أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة / الجزء الرابع : التشويه المقصود للتاريخ العراقي القديم















المزيد.....

خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة / الجزء الرابع : التشويه المقصود للتاريخ العراقي القديم


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 372 - 2003 / 1 / 19 - 08:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


     
        
        خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة   /  4  .
                                                                  
           الجزء الرابع : التشويه المقصود للتاريخ العراقي القديم .
                                                                 
يقع كتاب " تاريخ العنف الدموي في العراق " لباقر ياسين " الذي يعرف نفسه لقارئه بانه كان عضوا للقيادة القومية لحزب البعث / الخط السوري ، في 435 صفحة من القطع الكبير وبعد مدخل إنشائي ساوى فيه المؤلف بين النار الأزلية في شمال العراق وهي ظاهرة طبيعية تحدث نتيجة احتراق الغاز الطبيعي المتراكم قريباً من سطح الأرض في منطقة نائية في إقليم كردستان/ العراق وبين ما سماه (نار العنف والتطرف وسفك الدماء) دون أن يفوته التذكير بأن هذه النار – نار العنف – العراقية عمرها خمسة آلاف سنة!

بعد مسرد الكتاب أو الفهرس كما سماه والذي سنعود إليه بعد قليل، نلقي نظرة على الإهداء لنجد المؤلف يهدي كتابه إلى (الأبرياء الذين سيسحقهم العنف الدموي في الأيام والسنين القادمة) والمغزى لا يخفى على أحد فصاحب الكتاب مطمئن ولا يطرف له جفن للقناعة (الحكم) القائل بأن ظاهرة العنف قد تمكنت من هذا الشعب (العراقي)) طوال خمسة آلاف سنة وأن المستقبل محكوم بهذا العنف الذي سيسحق الناس في الأيام والسنوات القادمة، وليس عبثاً أن يطلق المؤلف فيما بعد ومرات عديد تشبيهاً يعبر بوضوح عن (فكرته/ وسواسه) للعنف العراقي بأنه (قدر إلزامي) وبما قصد عبارة (قدر محتوم)، صبرا جميلا إذن ولا نستبقن الأحداث والصفحات!

إن الإحالة النفسية الأولى التي نسجلها من اسم الكتاب وبقرينة النعت غير الضروري علمياً في مفردة [الدموي] في العنوان والإهداء والمدخل، تعني إن المؤلف وبالتالي كتابه يصدران عن حكم مسبق، ذي قيمة معيارية (سالبة على الصعيد القيمي بحق شعب هو الشعب العراقي) وإن هذا الحكم المسبق وتلك القيمة المعيارية نامية وراسخة بالنوع (الدم وتفاصيل الحادث العنفي) والتكرار على امتداد 435 صفحة.

نعود إلى مسرد الكتاب المحتوي على ما يقرب من مائة وخمسين تفصيلا أو عنواناً داخلياً وقد صيغ هذا العدد الهائل من العناوين بنفس الطريقة التي خرجنا منها بالإحالة النفسية الفارطة فبعد تمهيد، سنعود له بعد قليل، عنونه المؤلف بذات النوع المعبر والمنحاز معيارياً من العناوين، يقول(تمهيد لخمسة آلاف سنة من العنف الدموي). لنقرأ الفصل الأول المخصص كما يقول عنوانه، لأحداث العنف الدموي في وادي الرافدين منذ فجر السلالات 3000 ق.م حتى الاحتلال الفارسي 539 ق.م. هذا هو العنوان الداخلي الرئيس للفصل ولن يكون قليل الفائدة لو أعطينا للقارئ عينات من هذه العناوين الداخلية وهذه مجرد أمثلة منتقاة من الفصل الأول فقط:
ـ بلاد الرافدين تاريخ عريق يبدأ بالعنف التصادمي.
ـ صراع إبادة بين دول فجر السلالات.
ـ الشواهد المبكرة للعنف الدموي في مملكة أور.
ـ مملكة لكش تسحق أور.
ـ الغوثيون ينشرون الخراب والخوف.
ـ التدمير ولابتلاع يتواصل بين ممالك وادي الرافدين
ـ بابل تدمر دولة أشنونا.
ـ تدمير آشور ونينوى.
ـ احتلال اورشليم وسبي اليهود 598ق.م.
ثم تأتي الخلاصة المعروفة والحكم المسبق واللاتاريخي في آخر عنوان فرعي، ليس مصادفة – كما يبدو لنا – إنه جاء مباشرة بعد ذاك الخاص بما سماه المؤلف (احتلال أورشليم والسبي اليهودي) فتقول الخلاصة:
ـ أرض الرافدين ساحة للعنف الدموي.

إن عناوين الفصول التالية ليست أقل عنفية واستفزازية وانحيازا لحكم المؤلف كهذا العنوان الشائن والسبة المهينة لشعب الأنبياء والشعراء في الفصل الثالث [أهل العراق/ التطرف والبصيرة العمياء] بل إنها سترتقي درجة بل درجات في الصعيد التلذذي، إن صح التعبير، خصوصاً حين سيستعمل المؤلف عبارات ذات دلالات معينة من قبيل: إحراق مائة رجل/ ذبح أربعمائة راهبة نصرانية/ يسحل جثة أخيه/ يقتل ابنه/ مات مسموما/ قتلوه رفسا/ كحله بمسمار محمي/ سحقت خصيتاه/ ونكتفي بهذا القدر المثير للغثيان، وهنا، فنحن لا نشكك بوقوع هذه الحوادث أو للدقة أغلبها فلا يوجد تاريخ لجماعة بشرية يخلو من أمثالها وتصفح سريع لصفحات الحوادث في الجرائد اليومية في هذا البلد أو ذاك تثبت ما ذهبنا إليه، ولكننا أردنا التأشير على مواطن الأحكام المسبقة والتي إذا ما مزجت بانعدام المنهجية وحضور النظرة الذاتية السطحية المدفوعة بالرغبة الجامحة في الوجاهة أو جلد الذات المازوخي أو كليهما، تحولت إلى مزيج متفجر ينسف تاريخ وشرف أسراب الملائكة نفسها وليس العرب ومنهم العراقيين فقط!

وهكذا فإن القارئ سيتوصل سريعاً إلى أن الكتاب الخطير والذي يسبب الأذى والخسائر المعنوية والمادية لشعب ما، هو ليس فقط ذلك الكتاب العلمي المتماسك والدقيق الذي يكتبه عدوه التاريخي عنه بل هو، كما في حالتنا هذه، قد يكون كتاباً اعتباطياً مشوشاً يكتبه المرء عن تاريخ شعبه وهو لا يعلم بأن ما يجمع كتابه بالكتاب الحقيقي ليس سوى النسبة نفسها من مادة السلليلوز في ورق كليهما رغم أنف النوايا الحسنة والرغبات الذاتية (المعلنة) والتي قد يعتصم بها صاحب المحاولة الاعتباطية، هذا إذا أحسنا الظن بطبيعة الحال ولكن الدلائل واتجاهات القراءة والمضامين القادحة والصادمة في الكتاب المشار إليه لا تشجع كثيراً على فعل ذلك.

كما لا يشجع أيضاً على حسن الظن ـ مع إننا ندرك أن العلوم والكتب العلمية لا ينتجها حسن الظن فقط ـ الظرف التاريخي المأساوي السائد الذي يعيشه الشعب العراقي فمنذ عقد تقريباً وهذا الشعب ضحية لعنف همجي مجنون يشنه ضده الغرب الإمبريالي المقاد بالتحالف [الإنجلوأمريكي] معبراً عنه بالحصار الغذائي والدوائي الشامل والقصف والقتل والتدمير بالصواريخ والطائرات يومياً تقريباً إضافة إلى ما يعانيه هذا الشعب من عنف رهيب آخر تمارسه دكتاتورية دموية تحكم البلاد منذ ثلاثة عقود تقريباً، نقول، رغم كل بشاعة تفاصيل هذه الصورة يجد البعض وقتاً وورقاً ومالاً ليدرسوا (وعلى طريقتهم الخاصة) العنف العراقي الدموي! ومع ذلك فهذا الأمر من حقهم تماماً ومن حقنا أن نقرأ ما كتبوا عن شعبنا وبلادنا وبطريقتنا الخاصة أيضاً فلا مجال لقسر الفكري هنا أو هناك ولكننا نرتضي أن يكون العلم وأساليبه والتاريخ وحقائقه حكماً بيننا وبينهم.

وننتقل الآن لمناقشة مقدمة الكتاب التي عنوانها كما آنفنا (تمهيد لخمسة آلاف سنة من العنف الدموي) ففيها نعثر على الكثير من فكرات الكاتب وعناصر (طريقته الخاصة) في النظر إلى الموضوع. إنها مناسبة لا ينبغي أن نفوتها سيما وأن الكاتب سيكف فيما بعد، أي في فصول كتابه اللاحقة، عن التفكير شخصياً بموضوعه ويَـغرَق ويُـغرِق قارئه بالأحداث التاريخية الغارقة بدورها في الدماء.

مرة أخرى، يصدمنا مؤلف (تاريخ العنف الدموي في العراق) وفي السطر الأول من كتابه بالبديهية التي لا تقبل النقاش، وحجر الفلاسفة الذي اهتدى إليه وهو ما سميناه نحن حكمه المسبق والمنحاز معيارياً حول هذه الظاهرة المعقدة ـ العنف في التاريخ ـ ولكنه، ولإعطاء صدقية أقوى لمصادراته اللاتاريخية، ينسبها ـ تلك الحقيقة التي تحمل قوة البداهة من وجهة نظره في أن العراق وشعبه وتاريخه مصاب بداء العنف وسلسلة أخرى من الأمراض النفسية والأخلاقية والاجتماعية سنأتي على ذكرها وتفحصها في قادم الصفحات ـ ينسبها إذن، إلى الآخر وبصيغة إطلاقية تعبر عنها مفردة (الناس). فقد بدأ كتابه بالسطرين التاليين:

(قد يكون من النادر أن يذكر العراق وأهل العراق في حديث من الأحاديث بين الناس، دون أن تذكر ظاهرة العنف والدموية اللصيقة بتاريخ هذا الشعب وهذه البلاد. ص15).

نضع أيدينا هنا على ثلاث مصادرات ينطوي عليها هذا الكلام:

أولا: يخلط الكاتب عن عمد بين وجود حيثية العنف كظاهرة حقيقية في تاريخ كل الشعوب وبين صفة أو سبة (الدموية) ذات المنحى الإنشائي الأخلاقي والتي سيكررها الكاتب مئات إن لم يكن آلاف المرات في طول وعرض كتابه. وهدفه من وراء عملية الخلط هذه هو مزج النتائج بالأسباب وإرغام القارئ على التسليم بقناعاته الفاسدة علمياً.

ثانياً: يستعيض الكاتب عن التحليل العلمي والتساؤل المنهجي القائم على علم التاريخ العام أو أحد فروعه أو علم النفس المجتمعي أو علم الاجتماع أو أي علم آخر قد يكون سمع به أو عنه صاحب الكتاب، يستعيض عن كل ذلك بكلام وأحاديث المقاهي والشائعات وما دخل في عداد البداهة رغم لا منطقيته ولا عقلانيته من قبيل (بديهيته قرن الثور الذي تستند إليه الأرض.. الخ) أو (المصريون شعب من الراقصين والراقصات يجمعهم الدف وتفرقهم العصي) أو (أهل الشام تجار ومتاجرون يبيعون السمك في الماء والولد في بطن أمه) وغير ذلك مما يدخل في باب الفولكلور الشعبي ولكنه لا يخلو من بصيص من الحقيقة وقد حول هذا البصيص إلى أكذوبة أو لنقل إن الأمر لا يخلو من جذر واقعي جرى تشويهه بقسوة ولأسباب معينه وسنعود لهذه النقطة بعد قليل لبيان تهافتها العلمي وعدم اكتراثها بكرامة الشعوب.

وللحديث صلة في الجزء القادم وسيكون الخامس  .

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق لن يكون - سعودية - ثانية في المشرق العربي !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الث ...
- إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !
- المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- ال ...
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان
- الآداب الممنوعة وحصة العراق


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة / الجزء الرابع : التشويه المقصود للتاريخ العراقي القديم