|
كيف انتشر الإسلام ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 20:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كيف انتشر الإسلام ؟ طلعت رضوان يُـصر أصحاب العاطفة الدينية من الإسلامين (مُعتدلين ومُــتطرفين) على أنّ انتشار الإسلام تمّ بالإقناع و(التبشير) بما ورد فى القرآن عن (هداية البشر) فإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لم يرجع العرب الذين حملوا (الرسالة) إلى قريش أو مكة بعد أنْ (بلــّـغوا رسالتهم) ؟ أى لماذا استمروا فى البلاد التى غزوها ، وجلسوا مكان الغازى/ المُـحتـل السابق ، كما حدث فى مصر؟ والسؤال الثانى : إذا كان الهدف هو (نشر الإسلام) فأين الكتاب المؤسس للإسلام ، أى القرآن ؟ لقد كان غزو مصر فى عهد عمر بن الخطاب ، بينما تمّ الانتهاء من جمع المصاحف فى عهد الخليفة التالى له (عثمان) الذى أحرق ستة مصاحف ولم يبق إلاّ على المصحف الذى وافق عليه وأطلق عليه اسم (مصحف عثمان) بل إنّ أبا بكر قال لعمر ((كيف أفعل شيئــًـا لم يفعله رسول الله)) وبينما فى مصحف عثمان ((إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة)) (النساء/40) جاءتْ فى مصحف عبد الله بن مسعود (إنّ الله لا يظلك مثقال نملة)) (السجستانى فى كتابه (المصاحف) دار الكتب العلمية- بيروت – لبنان – عام 1985- ص16، 64) بل أكثر من ذلك ما ذكره المُـفكــّـر العراقى د. جواد على الذى كتب ((إنّ ما يُـقال عن وجود نسخة أو نسخ مكتوبة بخط الإمام على أو نسخة عثمان فكلام يحتاج إلى دليل مُـقنع ، وأقدم ما وصل إلينا عن أيام الرسول مكتوب بالعربية التى نزل بها الوحى ، يعود عهده إلى أيام العباسيين)) (تاريخ العرب فى الإسلام – ص15، 16) ومعنى هذا الكلام أنّ العرب الذين غزوا مصر وغيرها من الشعوب ، لم يكن معهم (مصحف) ناهيك عن صيغة الجمع (مصاحف) لتوزيعها على من (قصدوا هدايتهم) إذْ كيف يقتنع الإنسان بشىء جديد دون الاطلاع على فحواه ؟ أما الدليل الدامغ الذى ينفى مسألة (الهداية) فهو أنّ أول سؤال سأله عمرو بن العاص ل (المقوقس) عندما غزا مصر، هو مقدار (الجزية) التى كان الرومان يحصلون عليها من المصريين ، والدليل الدامغ الثانى هو: كان على الشعب الذى تمّ غزو أراضيه واحتلال وطنه الاختيار بين ثلاثة بدائل : الدخول فى الإسلام (= التخلى عن ديانته) أو أداء (الجزية) أو القتال (ابن عبد الحكم فى كتابه " تاريخ مصر وأخبارها " – مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر- عام 1974- ص53) ويؤكد ذلك ما ذكره السيوطى فى (المُـزهر فى علوم اللغة) أنه ((رُوى عن عمر بن الخطاب قوله : كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه ، فجاء الإسلام فتشاغلتْ عنه العرب وتشاغلوا ب (الجهاد) وغزو فارس... وقد هلك العرب بالقتل (فى الغزوات) فحفظوا أقل من ذلك وذهب عنهم الكثير)) والسؤال الثالث : أليستْ الغزوات التى شنــّــها نبى الإسلام ضد قريش وغيرها من القبائل التى رفض أهلها دعوة الإسلام ، هى التمهيد للغزوات التى تمـّـتْ خارج قريش ومكة ؟ وهل اجبار القرشيين على الدخول فى الإسلام يختلف عن الأحداث السابقة قبل دعوة محمد ؟ فعندما تولى الملك (ذو نواس) وكان على الدين اليهودية ، ولما بلغه انتشار النصرانية (= المسيحية) بنجران ، سار إليهم بجند من حمير وقبائل اليمن ، فجمعهم ودعاهم إلى دين اليهودية ، وخيـّـرهم بين القتل أو الدخول فى اليهودية ، فاختاروا القتل ، فخـدّ لهم الأخدود ، فحرق بالنار وقتل بالسيف ومثــّـل بهم كل مُـثلة حتى قتل منهم قريبًـا من عشرين ألفــًـا (جواد على – تاريخ العرب قبل الإسلام – هيئة قصور الثقافة – عام 2011- ج3- ص167) أليس هذا ما تكرّر بعد الإسلام ؟ ولماذا لم يُـقنع نبى الإسلام القرشيين لدعوته بالكلمة الطيبة بدلا من الاعتداء على قوافلهم التجارية ؟ والسؤال الرابع : إذا كان هدف الإسلام (الأساسى) هو الدعوة إلى (التوحيد) أى عبادة إله (واحد) لا شريك له ، فهل تلك الدعوة كانت جديدة أم سبقتها دعوات سابقة ؟ ومن الأمثلة الدالة على ذلك النص الذى تركه (شرحبيل يعفر) وهو عبارة عن وثيقة تتعلــّـق بتصدع سد مأرب وإعادة بنائه. فى هذا النص وردتْ كلمات تــُـشير إلى عقيدة الملك وإلى انتشار عقيدة (التوحيد) بين اليمانيين حيث ورد فيه ((بنصر وردا الهن بعل سمين وأرضن)) أى (بنصر وبعون الإله سيد السماء والأرض) وكان تعليق جواد على ((فى هذه الكلمات اعتراف صريح بالتوحيد ودلالة على حدوث تطور خطير فى الحياة الدينية قبل الإسلام ، رغم أننا لا نستطيع أنْ نستنتج إنْ كان هذا الملك يهوديًـا أو (نصرانيًا) وكل ما نستطيع قوله هو أنه كان (موحدًا) ويدين بوجود إله واحد هو إله السماء والأرض (كما جاء فى النص) وفى نص آخر وردتْ فيه جملة (بردا رحمان) أى (بعون الرحمن) وذلك فى سنة 573 من التأريخ الحميرى المقابلة لسنة 458 ميلادى ، كما تمّ العثور على نص جاء فيه ((تبرك سم رحمان ذبسمين ويزرال والههمو رب يهد ذهرد عبدهمو وشهرم وامهو وحشكتهو شمسم واولدهمى. م م وابشعر)) وترجمته ((تبارك اسم الرحمن الذى فى السماء ويزرئيل (= يسرائيل) ورب يهود الذى ساعد (عبده) وزوجته شمس م م وكل بيته. ويظهر من كلمة (يزرائيل) أى إسرائيل ومن كلمة (رب يهود) أنّ (شهر) هذا كان يهوديًـا كما يُستدل من النص على وجود اليهود فى اليمن)) وفى نص رابع (سابق على الإسلام أيضـًـا) جاء فيه ((الرحمن رب السماء والأرض)) وكان تعليق جواد على ((هى عبارة تختلف عن العبارات المألوفة التى نعهدها فى النصوص (الوثتية) القديمة وتظهر منها فكرة التوحيد والابتعاد عن الآلهة القديمة ، غير أننا لا نستطيع أنْ نستخرج منها أنّ صاحبها كان يهوديًـا أو (نصرانيًـا) إنما نستطيع القول أنّ أصحاب هذا النص كانوا على دين التوحيد وكفى (جواد على – المصدر السابق – ص157، 161، 173، 195) كما أنّ لفظ (الله) ورد فى نصوص قديمة ، ويرى باحثون لغويون أنه تحوير للفظة (اللات) وفى نصٍ عبارة عن خصومة بين شخص من حمير اسمه (قرمل بن الحميم) وامرىء القيس الذى عايره بأمه السوداء فاستأجر من قبائل العرب رجالا وسار بهم إلى بنى أسد ، فلما انتصر امرىء القيس قال ((حـُـلــّـتْ لى الخمر وكنتُ امرأ / عن شربها فى شغل شاغل / فاليوم أشرب غير مستحقب / إثمًـا من الله ولا واغل)) (جواد على المصدر السابق ص257) وذكر جواد على الكثير من النصوص السابقة على الإسلام التى تؤكد على فكرة التوحيد فظهرتْ تعبيرات مثل (عبادة الرحمن) على أنه إله واحد وعبادة ( ذوسماوى) أى صاحب السماء أو إله السماء (المصدر السابق – ج1- ص68) وفى نص ورد فيه جملة (ملك سبأ وذى ريدان) وقبلها ثلاثة حروف هى (ح م د) أى حمد وفى نص آخر عبارة ((شكرًا له وحمدًا)) (جواد على – مصدر سابق – ج 2 ص 254، 255) إذن فإنّ مسألة (التوحيد) كانت سابقة على الإسلام ، فلماذا تمسـّـك محمد بها ، لعلّ الجملة التى قالها لعمه إبى طالب أنْ تكون فيها المفتاح لفهم سر الغزوات العربية ، حيث قال ((يا عم.. كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم)) فسأله (أبوجهل) ما هى قال ((لا إله إلا الله)) وقد أقرّ محمد الامتناع عن الحروب (بينه وبين القبائل العربية) فى الأشهر (الحرم) وهو نظام اخترعه العرب (السابقين على الإسلام) كهدنة طويلة يلتقطون فيها أنفاسهم (بعد الصراعات الحربية) فيما بينهم ، لذلك أصبح للحج دور كبير فى تجميع القبائل فى مكة.. ورغم ذلك فإنّ نبى الإسلام لم يلتزم بهذا النظام فحارب فى الأشهر الحرم ((ردًا على عدوان أو كسبًـا لقوة)) (د. عبد الهادى عبد الرحمن – جذور القوة الإسلامية - قراءة نقدية لتاريخ الدعوة الإسلامية- دار الطليعة للنشر- بيروت- عام 1988- ص 27، 31) وأضاف أنّ الغزوات التى تمّـتْ بعد الإسلام صُـبغتْ بنفس صبغة الحروب القبلية كمعركة بدر وأحد وغيرها ، أى هجوم بلا احتلال ، سوى احتلال وقتى للمواقع ثم الرحيل ، ولعلّ كثرة الحصون فى قرى الحجاز كانت تــُـعبر أصدق تعبير عن حالة تلك الحروب ، وتسبّـبتْ فى غزوة بدر) وذكر المؤرخون أنه كان بهذه القافلة ما يوازى خمسين ألف دينارًا ذهبيًـا ، حملها حوالىْ ألفين وخمسمائة بعير وكان يحرسها ما يقارب ثلاثمائة من الرجال الأشداء ، ولذلك اعتبر سادة قريش أنّ دعوة محمد تــُـهـدّد مصالح كبار تجار مكة (المصدر السابق – 32، 73) كذلك فإنّ ما حدث فى سقيفة بنى ساعدة عقب وفاة نبى الإسلام ، يُـعتبر مفتاحًـا ثانيًـا لفهم طبيعة وعقلية العرب من ناحية ، وفهم أسباب الحرص على السلطة من ناحية ثانية ، وأنّ الذى حسم الخلاف بين أبناء يثرب وأبناء مكة كان (السيف) وهو ما عبـّـر عنه سعد بن عبادة زعيم الخزرج الذى قال فى الاجتماع ((يا معشر الأنصار، إنّ لكم سابقة فى الدين.. واستقامتْ العرب لأمر الله طوعـًـا وكرهـًـا ، وأعطى البعيد (المقادة) صاغرًا داخرًا ، وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض ودانتْ بأسيافكم له العرب)) فردّ عليه أبو بكر قائلا ((نحن الأمراء وأنتم الوزراء)) ولكن الحبّـاب بن المنذر قال ((منا أمير ومنهم أمير)) فقال عمر بن الخطاب ((ومن ذا يُـنازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته ، إلاّ مُـدلٍ بباطل أو مُـتورّط فى هلكة)) فقال الحبّـاب ((لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم.. فإنْ أبوا (= رفضوا) عليكم ما سألتموه ، فاجلوهم عن البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم ، فإنّ بأسيافكم دان لهذا الدين من دان.. إلخ)) (المصدر السابق – ص 56) فى هذا النص الدليل الدامغ على 1- إنّ (السيف) هو (الحاكم) فى حسم أى صراع ، وقد تردّد الاحتكام إلى السيف مرتيْن : مرة على لسان سعد بن عبادة ومرة على لسان الحباب 2- أنّ العرب الذين دخلوا فى الإسلام (أيام محمد) دخلوه بقوة السيف ، والدليل على ذلك أنه عندما دخل محمد يثرب كان قد أهلكها صراع طويل بين الأوس والخزرج ، وقد انتهى بوقعة (بعاث) والتى قــُـتل فيها خلق كثير من أشراف الأوس والخزرج ولم يبق من شيوخهم إلاّ القليل ، وقد روى البخارى فى صحيحه عن عائشة أنها قالت ((كان يوم بعاث يوم قـدّمه الله لرسوله ، فقد قدم الرسول إلى المدينة وقد افترق ملؤهم وقتل سراتهم)) (السيرة النبوية لابن الأثير- ج2- ص175) وكان تعليق د. عبد الهادى عبد الرحمن ((فما أنْ التقط أهل يثرب أنفاسهم إلاّ وكان محمد قد قوى بما فيه الكفاية ، فرأوا أنفسهم يهرعون خلفه... وفوجئتْ (باقى القبائل) برؤوس تتهاوى وبسيوف تعمل فى صدورها ، فلم تملك إلاّ أنْ تــُـذعن لسطوة القوة الجديدة ، والتى هبـّـتْ ريحها فعصفتْ بنظامها القديم ، وما كان لها أنْ تنهض ثانية إلاّ وهى تحمل نفس الطابع الجديد ونفس الأسلحة فى مواجهة العالم الخارجى وإخضاعه لها)) (ص58- 59) وفى بداية الدعوة المحمدية كان ((الجهاد جدليًـا)) فكان محمد يُجادلهم بالقرآن ، ولكن بعد الهجرة من مكة إلى المدينة وبعد أنْ اطمأّنّ محمد إلى قوته (العسكرية المُسلحة) اختلف الوضع وفى هذا الشأن كتب طه حسين ((... ونستطيع أنْ نـُـسجـّـل مُـطمئنين أنّ هذه الهجرة وضعتْ مسألة الخلاف بين النبى وقريش وضعًا جديدًا ، جعلتْ الخلاف سياسيًا يعتمد على القوة والسيف بعد أنْ كان دينيـًـا يعتمد على الجدال والنضال بالحجة ليس غير)) (فى الأدب الجاهلى – ص119) وذكر ابن كثير (ج2- ص49) أنّ أبا لهب بن عبد العزى بن عبد المطلب قال ((يعدنى محمد أشياء لا أراها ، يزعم أنها كائنة بعد الموت.. تبـًـا لكم.. إلخ)) فنزلتْ ((تبـًـا يدا أبى لهب)) وكان تعليق د. عبد الهادى ((لعلّ كلام أبى لهب أنّ الجدل لم يتحول إلى أداة فعالة ، إلاّ بعد إضافة القوة إليه لتدب فيه الحياة ليصبح كائنـًـا حيًا مُسلحًا يضرب بأسنة السيوف وعنف الحراب ، فيقر حجة ويقوّض حجة أخرى)) (مصدر سابق- ص 77) وكان محمد يُـدرك أسباب إمتناع العرب عن دعوته فكان يقول لهم : لا أكره أحدًا منكم على شىء.. ولما تغيـّـرتْ موازين القوة أمر بقتالهم حتى يسلموا فرضخوا للسيف طوعـًـا أو كرهـًـا)) (ص78) وبلغة العلم كتب د. عبد الهادى ((علينا أنْ نـُـراجع كتب التاريخ وننكش فيها علــّـنا نجد ما يمكن أنْ يُـجيب عن (بعض الأسئلة) لكن للأسف لا تقرأ سوى أنّ العقيدة قد ملأتْ أهل يثرب فاستهانوا بكل شىء ، بحاجاتهم وتاريخهم وتراثهم ودنياهم وناصروا الوافدين عليهم المُـلتجئين إليهم بلا تردد وأعطوهم عقولهم يتصرفون فيها كما شاءوا ، ونصف نسائهم ينكحونهن ، وأرضهم يشاركونهم فيها رزقها وخيرها)) (ص85) وما ذكره د. عبد الهادى ورد فى سيرة ابن هشام وابن كثير وابن اسحق لمن يود التأكد من ذلك. وفى تفسير الطبرى للقرآن ذكر أنّ جابر بن عبد الله قال ((بينما النبى يخطب يوم الجمعة ، جاء عير المدينة ، فابتدرها أصحابه حتى لم يبق منهم إلاّ إثنا عشر رجلا أنا فيهم وأبو بكر وعمر. فنزل القرآن ((وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًا.. إلخ)) (سورة الجمعة/ 11) وقد تألم النبى من موقف صحابته فقال ((والذى نفسى بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى معى أحد منكم لسال بكم الوادى نارًا)) وبعد غزوة بدر والفدية التى قـدّمها الأسرى ، حدث أنّ سبعة من المُهاجرين كانوا ينفقون على الأسرى (المشركين) منهم أبو بكر وعمر وعلى والزبير وابن عوف.. إلخ فهل كان رصيدهم يسمح بذلك ولا سيما وأنّ عدد الأسرى بلغ سبعين رجلا ؟ وأنّ ذلك أثار ثائرة الأنصار فقالوا : قتلناهم فى الله ورسوله وتوفونهم بالنفقة ؟ ورغم منطقية غضبهم فإنّ العصبية العربية/ الرعوية كانت تفعل فعلها ، فجاء القرآن ووصف ما حدث فقال ((يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا.. إلخ)) (سورة الإنسان / من 7- 12) ويرى د. عبد الهادى أنّ نبى الإسلام وضع فى اعتباره انتقام قريش منهم قبل كل شىء ، محاولا أنْ يكسب الأسرى فى صف المهاجرين رغم غضب الأنصار. وتروى بعض كتب التراث العربى / الإسلامى ، أنّ النبى قد آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع الأنصارى ، فقال له سعد ((أخى أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالى فخذه ، وتحتى امرأتان (أى أنه مُــتزوّج من امرأتيْن) فانظر أيتهما أعجب لك أطلــّـقها وتتزوّجها)) فردّ ابن عوف قائلا ((دلونى على السوق)) وخرج إليه فاشترى وباع وربح.. وبسبب غنائه الفاحش قال له النبى ((إنك ستدخل الجنة حبوًا.. فاقرض الله يُـطلق قدميك)) (خالد محمد خالد فى كتابه " رجال حول الرسول " – ص 588) وقد اتهم بعض الكتاب المعاصرين لنا عبد الرحمن بن عوف بأنه أحد مُـدبرى إغتيال عمر بن الخطاب ، فكتب ((فقد انتقل هذا الصحابى شديد الثراء فجأة إلى واجهة الأحداث بعد أنْ عاش فى الظل طويلا منصرفــًـا إلى شئونه المالية والتجارية ، والتى أصاب فيها الموقع الأقوى منذ الهجرة إلى المدينة)) (د. إبراهيم بيضون فى كتابه " تكوّن الاتجاهات السياسية فى الإسلام – ص 101 نقلا عن د. عبد الهادى عبد الرحمن – مصدر سابق – 89) ويرى د. عبد الهادى أنّ حالة القحط والجوع جعلتْ نبى الإسلام يـُـخاطب ربه قائلا ((اللهم إنهم جياع فأشبعهم ، اللهم إنهم عراة فاكسهم ، اللهم إنهم ضعاف فقوّهم)) فاستجاب ربه وقال فى قرآنه ((ولنبلــُـونــّـكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشـّـر الصابرين)) (البقرة/ 155) ونظرًا لهذا (الجوع) الذى كان السمة السائدة فى قريش وغيرها من القبائل العربية ، أقدم محمد (نبى الإسلام) على الخطوة (الحاسمة) فاعترض أكبر قافلة تجارية فى مكة ، وقطع عليها الطريق للسيطرة عليها ، ورُوى عن أبى أيوب الأنصارى أنه قال ((قال لنا رسول الله ونحن بالمدينة ، وبلغه أنّ عير أبى سفيان قد أقبلتْ ، ما ترون فيها ؟ لعلّ الله يغنماها ويُـسلمنا ، فخرجنا ، فلما سرنا يومًا أو يوميْن ، أمرنا الرسول أنْ نتعاد (أى نستعد) ففعلنا فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فأخبرنا النبى بعدتنا فقال : ما ترون فى القوم ، فإنهم أخبروا بمخرجكم ، فقلنا يا رسول الله ، لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم ، إنما خرجنا للعير. فقال النبى : ما ترون فى قتال اليوم ؟ فقلنا مثل ذلك ، فقال المقداد : لا تقولوا كما قال أصحاب موسى لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنــّـا هاهنا قاعدون ، فنزل القرآن بتأييد موقف محمد ووصف المُـخالفين لرأيه ((إنّ فريقــًـا من المؤمنين لكارهون يُـجادلونك فى الحق.. إلخ)) (الأنفال/ من 5- 8) وأعتقد أنّ قطع الطريق على قافة تجار مكة بقيادة أبى سفيان ، كانت البداية الحقيقية لتدشين (دولة محمد) بفضل قوته المُـسلحة وانتصاره على من أطلق عليهم (كفار قريش) فسيطر على تجارتهم ، وبعد هذا الانتصار (الساحق) وما تبعه من السيطرة على باقى القبائل العربية ، بدأتْ المرحلة الثانية ل (دولة الإسلام) أى مرحلة غزو الشعوب المُـتحضرة (فارس والشام والعراق ومصر) للاستيلاء على مواردها الطبيعية ، وكانت الوسيلة هى (السيف) أى القوة العسكرية ، وهكذا انتشر الإسلام تحت راية (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الآخرة فى أساطير الشعوب والديانة العبرية
-
جذور الصراع بين الرعاة والزراع
-
الولع بالدمار فى الأساطير وفى الديانة العبرية
-
جذور أسطورة الطوفان
-
التكوين الكنعانى والتكوين التوراتى
-
الأساطير بين الأديان وانتاج الشعوب
-
الديانة العبرية والموقف من مصر
-
المخابرات الأمريكية وصناعة الإسلاميين
-
زهران وخميس والبقرى
-
المتعلمون المصريون والهوس بالأصولية الإسلامية
-
الفنون والثقافة القومية لا الأديان
-
قراءة فى أحاديث البخارى المتنوعة
-
نبى الإسلام المميز فى البخارى
-
المُطلق فى أحاديث البخارى
-
أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)
-
البداوة فى صحيح البخارى (6)
-
الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5)
-
العبودية فى صحيح البخارى (4)
-
البخارى وأحاديثه عن الغزو (3)
-
قراءة فى صحيح البخارى (2)
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|