|
سوريا والأربعين حرامي - 1/2
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 22:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أدوا العمرة، معظم المعارضة السورية أعضاء مؤتمر الرياض، وعلى الأغلب تخلف عنهم السيدين جورج صبرا وميشيل كيلو، ولم يتبين فيما إذا تمكنوا من الاقتراب من الحرم المكي أم لا، فكما هو معروف أن الكعبة محاطة بمنطقة محرمة، يمنع دخوله غير المسلم، إلا اللهم إذا كانوا قد تغطوا تحت عباءة أحد التيارات التكفيرية. فالمعارضة السورية تكاد تتمركز بين الجهاديين والأصوليين السنة، ولا يرون غير العرب معارضة، وكل ما عداهم يجب أن يؤجلوا متطلباتهم إلى حين استلامهم للسلطة ووضع الدستور، حينها يمكن البث في القضايا القومية والأثنية، واسم سوريا الجمهورية العربية، وغيرها من البنود والمفاهيم التي كانت من الأسباب المؤدية إلى تحريف الثورة عن مسارها، واستفادت منها سلطة بشار الأسد ليتهم كل الشعب السوري بالإرهابيين والجهاديين والسلفيين، ويجلب أربعين حراميا إلى داخل سوريا. أقسم أعضاء الوفد أمام الكعبة بأنهم سيتفقون على صيغة البيان الختامي، لأن البعض قد وافق ضمنيا على بقاء البعض من سلطة بشار الأسد، ويتمنون من المشاركة في السلطة الانتقالية القادمة، باستثناء قادة المنظمات التكفيرية كالنصرة، الذين لا يستطيعون مشاهدة علوي شيعي في سوريا، وهؤلاء الذين استند عليهم السعودية وتركيا، لتغيير مسار الثورة، ونقلها من صراع بين الشعب وسلطة بشار الأسد إلى صراع بين المذهبين الشيعي والسني، علما أن منظمات مسلحة أخرى قدمت تصريحات لحلول منطقية، كجيش الإسلام حتى ولو كانت تحت الإملاءات السعودية. تباهى أعضاء مؤتمر الرياض بأنهم تمكنوا من عزل معارضة الداخل، أي معارضة السلطة للسلطة، واعتبروها خسارة لسلطة بشار الأسد في هذه الجولة، لغياب المعارضتين، التي يفرزونها بالعميلة والمتعاملة، داعش يرفضها الجميع وبدون استثناء رغم أن الكل يتعامل معها تحت أغطية متنوعة الشفافية، ومعارضة السلطة للسلطة، رغم كل محاولاتها لم تتمكن من إقناع ملوك الرياض بإرسال الدعوة لهم، لكنهم لم يستطيعوا منعهم من التحرك وعقد مؤتمر متزامن ومنافس لهم في إحدى مدن غربي كردستان، وفي مدينة رغم صغرها ومعاناتها تعتبر مفخرة حضارية بالنسبة للرياض. المؤتمرين، الرياض وديريك، لا يحق لهما وعلى الأسس التي من أجلها دفعوا للاجتماع، من وضع بنود أو قوانين مسبقة لسوريا القادمة، مهمتهما تنحصر فقط في تشكيل لجنة ستدخل في حوار مع سلطة بشار الأسد، والبند الوحيد الذي يجب أن يتفقوا عليه، هو شكل الحكومة الانتقالية القادمة، ومن سيرأسها، والكل متفق على إزاحة بشار الأسد، ولا يحق للحكومة(فيما إذا اتفقوا وتشكلت) التغيير في الدستور، إلا في واقع حكومة ثابتة وبرلمان يوافق عليه، وهنا تمكن الأهمية، وليس فيما صدر عنه من بنود، بل من سيمثل اللجنة، وهنا خالفت مجموعة ديريك بنود فيينا، وشكلت مجلس سوريا الديمقراطي، كخطوة استباقية قد يتشكل على أساسه برلمان سوريا القادم. والكرد في المؤتمرين لا ينتقدون حول عدم عرض أو فرض شروطهم القومية، كالفيدرالية، رغم ذكر لامركزية سوريا القادمة في مؤتمر ديريك، والتشديد على مركزية الدولة في الرياض، وكان هذا تهجم مباشر على البند الكردي الذي عرض على مؤتمرات المعارضة مرارا، والمشكلة الكردية في هذا المؤتمر تكمن في نسبتهم التي يمثلونها ضمن اللجنة، والتي لم تتعدى شخص واحد من أصل 32. أوجه المقارنة بين الرياض وديريك، غريبة ومسلية، فالمدينتين اللتين احتضنتا المؤتمرين المتزامنين للمعارضة السورية الوهمية، على طرفي النقيض في كل شيء، حتى في بيانيهما الختامي: فتناقضاتهما تتنوع بين: أولا، المدينتين 1- ديريك (ديريكا حمكو) تعاني من كل الأطراف، وقاعتها نورت على ضوء الشموع. والرياض تغرق في البزخ والترف، وقاعتها تلألأت بالثريات. 2- ديريك تعيش قمة العوز الاقتصادي مع الحضارة الفكرية والثقافية، ضمن بيئة جميلة جغرافية وحضارية، والرياض تعيش التخمة بكل أنواعها وفي الصحراء الفكرية والبيئية الثقافية قبل الجغرافية. 3- في ديريك من السهل رؤية المرأة وراء مقود السيارة، وفي الرياض، الجلوس وراء مقود السيارة حلم من أحلام المرأة، فما بالكم بسياقة السيارة ضمن شوارعها، تصوروا يا رعاكم الله كيف يريدون أن تكون عليها سوريا القادمة. فلا حرج في المقارنة بينهما حول بقية أنواع الحرية وعلى رأسها حرية المرأة. 4- في الرياض لا تزال محاكمها تحكم بقطع رؤوس البشر وأعضائهم، وفي ديريك لولا دستور بشار الأسد لكانت محاكمها على سوية الدساتير الإنسانية الحضارية. 5- يعيش في ديريك الكرد مع شعوب متعددة أحفاد حضارات دون تمييز، وفي الرياض لا يزال منطق العبودية صارخا، وغير العربي يفرز تحت درجات دونية. ثانيا، وجود الكرد في القاعتين 1- في مؤتمر ديريك اقتربت نسبة مشاركة الكرد من النصف، وفي مؤتمر الرياض لم يتجاوز 3%. 2- ليس طعنا في مواقف الوفد الكردي القومية، والصارمة، ولا في وطنيتهم، لكن في الرياض منع مسبقاً من التحدث عن حقوق الكرد القومية، وأجلت إلى ما بعد العمرة القادمة، أي أثناء كتابة الدستور السوري في مؤتمر الرياض القادم، وكررت جملة مركزية الدولة ووحدتها، وهي تهمة غير مباشرة كانت موجهة للإخوة الكرد ضمن القاعة. وفي ديريك تحدثوا عنها تحت إيديولوجية معينة، وركزوا على لا مركزية سوريا. 3- في الرياض دعي الوفد الكردي إلى المؤتمر وتاهوا ضمن الجدال بين التكفيريين والانتهازيين والبعثيين القدامى، وفي ديريك كان الكرد أصحاب البيت وهم من قاموا بإرسال الدعوات إلى الوفود الأخرى، لكنهم لم يذكروا الكرد وقضيتهم كما يجب. ثالثا، لماذا المؤتمرين وخلفياتها 1- مؤتمر ديريك كان التفاف على الرياض وقادمه سياسياً، شكلوا مجلس سوريا الديمقراطية، ومؤتمر الرياض شكل وفدا ليكون نواة لحكومة قادمة. 2- يرفض بشار الأسد التحاور مع وفد مؤتمر الرياض لأنه يعدهم منظمات مسلحة إرهابية، ولم يصرح فيما إذا سيتحاور مع مجلس سوريا الديمقراطية أم لا. 3- حضرت في قاعات مؤتمر الرياض العديد من الشخصيات السياسية ومن الدول الكبرى وكذلك وزير خارجية السعودية، ولم تحضر شخصية سياسية دولية مؤتمر ديريك، ولم يتحدث عنها وزير خارجية إيران، وكتم عنهم في الإعلام الخارجي 4- مؤتمر ديريك أقيمت في أحضان سلطة بشار الأسد وعلى بعد كيلومترات من مربعه الأمني، وعلى الأغلب كانوا مراقبين، وفي الرياض عقد المؤتمر في أحضان الإسلام الراديكالي، وقادة المذهب الوهابي، وهو أحد أهم مرجعيات داعش. 5- السعودية دفعت كل التكاليف واشترت بطاقات الطيران، وفي ديريك الإدارة الذاتية دفعت التكاليف وبموافقة الهلال الشيعي. 6- في الرياض كانت أمريكا تنتظر وفي ديريك كانت روسيا تراقب.
أراء بعض القراء عرضت الموضوع على صفحتي في الفيس بوك، وردت بعض الآراء المتضاربة، أخترت التالي: 1- (rodi lae)..نوه إلى أنه لا يوجد شيء للكرد في المؤتمرين، فباسم وحدة أو سوريا الديمقراطية يضيعون القضية الكردية. كتبها باللغة الكردية. 2- (raman can).. يسأل: لو تم دعوة من اجتمعوا في ديريك إلى الرياض، هل كان سيتم عقد مؤتمر ديريك؟ وهنا أضيف من جانبي إلى سؤاله، التالي: فلو تم دعوتهم وحضروا مؤتمر الرياض، هل كان باستطاعتهم فرض بند سوريا اللامركزية الذي برز ضمن بنود مؤتمر ديريك، وفيما لو تم رفضه هناك، هل كانوا سيخرجون من المؤتمر؟ 3- (زكريا حصري)..في ديريك كان اللباس كوردياً ولكن الأجندات كانت إيرانية وفي الرياض كان اللباس سوريا والأجندات تركية وسعودية وكلاهما يتفقان على الكورد ، في ديريك كانت الطبيعة الخلابة والغنية خارج القاعة وفي داخلها ساد القحط الإيديولوجي وفي الرياض حيث الطبيعة المتوحشة والقاتلة للصحاري انعكست بكل شفافية على داخل القاعة رغم محاولات التكيف الاصطناعية ، في ديريك كان سقف القاعة عاليا ومزينة بالألوان وهذا ما عكس على الحرية اللفظية واللعب بالعواطف والعبارات التي كانت لها اكثر من صدى ولكنها لم تستطيع أن تتحرر من جدران القاعة المحروسة من أولياء النعمة وفي الرياض كان ظهر الجمل اعلى من سقف الخيمة المصنوعة من شعر الماعز الأسود وامتصت كل الأحلام وحولتها إلى كوابيس وبول البعير اخذ ما كان قد تبقى من العقول ونشوتها قضى على أي إحساس بمأساة شعبنا ينتظر خارج الخيمة عسى من أحدا يدلهم على اقرب واحة ليخلدوا للراحة والنوم الأبدي. التوقعات: أتفاق الأطراف في الرياض وعلى مضض وتحت ضغوط سعودية مكثفة، وبإملاءات أمريكية مباشرة، لا تعني بأنهم سينجحون، فهناك اعتراض سريع ومباشر من بشار الأسد على الوفد المتشكل، وبالمقابل تهجم قائد جبهة النصرة(الجولاني) بشكل مباشر وحاد على المؤتمر والتشكيك في نتائجه، وعدم قبول أي حوار مع بشار الأسد، يضعف احتمالية النجاح، وتعيدنا إلى مفهوم أن الحلول السياسية واهنة، ولا يزال الحل العسكري سيد الموقف في سوريا الممتلئة بكل الأشرار والأوبئة. ولقرب انتهاء إدارة براك أوباما، سيضطر، ولأسباب ذاتية وخاصة بالحزب الديمقراطي الأمريكي... يتبع... د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected] 12/11/2015
#محمود_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة - 2/3
-
الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة - الجزء الأول
-
ظاهرة السطو الثقافي بين الكرد
-
الكرد بين السندان والمطرقة
-
من يحاصر من
-
يقظة شنكال هدمت لإيران أحلاماً
-
كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الأخير
-
كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الثالث
-
كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الثاني
-
كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الأول
-
من سينقذ غربي كردستان - الجزء الثاني
-
من سينقذ غربي كردستان - الجزء الأول
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء الخامس عشر
-
آفة الصحراء والبداوة
-
دم السوريين أرخص من البنزين
-
من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأخير
-
من الإسلام إلى التعريب - الجزء السادس
-
استراتيجية الإنترنيت الأمريكية
-
من الإسلام إلى التعريب - الجزء الخامس
-
من الإسلام إلى التعريب - الجزء الرابع
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|