أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - هل المجتمع المدني ضد الدولة؟















المزيد.....

هل المجتمع المدني ضد الدولة؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5015 - 2015 / 12 / 16 - 17:15
المحور: المجتمع المدني
    



قبل حلول موجة ما يُسمّى الربيع العربي والتغييرات التي حصلت في عدد من البلدان العربية، لم تؤخذ دعوة المجتمع المدني إلى الإصلاح على محمل الجد، وازدادت أوضاعنا العربية سلبية وسوءاً، الأمر الذي هيّأ لاندلاع انتفاضات وثورات وتمرّدات، استطاعت الإطاحة ببعض الأنظمة، لكنها في الوقت نفسه أثارت غرائز كثيرة مكبوتة، فانتشرت الفوضى وعمّ العنف واستشرى الإرهاب، وتهدّدت الدولة الوطنية بالتآكل، في أمنها وممتلكاتها العامة وكيانيتها، لدرجة أن الكثير من القوى بدأ يحتمي بمرجعيات ما قبل الدولة، مثل الطائفية والمذهبية والإثنية والعشائرية والجهوية وغيرها. ومثل هذا الأمر قاد إلى خيبات ومرارات لا حدود لهما.
قبل اندلاع الانتفاضات شاعت بعض المصطلحات من قبيل «الإصلاح القسري والإصلاح الطوعي» أو الإصلاح «بالقوة» والإصلاح «باللين» أو «الإصلاح العنفي والإصلاح السلمي»، أو «الإصلاح الثوري والإصلاح التدرجي» أو «التوافقي» أو «الإصلاح المنفلت والإصلاح المنضبط»، أو «الإصلاح الفوقي والإصلاح التحتي»، إلى ذلك نُسب الإصلاح إلى مواقعه، فقيل «الإصلاح الداخلي» و«الإصلاح الخارجي».
ولعلّ هذا يعني فيما يعنيه وجود اختلافات حول المعنى والمضمون والآليات والوسائل، ناهيك عن وجود عقبات جدّية بوجه الإصلاح والديمقراطية حالت وتحول دون إحداث التغيير المنشود، وهذه المعوّقات الداخلية والخارجية تتداخل بترابط عضوي بين ثنائية الشراكة والقطيعة، وبخاصة بعلاقة المجتمع المدني بالدولة، والتبست إلى حدود غير قليلة علاقات السلطة والمعارضة، والفعاليات الاجتماعية والمدنية، الأمر الذي عمّق سبل الافتراق والاحتراب وضاعف الهوّة بين التطوّر الدولي في هذا الميدان، وبين القيود والكوابح التي لاتزال تعرقل التنمية والديمقراطية والإصلاح في مجتمعاتنا.
ولابدّ هنا من الإشارة إلى أننا عندما نتحدث عن الإصلاح الديمقراطي، فلا نقصد بذلك الحكومات وحدها، لأنها مهما حاولت وسعت، إلاّ أنها لا يمكن أن تتصدىّ لهذه المهمة الطويلة والمعقدة بمفردها فقط، على الرغم من أنها المسؤولة الأساسية. الحكومات بحاجة إلى شراكات حقيقية من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات السياسية والنقابية والمهنية، للاضطلاع بدورها في عملية الإصلاح الديمقراطي، وهي مسؤولة أيضاً عن نجاح أو إخفاق عملية الإصلاح، وإن كانت بدرجات أدنى.
ولهذا السبب أيضاً لا يمكن اليوم التعكز على بعض القضايا الوطنية وبحجّة السيادة، أو عدم التدخل بالشؤون الداخلية، للتضحية بقضية الإصلاح أو مقايضة الديمقراطية والتنمية، لأن ذلك سيؤدي إلى تبريرات وتسويغات من شأنها استمرار النُظم المستبدّة والمناوئة للديمقراطية والإصلاح، مثلما لا ينبغي بحجة الإصلاح ارتهان الإرادة الوطنية وإخضاع المصالح الوطنية والقومية للقوى الخارجية وللمشاريع الأجنبية، أي قبول منطق الاستتباع والهيمنة والتعويل عليها لإنجاز مشروع الإصلاح الديمقراطي.
إن المعادلة الصحيحة، التي يجب اعتمادها بالاستفادة من دروس الماضي القريب، ناهيك عن الحاضر، هي إن الشروع بالإصلاح والتوجّه نحو التنمية، يُضعف من فرص التدخل الخارجي، ويحول دون إعطاء مبررات إضافية للتدخّل المفروض إقليمياً ودولياً، والعكس صحيح أيضاً، وذلك ما أكدته التجربتان التونسية والمصرية، في حين كان التدخّل الخارجي في ليبيا وسوريا مدمّراً، أمّا تجربة اليمن فهي تحتاج إلى إعادة قراءة في ظلّ تداخلات من المحيط الإقليمي.
يمكننا القول استنتاجاً: كلّما تنكّرت السلطات الحاكمة لاستحقاقات الإصلاح والديمقراطية، أو سعت المعارضات السياسية للاحتماء بالخارج والتعويل عليه بحجة العجز أو الجزع من مواصلة النضال لتحقيق الإصلاح الديمقراطي، وانسداد فرص تطوير الأوضاع السياسية من الداخل، كان التداخل الجراحي الخارجي خطراً، وتذهب، بل وتتبدّد معه خطط الإصلاح والآمال، ولعلّ النموذجين الأفغاني والعراقي يشيران على نحو صارخ إلى حقيقة باهرة هي الأخرى، تكمن في أن رفض الإصلاح والديمقراطية داخلياً، قاد إلى احتلالات وفرض إرادات، وإنْ كان ذلك تحت حجج وذرائع متناقضة، لكن وفي كلتا الحالتين كانت الضحية هي؛ الديمقراطية والإصلاح والتقدم الاجتماعي والتنمية ومصائر الشعوب ومستقبلها. صحيح أن للقوى الخارجية مصالحها وخططها، لكن بعضهم كان يعطيها مبرّرات ومسوّغات إضافية للتدخل وإملاء الإرادة.
إن الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي سواء بانتفاضة أو بتراكم في التطور، يتطلّب الإقرار بالمساواة بين المواطنين وبمبادئ المواطنة الكاملة، الأساسين في الدولة العصرية. وهذان الأمران يحتاجان إلى إقرار واعتماد التعدّدية الفكرية والتنوّع السياسي والقومي والديني في مجتمعاتنا، وضمان الحرّيات للأفراد والجماعات، وبخاصة حرّية التعبير وحرّية التنظيم السياسي والنقابي والمهني وحرّية الاعتقاد وتوسيع دائرة المشاركة السياسية، باعتبارها حقاً أساسياً، يضمن حق تولّي المناصب العليا والوظائف العامة دون تمييز، بسبب الدين أو العرق أو اللغة أو الاتجاه السياسي أو الانحدار الاجتماعي أو الجنس أو المعتقد أو لأي سبب آخر.
وتستوجب حيثيات الإصلاح نبذ العنف من الحياة السياسية والركون إلى الوسائل السلمية واعتماد لغة وفقه الحوار والتعايش والاعتراف بالآخر، كما يتطلّب الإصلاح الديمقراطي إجراء انتخابات دورية لاختيار الشعب لممثليه.
أمّا الآليات الخاصة بالإصلاح، فإنها يمكن أن تتأطر من خلال المشاركة الحقيقية للمجتمع المدني وعبر المساءلة والشفافية، واتخاذ إجراءات عاجلة لإلغاء الأحكام العرفية ورفع حالات الطوارئ، إذْ إن العديد من البلدان العربية لاتزال حتى هذه اللحظة تعيش في ظلّها منذ عقود، ويتطلّب الأمر أيضاً وقف العمل بالقوانين الاستثنائية، وتأكيد اعتماد آليات تنسجم مع المعايير الدولية لاحترام حقوق الإنسان، واحترام الشعائر والطقوس الدينية بتحديد علاقة الدين بالدولة، ونطاق وحدود كل منهما، لكي لا يحدث هناك نوع من التماهي أو التصادم، بما يجعل الدولة ومعاييرها لوحدها هي الضامن والحاضن للحقوق والحرّيات، وعدم التجاوز عليها، ويعطي للدين المكانة الوعظية، الإرشادية، الروحية، التي تثري الجانب الأخلاقي والمعنوي في حياة الإنسان، من دون تدخل بمسار الدولة أو آلياتها.
كما يتوجّب الأمر إحداث نقلة مهمة في الميدان التربوي بتغيير وتطوير المناهج الدراسية وتنقيتها من كل ما يتعارض مع حقوق الإنسان وحرّياته، وهذا يقود إلى التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة باحترام حقوق الإنسان، وبالتالي الاهتمام بنشر الثقافة الحقوقية والديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان، ويمكن هنا أن يلعب المجتمع المدني دوره كقوة اقتراح، سواء بتقديم مشاريع للبرلمان أو أنظمة وقواعد عمل أو برامج خاصة، كما يمكن الإسهام في التدريب والتأهيل. وهكذا يدغم عمل المجتمع المدني بالدولة، على الرغم من استقلاليته ومهنيته وعدم انخراطه في السياسة، خصوصاً بوضعه مسافة واحدة بين السلطة والمعارضة، وهو الأمر الذي يقود إلى التواؤم والتفاهم وليس التعارض والتناقض.
[email protected]



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان
- الفيدرالية والأقاليم: معنًى ومبنًى
- آرا خاجادور وزيارة التاريخ!!
- هل سيبقى العراق موحداً؟
- العراق.. من الدولة الفاشلة إلى الكيان الهش
- ماذا يريد البرلمان العراقي.. وماذا يريد العبادي؟
- وماذا عن التجارة غير المشروعة ؟
- دستور وعقول وأقلام
- محمود البياتي: سنّارة الحلم والذاكرة التي تأكلنا!
- الأزمة العراقية والسيناريوهات المحتملة
- من سيحسم معارك الأنبار وصلاح الدين : واشنطن أم موسكو؟
- جائزة نوبل والمجتمع المدني
- «الجنائية الدولية».. تغوّل السياسة على القضاء أم ماذا؟
- العراق و شعار الدولة المدنية
- الأب سهيل قاشا : الرافديني المسكون بهاجس الحضارة *
- تقسيم كردستان خطيئة أما الاقتتال فهو جريمة!
- إنعام رعد : يقينيات السياسي وتأمّلات المفكّر
- هوان العراق
- سرديات الحداثة الدينية في فكر السيد فضل الله
- كريم الملاّ- سردية الاختلاف ونبض الائتلاف


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - هل المجتمع المدني ضد الدولة؟