|
من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5014 - 2015 / 12 / 15 - 00:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو كان الغرب يرغبون بحل قضاياهم مع العرب ، بالتأكيد ، كان الأمر سيكون سهلاً وليس معقداً ، ومن المفترض كبادئ ذي بدء ، أن يعتذروا على ما اقترفوه ، كبادرة حُسن نية في فلسطين والعراق ، على الأقل ، وهذا يتطلب اولاً ، تحمل المسؤولية الكاملة ، أخلاقياً ، ومن جانب أخر ، التكفل بإعادة تأهيل الإنسان والدولة ، إلا أن ، ليس معقولاً ولا مقبولاً ، أن يحيل الغرب المسألة على أنها نتيجة هفوتين ، الأولى ، من بلفور والأخرى من بوش الابن ، اللذين كانا السبب في القضاء على مكونين أساسين من الشعب العربي ، وبين هذه وتلك ، حملت السنوات الخمس الأخيرة جملة تدخلات ، بدأت من خلال وسطاء وتستمر ، بانخراط مباشر من القوى الكبرى ، وبالرغم ما يشهده العالم من تطور في تصنيع للسلاح ، إلا أن ،مازالت العقلية العسكرية التى أدارت حرب العالمية الثانية سائدة وتقود العمل في العراق وسوريا بذات الطريقة ، فالروس بعد الفشل الأمريكي من التمكن في مواصلة احتلال العراق ، بالطبع / السبب ، التكلفة الباهظة التى سببتها نشر قوات برية ، تتوخى اليوم روسيا الحذر من اعادة التجربة الأمريكية ، لهذا ، تعتمد القوتان في تدخلاتهما على حرق الأرض قبل الانتشار ، وهذا يتطلب من الوقت ، كون المستهدفون من القصف ، مجموعات لا يعتمدون بالأصل على كيانات محددة وحريصون على امتلاك أنواع من السلاح الخفيف حتى لو كان عالي التأثير .
ثمة إذاً ، الكثير ما ينتظر جميع الأطراف ، لأن ، عملية التشتيت التى ترغب بها روسيا والولايات المتحدة معاً ، للجماعات المسلحة في العراق وسوريا ، بالتأكيد ، حسب التجربة وخبرة هذا الجماعات ، تحديداً ، لن تأتي بجديد ، والتغيير في المعادلة القائمة سيكون طفيفاً ، طالما ، الاعتماد على قوات عربية خاضت وتخوض حتى الآن ، معارك على الأرض ، إذاً في المحصلة ، وجود العسكري الروسي المقتصر على ضربات جوية ، ينتهي مفعوله قبل أن يبدأ ، ويصطف إلى جانب ، النظام الطائفي العراقي والحرس الثوري الإيراني وحزب الله ، ومن قبلهم جميعاً ، تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في الماضي القريب ، لكن ، تعمل المكنة السياسية الأمريكية بجهد مع المجتمع الدولي المتدخل في المنطقة ، بالتأكيد هناك ، غاية وقصد ، هو ، دفع جميع الأطراف الإقليمية إلى خطوط التماس ، حيث ، التراجع بات من المستحيل والتفاهم في الوقت الحالي ، أيضاً ، هي مسألة مستحيلة ، وقد يكون الأهم من كل ما يدبر ، أن القوة الأضخم والمسيطرة على المساحة الأوسع في الجغرافيتين ، سوريا والعراق ، خارج مجال المعارضة السورية والعراقية المعتمدة دولياً ، أي يعني ، كل ما يجري من مفاوضات ، ليس لها قيمة على الأرض ، وهذا ، يشير بأن القتال سيأخذ في المرحلة القادمة أساليب أعنف وأشد ضراوة .
الآن ، يوجد في الإقليم دول رخوة وأخرى مستباحة ، أمام دول متماسكة ، فالسعودية والعراق وسوريا ومصر ، حسب التصنيف التاريخي ، دول محورية ، سقطت دولتين ، وأصبحتا مستباحتان ، وهذا على الأقل يُفسر ، التدخل التركي الأخير في العراق ولاحقاً في سوريا ، بل هو بديهي ، أمام زحف مستمر من قبل إيران عبر غطاء الميليشيوي طائفي ، وبالرغم من التوغل الإقليمي الدولي معاً ، تقف الدول العربية هائبة من أي دور فاعل على الأرض ، تاركة الساحة لم يرغب بالتدخل ، الذي يسمح لتركيا في المنظور القريب ، أن تتدخل بشكل أوسع وأعمق ، لأنها ، ستحظى بحواضن متعددة ومنتشرة على طول وعرض الوطن العربي وخاصة في مناطق التوتر ، وهنا ، لا بد للدول العربية أن تعيد حساباتها من جديد على أسس تتعلق بالترابط التاريخي والجغرافي ، لأن ، من الأولى ، أن تقيم الدول العربية علاقاتها على أساس مصالح شاملة ، وأهمها ، الماء والزراعة والتسلح ، فتركيا ، تستحوذ على مصادر الماء في المنطقة ، وهي أيضاً ، تسير في طريق الاكتفاء الذاتي لصناعة السلاح ، طبعاً ، أصبحت من الدول الأهم في تصدير المنتجات الزراعية ، فنظرة رسولنا العربي صل الله عليه وسلم ، كانت ومازالت عميقة ، عندما تحدث عن ضرورة الوصول للقسطنطينية ، لأن ، خطورة تجاهلها أو التخلي عنها ، سيؤهلها أن تقود الخط العربي السني دون منازع .
حزب البعث في العراق وسوريا ، يتحمل بشكل كامل إضاعة الجغرافيتين ، بالإضافة ، أنه لم يستطع حماية الإنسان العربي في المنطقة ، من الدمار والتقسيم ، فجميع نداءات حيدر العبادي ، رئيس وزراء لما تبقى من العراق سابقاً ، لن تتخطى جدران المنطقة الخضراء ، بل ، سيصبح مطلب نواب السنة العرب وأغلبية العراقيين ، الذي يرفضون سلوك النظام الطائفي وأيضاً ، سلوك الجماعات المسلحة بضرورة التدخل التركي ، إذاً في هذه اللحظة وفي كل لحظة ، الغرب غير مستعدون للاعتذار وتصحيح ما جلبه بوش الابن على المنطقة من كوارث ، وأيضاً ، الدول الإقليمية ، الطامحة ، ليست بوارد التوقف أو التراجع ، وبين هذين العاملين الفاعلين ، يسير العرب وراء حرب مجتزأة ، تماماً ، كما فعلوا مع العراق أخيراً ، أبادوا نظام صدام وتركوا إيران وإسرائيل يتمددوا وينتشرون ، اليوم ، يعاد هذا الاجتزاء على سطح المعركة ، مطلوب مقاتلة ، الجماعات المسلحة في سوريا والعراق وفي مقدمتهم تنظيم الدولة ، داعش ، وغض النظر عن المليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني ، في حين يظن العرب أنهم مع طرد الجماعات المسلحة ، ستسمح الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية ، قيام دولة سنية ، والحال والثابت معاً ، أولاً ، من الجانب السياسي ، يعاني هذا التحليل إلى قصور ، رغم ادعاء أصحاب القرار أنهم على معرفة ، بل في الواقع ، هي امنيات ضالة تخاصم العقل وتفتقد إلى المنطق وغير مؤهلة التمييز بين الخطاب الإستشراقي المتكامل والأفكار ، فهناك احياناً أفكار تطرحها القوى الكبرى ، لكنها مرحلية ، والأرجح ، نحن أمام اعادة سيناريو الذي أطاح بالعراق من قائمة الدول المحورية ، حيث ، ستتحول العراق وسوريا معاً إلى ساحة حقيقية لمشروع أكبر ، هو ، الإطاحة بدول المنطقة .. والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
-
تدخُل تركي في سوريا قريباً،، على غرار التدخل الروسي
-
خطاب الملك عبدالله ، تحدي في ذروة احتدام الصراع في المنطقة .
...
-
الانتقال من السلاح الدمار الشامل في العراق إلى الإرهاب العرب
...
-
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
-
استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب
-
تحديثاَ شاملاً للدولة التركية في ظل منطقة مختلة
-
تهويل حول الجماعات الإسلامية وداعش،،، يتدرج إلى مستوى النازي
...
-
القسطنطينية مقابل الأندلس والقدس
-
أُسس التدخل الروسي في سوريا وجنوب أسيا
-
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
-
بين البحث عن الاستقلال والتورط بخطط الحاخامات
-
الأخ الكبير يدافع عن الأقليات بعد ما دافع عن الشعوب ال سلافي
...
-
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|