أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد دامو - وداعا الدا الحسين أو..رحيل آخر أباء الوطن














المزيد.....

وداعا الدا الحسين أو..رحيل آخر أباء الوطن


محمد دامو

الحوار المتمدن-العدد: 5024 - 2015 / 12 / 25 - 04:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


كبيرا ولدت ،في طليعة الكبار حاربت وناضلت ،وفي مقدمة الكبار عشت الى يوم رحلت..
"كان آخر اباء الوطن"، هكذا كان الدا الحسين ،وهكذا نعاه رجالات الوطن الذين كان لهم شرف مشاركته بعض المسالك الوعرة في محطات نضاله الطويل، كان أحد اباء الوطن الذين كرسوا حياتهم لبناء صرح الجزائر لبنة لبنة ،كما كان الامير عبد القادر من قبله ،وهو في هذه الخصلة كمثل جورج واشنطن بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية ،والمهاتما غاندي بالنسبة للقارة الهندية ،وعبد الرحمان الداخل بالنسبة لبلاد الاندلس،..وإن اختلفت الاسباب ،الدواعي الموضوعية والسبل العملية التي جعلت من الابطال أباء للأوطان، لا تستقيم سيمفونية الكون الازلية، دون وجودها بالشكل الذي اوجدها عليه اباؤها.
كل كلمات العزاء والتعزية ،تبدو عاجزة عن تحمَل المهمة، ولا قادرة على حمل نوبات الوجع والحزن والأسى، بفقدان مناضل في قامة الدا الحسين ،آخر اباء الوطن المؤسسين ،الذي بدا واضحا انه اقتنع أخيرا ،بان وقت المغادرة والرحيل قد حان ،ولم يعد من اللائق الاستمرار في تحمَل اعباء الحياة وآلام تكاليفها دون طائل ،فقد سبق ان سلَم الدا الحسين المشعل ،ورضي عن اجيال الاستقلال وما بعد استعادة الاستقلال ،بعد ان اطمأنت لهم نفسه وارتاح لهم باله واطمأنت لهم روحه ،فسلم الروح لباريها ،واراح نفسه من وجعها.
قد يقال اكثر من هذا ،وقد يقال غير هذا ،لكن المؤكَد ان الكلمات ستبقى عاجزة عن تأدية دورها السليم في وصف مآثر آخر اباء الجزائر، فمن كانت له وسيلة اكثر عدلا وانصافا لتكريم الدا الحسين ،فليذكر بعضا منها ،وما اكثرها في سفر حياة ونضال الرجل الكبير كما عرفه العالم ،قمَة في الصدق والثبات على طريق بناء الوطن، منظومة متكاملة من المبادىء السامية والمواقف الرزينة التي لا تقبل التراجع ولا التأجيل ولا المساومة ،ثابتة ابدا ،إبَان الحرب وأناء السلم على حدَ سواء.
رئيس الجمهورية نعاه بكلمات تقطر حزنا ولوعة ،وقد اعاد التذكير ببعض مناقبه وخصاله التي لا تنتسى، والدولة الجزائرية أعلنت الحداد وتنكيس الاعلام والرايات على صواري وزاراتها ومواقع مؤسساتها الكبرى والصغرى، وجمهور ابناء الجزائر الذين لا يملكون غيرها وطنا وحضنا ،وليس لهم غيرها مقرا ومستقرا ،بكوا الراحل الكبير بالدمع الجسور الذي اندفع من المقلتين عنوة وانهمر على الخد مدرارا ،ولن تكفكفه تعزية ولا مواساة ابدا.
كانت آخر دروسه لجيل ما بعد استعادة الاستقلال ،مشاركته في انتخابات الرئاسة التي كان مقررا لها ان تختتم العشرية الحمراء بالقضاء على الفوضى والحماقة ،وكان سعيه على امل بلسمة ندوب الوطن الجريح ،ولم يكن ابدا رغبة في ارتقاء سدة الحكم ،التي سبق له ان ترفَع عنها وتنازل عنها لصالح المواطنة الحقَة والمبادىء الديمقراطية التي لا غنى عنها لاجل جزائر حرة مستقرة ،متسامحة مزدهرة.
بمجرد إعلان نبإ وفاته ،راجت إشاعة تقول ان مثواه الاخير سيكون في ديار الغربة ،باحدى الدول المجاورة للوطن الذي انجبه ليكون احد ابائه ،لكن الاشاعة سرعان ما تبخَرت وتلاشت هباء ،بقوة كلمات سطرها في مقدمة وصيته ،كأنَه وهو الخبير العالم بكونه هدفا مختارا قصد الإضرار بسمعة بلده من خلال اختلاق الفرية الحمقاء بحقه وفي حقه. قالها صريحة ،مؤكدا على ان يوارى جثمانه الثرى في مسقط راسه ،فليس له بديلا عن تراب الوطن لاحتضان رفاته.
كان الدا الحسين كبيرا في تحمَل مسؤولياته الوطنية النضالية التي بدأها شابا يافعا بصفوف حزب الشعب الجزائري ولم يتجاوز السادس عشرة من عمره ،عضوا في اللجنة المركزية للحزب في سن الثانية والعشرين ،ثم عضوا في المكتب السياسي وقائدا للمنظمة الخاصة ،النواة الصلبة للثورة قبل إعلان الثورة ،وبعد الاعتقال والافلات من السجن ،انتقل الدا الحسين الى خارج الوطن ليقود العمل الديبلوماسي ،قبل تشكيل النواة الاولى للديبلوماسية الجزائرية في المنفى. وغداة الاعلان عن انطلاق ثورة اول نوفمبر 1954 ، التي كان احد ابرز قادتها لحظة اعلانها. الامر الذي شكَل عقدة للمستعمر ،فدبَر مكيدة اعتقاله ثانية عبر اختطاف طائرة كانت تقلَه هو ومجموعة من رفاقه في قيادة ثورة التحرير الوطني.
لم يكن الدا حسين ، قادرا على تحمَل صدمة الخلافات والاختلافات بين رفاق السلاح ،التي سببها الصراع على السلطة غداة استعادة الاستقلال الوطني ،فاعلن تخليه عن كافة مسؤولياته في جبهة التحرير الوطني التاريخية ،وفي الحكومة الجزائرية المؤقتة ،وعاد الى بلدته باعالي جبال منطقة القبائل الكبرى ،لحين تأسيسه اول حزب معارض للنهج المعلن في إدارة دفة الحكم واالسعي للاحتفاظ بالسلطة ،فكان مصيره الاعتقال ،لكنَه استطاع الافلات من السجن والالتحاق بديار الاغتراب والمنافي ليستأنف نضاله السلمي لاجل جزائر حرة ديمقراطية، وبقي على تلك الحال ،لحين حدثت بوادر التغيير المرتقب ،فعاد لوطنه ثانية وكل امله في ان تتاح له فرصة ايصال رسالته الديمقراطية السلمية..واستمر على تلك الحال الى ان حان الحين لتسليم الشعلة الى جيل ما بعد الاستقلال ،والتفرغ لمتابعة نشر فكره السياسي عبر كتاباته ونشر افكاره. في انتظار يوم رحيله المحتوم ،الذي ارادته الاقدار يوم فاجعة وحزين اليم. وكان ومناسبة لجمع الجزائريين على اختلافهم واختلاف مشاربهم ،لتكريم الزعيم الراحل ،لتوديعه ،للاعتراف بفضله ،والتنويه بفضائله ،خصاله ،مبادئه ،ومواقفه الوطنية الاصيلة.



#محمد_دامو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر بين إلزامية -التعريب- فرضا.. وضرورة -استعادة- المورو ...
- الأصل في الصراع الأزلي بين الشرق والغرب
- اتهام صنصال بالسرقة الادبية .. رواية الأعرج الأكثر رواجا وتس ...
- التاريخ ..دراسة وتدريسا
- آفة الحرف المسيئة و..ليلة القضاء على ماسح الاحذية
- مزامير حروب الشرق و..الامر المحسوم سلفا
- الملكية الفكرية او..أكسير الخلق والابداع
- هيئة الامم ..سلبا وإيجابا
- الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان
- -دياسبورا- الهلال الخصيب و..متطلبات الشرق الاوسط الجديد
- العربية في..اسفار المأساة اللغوية الجزائرية


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد دامو - وداعا الدا الحسين أو..رحيل آخر أباء الوطن