|
حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5015 - 2015 / 12 / 16 - 12:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مَن هو: “عضو مجلس النواب"؟ هو مواطنٌ من المواطنين، يتوسّم فيه المواطنون أنه كفؤٌ لأن "ينوب" عنهم أمام الدولة، فيكون مُمثلا لهم في المطالبة بحقوقهم، إن أُهدِرَت، ويراقب عنهم أداء الحكومة فيوقفها إن إعوجّ مسارُها عن الطريق القويم الذي يضمن صالح المواطنين، ويساهم في إصلاح التشريع بما يناسب اللحظة الراهنة، حتى لا يكون تشريعُ القوانين حِكرًا على صانع القرار والقضاة، بل يكون للشعب كافة رأيٌ فيه. هو "نائب". أي "ينوب" عن المواطنين في فتح جميع الملفات التي تؤرّق حياتهم وتمنعهم من العيش عيشًا آمنًا كريمًا دون فقر ولا ذل ولا عنصرية ولا مهانة. فإن كان هناك مجتمعٌ يعاني من ظواهر إرهابية، مثل مصر الراهنة، هل يجوز أن ينوب عن المواطنين في مجلس الشعب نائبٌ إرهابيّ ثبت تورطّه في عمليات إجرامية، أو ثبُت تورطه في تحريض على عمليات إرهابية؟ بكل حسم، لا يجوز. لأنه سوف يُكرّس روح العداء والإرهاب في ذلك المجتمع، بل ويشرعنها. لن يتحمس نائبٌ كهذا لقانون يغلّظ العقوبة ضد مخربي الأوطان والإراهبيين ومكدري السلم العام، وربما انبرى لقرارات تطلق سراح إرهابيين قتلة من سجونهم كما فعل جاسوس الإخوان محمد مرسي حين سرق عرش مصر ذات غفلة منّا. وإن كان هناك مجتمعٌ مثل مصر الراهنة، يعاني من ظاهرة التحرّش الجسدي بالمرأة، ومن آفة عدم احترام حقها في تقلّد الوظائف العليا لأنه ناقصة الأهلية والعقل كما يشيع الرجعيون، هل يجوز أن ينوب عن الشعب في ذلك المجتمع نائبٌ لا يحترم المرأة وله آراء تقلّل من شأنها؟ بالطبع لا يجوز، لأنه سوف "يُشرعن" تلك الآفة ويجعلها سائدة بحكم القانون، وليس فقط بحكم الجهالة وغياب الوعي المجتمعي وانهيار العملية التعليمية والتثقيفية في المجتمع. ولن نتوقّع من نائب كهذا أن يسنَّ قوانين تنتصر للنساء وتنصف المرأة المعيلة، والفقيرة، والأرمل، والمطلقة، ولن يتحمس لقوانين تمنع زواج الطفلات، والقاصرات وتغلّظ العقوبة ضد المتحرش بالإناث، ولن يفتح ملف التسرب من التعليم عند تلميذات النجوع والقرى. وإن كان هناك مجتمعٌ ما، متعدد العقائد مثل مصر، يعاني مواطنوه من بعض المشاحنات الطائفية، التي وصلت في بعض ذرواتها إلى مراتب الفتنة الطائفية، هل يجوز أن ينوب عن المواطنين في ذلك المجتمع نائبٌ يحمل روحًا عنصرية طائفية تُفرّق بين المواطن وأخيه على أساس الاختلاف العقدي أو الطائفي؟ لا يجوز بكل قطع، لأن نائبًا كهذا سوف يُكرّس مفهوم العنصرية والطائفية إن كان موجودًا في ذلك المجتمع. وسوف لن يتحمس لتوقيف ناثري بذور الفتنة في البلاد بالقانون، ولن يعمل على تنقية المناهج الدراسية من القنابل الموقوتة التي تغرس في النشء الصغير روح العنصرية البغيضة، ولن يعمل على تثقيف الشعب وتعليمه أسس المواطنة الحقيقية القائمة على العدالة والمساواة بين أبناء الأمة وضمان حقوق الجميع دون النظر للعقيدة أو الطائفة التي ينتمي إليها مواطنون دون سواهم. وإن تفاقمت في مجتمع ما، نسبةُ الأمية وانتشرت آليات التجهيل العمدي كما في مصر الراهنة ومنذ ستين عامًا، هل يجوز أن ينوب عن الشعب نائبٌ أميٌّ لا يعرف هول النعمة التي حُرم منها ولا يقدّر قيمة العلم في إنهاض الإمم؟ لا يجوز دون شك لأن نائبًا كهذا سوف يعرقل كل مساعي حكماء مصر لإعادة هيكلة منظومة التعليم الفاشلة في مصر، ولن يتحمس لمراقبة كادر التعليم في الحكومة لضبط المخالفات التي يجب وقفها ومحاسبة المتسبب فيها. وإن كان هناك مجتمع يرزح أربعون في المائة منه تحت خط الفقر، ويعاني ثلثاه من الفقر الحقيقي، ويعاني معظم شبابه وشاباته من البطالة منذ عقود وإلى أجل غير محسوم، مثل المجتمع المصري، هل يجوز أن ينوب عن الشعب في ذلك المجتمع نائبٌ اشترى صوت الناخبين بالمال وكراتين الزيت والسكر والأرز؟ لا يبيع صوته إلا فقيرٌ ذو حاجة وذو عَوَز. فيبيع صوته كما تبيعُ البغيُّ جسدَها مقابل المال، وفي بيع صوته إهانة كبرى للناخب وأيضًا للمرشح لو كان يدري. فأي نائب هذا الذي وصل إلى مقعده في البرلمان فوق أصوات الفقراء والمعوزين؟! هل نتوقع من نائب كهذا أن يفتح ملف الفقر وملف البطالة وملف المعاشات وملف المعدمين تحت خط الفقر وملف المرأة المعيلة؟ ليس مجنونًا ليفتح ملفات في بقائها ضمانٌ له لينجح في الانتخابات مرةً تلو مرة، تلو مرة. لو اختفى الفقرُ من مصر، واختفت البطالةُ وانتعش الناسُ اقتصاديًّا، كيف يصلُ مثل هذا النائب أو ذاك إلى مقعده في الدورة التالية؟ لهذا سوف يعمل من وصل للبرلمان بشراء صوت الناس على تكريس الفقر وتكريس البطالة. وقد شهدنا جميعًا على شاشات التليفزيون طوابير الناخبين يصطفون في طوابير ليبيعوا أصواتهم للمرشحين، ولم تتخذ الدولة أي إجراء لوقف هذه المهزلة ولم تُسقط أولئك المرشحين! وكأنما صار الامتهان قانونًا، وأضحى بيع الصوت عرفًا مستساغًا، في دولة تزعم أنها على خطى الديمقراطية الحقّة.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
-
نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
-
أسعد امرأة في العالم
-
ضد مجهول ضد الإنسانية
-
المرأة وخلط الدين بالسياسة
-
حكاية الرجل الشرير
-
في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة
-
إنهم يكرهون المادة 53
-
الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
-
مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
-
الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
-
خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
-
سقطة الكردوسي
-
صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
-
طفلٌ أصمّ في الجوار
-
هَدْرُه علَّمَ الجشَع
-
أصل الحدوته
-
مصر زعلانة منك
-
شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
-
مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|