أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - إدريس ولد القابلة - الحرب ضد الحشيش بالمغرب















المزيد.....

الحرب ضد الحشيش بالمغرب


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1371 - 2005 / 11 / 7 - 04:36
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


في هذا الصيف تمكنت السلطات المغربية من إتلاف ما يناهز 3600 هكتار مزروعة بالكيف (الحشيش) بإقليم العرائش بشمال المغرب. علما أن هذه الزراعة تعتبر، أراد من أراد و كره من كره، المصدر الأول و الوحيد، بجانب التهريب، للدخل بهذه المنطقة للعديد من العائلات . و قد دامت هذه الحملة التطهيرية من 26 يونيو إلى 17 يوليو 2005،إذ تم تجنيد أكثر من 90 جرارا و مئات العمال المياومين و أفراد الدرك الملكي و بعض الجنود و القوات الاحتياطية بمنطقة العرائش، و قد قاد العمليات عن كثب وكيلين للملك (من وزارة العدل) و لجنة تقنية تحت إمرة عامل (محافظ) الإقليم عُيٌنت لهذا الغرض. و قبل بداية العمليات الميدانية قامت طائرات برش مواد كيماوية مبيدة للمزروعات الحشيش. و الغريب في الأمر أن قائد المنطقة (التابع لوزارة الداخلية ) كان يحث أهالي المنطقة المستهدفة و أصحاب الأراضي التي أُتلف مزروعاتها على تحمل إطعام العمال على نفقتهم.
و زراعة الحششيش بالمغرب تغطي ما يُناهز 130 ألف هكتار و تعتبر مصدر دخل لأكثر من 800 ألف شخص. و كانت منطقة العرائش المستهدفة تستقطب كل سنة العديد من العمال الزراعيين لجني المحصول هذه الستة حُكم عليهم بالبطالة، و بالتالي حُرموا من دخل كانوا يعتمدون عليه لتدبير أمور معاش أسرهم، لاسيما و أن جني محصول الحشيش كان يُفر لهم عمل على امتداد شهرين أو ثلاثة أشهر.

و بعد مرور أكثر من شهرين لم يتوصل سكان المنطقة بأي تعويض، و فضٌا الكثير منهم النزوح إلى المدينة، لاسيما و أنهم أصبحوا بدون دخل بغثة و دون سابق إنذار يعيلون به دويهم. كما أن الكثير منهم أحجموا عن إرسال أطفالهم إلى المدارس لعدم تمكنهم من توفير متطلبات الدراسة. و بذلك أصاب المنطقة على حين غرة شلل تام على جميع المستويات، باعتبار أن زراعة الكيف (الحشيش) كان المصدر الرئيسي و الحيوي للدخل للأغلبية الساحقة لساكنة المنطقة. و حتى الذين رغبوا ببيع أراضيهم لم يجدوا من يقتنيها منهم. و بذلك أصبحوا غارقين في ديون لأنه جرت العادة أن يقترضوا ما يدبرون به أمورهم طول السنة ليكون الأداء مع بيع المحصول، لكن هذه السنة لا محصول و بالتالي لا دخل و عدم القدرة على أداء الديون التي على عاتقهم، إنها وضعية مأسوية وجب على القائمين على الأمور النظر عاجلا كيف سيتعاملون معها لأنها أخذت تكتسي طابع مأساة إنسانية و اجتماعية واضحة المعالم.

و بخصوص اختيار منطقة العرائش دون غيرها للقيام بمحاربة زراعة الكيف (الحشيش) ، يقول المسؤولون أن هذا الاختيار قام على أساس أن زراعة الحشيش حديثة العهد بالمنطقة و لم تعرف انتشارا إلا منذ 10 سنوات خلافا للمناطق الأخرى. في حين أن سكان المنطقة يكذبون هذه المزاعم جملة و تفصيلا، و بالحجة و البرهان إذ أكد بعضهم أن هناك رسائل تم توجيهها إلى القصر الملكي بخصوص المطالبة بزراعات تعوض زراعة الحشيش ليمكنوا من التخلص من مضايقات و مساومات الدرك الملكي و لرجال السلطة التي كانت تخنقهم، علما أن الكثير و الكثير جدا من المسؤولين الأمنيين و رجال السلطة اغتنوا بشكل فظيع بواسطة تلك المضايقات و المساومات التي كانت لا تخفى عن الخاص و العام بل أن المسؤولين على الصعيد المركزي كانوا يتوصلون بنصيبهم من الكعكة، علاوة على أن المناصب بتلك المناطق كانت تُباع و تُشترى بفعل ما تدر على أصحابها من أموال ملوثة.
و من المعلوم أن هناك ظهير ملكي أصدر الملك محمد الخامس سنة 1958 لسكان منطقة شفشاون، التي تجاور منطقة العرائش و لا يفصلها عنها إلا نهر، بزراعة الحشيش . و تُنتج منطقة شفشاون المجاورة لمنطقة العرائش 60 في المئة من المنتوج الوطني للحشيش بالمغرب.

و يُقال أن هناك جملة من المشاريع الصغرى لتعويض زراعة الحشيش بمنطقة العرائش، زراعة أشجار الفواكه أو تربية النحل أو السياحة القروية، لكن يقول الفلاحون المتضررون كيف سنعيل أطفالنا و أسرنا في انتظار أن تعطي تلك الأشجار غلتها و أن يأتي السواح إن هم فعلا رغبوا في الاتيان قصد السياحة؟؟؟

علما أن زراعة هكتار واحد بالحشيش كانت تدر على صاحبها ما يناهز 5 آلاف دولار في حين أن الهكتار المخصص للقمح لن يدر أكثر من 600 دولار.. و من المعلوم كذلك أن زراعة الحشيش تشكل مصدر دخل و عيش ليس للفلاح وحده و لكن كذلك كانت تشكل دخلا إضافيا أكيدا ، يتجاوز الواتب الشهرية، لعناصر الدرك الملكي و رجال السلطة و هذا أمر لا يمكن نكرانه بأي وجه من الوجوه.
و قد يتساءل المرء ، كيف انتشرت زراعة الحشيش بمنطقة العرائش بهذه السرعة أي منذ 1990 حسب التصريحات الرسمية و لم تُحرك السلطات أدنى ساكن؟...يجيب القائمون على الأمور أنه لم يكن في الإمكان مراقبة المنطقة كلها، علما أن أغلب الأراضي بها ليس في ملكية الخواص و إنما هي أراضي تعود ملكيتها للسلالات غلإثنية( أي أراضي الجموع و كلها تحت وصاية وزارة الداخلية و يمر أي قرار بصددها إلا بموافقتها و مصادقتها و مباركتها) و أراضي الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية. و في هذا الصدد أكد أحد المسؤولين بأن عقد عقد كراء تلك الأراضي ينص على التزام المُكتري بعدم استغلالها في زراعة الممنوعات لاسيما الحشيش، كما أضاف أنه أضاف لم يكن في إمكان الوزارة مراقبة كل الأراضي لوعورة الطرق و لقلة الوسائل، لكن ما نسي المسؤول أن يوضحه هو أن القائمين على الأمور كانوا على علم علم اليقين أن ما يجري في تلك الأراضي يشوبه الغموض و ذلك لسبب بسيط و واضح للعيان و هو أن سومتها الكرائية ارتفعت بغثة و بشكل صاروخي لم يسبق له مثيل، و كان طبعا السبب واضحا لا يخفى على أحد. إن مساحة الأرض التي كانت سومة كرائها لا تتعدى 10 دولارات قبل 1995 أضحت بين عشية و ضحاها 800 دولار (أي 80 ضعفا) هل هذا لا يدعو إلى الشك و الريب ؟ لكن يبدو أن القائمون على الأوقاف و الشؤون الإسلامية لم يكن يهمهم لا حلال و لا حرام و لا الابتعاد عن الشبهة و لا إحترام مقتضيات عقدة الكراء و لا التعاليم الإسلامية في هذا الباب و إنما ما كان يهمهم آنذاك هو المدخول لا غير و إلا تنبهوا إلى الأمر و قاموا بما يلزم و لو بأضعف الايمان و هم القائمون على شؤن الدين بالبلاد.
و من المعلوم أن الملك الراحل الحسن الثاني خصص خطابا سنة 1993 لحث سكان الريف ، المنطقة المغضوب عليها لأسباب سياسية بالأساس، أقول لحثهم عن التخلي عن زراعة الكيف (الحشيش) مقابل تخصيص إعانات لهم من تمويل الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذا لم يعط نتيجة، بل إن رجال السلطة و الأمن في جملة من المناطق قد تجاهلوا هذا الطلب اعتبارا لما تدر عليهم زراعة الكيف من أرباح. و رغم أن جملة من الفلاحين قد امتنعوا عن طيب خاطر عن زراعة الكيف بأراضيهم سنة كاملة، عادوا إليها عندما لاحظوا أنهم لم يتوصلوا بأي شيء تكريسا لما تم التصريح به علانيا.

و خلاصة القول ، باعتبار أن الدولة لم تهيء تدابير فعلية و ليس كلامية و دعائية لمرافقة محاربة زراعة الكيف (الحشيش) بمنطقة العرائش فإن مئات من العائلات التي كانت تعيش من مداخيل تلك الزراعة هي الآن مثقلة بالديون و لم تجد أمامها مخرجا إلا اللجوء إلى المدن المجاورة مادامت أضحت عاجزة عن توفير ما تسد به رمقها و هذا واقع أراد من أراد و كره من كره و بالتالي وجب الاعتراف به و السعي الحثيث إلى التقليل من انعكاساته التي يمكنها أن تكون وخيمة إن آجلا أم عاجلا.

و عموما مازال الغموض الكثيف هو سيد الموقف في هذا الصدد. و حتى و لو افترضنا أن زراعة الكيف (الحشيش) سيتم تعويضها بالأشجار المثمرة أو بتربية النحل أو بمشاريع السياحة القروية، فأين سيتم زراعة تلك الأشجار و إقامة تلك المشاريع ما دامت أغلب الأراضي ليست في ملكية من يزرعها، و حتى و لو تم زرعها متى سيتمكن الفلاح من جني ثمارها، و في انتظار ذلك كيف سيُدبر أحواله بدون دخل و لا عمل، ألم يمكن من الأولى التفكير في هذه الأمور قبل تجييش الجرارات للقضاء على الزراعات، أم أن هذه أمور يبدو أن القائمين على الأمور لم يفكروا في إدخالها في الحسبان رغم أن مسؤوليتهم حاضرة بقوة في انتشار تلك الزراعة بالمنطقة ؟
إدريس ولد القابلة
موضوعات ذات الصلة
المخدرات: زراعة القنب الهندي بالمغرب
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=14207

الكوكايين بالقنيطرة موجود أم غير موجود؟

http://shbabmisr.com/XPage.asp?browser=view&newsID=370



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخوصصة و الفساد...هل من علاقة بينهما؟
- المال و مشروع قانون الأحزاب المغربي
- حقوق الإنسان بالمغرب
- الشباب المغربي و تحدي هجرة الكفاءات
- أي مستقبل للإسلام في الديار الأوروبية؟؟؟
- مجرد كلمة
- المغرب: المطلوب توحيد اليساريين المغاربة و ليس وحدة القيادات
- اتحاد كتاب الانترنت العرب على الدرب يسير
- خصخصة صناعة السكر بالمغرب
- البطالة بالمغرب
- مجرد كلمة...هل من تغيير وزاري بالمغرب؟
- ليس هناك دخان بدون نار...
- الجهوية و التنمية
- الميلودي زكريا ضحية الضربة الاستباقية
- حول العمل النسائي و العنف ضد النساء بالقنيطرة
- اختلاف بخصوص نسبة النمو بالمغرب
- تدبير القصور الملكية بالمغرب لم ينج من الفساد
- متى ستحضر الإرادة الفعلية للتصدي للفساد؟؟
- موقف حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي المغربي(1) من مشروع ق ...
- المغرب: هل الاقتصاد بخير؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - إدريس ولد القابلة - الحرب ضد الحشيش بالمغرب