أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج لوكاش - حول مسألة الالحاد















المزيد.....

حول مسألة الالحاد


جورج لوكاش

الحوار المتمدن-العدد: 6920 - 2021 / 6 / 6 - 23:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نشرت الاممية الشيوعية في عددها الاخير (العدد 21) مقالا بالغ الاهمية للرفيق لينين حول عدد من قضايا المنهج الماركسي . ونحن اذ نحتفظ لانفسنا بحق العودة ثانية الى بعض الاقتراحات الهامة التي تضمنها هذا المقال , نود ان نعالج هنا مسألة خاصة : مسألة العلاقة بين الدعاية الالحادية وبين نظريتنا ودعايتنا نحن . وقد كتب الرفيق لينين بهذا الصدد : "ان افدح وافظع خطأ يمكن ان يسقط فيه الماركسي هو الاعتقاد بأن الجماهير الشعبية التي قوامها الملايين من الكائنات البشرية وبخاصة جماهير الفلاحين والحرفيين والتي حكم عليها المجتمع الحديث بالظلمات والجهل والافكار المسبقة لا تستطيع أن تنعتق من تلك الظلمات الا عن الطريق المباشر للتثقيف الماركسي الخالص". ولا احد في اعتقادي يستطيع تجاهل السداد الموضوعي لهذه الملاحظة . ولاسيما ان كل من اهتم جديا بنشر الماركسية الاصيلة, والمنهج الجدلي الحقيقي, قد اصطدم ولا بد بقوة العوائق التي تعيق تفهم العمال لهما . والحال ان الماركسية لا تعبر مفهوميا الا عما تتضمنه الكينونة الاجتماعية لكل بروليتاري . وبالتالي فان العوائق التي تعيق الفهم الصحيح, تكمن من جهة أولى, في الصعوبات الموضوعية للمنهج الجدلي (الذي يفترض تجاوز الموقف "الطبيعي") والعلاقة "المباشرة" مع المحيط الاجتماعي, للوصول الى ماهية الامور, وفي اصابة العمال الاكثر تثقفا من جهة اخرى بعدوى الاشكال الايديولوجية للبورجوازية . بيد ان هذه الصعوبات هي أكبر وأكثر جوهرية بعد لدى الشرائح التي يتحدث عنها الرفيق لينين . فلدى هذه الشرائح -التي تبقى استمرارية انتصار الثورة البروليتارية على المدى البعيد رهن تعاونها أو على الأقل رهن انفصالها النهائي والحاسم عن الثورة المضادة- تنعدم تلك الكينونة الاجتماعية التي تطورت الماركسية على ارضها . ولا ريب في ان هذه الشرائح تكون -عندما تفهم مصالحها فهما صحيحا- هي الحليف الطبيعي للبروليتاريا الثورية, الطبقة الوحيدة الراغبة في انتزاع وفرض الانعتاق الفعلي لتلك الشرائح, والقادرة على ذلك . لكن ثورة الشرائح المشار اليها هي -بحد ذاتها- ثورة "بورجوازية" ارتدت, من جراء السياق الاجتماعي للنضال التحرري البروليتاري, طابعا مغايرا لذلك الذي كانت قد ارتدته تطلعاتها الى التحرر ابان الثورة البورجوازية . وهكذا اضحت كل دوغمائية نظرية تواجه المفارقة التالية : ان انجاز الثورة البورجوازية لن يتم الا ضد البورجوازية, وعن طريق انجاز الثورة البروليتارية (ان الثورة الزراعية الروسية في عام 1917 لهي مثال كلاسيكي على ذلك).

لكن اذا ما تتبعنا بامعان التاريخ الايديولوجي للثورات البورجوازية , وجدنا فيها خصوصية ايديولوجية تطابق بدقة بنيانها الاقتصادي-الاجتماعي . فقد كان الالحاد المادي السلاح الايديولوجي الافضل , والاكثر حدة ايضا للبورجوازية الصاعدة . كان الوسيلة الوحيدة التي يمكن بواسطتها تحطيم السلطة الروحية للاستبداد الاقطاعي . لكن الامر الذي له دلالته المميزة هو امتناع اكثر الناطقين بلسان البورجوازية الثورية وعيا عن نشر الالحاد بين الجماهير العريضة , حتى في "المرحلة البطولية" لطبقتهم, اي حتى في ابان الثورة الفرنسية (مثال على ذلك موقف روبسبيير من مثقي الملجس البلدي الباريسي الملحدين).

لقد ظل الالحاد بالنسبة الى البورجوازية , حتى عندما كانت في ذروتها , حركة مثقفين لا يجوز تعميمها على الشعب بأسره . وقد اشتد هذا الميل بطبيعة الحال مع الايام, بنتيجة الصفقة التي ابرمتها البورجوازية مع الارستقراطية العقارية التي كانت لا تزال تقبض على زمام سلطة الدولة جزئيا او كليا, اي بنتيجة الاستسلام الايديولوجي للبورجوازية امام نفس الطبقة التي تمكنت من قهرها اقتصاديا, وهو الاستسلام الذي واكب مسار البورجوازية الرجعي . وقد باتت الدولة البورجوازية اليوم تتبنى موقف نبذ ورفض يكاد ان يكون صورة طبق الاصل عن موقف الدولة الاقطاعية للملكية المطلقة . هذا الموقف لا يحول بالطبع دون وجود حركات ثقافية بورجوازية صغيرة وراديكالية مناصرة للالحاد . لكن هذه الحركات لا تستطيع ممارسة تأثير يذكر على الانعتاق الفكري للجماهير العريضة . ان المجال الايديولوجي اذن هو على صورة المجال الاجتماعي : فعلى البروليتاريا ان تفرض تحرر سائر الشرائح المضطهدة والمستغلة في المجتمع البورجوازي, وان تتولى بنفسها انجاز سيرورة هذا التحرر. وقد اعطت التجارب التاريخية للثورة الدليل الساطع على صحة الحكم الذي أطلقه لينين في عام 1916 : "ان من يترقب ثورة اجتماعية خالصة لن يراها ابدا" .

وتتصل ملاحظاته حول ضرورة الدعاية الالحادية المكثفة بالمسألة نفسها, وانما في المجال الايديولوجي فقط.
لكن هذا لا يبدل شيئا مو موقفنا النظري من الالحاد البورجوازي بصفته "عقيدة جامدة", كما كتب ماركس في نقد لاذع لباكونين, ومن واقع اننا قد تجاوزنا منهجيا, وعلى نحو نهائي المادية البورجوازية "التأملية" . فهذه المادية تظهر وكأنها تصور ضروري ل "المجتمع البورجوازي" لا يقل تعينا من المنظور الاجتماعي عن فكرة "الله" الذي ناب منابها . أما الايمان (او الكفر) الدوغمائي فقد حل محله الموقف التاريخي النقدي للمادية الجدلية .

لكن كما ان دعمنا للنضال التحرري لاي شريحة اجتماعية مضطهدة لا يعني ان نذوب فيها, وان نتوحد تنظيميا معها, وان نتخلى عن استقلالنا الذاتي, وعن نقدنا لها, ومن رغبتنا في ان ندفع بهذه الحركة, اذا امكن , الى ابعد من اهدافها الاصلية , كذلك فان اهمية الدعاية الالحادية, التي نوه بها لينين, لا تعني التخلي عن نتائج نقد ماركس لفيورباخ وللجدلية البورجوازية .

بيد انه من المنافي لروح هذا المنهج الاعتقاد بأن القوة الروحية , التي جرى التغلب عليها فكريا من قبل طليعة البروليتاريا, قد جرى تصفيتها ايضا بالنسبة الى مجموع العمال الذين يتوجب علينا انتزاعهم من هيمنة البورجوازية المناهضة للثورة . واهمال هذه الشرائح وتجاهلها بازدراء لن يكون الا ضربا من سياسة مشؤومة, سياسة لا ينهج نهجها الا حزب على شاكلة "الحزب الشيوعي العمالي الالماني"(1). لكن من الخطأ كذلك الاعتقاد, على نحو دوغمائي وطوباوي, انه في وسعنا ان نكسب تأييد هذه الشرائح بوساطة الماركسية "الاصيلة", اذ ان كينونتها الاجتماعية وان كانت تجعل منها بالفعل حليفة للبروليتاريا, -حتى ولو لم تعترف بذلك بنفسها في كثير من الاحيان- الا انها لا تضفي عليها الصفة البروليتارية بالمعنى الماركسي التام. وهكذا نجد انفسنا مام مفارقة ظاهرية, ولكنها غير مفاجئة على الاطلاق بالنسبة الى المنهج الجدلي: فالمادية البورجوازية "اياها" التي اصبحت بصورة جزئية, بالنسبة الى العناصر الواعية من البروليتاريا, عائقا بحول دون تطور وعيها الطبقي الثوري (ولو بسبب طابعها "القدري" على الاقل) هذه المادية البورجوازية تبقى في الوقت نفسه الطريق الضرورية لتنوير الشرائح المتخلفة من البروليتاريا, والشرائح شبه البروليتارية, الخ . فوحدها البروليتاريا قادرة على انجاز الثورة البورجوازية, ومطالبة بانجازها حتى في الحقل الايديولوجي .


(1): فرع منشق من الحزب الشيوعي الالماني , وقد انتقد لينين نزعته "اليسارية المتطرفة" في كتابه -مرض الطفولة اليساري- .

- كتاب الأدب والفلسفة والوعي الطبقي لجورج لوكاش - ترجمة "هزيت عبودي" -



#جورج_لوكاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الذكرى ال109 لميلاد لينين .
- فلاديمير لينين


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج لوكاش - حول مسألة الالحاد