحاديث ظنية غير متواترة بينما القرءان الكريم متواتر، والآحاد يفيد الظن بينما التواتر يفيد القطع واليقين. وفي الحقيقة إن علماء الحديث وعلماء أصول الفقه هم أول من قالوا بظنية أحاديث الآحاد وتواتر القرءان الكريم قبل القرءانيين بقرون طويلة، لكن علماء الحديث والأصول لم ينكروا العمل بالأحاديث ولم ينكروا اعتبارها مصدرا للدين كالقرءان الكريم كما فعل القرءانيون. دعنا أولاً نتعرف على ماهية التواتر الذي يفيد القطع واليقين وماهية الآحاد الذي يفيد الظن وهل الآحاد يفيد الظن حقا.

## مفهوم التواتر عند المحدثين:
(التواتر هو نقل خبر أو حدث بتتابع وتتالي متصل لا انقطاع فيه عن جمع غفير من الناس تحول العادة دون تواطؤهم على الكذب).
ولو دققنا النظر في التعريف السابق للتواتر ووقفنا عند عبارة: (تحول العادة دون تواطؤهم على الكذب). سنجد أن عادة هؤلاء الناس أو حال هؤلاء الناس الذين قاموا بنقل الخبر أو الحدث لا يوجد بينهم أدنى شبهة أو صلة أو مصلحة أو آصرة تجعلنا نظن أو نشك في أنهم تواطؤا فيما بينهم على الكذب في نقل هذا الخبر أو ذاك الحدث، والسؤال الآن: ترى ما هي العادة أو الصلة أو المصلحة أو الآصرة التي تجعلنا نشك في مثل هؤلاء الناس أنهم تواطئوا فيما بينهم على الكذب في نقل خبر ما أو حدث ما؟، الجواب: هناك عادات وصلات كثيرة ومصالح وأواصر عديدة وجود واحدة فقط منها يجعلنا نطعن في صدقهم في نقل أي خبر أو حدث، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: وجود أواصر وعلاقات وروابط القرابة أو الجيرة أو الصداقة أو الزمالة أو الحاجة أو الغرض أو أي أواصر أو روابط أخرى تثير شبهة التواطؤ على الكذب، أما عدم وجود أو انتفاء مثل هذه الروابط والأواصر والعلاقات بين ناقلي الخبر أو الحدث فيزيد في يقينيته وقطعيته، وبالتالي فإن وجود أو انتفاء مثل هذه العادات هو الذي يحدد وبشكل حاسم تواتر الخبر أو الحدث أي صدقه ويقينيته من عدمه.

ودعنا نذكر مثلا من الواقع المعاصر بتواتر بعض الأخبار والأحداث اليقينية الصادقة المتواترة والتي لا يمكن تكذيبها أو الشك في صدقها ووقوعها وحدوثها:

• وفاة الزعيم الجنوب إفريقي "نيلسون مانديلا".
• وفاة الرئيس المصري الأسبق "جمال عبد الناصر".
• وفاة رئيس السلطة الفلسطينية "ياسر عرفات".
• قيام حرب بين مصر وإسرائيل في عام 1973م.
• "رونالد ريجان" كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في ثمانينات القرن العشرين".
• الزعيم النازي "أدولف هتلر" كان على رأس السلطة في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية".
• قيام الجيش الأمريكي بغزو العراق عام 2003م.
• تنحي الرئيس المصري "حسني مبارك" عن الرئاسة عقب قيام ثورة 25 يناير.

جميع هذه الأحداث أحداث يقينية قطعية صادقة متواترة لا يرقى اليها الشك أو الريب أو الظن، والذي جعل منها أحداثا وأخبارا يقينية قطعية صادقة متواترة هو انتفاء وجود أدنى شبهة أو مصلحة أو آصرة أو عادة أو صلة تجعلنا نظن أو نشك في أن القائمين على وسائل الإعلام والصحافة في دول العالم الذين قاموا بنقل مثل هذه الأخبار والأحداث قد تواطؤا فيما بينهم على الكذب في نقل هذا الخبر أو ذاك الحدث، والدلالة على انتفاء أي صلة أو علاقة أو آصرة أو رابطة بينهم هي إنهم من بلدان شتى وأمم شتى وأديان شتى وطوائف شتى وأراء وأفكار ومعتقدات متفرقة ومختلفة، ولم يجمع بينهم جامع ولم يربط بينهم رابط ولم يلتقوا قط مع بعضهم بعضا ولا يعرف بعضهم بعضا، فهنا حالت العادة بينهم في أن يتواطئوا على الكذب واختلاق مثل هذه الأخبار والأحداث، وبالتالي فمثل هذه الأخبار والأحداث هي أخبار وأحداث يقينية قطعية صادقة متواترة لا يرقى اليها الشك ولا الريب ولا الظن.

## لا تواتر في الأمور الدينية:

فقهاء الأصول وعلماء الحديث وجميع فقهاء الدين عموما في الماضي والحاضر لم ينتبهوا إلى أن التواتر الذي يفيد العلم اليقيني القطعي لا يصلح ولا يتحقق في القضايا والأمور الدينية على الإطلاق، لأنهم قد التفتوا إلى انتفاء كافة الأواصر والروابط والعلاقات والصلات بين أتباع الدين وغفلوا أو تغافلوا عن أهم وأقوى رابطة وعلاقة وصلة وآصرة، ألا وهي أصرة ورابطة وعلاقة وصلة الدين، فالدين من أهم وأقوى الروابط والأواصر والعلاقات بين بني البشر، فهم قد التفتوا فحسب إلى أن أتباع الإسلام الأوائل كانوا من أقوام شتى وقبائل شتى وأجناس شتى، فظن فقهاء الدين أن هذا التنوع وهذا التعدد بين اتباع الدين الواحد يصلح في أن يصنع تواترا حقيقيا يفيد العلم اليقيني القطعي الذي لا يرقى إليه الشك أو الريب أو الظن، وتناسوا تماما أنه حتى ولو انتفت كل الروابط والعلاقات والصلات من قرابة وجيرة وسابق معرفة وغيرها من أواصر بين أتباع الدين الواحد إلا أنه قد تكونت بينهم آصرة جديدة وعلاقة جديدة ورابطة جديدة هي من أشد وآكد الروابط بينهم ألا وهي رابطة وآصرة الدين، وهذه الرابطة بحد ذاتها تنفي تماما وجود أي تواتر يقيني علمي حقيقي فيما ينقلوه من أخبار وأحداث، لماذا؟.

الجواب: إنه في جميع الأديان على وجه الأرض قد نقل جمع غفير من اتباع كل دين عن جمع غفير آخر من أتباع كل دين وحتى الجيل الأول أو الشخص الأول أو الرجل الأول في هذا الدين أو ذاك سواء كان نبيا مرسلا أو كان غير ذلك، قد نقل ذلك الجمع الغفير عن عن عن ..... الخ جملة من العقائد والشعائر والمناسك والكتب، قد تتفق معها الديانات الأخرى وقد تختلف بل وقد تصدقها وقد تكذبها بل وقد تكفرها وتحكم على عقائدها بالشرك والوثنية، ونضرب مثلا بالعقائد النصرانية في تجسد الله في المسيح ابن مريم وأن الله ثالث ثلاثة (الآب، والابن، والروح القدس) وان الإله صلب ومات على الصليب وقام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام، هذه العقائد التي يراها المسلمون عقائد وثنية شركية كفرية قد نقلها جمع غفير من النصارى عن جمع غفير حتى شاعت بين عشرات ومئات الملايين من النصارى على اختلاف طوائفهم وفرقهم في يومنا هذا، فهل نعتبر شيوع مثل هذه العقائد بين مئات الملايين من النصارى اليوم هل نعتبره تواتر يفيد اليقين ويفيد العلم ويفيد القطع بأن الله ثالث ثلاثة وأن الله تجسد وصلب ومات على الصليب وقام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام؟؟، وهكذا عقائد وكتب ومناسك وشعائر السيخ والهندوس والبوذيين واليهود ووو....إلخ وغيرها من الأديان التي تشيع عقائدها وكتبها وشعائرها ومناسكها بين الملايين من اتباعها التي نقلها جمع غفير عن جمع غفير حتى يومنا هذا، ونفس هذا المعيار ينطبق كذلك على جمع وتدوين القرءان الكريم، فلو افترضنا جدلا أن الرسول محمد نفسه وجميع الصحابة بلا استثناء شاركوا في جمع وتدوين وخط القرءان بأيديهم وقمنا بتنحية الإيمان والانتماء الديني جانبا ووضعنا هذا الأمر في ميزان البحث والتقييم العلمي الجاد الموضوعي البحت الخالي من أي إيمان او انتماء ديني هل يصلح هذا الجمع والتدوين للقرآن أن يكون تواترا يفيد العلم والقطع واليقين في ميزان البحث العلمي والمنهج العلمي الجاد الموضوعي المحايد؟؟. بكل تأكيد لا، لأن رابطة الدين وآصرة الإيمان بهذا الدين بين هذا الجمع من الناس في الميزان العلمي يثير الشك والظن والريب لكونهم ربما تواطئوا فيما بينهم تحت واجب الانتماء والالتزام الديني في جمعهم وتدوينهم هذا، ومن ثم القول بتواتر القرءان أو تواتر جمعه وتدوينه مستحيل حدوثه لأن القرءان نقله المسلمون المؤمنون بهذا الدين وحدهم ولم يشترك معهم في نقله شخص واحد من أتباع الأديان الأخرى، وهذا ينفي التواتر العلمي اليقيني جملة وتفصيلا، ومن ثم فوجود آصرة الدين بين ناقلي القرءان الذي هو كتاب دين هذه الأمة تنفي عنه التواتر حتى لو شارك في جمع وتدوين وكتابة القرءان الرسول وجميع الصحابة بلا استثناء لواحد منهم.

## القول بظنية خبر "الآحاد" يطيح بلب وأصل ومبدأ الدين أي دين:

تعالوا نر أولا ماذا قرره فقهاء الدين وعلماء الأحاديث عن الآحاد وهل كلامهم هذا صحيح؟ أم أنه يمثل خطورة وطعن في لب الدين ذاته ومبتداه؟:
أجمع كثير من فقهاء الدين وعلماء الأصول القدامى والمعاصرين على أن خبر الآحاد أو خبر الواحد يفيد الظن ولا يفيد اليقين، قال الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر السابق في كتاب: (الإسلام.. عقيدة وشريعة):
(إذا روى الخبر واحد، أو عدد يسير ولو في بعض طبقاته، فإنه لا يكون متواتراً مقطوعاً بنسبته إلى رسول الله (ص)، وإنما يكون في اتصاله بالرسول شبهة، فلا يفيد اليقين).
وقال البزدوي: (وأما دعوى علم اليقين ـ يريد في أحاديث الآحاد ـ فباطلة بلا شبهة لأن العيان يرده؛ وهذا لأن خبر الواحد محتمل لا محالة، ولا يقين مع الاحتمال، ومن أنكر هذا فقد سفه نفسه وأضل عقله).
وقال الغزالي: (خبر الواحد لا يفيد العلم وهو ـ أي عدم إفادته العلم ـ معلوم بالضرورة. وما نُقل عن المحدثين من أنه يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل إذ يسمى الظن علما).
وقال الأسنوي: (وأما السنة فالآحاد منها لا يفيد إلا الظن).
ويقول الشيخ شلتوت: وهكذا نجد نصوص العلماء من متكلمين وأصوليين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا تثبت به العقيدة التي يكفر جاحدها، ونجد المحققين من العلماء يصفون ذلك بأنه ضروري لا يصح أن ينازع أحد في شئ منه، فإن الله تعالى لم يكلف عباده عقيدة من العقائد عن طريق من شأنه ألا يفيد إلا الظن، ومن هنا يتأكد أن ما قررناه من أن أحاديث الآحاد لا تفيد عقيدة ولا يصح الاعتماد عليها في شأن المغيبات قولٌ مجمع عليه وثابت بحكم الضرورة العقلية التي لا مجال للخلاف فيها عند العقلاء). انتهى

ورداً على كلام الشيخ شلتوت أقول: إن كلام الشيخ "شلتوت" وكلام "الغزالي" و"البزدوي" و"الأسنوي" وغيرهم يطيح برسالة النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام من جذورها ويلقي بها في الهواء، بل إنه يطيح بجميع رسالات الله السابقة على رسالة النبي الكريم جملة وتفصيلا، لماذا؟، لأننا لو قمنا بوضع الإيمان والانتماء الديني جانبا وتجردنا للحظات قليلة منهما وقمنا بكل موضوعية وحيادية بتطبيق معايير حجية خبر (الآحاد) أي: خبر الواحد التي وضعها فقهاء الحديث والأصول والتي ذكرنا طرفا منها للشيخ "شلتوت" و"الغزالي" وغيرهما على خبر السماء الذي جاء به النبي محمد عليه الصلاة، سيكون حكم خبر السماء أي "القرءان الكريم" أي: "رسالة الإسلام" التي جاء بها محمد بن عبد الله ليس مقطوعاً بنسبتها إلى الله، ويكون في اتصالها بالله شبهة، فلا تفيد اليقين، لأن خبر الواحد محتمل لا محالة، ولا يقين مع الاحتمال، وخبر الواحد لا يفيد العلم، وخبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا تثبت به العقيدة، وأن خبر الآحاد لا يفيد عقيدة ولا يصح الاعتماد عليه في شأن الغيبيات. هذا كلام وحكم فقهاء وعلماء الحديث والفقه والأصول على خبر الآحاد أو خبر الواحد. السؤال الآن: هل خبر السماء "القرءان الكريم" أي: "رسالة الإسلام" أي: "دين الإسلام" الذي جاء به محمد بن عبد الله هل هو خبر آحاد أم خبر متواتر؟؟.

الجواب: بكل تأكيد ويقين وحسم وقطع هو خبر آحاد، لأن ناقل خبر السماء إلى الناس هو شخص واحد فرد هو "محمد بن عبد الله"، فلو تجردنا قليلا من الإيمان والانتماء الديني وتكلمنا بموضوعية وتجرد علمي قلنا إن "محمد بن عبد الله" هو شخص فرد من آحاد الناس جاءنا بخبر يقول أنه خبر السماء ووحي من عند الله وأنه كتاب الله وكلام الله كلفه بتبليغه للناس، ومن ثم فرسالته وما جاء فيها من قرءان وعقائد وغيبيات وأنباء ووو....إلخ هي خبر آحاد وكل ما جاء فيها هو أخبار آحاد نقلها شخص واحد هو "محمد بن عبد الله" ومن ثم ينطبق على رسالته حكم الشيخ "شلتوت" و"الغزالي" والأريكيين (القرءانيين) وغيرهم وأنها: (ليس مقطوعاً بنسبتها إلى الله، ويكون في اتصالها بالله شبهة، فلا تفيد اليقين، لأن خبر الواحد محتمل لا محالة، ولا يقين مع الاحتمال، وخبر الواحد لا يفيد العلم، وخبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا تثبت به العقيدة، وأن خبر الآحاد لا يفيد عقيدة ولا يصح الاعتماد عليه في شأن الغيبيات). بل إن هذا الحكم لا ينطبق على خبر السماء الذي جاء به "محمد بن عبد الله" فحسب بل إنه علميا وموضوعيا ينطبق على جميع أنبياء الله ورسله بلا استثناء لواحد منهم (آدم، نوح، إبراهيم، إسحاق، يعقوب، داوود، سليمان، أيوب، يوسف، موسى، هارون، زكريا، يحيى، عيسى، إلياس، إسماعيل، اليسع، يونس، لوط، هود، صالح، شعيب). فجميع أخبار ورسالات السماء التي نقلها كل هؤلاء الأنبياء والرسل هي أخبار آحاد من الناس ليس مقطوعا بنسبتها إلى الله ولا تفيد العلم وفي اتصالها بالله شبهة ولا تفيد اليقين ولا تفيد العلم على حد زعم الفقهاء القدامى والمعاصرين والأريكيين ومن لف لفهم.

## كيف وبماذا نتعرف على الحق واليقين فيما ينقل إلينا من أخبار وحوادث؟

ثلاثة أرباع حياتنا إن لم يكن 99% من حركة حياتنا قائمة على مصادر الآحاد أو خبر الواحد، في بيعنا وشرائنا في العمل، الخطابة، التدريس، الإعلام، خطابنا مع الزوجة الابناء الزملاء الأصدقاء التلاميذ ووو.......إلخ، كل هذا يعتمد بشكل عام على أخبار الآحاد، ولم نسمع ولم نر في حياتنا اليومية أن أحدا سمع بخبر ما أو حدث ما فرد على ناقله بأنه مجرد شخص واحد ولن يصدق خبره ذلك ما لم ينقله جمع غفير عن جمع غفير، لم ولن يحدث هذا، إذ من المعلوم لنا جميعا أننا نسمع يوميا عشرات الأخبار في وسائل الإعلام وفي البيت وفي العمل ووسائل المواصلات وفي الشارع وفي المناسبات العامة والأفراح والجنائز وغيرها فنتقبل صدق هذه الأخبار والأحداث ابتداءً ثم نقوم بالتوثق والتحقق منها بكثير من الطرق والمصادر والوسائل التي نستطيع من خلالها معرفة صدق تلك الأخبار أو كذبها، فالعرف السائد بين بني البشر جميعا في نقل أخبار ما يحدث في الدنيا سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي يكون بمصادر آحاد، لهذا نسأل هؤلاء الذين يتهمون خبر الواحد ويرفضونه لا لشيء إلا لأن ناقله فرد واحد فنسأله ماذا لو كنت تعمل في بلد خارجي ثم اتصلت بك زوجك وأخبرتك بأن والدك أو ابنك أو أمك أو أخاك قد مات، فبماذا ترد عليها؟ هل تقول لها لا يا زوجي العزيز هذا خبر آحاد لم ينقله غيرك ومن ثم لن أصدقه لأنه لا يفيد العلم ولا اليقين؟؟!!.

ولو نظرنا إلى القرءان الكريم لوجدناه يروي لنا عن كثير من آحاد الناس حملوا ونقلوا أخباراً وأنباءً وأمور كبرى مثل الأنبياء والمرسلين حيث كانوا محض آحاد من الناس ثم اختارهم الله فرادى لحمل ونقل رسالاته إلى الناس ولم يكن مع كل واحد منهم سوى نفسه فحسب، وروى لنا عن آحاد من الناس من غير الأنبياء والمرسلين نذكر منهم على سبيل المثال:
قال تعالى:
(وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ المَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ). (20_ القصص)
وقال تعالى:
(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ(20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ). (21_ يس)
وقال تعالى:
(وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ). (28_ غافر).
وقال تعالى:
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ(20) لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ(21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ(22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ(23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ(24) أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(25) اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ(26) قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الكَاذِبِينَ). (27_ النمل).

فلم يحدث أن قال أحد لرجل من هؤلاء لن نأخذ بخبرك لأنه خبر آحاد يفيد الظن ولا يفيد العلم ولا اليقين، حتى الهدهد حين جاء من سبأ بنبأ قال هو عنه أنه يقين لم يكذبه سليمان ابتداءً ولم يتجاهل نبأه إنما قال له: (سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الكَاذِبِينَ).

الحق سبحانه في مثل هذه الموضوعات الكبرى والهامة لم يتركنا هملا لأهل الأهواء والضلالات يضعوا لنا الضوابط والشروط التي تتفق وضلالهم، إنما وضع لنا ضوابطه هو سبحانه العليم الخبير، وحدد لنا السبيل لمعرفة حقائق الأخبار والأنباء مهما كان كنه ناقلها، ومن أهم هذه الضوابط:

قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (6_ الحجرات)

ولنا هنا وقفة مع هذه الآية فهي تطرح العديد من الأسئلة المهمة وهي: لماذا قال إن جاءكم "فاسق"؟ ولم يقل إن جاءكم "أحد" بنبأ أو "مسلم" بنبأ أو "مؤمن" بنبأ؟، لماذا اختار "الفاسق" تحديدا؟ ولماذا قال "بنبأ" ولم يقل "بخبر"؟ وهل هناك علاقة بين صفة الفسق في ناقل النبأ وبين النبأ تحديدا؟.
الجواب : الحق سبحانه أمر المؤمنين به أنه في حال جاء شخص بنبأ حتى ولو كان ذلك الشخص معروفاً بفسقه أو مشهوراً به أو متصفاً به، فلا نكذبه ولا نصدقه، بل كان لزاماً علينا التبين من صدق أو كذب النبأ الذي قام بنقله ابتداء قبل الحكم عليه برد نبأه. هذا في حال كون ناقل النبأ "فاسقاً"، فما الحال لو كان ناقل النبأ شخصا سويا صالحا أو حتى كان شخصا عاديا لا نعلم فسقه من صلاحه؟، الجواب: إن الشخص الصالح أو المعروف عنه الصلاح أو الذي يتوقع منه الصلاح أو مظنة الصلاح هو أولى من الفاسق بقبول نبأه وخبره بشيء من الاهتمام والاعتبار ولا مانع من التبين من حقيقة ما جاء به من أنباء، وكذلك الشخص العادي الذي لا يعلم بفسقه أو بصلاحه كذلك هو أولى من الفاسق بقبول نبأه والاهتمام به ولا مانع من التبين من حقيقة ما جاء به من أنباء.

لماذا قال "بنبأ" ولم يقل بخبر؟ وهل من فارق بين النبأ والخبر؟ وما علاقة ذلك بالفاسق؟
الجواب: كثير من الناس يخلط بين (النبأ) و(الخبر)، فإذا سألتهم عن (النبأ). قالوا هو الخبر، وإذا سألتهم عن (الخبر) قالوا هو (النبأ). وهذا خلط فاحش بين مفاهيم ومدلولات الكلمتين، فأما (النَّبأُ): فهو: نقل كلام أو الإعلان كلاميا عن حدث ما، أو واقعة ما، أو أمر حدث أو سيحدث في المستقبل، ويتميز (النبأ) عن (الخبر) بكونه إعلانا عن حدث ليس متيقنا ولا متوقعا حدوثه، وإنما يغلب عليه الظن، كذلك يتعلق (النبأ) بأمر جلل وكبير وعظيم ليس من اليسير توقعه وليس من اليسير التحقق منه. أما الخبر فهو: الإعلان عن شيء أو أمر أو واقعة أو حدث متيقن من حدوثه ووقوعه حقيقة وفعلاً، ومن السهل تيقنه والوقوف على حقيقته. فلا يقال للنبأ (خبر) ولا يقال للخبر (نبأ).
ولقد فرق القرءان الكريم بين النبأ والخبر، فقال عن النبأ:
قال الله تعالى عن يوم القيامة: (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ* أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) [67: 68_ ص].
وقال: {عم يتساءلون عَنِ ٱ-;-لنَّبَإِ ٱ-;-لْعَظِيمِ} [النبأ:2].
وقال تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱ-;-لَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ) (التغابن:5)
وقال تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱ-;-لْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ) (هود:49).
وقال تعالى: (تِلْكَ ٱ-;-لْقُرَىٰ-;- نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا) (الأعراف:101)
فكل ما ورد في هذه الآيات يدل على حدث أو واقعة أو أمر لا يتوقع الإنسان حدوثه، أو يصعب التحقق منه ومن حقيقته بسهوله، أي مما يغلب عليه الظن، لأنه يصعب الوصول إلى اليقين المادي العيني فيه، كأنباء الأمم الغابرة، ونبأ يوم القيامة، ويوم القيامة (نبأ) لأنه لم يحدث بالفعل ولا سبيل لنا للتحقق اليقيني من حدوثه، أو معاينته والتحقق الفعلي منه الآن.
أما الخبر: فهو الإعلان عن شيء أو أمر أو واقعة أو حدث متيقن من حدوثه ووقوعه حقيقة وفعلاً، ومن السهل تيقنه والوقوف على حقيقته:
قال تعالى:
(إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ). (7_ النمل).
(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً). (68_ الكهف).

أما علاقة النبأ بالفاسق في الآية الكريمة: (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ)، وكأن الله يعلمنا أننا لا نرد "النبأ" الذي هو نقل حدث أو واقعة أو أمر لا يتوقع الإنسان حدوثه، أو يصعب التحقق منه أو من حقيقته بسهوله، أي مما يغلب عليه الظن، لأنه يصعب الوصول إلى اليقين المادي العيني فيه، كأنباء الأمم الغابرة، ونبأ يوم القيامة، ويوم القيامة (نبأ) لأنه لم يحدث بالفعل ولا سبيل لنا للتحقق اليقيني من حدوثه، أو معاينته والتحقق الفعلي منه الآن، فلو أن شخصا فاسقا نقل لنا نبأً فلا نرده ولا نصدقه ولا نكذبه حتى نتبين حقيقة ما نقله من أنباء، ومالم نتبين ما جاء به فلا نحكم عليه بصدق ولا بكذب، حتى ولو جاء به شخص واحد حتى ولو كان ذلك الشخص فاسقا.

السؤال الآن للأريكيين "القرءانين" الذين يردون جميع ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام من أحاديث بها أقواله وأفعاله وتقريراته عليه الصلاة والسلام، بحجة أنها روايات آحاد وليست متواترة، في مخالفة صريحة لأمر الله للمؤمنين بقوله: (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)، فإذا كان رواة الأحاديث الذين نقلوا لنا أنباء النبي عليه الصلاة والسلام لا نعلم عنهم فسقاً صريحا بل هم مظنة العلم والصلاح والإيمان بالله، حتى لو افترضنا فيهم الفسق جدلاً هل قمنا بتبين ما نقلوه لنا وهل هي أنباء صادقة أم كاذبة من مصادرها؟؟!! وهل الأريكيون "القرءانيون" الذين هم في معظمهم ذوي ضحالة فكرية وعلمية وحتى لسانية "لغوية" هل باستطاعتهم تبين صحة هذه الأنباء وقراءتها قراءة علمية سليمة في ضوء القرءان الكريم؟؟!!، مع أن نبأ القرءان هو رواية آحاد كما سبق وبينا، ونبأ الأحاديث كذلك هو رواية آحاد لا فرق بينهما.

أما بقية الضوابط التي وضعها الله سبحانه للتحقق من أي شيء وكل شيء سواء كان رسالة إلهية "قرءان، إنجيل، توراة" أو أي كتب نسبت إلى الله أو سير الأنبياء والمرسلين وغيرهم من الناس، أرى أن الله سبحانه يريد منا تجاهل شخص وكنه وصفة ناقل النبأ أو الخبر ونوجه اهتمامنا كله تجاه النبأ أو الخبر بالنظر والتبين والتفكر وذلك لا يكون ولا يتحقق إلا بالعلم الذي هو ضابط ومعيار وميزان كل من النظر والتبين والفكر.
قال تعالى:
(سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الكَاذِبِينَ).
(إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا).
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لله مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا). (46_ سبأ)

فهل لدينا العلم الذي هو ضابط ومعيار وميزان النظر والتبين والتفكير؟ هذا هو الطريق لمعرفة الحق في أي شيء العلم والبحث والنظر والتبين والتفكير.
فبين يدي نص، أيا كان هذا النص، لا يعنيني كنه الشخص الذي دون هذا النص ولا من خطه بيده ولا كيف خطه ولا من نقله، لأن عملية التيقن من مصدرية تدوين النص وخطه ونقله أي نص في الدنيا بصورة يقينية قطعية لا لبس فيها ولا غموض وخاصة النصوص القديمة هي عملية شبه مستحيلة إن لم أقل بالفعل مستحيلة، وبالتالي ما يعنيني بشكل أساسي تجاه أي نص هو قراءة ذلك النص قراءة علمية صحيحة من خلال مضمون النص ومن خلال ظروف بيئته الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي قيل فيها هذا النص أو ذاك، مع الأخذ في الاعتبار أن أي نص له سياقات موضوعاتية متعددة منها ما هو بيئي وما هو تاريخي ومنها ارتباطه بنصوص أخرى، وكذلك لا يفوتنا أن أي نص له مفردات يجب أن تفحص وتقرأ في ضوء الدلالات الصحيحة لتلك المفردات الواردة فيه.

(يا ليت الأريكيين يفقهون)

(للحديث بقية في الفصل: السادس عشر).

فصول دراسة (السنة ما لها وما عليها):
الفصل الأول: (عرض تمهيدي لقضية السنة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293175
الفصل الثاني: (الصحابة والسلف بين التقديس والشيطنة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293537
الفصل الثالث: (تاريخ نقد وإصلاح التراث الإسلامي وتنقيحه)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=294154
الفصل الرابع: (تاريخ إنكار السنة ونشأة القرآنيين)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=294768
الفصل الخامس: (القرآنيون ومأزق حفظ وجمع القرآن)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295266
الفصل السادس: (القرآنيون والتفريق بين النبي والرسول)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295917
الفصل السابع: تابع (القرآنيون والتفريق بين النبي والرسول)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=296491
الفصل الثامن: (هل القرآن كافٍ وحده؟).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=296924
الفصل التاسع: (البلاغ، الأسوة، ما ينطق عن الهوى).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=297432
الفصل العاشر: (طاعة الرسول).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298124
الفصل الحادي عشر: (هل أنزل الله على رسوله وحيا غير القرآن؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=299391
السنة ما لها وما عليها: الفصل الثاني عشر: (مفهوم السنة، وما هي سنة الرسول؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=324509
السنة ما لها وما عليها: الفصل الثالث عشر: (أثر عقيدة التجسد المسيحية في إشاعة الفكر التكفيري بين المسلمين)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=327008
السنة ما لها وما عليها: الفصل الرابع عشر: (هل حفظ الله كتاب القرءان الكريم؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=348560


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأ ...
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السادس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الخامس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الرابع
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثالث
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الأول
- (مسيحيون أم نصارى)؟ حوار رمضاني مع الأستاذ (أسعد أسعد)
- نبضة قلب في حياة ميتة
- لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟
- (الإلحاد) هو الابن الشرعي للعقائد المسيحية
- (ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب
- الفرق بين الإنسان الواقعي والإنسان الافتراضي
- الفرق بين -حقائق الأشياء- و-زخرف الكلمات- و-عوالمنا الخاصة-:
- آخر الهوامش: هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 ي ...
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (26)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (25)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (24)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (23)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (22)


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس عشر: (القرءان الكريم رواية آحاد وليس رواية متواترة)