أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام المنفي - توماس جيفرسون ونقد الموروث الديني














المزيد.....

توماس جيفرسون ونقد الموروث الديني


حسام المنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 20:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" لقد عاهدت الله أن أكون إلى أخر الدهر عدوا للطغيان في شتى صوره ، الطغيان الذي يستبد بعقل الإنسان " هكذا قال (جيفرسون ) عندما تقدم لرئاسة الجمهورية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1800(1) . وتعتبر هذه العبارة هي المحور الأساسي التي تدور حولها فلسفة جيفرسون ، ذلك لإنه كان يؤمن إيمانا شديدا بالدور المنوط للعقل البشري في تدبير حياة الإنسان ، في الأخلاق والسياسة والدين والتعليم ...إلخ ، ولكن العقل البشري لا يستطيع أن يبدع ويبتكر ويؤتي ثمره إلا إذا كان محاطا بسياج من الحرية ، فثمة إذن علاقة مطردة بين الإبداع من جهة و حرية الفكر من جهة أخرى ، فكلما زادة مساحة الحرية في مجتع ما ، زادت مظاهر الإبداع والعكس صحيح فكلما تقلصت مساحة الحرية في مجالات الفكر والفن والعلوم ندرة مظاهر الأبداع وكادت أن تتلاشى . ولذلك كان ينادي جيفرسون دائما بقيمة الحرية . التي تعتبر من الحقوق الأصيلة لدى الفرد ولا يحق لأحد تحت أي مسوغ أن ينازعه في حقه هذا . ونحن في هذا المقال سنلقي الضوء على مذهب جيفرسون فيما يتعلق بمفهوم النقد الديني . ومنهجه هذا يتكون من قاعدتين ، تنص القاعدة الأولى والأساسية على دور العقل في الحكم على الأفكار من حيث صحتها أو فسادها ، فالحكم الأول والأخير يصدره العقل وحده ولو كانت هذه الأفكار متعلقة بأقدس المقدسات لدينا ، فالعقل وحده وليست أية سلطة أخرى " دينية كانت أو سياسية " لها الحق في تقرير مصير الإنسان وصياغة قيمه ومبادئه وتصوراته يقول جيفرسون : حدد للعقل موقعه بكل ثقة ، وادع إلى محكمته ، كل حقيقة ، وكل فكرة ، واسأله بكل جراءة ، ولو عن وجود الله(2) .
أما القاعدة الثانية : فتنبثق على حد قول "جايير" من القاعدة الأولى ، وتتعلق بالكتب المقدسة وخاصة الإنجيل ، ويقول فيها ان استخدام العقل يستتبع فحص الأناجيل بعين النقد ، فإذا ما اعتبرناه من صنع البشر فإنه يكون عرضة للصواب والخطأ ، وعلى سبيل المثال فإننا سنرصد بعين النقد ، الأحداث التي تبدو لنا مناقضة لقوانين الطبيعة ، وعندئذ لابد للعقل أن يستبعد ما بها من أساطير(3) . في الفقرة السابقة يقوم جيفرسون بتجريد الأنجيل ومن ثم جميع الكتب المقدسة من قدسيتها ويعرضها مباشرة لمبدأ النقد وبالتالي يتم استبعاد ما بها من وقائع وأحداث خارجة عن قواعد المنطق ومناقضة لقوانين الطبيعة .
يقول جايير : وقد خلص جيفرسون من تحليله النقدي ، إلى الإيمان بالله إيمانا كاملا ، ولكنه رفض الإعتقاد فيما عدا ذلك مما ورد في العقيدة المسيحية ... فلم يؤمن بأن المسيح هو الله ، ولم يؤمن بولادة العذراء ، ولا بالتثليث ، ويرى أنه غير مستساغ . وقد ظل جيفرسون يدعو الناس ، أن يكونوا مسيحيين حقيقيين في ضوء ما أصر عليه من أن القيمة العظمى في رسالة المسيح ، إنما تكمن في الأعمال الطيبة ، لا في الشعائر الدينية غير المستساغة(4) . ونستطيع أن نستخلص من الفقرة الأخيرة نتيجة في غاية الأهمية وهي : أن جيفرسون كان يرى أن الدين وخاصة الدين المسيحي هو عبارة عن " نسق " من القيم الأخلاقية التي تدعو إلى الفضيلة وتحض على الخير ، وليست مجموعة من الشعائر والعبادات الجوفاء التي لا معنى لها "من وجهة نظره" . وأخيرا أود أن أعرض فقرة تعبر عن مذهبه في التسامح الديني أردت أن أختتم بها هذه السطور يقول : لا يضيرني أن يقول جاري أنه يوجد عشرون إلها . . أو لا يوجد على الإطلاق طالما أنه لم ينشل جيبي .. ولم يكسر رجلي(5) .
=====================================
(1) د. زكي نجيب محمود " حياة الفكر في العالم الجديد ص31" .
(2) نيكولاس جايير " مقال مذهب الحرية الدينية للأباء المؤسسين ص70" تاريخ الفلسفة في أمريكا خلال 200عام . إعداد بيتر كاز . ترجمة حسني نصار . مراجعة مراد وهبة .
(3) نفس المصدر ص71 .
(4) نفس المصدر ص71 .
(5) نفس المصدر ص49 .



#حسام_المنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن إسلام البحيري
- محمد عبده . رائد الإصلاح الديني في الفكر العربي الحديث
- - الشك -
- ديكارت يشك في الوجود
- نقد التراث الديني .
- مفهوم الفلسفة عند ستولنيتز .
- كل ما أعرفه إني لا أعرف شيئاً .
- لا سلطان على العقل إلا العقل نفسه
- ديالكتيك الفكر الإسلامي
- المدرسة الملطية . أول المدارس الفلسفية عند الإغريق . -مجموعة ...
- أنكسيمندروس [610 - 547] ق.م
- طاليس الملطي . أول الفلاسفة الإغريق
- مدخل الفلسفة اليونانية القديمة . عصر ما قبل سقراط .
- الإضطهاد الديني . وإغتيال الكلمة
- انتكاسة عقل
- جيوردانو برونو . والمحرقة
- محنة -ابن رشد-
- قتل الحلاج . وتحريم الفلسفة
- هيباتيا . شهيدة التعصب الديني
- مبحث في الجانب الأبستمولوجي -نظرية المعرفة- في الفلسفة الحدي ...


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام المنفي - توماس جيفرسون ونقد الموروث الديني