أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - حضور الرمز والرمزية في صوريات التعبد














المزيد.....


حضور الرمز والرمزية في صوريات التعبد


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5024 - 2015 / 12 / 25 - 20:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حضور الرمز والرمزية في صوريات التعبد

لا شك أن الرمز هو إشارة لمعنى أكبر يختصر فيه الإنسان دلالات قصدية ومعاني أوسع قد لا يتسع لها الحال كي تكون حاضرة بكمالها التام ,فيحاول تعويض الإشكالية هذه الرمزية بأن يختصر الكل بجزء أو ما يشير للجزئية ويحيل بقية الموضوع للعقل والذاكرة والأفتهام الطبيعي ,إذا الموضوع فيه جانب عقلي وأخر حسي لكن في العمق هو أفتراض اتفاقي بين الفرد والأخر على أن الرمز ليس هو الهدف بذاته ولكنه البوابة اللازمة للعبور إلى المعنى الكلي , هذا المنطق أول من نبه له بنص مدروس ومكتوب وكاشف للدلالة هو (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) الزمر 3,النص يصرح أن عذر المشركين أنهم لا يؤمنون بالرمز على أنه ذات الموضوع المتعبد به بل لكونه وسيله تقرب أو وسيلة أقتراب من موضوع أخر .
من أقدم مظاهر الرمزية في الاستخدامات الدينية العبادية خاصة هي الأصنام والنصب وما يرتبط بها من أمكنة ودلالات مكانية ومواقيت زمنية ,وأكتسبت هذه الرموز بعد أستقرار الأتفاق على قدسية الموضوع المتعبد به على نوع من الأحترام والتقدير تحول إلى التقديس والتعظيم بعد أن أفرغ المهتمون بها كل ما لأصل الفكرة المعتنقة للرمز ليتحول مع مرور الزمن إلى البديل الحسي عن أصل موضوع العبادة , في التأريخ الديني لا نستغرب مثلا كيف يؤمن إنسان عاقل بعبادة وتقديس حجر هو صنعه بيده ويفرغ على هذا المصنوع كل الجلال والهيبة وكيف سجد له وأطاع كهنته وهو لا ينكر أنما هو حجارة لا تفعل ولا تنفعل , كذلك مثلا يؤمن بعض البشر بقداسة وتعظيم حيوان أبهم أعجم لا يدري ما يدور من حوله ولا يفهم أصلا لماذا يعبده الناس , السبب في ذلك أن يقينيات الإنسان تحولت من المرموز الأصل إلى الرمز الإشارة وبالتالي ما يعيد هو بالأصل كما يظن ينصرف للأول .
الطبيعة الدينية ومن صوريات العبادة أنها تختار محددات أما زمنية أو مكانية للترميز على أن تكون هذه التوقيتات مثلا أو المحددات المكانية لمجرد التذكير لأصل موضوع العبادة ,مثلا هناك قضية الصوم في كل الأديان لها توقيتات محددة وشكليات مرسومة بدقة الأصل فيها أنها تعيد الإنسان إلى مرحلة الإحساس والتحسس بجدوى القيم والتكاليف الدينية , ولكن ما كانت ألا هي متطلبات بحد ذاتها ولا مطلوبة بالشكل لتكون جزء من أصل فكرة التدين , كذلك الحج وسائر الأفعال السلوكية التي ترتبط بمحدد مكاني أو حال مختار لإتمامها , الغريب أن المتدينين غالبا ما يعظمون الرمز والمكان والزمن دون أن يلتفتوا للمعنى القصدي منه , هذه الأنتقالة من موضوع لموضوع أخر ليس غريبا عن الإنسان المتدين , فلقد نقل أصلا وهو في بدايات مرحلة الإدراك الديني الابتدائي موضوعية التقديس من العالم الغيبي وحصرها وأجملها في رموز وأدعى أنها هي التي تحمل روحية ومضمونية المعبود الخفي .
مع تأكيدات النصوص الدينية على أهمية المعرفة والتعقل وإدراك الأبعاد الروحية للمظاهر والصوريات التي يتطلبها النص الديني وحتى على رموز تتميز بالقداسة المؤصلة عند البعض كحديث (( أن تهديم بيت الله الحرام أهون على الله من إراقة قطرة دم إنسان بدون حق )) إلا أن غالبية المسلمين اليوم يعظمون الرموز ويمنحوها البعد القداسي أكثر مما يجب أو ما تستحق , حتى تحول الإيمان بعظمة وقدسية الأمكنة والأزمنة وحتى الأشخاص فوق القدر الذي يحتمل وكأنهم يعيدون رمزية الصنم والمعبد القديمة لنحل محل نظرية أن الله في القلوب وليس في الوجود المادي ,إن تعظيم الرمز في النهاية هو إسقاط حقيقي وتقزيم لقضية الإيمان , حتى أن الله لم يسكت في هذا المجال بل ركز في نصوص منها ما يمكن أن يعتبر مثالا عالي الدلالة ويختصر كل معاني الرمزية بقوله {ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ولكنه رسول الله وخاتم النبيين } يعاضده نص أخر {وما أنا إلا بشر مثلكم } هذا الفهم هو المطلوب اليوم لإعادة النصاب للمفاهيم الإيمانية الحقيقة والأبتعاد عن جاهلية جديدة تغزو العقل الإنساني بدواع تعظيم الرموز وجعلها خطوط حمر لا يمكن تجاوزها أو إعادة لجادة الوضع الصحيح .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية المعاصرة ونظرتها للدين والمعرفة الروحية ح2
- عودة خليف وتطويع النص الشعري
- الليبرالية المعاصرة ونظرتها للدين والمعرفة الروحية ح1
- السيد القمني ومفهوم اليقين الغرائزي واليقين النقدي
- هل يسمع رجال الدين صوت العقل
- هل تنجح المعرفة لتكون بديلا عن الدين ؟ ح2
- هل تنجح المعرفة لتكون بديلا عن الدين ؟. ح1
- التحالف السعودي الجديد ومحاربة الإرهاب
- العراق وطن العراقيين
- كل الحكاية ..... أولا . 6
- كل الحكاية ..... أولا . 4
- كل الحكاية ..... أولا .
- الفقر ظاهرة أخلاقية أم مرض أجتماعي
- حوار من نوع أخر _ قصة قصيرة
- سياسات الأزمة .... وأزمات السياسة
- الواقع الرهيب
- لماذا لا يجب ان يتكلم الصغار ....
- أختلالات البناء والعمل في هيكلية السياسة العراقية بعد عام 20 ...
- فهم الحداثة ح2
- فهم الحداثة ح1


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - حضور الرمز والرمزية في صوريات التعبد