أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نادية محمود - -التمكين- ضد البربرية!















المزيد.....

-التمكين- ضد البربرية!


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5020 - 2015 / 12 / 21 - 01:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في اواسط شهر كانون الاول الجاري ارسلت داعش في السويد رسائل تهديد الى مواطنين من اصول شرقية معطية اياهم الخيارات الثلاثة: الاسلام، الجزية، او الموت. ان هذه الرسائل المرسلة الى الموبايلات الشخصية تحمل كنه وفلسفة وتفسر وجود الحركات الاسلامية منذ ثلاثة عشر قرنا. تلك ألـ"قائمة" من الخيارات هي التي مكنت الحركات الاسلامية من البقاء ثلاثة عشر قرنا وتمكنت ان تنتقل من افغانستان وسوريا والعراق الى مدن السويد الهادئة..
العنف، الاسلمة، والنهب تشكل الحجر الاساس ورؤوس الحراب التي مكنت هذه الجماعات الاسلامية من نشر هيمنتها. لقد كانت اسلحة مجربة في تقدم داعش، استخدمتها الدولة الاسلامية منذ القرن السابع الميلادي وحتى اوائل القرن العشرين.عبر سياسة "اسلم تسلم" تمكنت الدولة الاسلامية في الماضي او في الحاضر من ترسيخ وجودها منذ مرحلة الفتوحات والغزوات الى تأسيس الجمهورية الاسلامية في ايران، في السودان، في افغانستان وغيرها.
ولما نزل، في القرن الحادي والعشرين يجري العمل وفق سياسية "اسلم تسلم". فرض الاسلمة عبر استخدام العنف والقتل والاغتصاب الجماعي والمقابر الجماعية لهي شواهد على بربرية هذه الجماعات. لم يسلم منها لا طالبات افريقيا ولا صحافيو فرنسا ولا الناس الذي يتمتعون باجازات عطلة نهاية الاسبوع في فرنسا، ولا بائعات الجنس في العراق ولا مدارس امريكا، ولا نوادي المغرب، ولا المفكرين والكتاب والمخرجين في هولندا. ان هذه الجماعات الاسلامية لها اجندة عالمية في فرض مشروع الدولة الاسلامية على العالم بمجمله. وحركة الاخوان المسلمين لها خطاب واضح لبدء الاسلمة من النفس والاسرة والمحلة والمدينة والدولة الى بناء الدولة الاسلامية على صعيد عالمي. ان هذا خطاب واضح ومنذ شروع حركة الاخوان المسلمين في مصر في عام 1928 ولحد اليوم، ويبدو انها ليست في تراجع.
ان ما ساعد هذه الجماعات على ان تجد لها مكانا لحد يومنا هذا هو وجود الامكانيات المالية الهائلة التي تحت تصرفها. ان النهب والسلب كانتا سمة هذه الدولة وتلك الجماعات، على امتداد الدولة الاسلامية من فرض الجزية والخراج في الماضي الى سرقة البنوك واموال النفط في الحاضر. الاحزاب والجماعات الاسلامية التي وصلت الى سدة الحكم، لا رادع ولا حدود لنهبها. ولنا في العراق نموذجا واضحا، الاحزاب الشيعية في الوسط والجنوب، وداعش في غرب وشمال غرب العراق. لا يعلم احد بالضبط كم من المليارات سرق اوزراء ونواب الاحزاب الشيعية في العراق، وكم تسرق وتنهب داعش السنية من اموال.
ان ستراتيجية "التمكين" التي اتبعتها الجماعات الاسلامية وبالذات الاخوان المسلمين هي لتقوية وجودهم. بالمال تمكنت هذه الحركة من ان تؤسس لنفسها "دولة داخل دولة". باموال النفط والزكاة، والتجارة والعقارات تمكنت من ان تمد نفوذها. ما كان بامكان هذه الجماعات ان تنتشر وينتشر نفوذها من غير تمويلها من قبل اتباعها، التجار، والصناعيين، ومن قبل المهنيين القادرين على دفع التبرعات لهذه الجماعات. ان اموال النفط السعودي مولت الحركات الاسلامية في كل مكان في العالم من افريقيا الى امريكا واسيا واوربا.
وعبر هذه الاموال تمكنت من ايجاد واستخدام وتمويل منظماتها الخيرية او منظمات المجتمع المدني لتمويل نشاطاتها الخيرية -الدينية- السياسية لخدمة هدف واحد هو تمكينها من الوصول الى السلطة والقوة والثروة. بالمال تمكنت من ان تشتري شبابا عاطلين عن العمل في مقتبل العمر لتحولهم الى جنود لحركتها. لقد استخدمت اموالها لخداع الفقراء ولابقاءهم على فقرهم تحت اسم مساعدات الايتام او مساعدة الارامل. لقد ساعدتها منظماتها الخيرية ومراكزها الثقافية، وجمعياتها، وجوامعها، وخطباءها، الى ان تدفع باجندتها الى الامام. وهي اليوم تدفع بسياسيها وسياساتها الى ان يحتلوا لهم مكان في قلب العالم الغربي تحت اسم "التعددية الثقافية" و"قبول الاخر" و"قبول الاختلاف" و"الحفاظ على الهوية"، انهم يعبدون الطريق الى انشاء دولة اسلامية في اوربا او في العالم كله، او على الاقل انهم يعملون بهذا الاتجاه بقدرما اؤتوا من قوة، متخذين من التعبيرعن ارادة الله سلاحهم لهم في المعركة لتعبئة الفقراء والاغنياء على السواء لحركتهم هذه.
لولا وجود الامكانيات المالية الهائلة تحت تصرف الجماعات الاسلامية، لما كان بامكانها ان تضع اجندتها موضع التنفيذ، ولبقيت هذه الجماعات هي نخبة اسلامية تتطلع الى العودة لامجاد غابرة. الا انها باستخدامها المال والعنف والاسلمة، تمكنت لحد يومنا من ان تظل شاخصة في حياتنا.
لقد خدمت وساعدت السياسة النيوليبرالية التي ابتدعتها مارغريت تاتشر ورونالد ريغان منذ ثمانينات القرن الماضي، والقاضية بتقليص دور الدولة في التدخل للاستجابة على مطاليب وحاجات المجتمع، ودعوة المؤسسات الدينية الى التقدم لتقوم بسد الفراغ الذي خلفه تراجع الدولة عن تقديم الخدمات، على ظهور هذه الجماعات والى اقصى الحدود. لذلك اعاد الغرب الدين والمؤسسات الدينية من الشباك بعد ان اخرجتها مرحلة النهضة والثورة الصناعية من الباب.
لم تضع الجماعات الاسلامية هذه الفرصة الذهبية، فمع شروع هذه السياسة، ازداد الفقر والبطالة وانعدام الامان الاقتصادي والخوف من المستقبل. لقد تمكن الاسلام السياسي من ان ينتشر في مستنقع الفقر وانعدام الثقة بالمستقبل والخوف من القادم. فقط في ظل مجتمع فقير يتمكن الاسلام السياسي من ان يجد ضالته ليلتلحق به المجندين والمرتزقة والعاطلين عن العمل. ان اوضاع الفقر لهي افضل الاوضاع لنمو الحركات الدينية والجماعات الاسلامية. ان اوضاع الفقر والبطالة ليس في اسيا وافريقيا فحسب بل حتى في اوربا لهي افضل الاجواء لتجنيد الفقراء والعاطلين عن العمل في حركاتهم.
لذلك ظهرت الجماعات الاسلامية ومنظماتها وكأنها صاحبة الحل لحل فقر المجتمع. الا ان هذه الجماعات "المتصدقة" و"الخيرية" لم تكن بدون اجندة سياسية، بل عملت بدأب على تمكين حركتها من المضي نحو السلطة. ان انتشار الاسلام السياسي، بتياراته ومناهجة المختلفة "المعتدلة" منها و"الراديكالية" تنحو منحا واحدا، الا وهو السلطة والسيطرة على الثروات وافقار المجتمع.
لذا، للقضاء على الاسلام السياسي يجب القضاء على الفقر اولا، القضاء على الملكية، القضاء على النظام الرأسمالي الذي اعاد هذه الجماعات الى حيز الوجود. الخيار الوحيد لانهاء الاسلام السياسي وانهاء البربرية التي نعيشها اليوم، وانهاء البربرية الغربية بحروبها ودمارها، يكمن في النضال ضد هذا النظام الرأسمالي المسبب الرئيسي لكل هذه الويلات.
ان هذه ليست مهمة الناس في الشرق او في الغرب، انها مهمة البشرية باجمعها في كل مكان، والتي ذاقت من ويلات هذا النظام مايكفيها لان تتحمل المزيد. ان الصراع من اجل القضاء على "الملكية" هو أس هذا النضال.
ان ارهاب الجماعات الاسلامية يؤدي مفعوله. فاذا كان ارهابههم يمنع الناس من التصدي لهم خوفا من بطشهم في الشرق، فاننا في الغرب نتواجه بعائق حقيقي جدي اخر، وهو ان هنالك تردد وتلكؤ بل وامتناع يكاد يكون تام لدى اليسار الغربي عن مواجهة الاسلام السياسي. فاليسار الغربي اصبح حذرا كل الحذر من ان يوصف بالاسلامفوبيا اذا ماوجه سهام نقده الى الاسلام السياسي. ان الخوف من الاتهام بالعنصرية، يجعل الكثيرون يلوذون بالصمت رغم حنقهم على بشاعة وبربرية هذه الجماعات. علما ليس هنالك "اسلام فوبيا" بل هنالك رعب حقيقي له ما يبرره من اجرام جماعات الاسلام السياسي. انهم يقتلون ويقطعون الرؤوس في الشرق وهم يقتلون في رابعة النهار المواطنين والصحافيين في كل مكان يتمكنوا من الوصول اليه، واخر ما وصلوا اليه هو السويد ونشر رسائلهم الى الشباب صغار السن.

القضاء على الاسلام السياسي وشرور النظام الرأسمالي الذي فسح الباب على مصراعيه لهذه الجماعات هو مهمة مناطة بالطبقة العاملة العالمية اولا. ان نضالا منظما وعالميا يجب ان يشن من قبل الطبقة العاملة وقواها التنظيمية ضد هذين التيارين الرأسماليين. ان الطبقة العاملة صاحبة المصلحة الاولى والحقيقية بالقضاء على الفقر من اجل انهاء البربرية. لقد قال البيان الشيوعي، يجب ان لا نناضل فرادى بل كطبقة عمالية عالمية ضد هذه البربرية والهمجية. انها لمهة حاسمة وعاجلة من مهام اليسار والقوى الاشتراكية والشيوعية والعمالية في الغرب كما في الشرق للوقوف بوجه هذه البربرية التي وصلت قمتها في عامي 2014 - 2015.
ان عالمهم الديمقراطي الذي بشروا به منذ انهيار جدار برلين يتضح في كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة اي عالم بربري هذا الذي اسسوه. كم من المصائب والويلات والهمجية على البشرية ان تتحمل قبل ان تقول كفى يعني كفى. ان مشاهد التلفاز تنقل كل يوم صور مئات بل الاف من المسنات والمسنين وهم يحملون متاعهم راكضين من حدود دولهم الى دولة اخرى. ان اجساد الاطفال يعثر عليها ملقية على الشواطيء جثث هامدة. فهل نريد ان نرى المزيد؟
ان نظامهم الرأسمالي، الغربي او الاسلامي السياسي الشرقي الداعشي غير صالح للعمل باي شكل من الاشكال. لقد جرى تجريبه واختباره لسنين ان لم يكن لعقود. على الطبقة العاملة العالمية ان تقف على قدميها بكامل قيافتها لتقول لا نريد ان نرى المزيد. ان لدينا مصلحة مباشرة شرقا وغرب، شمالا وجنوبا بالقضاء على هذه البربرية. ان الاسلام السياسي لهو خطر عالمي، كما الرأسمالية خطر عالمي.
ان الاخوان المسلمين لم يكونوا بدون عقل حين رفعوا شعارهم "التمكين" من اجل ان يدفعوا ببرنامجهم لحيز التنفيذ.
ان ما نحتاجه نحن الان، اكثر من اي شيء اخر هو "تمكين" انفسنا ونضالنا ضد هذه البربرية.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمال الصناعات النسيجية في العراق وسياسة التمويل الذاتي
- عمال شركات التمويل الذاتي بين تأمين مستوى المعيشة والمحاصصة ...
- -قواريرهم- ونساءنا؟
- لمن تصغي الحكومة؟ للمتظاهرين ام لصندوق النقد الدولي؟
- رواتبهم بايديكم!
- الى كل الغاضبين على الذين وضعوا العلم الفرنسي على بروفايلاته ...
- هل بالتوجه الى الخضراء، سيستجاب الى مطاليب الجماهير؟
- قانون الاحزاب والشفافية المالية في العراق
- رسالة الى د.فارس كمال نظمي حول لقاء وفد من المدنيين مقتدى ال ...
- قانون الاحزاب والموقف من الميشليات!
- قانون الاحزاب في العراق لمصلحة من؟ وضد من؟
- مقترحان عمليان لممثل اليعقوبي حول التظاهرات الجارية في العرا ...
- كلمة في بدء العام الدراسي الجديد
- الكوليرا والماء النقي وحلول الحكومة الشيعية
- لا شيعية ولا سنية.. دولة.. دولة مدنية
- حول العفوية والتنظيم
- دخول الميلشيات الشيعية الى ساحات الاحتجاجات ينقل التظاهرات ا ...
- من الربيع العربي الى الصيف العراقي، وايصال الجماهير الى تحقي ...
- وثيقة رمضان: واسطورة السلم المجتمعي
- نادية محمود - عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العر ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نادية محمود - -التمكين- ضد البربرية!