|
هل العراقي يتحاور ام يتجادل ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5014 - 2015 / 12 / 15 - 20:13
المحور:
المجتمع المدني
الحوار فن و ثقافة و ينتج عنه ما يفيد دائما و ان كان الموضوع ثانويا للمواطن، و ان لم يصل المتحاورون الى الاتفاق، و ليس من الضروري ان ينتهي الحوار بنهاية، سواء متفقة او مختلفة مع البعض حول الموضوع الذي يُدار الحوار حوله . فانه عملية حضارية حداثوية، يتم بيان راي و مواقف و رؤى المتحاورين حسب معرفته بالموضوع و محتواه و المعلومات التي يمتلكها نتيجة اطلاعه عليها او معايشته لما يتحاور حوله . فان السامع او القاريء او المشاهد لاي حوار، يفهم و يقيَم و يصدر احكاما مع نفسه حول احقية اي من الاطراف او الطرفين في موضوع النقاش . ان كان مستوى المتحاورين من الجوانب الكثيرة عالية او مقنعة للمتابعة فان الناتح مهما كان فانه يدع المتابع ان يستفيد منه . و اما الخلاف حول الموضع اساسا او من خلال تفاصيل او اثناء الحوار و ما يبرز خلاله من المستجدات، اما يدع المتحاورين يبتعدون عن البعض او يقتربون او يصلون لحال الجدال و البعض الى السفسطة العاقرة . و من خلال التحاور و اسلوب المتحاور و نطقه و استخدامه للجمل و بيانه لما عنده من المعلومات، سيدع المتابع ان يضعه في مستوى يفرض نفسه لمتابعته و هناك من الاساليب المبتذلة لدى المتحاورين الكثيرين الذين ينفر منهم المتابع منذ بداية حواراتهم . فان ثقافة و معرفة و معلومات المتحاور و عقليته و افكاره و ايمانه بالتحاور هو الذي يدع المتابع ان يضعه في مستوى الذي يكون راضيا عنه و يؤمن بكلامه و دلائله و ما يطرحه، و هناك من هم يجولون و يصولون دون الكلام عن صلب الموضوع المطروح لاسباب عديدة منها؛ سياسية او ايديولوجية او اعتبارا للمصالح المختلفة او امتلاكهم للمعلومات حول ما يتكلمون، لذلك نرى وصول بعض النقاشات التي لم تصل لحد ان نسميه حوارا، عندما تدخل فيه مفاهيم او تسميات او كلمات سوقية لا علاقة لها بفحوى الموضوع، مما يضع المتحاور في مكان يضر بنفسه و مكانته و حتى شخصيته و لم يفد المتابعين له . لا يمر يوم الا و نسمع او نرى الحوارات العديدة خلال القنوات التلفزيونية العراقية و العربية، انا هنا لا اتكلم عن ما وصلت منها لحالة الضرب و استعمال الكلمات الخشنة و حتى استعمال الات جارحة و البعض عن طريق اللجوء الى السلاح . فانه ان كان حوارا ليس في ساحة المعرفة و الثقافة و الارضية الملائمة لمفهوم الحوار العصري الذي لم يصل اليه البعض، بل انه معركة سياسية عسكرية على ارض الاعلام و يسمى بالتحاور زيفا و بهتانا . كم من المحاورات وصلت الى تلفيق التهم و السب والقذف و الشتم والسب و القدح في التلفزيونات العراقية و العربية، و بالاخص عند السياسيين المتعصبين المتطرفين الذين يحملون افكارا متطرفة . و ما وصلوا اليه ليس شرطا ان يكونوا قد ارادوا ان يصل اليه التحاور او متعمدين في الوصول الى ما يصل، و منهم نكشفه منذ البداية، ان جهة او شخص منهم متحضر لانهاء الحوار او ايصاله الى ما مخطط له سواء من دوافعه او نتيجة اوامر حزبية او سياسية او دينية او مذهبية دفعته الى ايصال النقاش الى الفوضى، لاسباب عديدة، و منها: 1- وجود خلاف مسبق بين المتحاورين و انتمائاتهم سواء الحزبية او العرقية او الدينية اوالمذهبية . 2- عدم امتلاك طرف منهم او الطرفين او الاطراف معلومات كافية حول الموضوع و بالتالي يصابون بالخطا و يلجئون الى التشدد لتخلص النفس من الاحراج، و يتم هذا لدى الانانيين الذين لا يريدون ان يعترفوا باحقية الاخر . 3- مجيء احد الاطراف اساسا لاحداث خلل في الحوار الذي يعتبره لصالحه و من اجل دوافعه المختلفة . 4- الاعتماد البعض على خلفيته الاخلاقية و الثقافية و العلمية و مدى ايمانه بالحوار و معرفته له من اساسه، و نظرته له كحوار و ليس كمعركة تكون فيها المنتصر و المهزوم . 5- الاهداف السياسية المختلفة وراء قناعته، بانه يجب ان ينتهي الحوار لصالحه من اجل مصالحه، او ان يحصل على الشكر و التقدير من قبل مسؤليه او مديريه . 6- عدم معرفته اساسا بمضمون الحوار و اصوله و اهميته و اهدافه باي شكل كان . 7- عدم وجود الخبرة المطلوبة و اهمية الحوار و تعليم الاخر المتابع و استفادته منه و مجيئه من اجل كسر الاخر و فرض ما يؤمن عليه باي شكل او اسلوب و ان كان تخلفيا، و هو يحمل ما في جعبته للخلاص من الاخر . 8- حداثة عمله في مكان فرض الحوار عليه، و اتباعه لخلفيته الثقافية و انعكاسا لبيئته و تنظيمه او عائلته و المكون الذي ينتمي اليه . و عليه، فان الحوار فن و معرفة و ثقافة، و لا يمكن ان يصل المحاور الحال الى الفوضى و التخبط ان كانت الاطراف جميعا تؤمن به، او خلفياتهم المختلفة بمستوى تساعد على ان نسمي اللقاء الذي يتم فيه الكلام و النقاش بالحوار، الا ان اكثرية المجادلات تجري باسم الحوار و الحوار منه بريء. هنا في العراق يمكن ان يعذرنا الاخرون، لاننا حديثون عن الحوار و ما يتضمنه من المحددات و الشروط، نتيجة الكبت و الخوف و القمع الدائم لاجيال متتالية من شبابنا و لحد سقوط الدكتاتورية نسمع بالحوار و لم نمارسه ،و بالاخص اثناء حكم الدكتاتورية من اتباعه لنظام الجاسوسية و الخوف، بحيث كلما سكت المواطن كانن اضمن له سلامته، لانه سيقى نفسه من السجن و المتابعة و يكون امينا لا يلاحقه المخابرات او لم يُكتب عليه تقرير على كلمة او جملة واحدة فقط و يعدم بعده . اذاً، اننا لازلنا في البداية و بدانا نتلعم الحوار رويدا رويدا، و لكن اكثرية النقاشات التي نسميها بالحوار ليس الا جدالات و سفسطة يتم باسم الحوار .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار الكوردستاني و الموقف من مستجدات المنطقة
-
ما بين الكبت و المواضبة في الحياة
-
ألم تحارب روسيا داعش ام يدعمه الاخرون ؟
-
استمرار تركيا في استفزازاتها !
-
الهدف الرئيسي لتركيا هو عزل اقليم كوردستان عن كوردستان سوريا
...
-
تنسيقات متناقضة بين اطراف محاور الشرق الاوسط الجديد
-
ما يحدث في سوريا بداية للتوجهات العالمية الجديدة ؟
-
عدم احتراز اقليم كوردستان لاي احتمال مستقبلي
-
لماذا يخافون الاعلام اكثر من اي عدو؟
-
حادثة البعشيقة و ما وراءها
-
الهدف الغاء البعض لاكتساح المنطقة مستقبلا
-
البرزاني يقامر على حساب الشعب الكوردي
-
هل تنجح انقرة في فرض المنطقة العازلة في سوريا ؟
-
شهر سيفه و لم يعد بامكانه ان يعيده الى غمده !!
-
هل اردوغان ينقذ تركيا و نفسه من المطبات التي وقع فيها ؟
-
اصرار العراق على خروج القوات التركية لاول مرة !!
-
يزيدون الحطب الجزل لنيران تفرقهم و تشتتهم
-
ما البرلمان العراقي من مجلس العموم البريطاني ؟
-
العقلانية في التوجه يمنع التخبط
-
لماذا يتحمل الشعب مغامرات القادة ؟
المزيد.....
-
مسئول أمريكي سابق: 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى ا
...
-
تواصل عمليات الإغاثة في مايوت التي دمرها الإعصار -شيدو- وماك
...
-
تسنيم: اعتقال ايرانيين اثنين في اميركا وايطاليا بتهمة نقل تق
...
-
زاخاروفا: رد فعل الأمم المتحدة على مقتل كيريلوف دليل على الف
...
-
بالأرقام.. حجم خسارة ألمانيا حال إعادة اللاجئين السوريين لبل
...
-
الدفاع الأمريكية تعلن إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانا
...
-
دراسة: الاقتصاد الألماني يواجه آثارا سلبية بإعادة اللاجئين ا
...
-
الأمن الروسي يعلن اعتقال منفذ عملية اغتيال كيريلوف
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
-
إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|