أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد الحياني - العلاقات الإجتماعية بين الوفاء وضرورة التغيير















المزيد.....

العلاقات الإجتماعية بين الوفاء وضرورة التغيير


سعاد الحياني

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 00:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمر الانسان في دوائر من الوعي تشبه الى حد ما الأنساق بحيث تتداخل تلك الأنساق بشكل شبيه بالحلزوني بحيث ينتقل عبرها بسلاسة يكاد هو نفسه لا يحس بها وخلال هذه المسيرة تتغير رؤاه وتتطور فقد يصل الإنسان إلى حد يتعحب فيه من نفسه وكيف وصل إلى حد التناقض مع ما كانه في زمن سابق .فالتغيير لا يكون على المستوى الفكري فقط بل يمتد ليشمل كل مناحي الشخصية ورؤية المرء للناس وللعالم حوله بل يمتد إلى المشاعر التي غالبا ما لا تحظى بالفهم التام من قبل الانسان وقلما يلحظ التغيير الذي يلحقها.فان كان الانسان يفهم ويرى بشكل واضح ما يلحق تفكيره بل انه احيانا يحصل له ذلك التغير واضحا و في وقت وجيز فان ما يعتري المشاعر من تغيير يكون عادة بطيئا وغير ملموس فكما ينصج الفكر تنضج المشاعر وتنضج طريقة الانسان في التعبير عن مشاعره تجاه الآخرين وتجاه العالم .و هذا التغير الذي يلحق الانسان هو ما يفسر تغيير علاقاته عبر مراحل معينة فلكل انسان صداقات الطفولة وصداقات المراهقة وصداقات الشباب وصداقات لمختلف مراحل العمر .وقلما نجد شخصا حافظ على نفس الاصدقاء . طبعا يلعب التنقل عبر الأمكنة دورا أساسيا في هذا التغيير لكن المحدد الأول يكون هو انتقال الإنسان عبر تلك الأنساق التي تحدثت عنها سابقا في سيرورة تطوره وتشكل شخصيته المستمر فكلما وجد المرء في نسق معين إلا والتقى بأشخاص يتقاسمون معه ذلك النسق أو على الأقل جزء منه فيحصل بينهما ذلك الإنسجام في الرؤى وتحصل الصداقة و الإلتقاء ولأن التغيير لا يتوقف وتنقل المرء عبر الأنساق لا يتوقف فتلك العلاقات الإجتماعية لا تكون بدورها ثابتة فهي قابلة للتوقف حين يكون الإنتقال الى نسق آخر مختلفا فعادة ما تعرف العلاقات توقفا تدريجيا تبهت خلاله العلاقات ثم تنتهي في صمت وعادة ما نجد شكوى الناس بتغير الآخر وتوقف علاقات تكون أحيانا قد دامت زمنا طويلا و بلا سبب مرئي وواضح . فليس هذا سوى نتيجة طبيعية لكون مسار شخصين أو أكثر قد اتخذ بشكل عادي طرقا مختلفة حتى أوصل كل واحد الى مكان /نسق جديد سيجد لا محالة أشخاصا آخرين يشاركونه اهتماماته الجديدة وتفكيره الجديد ومشاعره الجديدة . فمع الوقت تضيق دائرة المشترك بين نسقي شخصين حتى ينفصل نسقاهما تماما و من تم يجدان أنفسهما في تباعد بعد قرب وفي خلاف بعد انسجام .و هذا في رأيي هو المسار الطبيعي للحياة وللعلاقات الإجتماعية بين الناس . فالوفاء لعلاقات محددة طول العمر هو ليس وفاء لتلك العلاقات وإنما وفاء لنفس النسق و هو بالتالي توقيف قسري لتطور الإنسان وتغيير رؤاه . وليس هناك في رأيي من معنى لوفاء الإنسان لعلاقات لم تعد تلائمه ولم يعد يجد فيها ما يحتاجه من إشباع معنوي وفكري .بالطبع لا يمكننا أن ننكر أن هناك علاقات تستمر ويستمر معها التطور وتسلق الأنساق بشكل مشترك لكنها حالات قليلة . والغالبية من الناس يتطورون بشكل مستقل مع وجود كل التأثيرات الإجتماعية التي لا يمكن انكار دورها المحوري في تطور الشخصية الإنسانية.فالرعوات الى الوفاء لعلاقات اجتماعية بمختلف أشكالها و التي تجعل تمة الوفاء كمعطى أخلاقي صارم و ثابت هنا تتجاهل في رأيي هذه الإستقلالية في التغير والتطور لدى الإنسان بل تجعلها موضع المسائلة وتدخل الإنسان في دائرة الإحساس بالذنب حين يجد أن علاقاته الراهنة لم تعد تشبع احتياجاته ولم تعد تستجيب لإنتظاراته وتجعل الآخرين بدورهم يرونه كخائن لعلاقاته القديمة وكمتعجرف تخلى عن رفاقه القدامى من أجل علاقات جديدة و غالبا ما يوسم بالإنتهازية وغيرها من الأوصاف السيئة . و هذه الدعوات إن كان ظاهرها الدفاع عن قيم تراها مجسدة لأخلاقيات معينة فإن باطنها تحريض على الجمود وتأبيد له فحسب هذه الدعوات الشخص الجيد هو الشخص الجامد الذي استطاع الحفاظ على نفس النسق الذي لقن له . هو الشخص الرافض للتسلق عبر الأنساق هو الذي يرفض كل فرصة للإبتعاد عن الجدران التي حوصر وسطها. إن فهم المرء لحقيقة التغيرات التي تطرأ على الإنسان والتي تجعله ينتقل من نسق لآخر ستجعله يتقبل التغييرات الحاصلة على المقربين منه و تجنبه الإحساس بالخيبة كلما رأى أحدهم يطير إلى مستوى آخر ويخلق حياة جديدة وسيرى عكس ذلك أن ما حصل لصديقه أو رفيقه محفزا له لإختبار تجربة جديدة هو الآخر بل من شأن هذا أن يجنب الناس فقدان أشخاص عاشوا معهم فترات عمرية معينة ولهم معهم من الذكريات الشيء الكثير .فلكل إنسان أشخاص لهم مكانة كبيرة في نفسه مع أنه لم يعد يرى فيهم الرفقاء المناسبين لكن احساسه بهم يعود الى الفترةالتي كان يقف بمحاداتهم في نسق من الأنساق و لا زال عقله واحساسه يختزن ما حققوه له من سعادة ولطف معاشرة و لا يجد خسارة أكبر من فقدانهم بشكل نهائي و لا سيما إن كانوا قد اصبحوا يحملون تجاهه ذلك النوع من الإتهامات .فحبل الود قد يستمر ولا تحدث القطيعة التامة حين يتقبل الناس تغير المحيطين بهم بصدر رحب و من تم يحافظون على حبل الود معهم بدل القطيعة سواء كانت معلنة أو غير معلنة و التي تنشأ عادة في مثل هذه الحالات بعد سيل من الإتهامات و الإحساس بالذنب والتقصير .بل إن فهم المرء لهذه السيرورة الطبيعية لمسيرة الإنسان سيجعل الناس يفكرون في وسائل ناجحة ليكون التغير الذي ينشدونه مشتركا فتزداد العلاقات متانة بدل أن تبهت و تضمحل . ومن شأنه أيضا أن يترك للناس حرية أكبر في تحديد علاقاتهم وفق ما تحقق لهم من ارتياح و انسجام بدل الحفاظ على علاقات ميتة آيلة للتعفن باسم الوفاء . فهذا المبدأ الذي تقوم عليه العلاقات يحكم على العلاقات بالتحنط ولا يفتح لها المجال للتطور . فإن كان المبدأ هو الوفاء للعلاقة وعدم فهم السيرورة الطبيعية لتطور الشخصية يكون الأطراف مطمئنين بشكل واهم بالطبع . مما لا يحفزهم على تجديدالمشاركة وجعلها مبدأ مهما في أي علاقة . بحيث يكون الحرص على خلق أساليب مختلفة لمسايرة اهتمامات الآخر وقراءة ما يحدث معه وفيه من تغييرات بسيطة ستشكل لا محالة أرضية و تراكمات لطفرة ستحمله من نسق الى آخر .فوجود تلاقح ومشاركة الاهتمامات والإحساس بمشاعر الآخر واحتياحاته وغيرها من الأمور التي يمكن مشاركتها قد تجعل العلاقات أكثر حياة وتحافظ عليها وهي نابضة بالحياة بدل أن تبقيها ميتة لا حياة فيها. وان تعذر الانتقال جماعة عبر نفس الأنساق أو على الأقل الحفاظ على مساحات مشتركة .يتم تقبل توقف العلاقات وينطلق كل طرف من الأطراف نحو نسقه المختار حيث سيجد لا محالة من يقف معه على نفس الأرضية وفي نفس الوقت ﻻ-;- تتحول العلاقات القديمة الى عداءات ومصدر للخيبة و الكراهية.فما يحمله الناس عادة من ثقل تلك العلاقات القديمة ما هو إلا افتعال مقيت سببه ثقافة تقدس الجمود وترفض أن تسمح للناس بالتحليق وفق حاجياتهم .وليس أمرا محتوما أن تبقى كل العلاقات مستمرة بنفس النمط مدى الحياة . فلماذا يتقبل الناس اختلاف الأخ والأخت حد التناقض ؟و يكفون في مراحل عمرية عن أي نوع من المشاركات الحياتية بينما يجتمعون من حين لآخر في بيت الأبوين محافظين على الود القديم و على الإحساس القديم الذي خبروه في طفولتهم حين عاشوا تحت جناح الأبوين . فلماذا ﻻ-;- تكون هكذا مختلف العلاقات بين الأصدقاء القدا مى أو بين الأزواج المنفصلين ؟ فليس الأمر سوى مسألة فهم لذواتنا ومن تم فهمنا للآخر.



#سعاد_الحياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة المرأة -الكيان و الإنسان في رواية -الموت بلون آخر
- الجنس في التراث الإسلامي
- قبل الثورة ..الحداثة اولا
- العلاقة الجنسية بين الاحتياج الطبيعي وبين البطولة الذكورية
- أزمة القيم في الإسلام
- الثامن من مارس وتحطيم وهم حماية النساء


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد الحياني - العلاقات الإجتماعية بين الوفاء وضرورة التغيير