بشاراه أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 14:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دحض شبهة سورة الإخلاص وإعادة الشبهة إلى أهلها (جزء أول):
إن من أعجب وأغرب عجائب وغرائب هذا القرآن هو إعجازه في إفحام أعدائه ثم إحباطهم بجعلهم يركضون وراءه زمراً يطلبونه حثيثاً فيجدون أنفسهم هم الملاحقون المطلوبون منه وبه وله,,, والشيء المدهش حقيقةً أن هؤلاء الأعداء لا يغمض لهم جفن, ولا تستكين لهم نفس, ولا يهدأ لهم بال, بل ولا يألون جهداً أو ملكة من ملكات المكر والدهاء والحيلة والغش والتحايل والمكائد البالغة في الخبث والتخابث,,, إلَّا وجربوها فلم تغن عنهم من الله شيئاً.
وعلى الرغم من أنهم يكونون في كل مرة ومرات متيقنين – وفق كل حساباتهم وتجهيزاتهم وإعداداتهم الكثيفة "المجربة" - من أنها كافية هذه المرة لتحريك جبل أفرست من مكانه وإذابته في المحيط الهادي, ولكنها مع ذلك فهي لا تزحزح هذا القرآن من رسوخه قيد أنملة أو ما دونها, والمعلوم أن المحاولات الجادة والمكثفة والعنيدة والمتواصلة لم تفتر أو ينقطع تسلسلها أفقياً ورأسياً منذ قوله تعالى "إقرأ باسم ربك الذي خلق", ولا صبنت للحظة واحد ولكن النتيجة دائماً وأبداً والمحصلة النهائية هي نفسها (عودة الضالين المضلين المحرفين إلى ما دون المربع الأول) مع إرتفاع مشهود ومقدر في رصيد الإحباط والخيبة والندم لديهم.
ولعل الذي قضى عليهم أن يُحبسوا في أرض التيه أربعين عاماً, قد قضى عليهم أيضاً دخولهم في نفق الضلالة - بالتيه الفكري والوجداني - ما بقي للدنيا من عمر, كلما أشعلوا ناراً للفتنة والكيد للإسلام أطفأها الله بأيديهم ثم أشعلها في أطرافهم وبداخل وجدانهم غيظاً وإحباطاً وحرقة.
نعم والله,, إنه لدين غريب حقاً,, إذ أن دقة إحكامه تجعل من المستحيل تمرير المكائد عليه, بل تتكسر النبال حوله ولا تصيبه أو تسبب له قلقاً وإزعاجاً. فلو حاولنا إحصاء الأقلام التي وجهت بكُلِّياتِها للنيل منه وتحريفه والإساءة إليه,, والمعاول الهدامة "الجادة والجبارة" التي تسعى لإزالته من خارطة وفضاء البسيطة, والأموال الطائلة المسخرة لذلك,, ومردة شياطين الإنس والجن المتمرسين المجندين بكامل طاقاتهم لإلحاق الضرر به بأي كيفية أو درجة.... لاستحال على أحد إحصاءها,, ومع ذلك تدور الدائرة على أعوان الشيطان وتختم أعمالهم بالإحباط التام.
والأغرب من كل هذا أنه ليس لديهم تبرير كاف لهذا العمل العدواني. فهذا الدين هو ملك للبشر كل البشر, والمطلع عليه إجمالاً وتفصيلاً يجده يقف من كل البشر أفراداً وجماعات على مسافة واحدة تؤكد سعيه لضمان الحرية والعدل والإنصاف والسلام لهم جميعاً فلا أدري لماذا تنقض الغازلة الحمقاء غزلها بيديها من بعد قوة "أنكاثاً"؟ فهل هو الجهل, أم الشقوة والتعاسة, أم إستحواذ الشيطان وتمكنه من عدوه اللدود ولد آدم الذي نال الخلافة في الأرض التي كان يطمع ويطمح إليها فدفعته نفسه الخبيثة إلى معصية ربه فطرد من رحمته, فقرر أن يآخذ معه أكبر قدر ممكن من ولد آدم إلى مصيره المشئوم المحتوم, فصدق إبليس في الفاسدين المفسدين المضلين ظنه فإستعبدهم وإستخدمهم.
فالجعلان – من خلال موضوع له آخر سماه (سؤال جرئ 296 سورة الإخلاص), - يقول فيه:
1. (... سورة الإخلاص « تشكل ثلث القرآن » وتدعى سورة الأساس، يعني أنها أساس الإسلام،
2. فهل يفهم المسلمون ما جاء في سورة الأساس؟ .....
3. أم أن أقوال المفسرين متضاربة بخصوصها؟
4. هل أتت سورة الإخلاص بأي جديد لم يعرفه المسيحيون أو اليهود قبلهم؟...).
أسئلة ساذجة غبية,, أغرب من الخيال!!! فهو على أية حال, يريد – ببساطة - أن يخوض في هذه السورة المحورية التي يتلخص فيها كل التوحيد الخالص لله وحده دون سواه من الأزل قبل خلق آدم نفسه,, فهي أكبر بكثير من أن يستوعبها أمثاله, لأن الذي يمن الله عليه بإستيعابها بحق لن يسعه أن يبقى خارج بؤرة التوحيد الخالص له سبحانه وتعالى,,, فكيف بمن كتبت عليه التعاسة فحرم منها ومن نورها المبين وأُغْلقت دونه؟؟؟
فلو كان يعرف معناها لأدرك بأنها جاءت لتنسف فكرة البنوة والأقانيم والتثليث من جذورها وتؤكد مدى الضلال والإضلال الذي يترتب على هذه الإدعاءات القبيحة الضالة التي لن يستطيعوا أن يقدموا برهاناً عليها, فليس لديهم سوى الإدعاء ولا يسنده سوى الظن,, وإن الظن لا يغني عن الحق شيئاً. قال تعالى لنبيه الكريم: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين), فلم ولن يستطيعوا ذلك أبداً لأنهم لا يملكون المرجعية أساساً لذا يلفون ويدورون حول القرآن يستجدونه ولا يستشهدون بكتبهم ومراجعهم لأنهم يعرفون أنها لن تفيد شيئاً,,, والدليل أننا نتحداهم ونستفذهم ليُفَعِّلُوا ما عندهم إن كانوا صادقين.
واضح هنا أن رشيدهم يعبر عن جهله بمعاني المفردات العربية ومدلولاتها عندما وقف عند كلمتي "أحَد" و "صَمَد", في هذه السورة الكريمة فأراد أن يهمم هذا الجهل على البسطاء من العامة والمدعين الثقافة والعلم والحداثة ليضلهم عن سبيل الله بإفكه ودجله وجهالته,, فإدعى الآتي:
أولاً: قال:
1. إنَّ سورة الإخلاص ليست موحاة من عند الله، هكذا بدون أي مقدمات ولا براهين ولا مرجعية,
2. ثم حاول جاهداً الخوض في مفرداتها الأساسية ليوهم البسطاء العامة بأنها غير عربية،
3. ثم بعد ذلك إدعي بأن النبي الكريم الخاتم رآها معلقة على أبواب دور اليهود وسمعهم يرددونها فأخذها منهم وألَّفَ منها سورة الإخلاص وهو لا يعرف أن فيها كلمات سريانية تشهد بالثالوث "المفترى لديهم"،
4. ليس ذلك فحسب بل جاء بفطاحلة الجهلاء المجهلين المجهولين, والمزورين ليستشهد بهم ويشركهم في جريمة التزوير والتحريف والدجل,,, "بإسم العلم" ليدعي بدوره أن كلمتي "أحد" و "صمد" مفردات سريانية وليست عربية..... وسنريهم عربيتها حتى النخاع وإن كانت لا تحتاج إلى دليل أو برهان لمن يعرف اللغة العربية ومعاني مفرداتها والإشتقاق من مصادرها.
فصال وجال هو وزمرته في مسرحيته التلفزيونية تلك حتى صدقوا أنفسهم في ذلك التلفيق الغبي الساذج الذي سنقلب به الطاولة عليهم بإذن الله تعالى "بالعلم والتحليل والموضوعية" ثم البرهان.
(أ): طبعاً, هكذا بالنسبة لهم!!! ما دام أن رشيدهم قال إن سورة الإخلاص ليست موحاة من عند الله,, إذاً لا بد من أن يكون الأمر كما قال, بل وعار على أي شخص يطالبه بأي دليل أو برهان, فما دام أن السورة « تُشَكِّلُ » ثلث القرآن "على حد زعمه",, فلا أظنه الأمر يحتاج - لدى هؤلاء الطباخين - إلى إضافة مجهود وبحث لإثباتهم للعامة أن القرآن كله ليس موحىً من عن الله, وتسدل الستارة على المسرحية المكونة من مشهد واحد.
(ب): فما دام أن سورة الإخلاص لديهم ليست موحاة من عند الله,, كما يدعي رشيدهم المرشد,, فما الداعي لضياع الوقت في البحث عن مفرداتها إن كانت سريانية أو عربية,,, فما دام انها مجرد نص أدبي فكري لبشر بدوي من الصحراء,,, إقتبسه من اليهود والنصارى وصاغه من كتبهم السابقة كما يأفكون,,, فما المانع من أن يدخل الأديب أو الكاتب أو المؤلف "المقتبس" مفردة أو أكثر من العبرية والسريانية, وما الذي يضير رشيد إبتداءاً من عمل أدبي أحلاه هو أكذبه؟؟؟ ..... ولماذا يعقد الندوات والجلسات والإجتماعات المطولة زمناً وعدداً وعدة وعتاد,,, أليس هذا كله دليل على أنهم أمام أمر عظيم أكبر بكثير من من مجرد نص مقدور على تحريفه كما فعلوا بغيره بمهنية وإقتدار؟؟؟
هنا يحضرني سؤال جريء حقيقي – موضوعي ومنطقي - موجه لرشيد المرشد الراشد وشيخه زكريا بطرس مباشرة وأبطال مسرحية قناة الحياة, يقول: ما دام أن النبي الخاتم محمد قد ألف القرآن الكريم من كتبكم التي إطلع عليها, وعلَّمَهَا له أربابكم من الأحبار والرهبان, وأنه وجد سورة الإخلاص معلقة في أبواب اليهود فأخذها وألف منها القرآن العظيم بلا, بلا, بلا,,, كما تدعون ويسرح بكم خيالكم المريض السخيف إذاً (لماذا لا تأتوننا بالنسخة الأصل من "التوراة" والنسخة الاصل من "الإنجيل" بدلاً من جلسات النفاق والدجل والشعوذة التي يجلسها بطرسكم ورشيدكم الذين لا مصداقية ولا أمانة علمية تشهد لهما بذلك؟؟؟؟؟؟؟), ما لم يأتوا بها على أعين الناس ليصدقونهم, فمصداقيتهم باتت على المحك.
أين المصادر الحقيقية من التوراة والإنجيل يا رشيد ودعك من الدجل الذي أنت فيه, ألم تفهموا قول الله تعالى لرسوله الخاتم "متحدياً" معجزاً لكم, ومبينا أن هذا القرآن فيه ذكر كل الأنبياء والرسل وأممهم الذين سبقوا, فلن تستطيعوا أن تبرهنوا على غيره أبداً,, قال تعالى لرسوله الكريم:
في سورة الأنبياء: (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ 24),,
- فهل لديكم من برهان على الآلهة التي إتخذتموها أرباباً من دونه؟؟؟ فإن كانت لديكم هذه البراهين في الكتب السابقة عليها وقد طلبت منكم - "تحدياً وإعجازاً وإحراجاً وتكذيباً" - فما الذي يمنعكم من الإتيان بها لتحسموا القضية وترفعوا الستار بدلاً عن اللف والدوران الذي لن يوصلكم إلى شيء سوى الخزي والعار والحرج؟
- وما دام أن النبي الخاتم قد وجد سورة الإخلاص معلقة على أبواب اليهود فأخذها وحفظها وألف منها هذا القرآن العظيم والصرح الشامخ الذي أعجز فطاحلة وعمالقة لغة الضاد, بل وأعجز عباقرة وعمالقة أهل التشريع بأحْكَامِهِ وبإحْكَامِهِ وجرأته وهيمنته,,, فلا بد من ان تكون موجودة هناك في الكتاب المقدس بعهديه القديم والحديث,,, المنطق يقول ذلك أليس كذلك؟؟؟؟ ...... إذاً أنا كباحث أريد أن تدلني عليها,,, فقط أذكر لي السفر والإصحاح وأنا أعفيك من العدد لأنني سأبحث عنها بنفسي مرات ومرات ومرات أخرى لأنني لم أجدها حتى في التلمود, فأين هي يا رشيد وزكريا؟؟؟
أليس غريباً أن يعلق اليهود والنصارى سورة الإخلاص على أبوابهم ويرددونها فيما بينهم لدرجة أن الغير يوثقونها في كتاباتهم وهم لا يسجلونها في توراتهم وإنجيلهم؟؟؟ فالسؤال الجريء الحقيقي هو:
عدم وجود سورة الإخلاص في كتابكم المقدس لديكم بعهديه كما تدعون,, وهذه هي الحقيقة:
1. هل "سقط سهواً وإهمالاً"؟
2. أم "أسقط عمداً وقصداً" تحريفاً؟؟
3. أم أنتم تدعون وتكذبون على البسطاء لتضلوهم عن سواء السبيل؟؟؟
لاحظ أن الإجابة على هذه الأسئلة إلزامية إن كنت صادقاً في توجهك وتسعى لخير الناس,,, وإعلم أن عدم إجابتك وتفاعلك يعتبر - لدى العقلاء والباحثين عن الحق والحقيقة - إجابة كاملة منكم.
(ج): ها هو ذا رشيد يتناقض مع نفسه, ويكذب ما قاله من قبل وهذا أمر طبيعي عندما تكون المرجعية هوى النفس والتلفيق (يكاد المريب أن يقول خذوني),,, تماماً كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا,, فبعد أن إدعي بأن السورة ليست موحاة من الله,, عاد وإدعى بأن النبي الكريم الخاتم رآها معلقة على أبواب دور اليهود وسمعهم يرددونها فأخذها منهم وألف منها سورة الإخلاص وباقي ثلثي القرآن وهو لا يعرف أن فيها كلمات سريانية «« تشهد بالثالوث »», فبهذا وضع أمامنا أحد الإحتمالات التالية:
1. إما أن تكون السورة غير موحاة من الله كما إدعى أولاً,, وهذا يعني أنها ليست من التوراة التي يدين بها اليهود, وكانت المعلقة عبارة عن تميمة يعلقها أولئك اليهود على أبوابهم ليس لها صلة بالتوراة, وهذا السيناريو يكذبه في إدعاءات لاحقة سنذكرها في حينها,
2. أو أن تكون موحاة فعلاً من عند الله في التوراة, وكان اليهود يعلقونها على أبوابهم,, لأنها في هذه الحالة - إن كانت موحاة وجزء من التوراة - يكون قد كذب نفسه في إدعائه الأول الذي قال فيه إنها "ليست موحاة من الله", بغض النظر عن وصولها إلى النبي الخاتم بالكيفية التي إدعاها أو بغيرها,
3. أو,, لو كان صادقاً في أي من الإحتمالين المتناقضين السابقين, أو فيهما معاً (مع الإستحالة طبعاً), فما علاقة اليهودية "بالثالوث" النصراني؟, حتى تتضمن معلقاتهم اليهودية مفردات تشهد للنصرانية بالتثليث المفترى, الذي لا يعترفون به وبيسوعهم؟؟ ..... فهل نفهم من ذلك أن رشيد إستطاع أخيراً أن يثبت وحدة اليهود مع النصارى؟؟؟, علماً بأن هؤلاء اليهود لا يعترفون بيسوع إبتداءاً, بل يقولون فيه وفي أمه "البتول" ما يقولونه,,, فما هذا العك وهذا التناقض الفضائح يا أبا رشد؟؟؟
على أية حال,,, فلنرى معاً، كيفية وآلية الإعتداء الذي وقع - من قبل - على التوراة والإنجيل بالتحريف والتأليف والتجريف, والآن تجري نفس العملية مع القرآن الكريم، ظناً منهم وتوهماً بأنهم يستطيعون ذلك، وقد أكدنا لهم مراراً وتكراراً إستحالة المستحيل عليهم وعلى غيرهم، ولكنهم مصابون بداء العمه وشبق الفساد والإفساد المتعاظمين.
ألم يقل الله تعالى في سورة القلم: (فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ «« سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ »» 44)؟, وها هو ذا قد إستدرجهم كما إستدرج الذين من قبلهم, وقال عن إمهالهم والصبر عيهم وتأخير العذاب عنهم: ( « وَأُمْلِي لَهُمْ » إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ 45)؟؟؟ ..... وقد فعل سبحانه بهم ما توعدهم به، فهم الآن يتخبطون هنا وهناك، والله ربك لهم لبالمرصاد فيكشف ستر جهلهم ونفوسهم العدوانية و يبين خطورتهم على البشرية جمعاء والحياة عموماً، ثم أكد لهم بأن الفشل فألهم دائماً.
ثانياً, قال رشيد: (... الغريب أن علماء الإسلام لا يعرفون لماذا سميت سورة الإخلاص بهذا الإسم ...) يا له من إنجاز وإعجاز عظيم يحسد عليه،, فجمع فأوعى من إجتهادات العلماء وغير العلماء والمرتزقة وغيرهم من المتنطعين,, حول كل ما يتعلق بكلمة صمد، وظن جهلاً أنهم لا يعرفون معناها وذلك لأنهم قد توسعوا كثيراً في شمولية معانيها، ليس من عند أنفسهم ولكن من القرآن الكريم ومن اسمائه الحسنى وصفاته العلا ثم من لغة العرب الفصحى بمعاجمهم الثرة, لذا:
1. فمن قال منهم بأنها سميت بذلك لأن فيها إخلاص التوحيد والتنزيه لله فقد صدق، لأنه نظر إلى الغاية دون التركيب,
2. ومن قال بأنها مخلِّصَة للإنسان ومُنْجِنة له من غضب وعذاب الله فهذه عين الحقيقة، لأنه قد نظر إليها من زاوية التبعة التي تترتب على موقف الإنسان منها سلباً وإيجاباً,
3. ومن قال لأنها خالصة لله فقد صدق أيضاً. لأنها جاءت لتخلص التوحيد الخالص من براثن الشرك المركب من البنوة المفتراة والأقانيم المدعاة التي جعلت مع الله إلهاً آخر.
4. والمطلع على المعاجم سيجد أن كمة "الصمد" هي الوحيدة التي قادرة على الوقوف بحزم وحسم في وجه الشرك المركب الذي اتى به "بعض" النصارى فنسخته وأعادت المياه إلى مجاريها, والأمور إلى سيرتها الأولى.
فأقوال هؤلاء العلماء حول كلمة "الصَّمَد" لم تكن تخبطاً وحيرة في معانيها التي لا تنقضي أبداً لسبب بسيط، لأنها استخدمت هنا صفةٌ وإسمٌ للذات الإلهية السامية، فالمسلم محظور عليه أن يتفكر في ذات الله تعالى فيضل ضلالاً بعيداً، لأن أي فكرة تطرأ في ذهن أي مخلوق تكون ناتجة عن "حادث مخلوق" سواءاً أكان قد رآه أو سمع عنه أو صوره له خياله، وهذا كله وغيره بالطبع ليس من ذات الله تعالى, لأنه متعلق بالحوادث والأشياء المخلوقة وذات الله غير ذلك تماماً.
وليس مسموحاً حتى مجرد التفكر فيها وحصرها في صورة كيان يمكن إدراكه بالحواس المدركة للماديات والمحسوسات, ويكفي قوله تعالى عن نفسه في سورة الشورى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ «« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »» 11). أما صفات الكمال فكلها تليق به سبحانه، ويستحيل في حقه أي صفة نقص أو عجز. هذه عقيدة آدم ولم يخالفه فيها نبي ولا رسول إطلاقاً.
كما هو مؤكد: فإن هذه السورة "تَعْـــــدِلُ" ثلث القرآن" - (وليست " تشكل" ثلثه كما يأفك هذا الدعي الجاهل الذي لا يكاد يفرق ما بين كلمتي "تعدل" و " تشكل" في فقه اللسان العربي المبين) ولا نستبعد أن يقول بأن كلمة "تعدل" سريانية وأن الكلمة العبية الصحيحة هي"تشكل", إن وجد لها إستخدام في مشروعه الإستئصالي العدواني المبين - إذن، لا بد من وجود معطيات لأي كلمة من كلمات هذه السورة الكريمة المعجزة بعدد من الآيات لا يمكن حصره لتحقق هذا العدل.
فهم لا ينظرون إلى الكلمة في إطار السورة فقط، ولكن في سعة ثلث القرآن, الذي ينفرد "بتوحيد الله تعالى" فقط, وأما الثلثان الباقيان فهما "للبِشَارة" و "للنِذارة", وقد كلفت بهما الأنبياء والرسل. إذاً فالقرآن الكريم قد جاء لتحقيق ثلاثة قيم هي (أمْرٌ بالمَعْرُوفِ, ونَهْيٌ عن المُنْكَرِ, وإيْمانٌ بالله خالصاً), فمن إجتمعت فيه هذه القيم السامية العالية كان من الذين قال الله فيهم في سورة : آل عمران: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ « تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ » « وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ » « وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ » - وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ 110), فإيمانهم قد يدخلهم في خير أمة.
واضح أن الثلث الأخير من قوله تعالى: « وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ »,, يستحيل أن يتحقق بدون إستيعاب سورة الإخلاص ثم العمل بها بصدق وإخلاص الوحدانية "المطلقة" لله تعالى,,, وهذا الإخلاص يستحيل أن يتحقق بدون العمل بمقتضى الثلثين الأولوين من القرآن الكريم,, هما قوله تعالى: « تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ » و « وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ». ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ويقول رشيد إنه سيطرح الأسئلة الصعبة التي يتحاشاها الجميع،, فهذه وجهة نظره هو ولكنها بالنسبة للمسلمين عادية وليس هناك ما يجعلهم يتحاشونها أو يخشون منها أو يمارون فيها، لأن الله تعالى قد أنزل القرآن "علناً" ليس فيه شيء غامض أو خفي، لسبب بسيط لأن الله قد جعله إما حجة على الناس أو حجة لهم، فكيف تكون الحجة ملزمة إن لم تكن مفهومة, وواضحة ومباشرة؟ ..... فالقرآن معروض للدراسة والتمحيص "عالمياً" للذكر والأنثى على حد سواء ومستوٍ إستواءاً تاماً كاملاً.
ثانياً: الله لا يقبل قراءة القرآن بتحريك اللسان والتعجل في قراءته بل يحث الناس ليس على الإستماع فقط بل على "الإنصات" ثم التدبر، فيقول بوضوح في سورة القيامة: ("لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16)، (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ 17)، (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 18)،، (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ 19)،، (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ 20)، فلا مجال لأحد أن يتحاشى مواجهة النفس والآخرين بالقرآن الكريم بل عليه الإستماع لكل مستفسر أو متشكك أو ملحد أو مشرك بالله، وتحمله, والصبر عليه, وتوصيل مقاصد القرآن وهديه إليه بكل صبر وأناة ومسئولية بما يكفي لهديه أو لتقام عليه الحجة, ولا شأن له بالنتائج فهي من الله وإليه.
فإن قصَّر الكهول أوالشيوخ أو غيرهم في كشف كل شيء لأي شخص يستفسر وتقديم المعرفة له أثِمُوا وقامت عليهم الحجة هم أنفسهم, وحاسبهم الله على تقصيرهم. يقول تعالى في سورة الأعراف: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 204)، فهل في رأيه أن الذي يتحاشى عرض القرآن وتسهيل الوصول إليه يستطيع تفادي هذه الآية الكريمة ويجد لنفسه تبريراً يخرجه من المؤاخذة أمام ربه؟
أما إدعاءه بأنه لا يقبل بالمسلمات، فإن هذا – من حيث المنطق - نؤيده فيه 100%، فهذا هو منهج الصادقين الذين بالطبع هو ليس منهم ولعله لن يكون كذلك لموقفه العدائي الرافض للحق وأهله. إذاً,, فقط عليه أن يلتزم هو بهذا المبدأ "ظاهرياً" لمجرد حفظ ماء الوجه, والحفاظ على المصداقية والموضوعية، وأن يظهر حقيقته بغير التي تبدوا لنا الآن. إذن فلنلتزم جميعاً بالشفافية والموضوعية وإخلاص النية (لتحري الحقيقة والحق),,, أو على الأقل, ستكون هذه هي المعايير التي سنتعامل بها معهم ومع غيرهم, لأنها بالنسبة لنا منهاج ودين.
وليته يضع كل شيء تحت المجهر بأمانة وشفافية لا أن ينتقي نتافات من هنا وهناك لغاية في نفسه ويجعلها دليل أو شاهد على ما يدعيه. فعليه أن يكون أكثر حرصاً لأنه الآن قد فتحت كل الملفات لذا لن يكون هناك شيء خارج دائرة المجهر. فهو يخاطب كل الناس من منبر عام مسموع ومشاهد، وعليه أن يتحمل مسئولية النتائج المتمخضة عن ذلك أمام الناس والتاريخ ثانياً وثالثاً. فالسؤلين الذين طرحهما نراهما منطقيين وطبيعيين للغاية بالنسبة لنا، وليس فيهما أي صعوبة "على الإسلام"، إلا إذا كانت هذه الصعوبة عليهم هم، فهم المسؤلون.
يقول في سؤاله الأول: (... هل فعلاً أتى الإسلام بأي جديد في سورة الإخلاص ...)؟؟؟
نقول له وبالله التوفيق والسداد,,, هذا سؤال منطقي للغاية، بل نشكر الله تعالى أن جعله يطرحه بهذه الكيفية المباشرة. وسيجيبه تعالى من كتابه الكريم مباشرةً . فإجابته لها شقان:
الشق الأول: هو أن هذه السورة بجانب أنها من أهم السور القرآنية فهي أيضاً أساس خلق الخلق، ولم يختلف حولها أي من الأنبياء والمرسلين بل جميعهم جاءوا بمضمونها كاملاً، وغايتها السامية، وبشَّرُوا بها دون أي زيادة أو نقصان في مدلولها وغايتها بقولهم لأقوامهم (وإلهكم إله واحد), وإن إختلف نصها للضرورة.
فالله لا يقبل من أحد غيرها.
والمسلمون يؤمنون قطعاً بأنها غاية ومنهج نوح، إلى عيسى ومَنْ جاء بينهم من أنبياء بني إسرائيل عليهم الصلاة والسلام,, تماماً كما نزلت على النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم, ولكن صيغة (وإلهكم إله واحد) لم تعد كافية بعد ألإختلال العقدي التوحيدي الذي أحدثه عبث بعض النصارى في توحيد الله الخالص, فقالوا بالبنوة وبالتثليث والإحلال,, حتى أصبحت عبارة (وإلهكم إله واحد), لا و لن تحقق الإخلاص لله تعالى, بسبب الإفتراءات التي أضافوها لآية التوحيد فكانت سورة الإخلاص بأركانها الأربعة: (الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفواً أحد), ناسخة ومنسية لهذا الإدعاء والإضافة الشركية.
وسنرى تفصيل ذلك لاحقاً, حتى يعرف رشيد وشيخه الضال المضل معنى إسم السورة وهدفها وإثبات إستحالة أن يعرفها اليهود والنصارى قبل إيحاءها لمحمد الخاتم, لأنها إحدى أدواته وآلياته لإعادة الناس إلى آية التوحيد (وإلهكم إله واحد), بعد إزالة تخريف النصارى الثالوثي الإحلالي.
ألم يقل الله تعالى في سورة آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ..)؟؟؟،
- فهل هناك كلمة بيننا وبينهم سوى كلمة واحدة فقط هي توحيد الله بقولنا وإياهم: (لا إله إلَّا الله)؟ إعترافاً وإلتزاماً بقوله: (وإلهكم إله واحد), والعمل بمقتضاها؟
- وهل هناك كلمة توحيد أكبر من قولنا للمؤمن: "قل هو الله أحد"؟؟؟ ..... لإبعاد وإزالة شائبة الشرك الثالوثي والبنوي والإحلالي من خارطة الإيمان وبيضته؟؟؟
- وهل هناك تأكيد لصدق الكلمة إن لم نخلص العبادة له وحده ولا نشرك معه فيها أحد و: (... أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ...)؟؟؟
- لأنه واحد أحد يستحيل أن يكون مركباً من أجزاء أو يمكن إنقسامه إلى أجزاء,, وبالتالي لا بد من أن يكن "الله الصمد"، الذي لا يقبل دمجاً مع غيره ولا إنقسام ولا إحلال.
- لأنه هو الخلاق العليم الذي خلق كل شيء وليس له في ذلك ولا في غيره أي شريك, وبالتالي هو صاحب الحق في أن نعبده لذاته وحده: (... وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ...) لا بنت ولا إبن ولا ند ولا تركيب من أقانيم.
- ولأنه سبحانه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً فهو: (... لم يلد ولم يولد ...)،، وليس له مثيل ولا شريك أو شبيه لذا: (... ولم يكن له كفواً أحد).
ثم يأمر الله نبيه الخاتم محدداً له مهمته المحصورة في تذكيرهم فقط - ولهم الخيار قبولاً أم تولية وإدباراً - قال: (... فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 64),,, ثم الإعراض عنهم وتركهم لشأنهم, فإنهم بإعراضهم لن يضروا الله شيئاً.
فإن عاد النصارى إلى رشدهم وصدقوا بأن عيسى بن مريم إنما هو بشر ممن خلق, وهو عبد الله ونبيه ورسوله, وهو من الكرام "أولي العزم من الرسل", وعادوا عن قول الزور بأن عيسى ابن الله وتركوا قول الزور بأن الله ثالث ثلاثة, وأخلصوا التوحيد لله وحده عندها سيؤدي قوله: (وإلهكم إله واحد), غايتها وهي إخلاص التوحيد الخالص لله تعالى كما كان في السابق. عندها تكون سورة الإخلاص قد أدت دورها بأحديتها وصمديتها وتنزيهاتها فتتحقق الآية الكريمة التي تقول لكل البشر والجن: (وإلهكم إله واحد).
نعم العقيدة الإسلامية ( بل العقيدة الإنسانية السماوية ) مضمنة في سورة الإخلاص بكل تأكيد، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. فمن حيث المنهج والغاية والهدف "التوحيدي الخالص" لم تأتِ هذه السورة بجديد على الإطلاق. ولكن. إذا كانت هي مراد الله من الخلق، ولا يقبل من أحد غيرها أو بديل لها أو حتى زيادة عليها؟ فهي بهذا تتضمن كل ما قاله العلماء والصحابة.
فأنت حين خضت في هذه السورة الكريمة,, لم تكن غايتك البحث عن حق أو حقيقة كما تحاول إيهام الناس البسطاء، ولكنك قصدت الإساءة للإسلام وربه ونبيه,, وتريد تمرير الشرك بالبنوة والتثليث والإحلال, ولكن هيهات. فقد كشفت سورة الإخلاص المستور والمقبور.
أما الشق الثاني من الجواب على سؤالك: فمن النواحي الأخرى والمقتضيات التي لم ولن تخطر على بالك مطلقاً هي أن سورة الإخلاص قد جاءت بكل جديد (قديم)، بعد أن أزالت كل ما علق بالتوحيد من تحريف وهطرقة وتدليس وشرك إنفرد به بعض اليهود وكثير من الضالين من النصارى. ولكن هناك سؤال بديهي: إذا كان التوحيد قد ظل كما نزل على الرسل قبل محمد الأمين الخاتم,، من لدن أدم عليه السلام ولم يطرأ عليها تحريف أو عدم إلتزام من البشر، فلماذا أرسل الله أنبياء ورسل آخرين؟؟؟ ..... أليس تجديد إرسال مزيد من الأنبياء والرسل شهادة موثقة على أن الناس لم يلتزموا بما جاءت به الرسل السابقون, وبالتالي تتدخل السماء بإرسال رسول آخر لتقويم الإعوجاج وتصحيح المسار وإعادته إلى (وإلهكم إله واحد)؟
مثلاً لماذا أُرسِل نوح، الذي إستمرت دعوته ألف سنة إلا خمسين عاماً,؟ ومع ذلك لم يستطع إعادة أغلب الناس إلى مقتضيات (وإلهكم إله واحد)، حتى أن الله تعالى إستأصلهم غرقاً وطهر الأرض منهم ومن رجسهم وظلمهم؟ وأيضاً لو إلتزم الناجون معه في السفينة بما وصاهم به نوحاً، فما الداعي لتجديد بريقها بإرسال هود من بعده, ثم الصحف الأولى، ثم التوراة مع موسى،، الخ.
وإن إلتزم الناس بمقتضيات (وإلهكم إله واحد),, التي بشر بها موسى وإلتزمها قومه، ولم يحدث بها تحريف وتشويه وشرك بوَّاح لدرجة عبادة "البعل"، فما الداعي لإرسال ألمسيح عيسى "مجدداً للتوراة" بإزالة ما علق بها من شوائب التحريف والبدع ثم إضافة كتابٍ آخر لها تخفيفاً من الله على العباد, هو الإنجيل؟؟؟
فهل أي من الأنبياء والرسل الكرام جاء بجديد أو إضافة لمضمونها ومقتضياتها "المحددة والقطعية" أم أنه جددها بإعادة بريقها وضياءها إليها قبل تدخل يد الإنسان الآثمة بالتحريف والهرطقة؟
- فهل نوح ألَّفَهَا أو إقتبسها من آدم عليه السلام أم أوحى الله له بها؟ وكذلك الأمر مع هود وإبراهيم؟؟
- وهل موسى أخذها من حنفية إبراهيم وأضافها للتوراة أم أوحى الله له بها؟؟ وكذلك الحال مع عيسى عليه السلام، الخ.
فلماذا إذاً تدَّعون بأن خاتم الأنبياء والمرسلين قد أخذها من اليهود – وهي ليست من شرعهم ولم تكن لها مقتضيات قبل رفع عيسى – ثم الإدعاء بأنه لم يوح الله بها إليه؟ سوى الوجد والكراهية غير المبررة والحسد وإدمان التحريف والتزوير؟؟؟ ..... علماً بأنه – موضوعياً, ومنطقياً – يستحيل أن تصل سورة الإخلاص إلى أحد من الأنبياء والرسل قبل فتنة النصارى في عيسى وإدعاءهم ببنوته وإلوهيته وثالوثه وإخلاله. ولكن الذين كفروا بآيات الله يجحدون.
فإن كانت سورة الإخلاص "تساوي" ثلث القرآن! إذاً فلابد من أن يكون اليهود والنصارى يعلقون على أبوابهم ثلث أو كل القرآن حتى يقتبس النبي منه ما يشاء. أليس منكم رجل رشيد؟ .....
للمعلومية,, أنا أتحدى أي منكم أن يأتي بآية واحدة من القرآن الكريم,, أو حتى بحديث واحد يقول (بأن كل اليهود وكل النصارى هم كفار وسيدخلون النال كلهم!) أو أن (كل المسلمين مؤمنين وسيدخلون الجنة بكاملهم!).
القرآن وحده الذي يصف كل الأنبياء والمرسلين وأتباعهم المؤمنين بهم بأنهم من المسلمين، وأن الله تعالى سيوفيهم أجورهم التي يستحقونها،، ولكن الكافرين من ولد آدم بما في ذلك المدَّعين الإسلام من المنافقين سينالهم العقاب الذي يستحقونه إذ ليس عند الله محسوبيات, والوزن يومئذ القسط.
قال تعالى لنبيه الخاتم في سورة مريم:
1. (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا 68),
2. (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا 69),
3. (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا 70),
4. (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا 71),
5. (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا 72)....
رفعت الأقلام وجفت الصحف ..... فالكل مأمور بتوحيد الله والعمل الصالح، فمن شذ عن ذلك شذ في النار. فأنظر إلى هذا الإسلوب من النصح والتذكير والحوار الراقي الرشيد, والله تعالى يوجه رسوله الكريم بالطريقة الهادئة الرصينة في التذكير بأحب الألقاب إليهم (يا أهل الكتاب) فيقول له:
في سورة آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ « تَبْغُونَهَا عِوَجًا » وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 99)؟؟؟
وفي سورة المائدة: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ 59)؟,, وقال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ 68),, وقال له: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ 77).
وفي سورة آل عمران, قال لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ 70)؟؟؟
وقال لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 71)؟؟؟
وفي سورة النساء قال لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا 171). ولكن لا حياة لمن تنادي,,, إلَّا من رحم ربي وقليل ما هم.
فالله تعالى أنزل سورة الإخلاص لحسم موضوع التوحيد بصورة نهائية. وقد ردَّ تعالى على ثلاث أسئلة طرحت من العناصر الثلاثة المكونة للمجتمع المشرك, وهم اليهود, والنصارى, والمشركين, حيث جاءت سورة البينة لمعالجتها وحسمها وفك رباطها المتين المانع لأي تغيير أو خروج منه للإيمان, وقد كان الوضع مستقراً على الشرك لغياب المرجعية التي يمكنها المساعدة في إحداث أي تغيير. فجاءت مجموعة من الأسئلة التي طرحتها هذه الأقطاب الثلاثة المكونة للمجتمع, كانت هي من مقتضيات نزول سورة الإخلاص,,, كما سنوضع ونفصل ذلك لاحقاً.
ولا يزال للموضوع بقية باقية
تحية طيبة للقراء الكرام
#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟