سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 5010 - 2015 / 12 / 11 - 12:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاءت امريكا بمشروع الديمقراطية الى دول الشرق الأوسط وبدأت بالعراق لتخلق بعدها اجواءا تدعو الى المظاهرات في دول المنطقة , وتطالب بتغيير انظمتها الدكتاتورية والتي سميت بالثورات الربيع العربي . فتعاملت امريكا مع المعارضة الاسلامية لهذه الأنظمة , ولم يكن دعمها للاسلاميين بمحض الصدفة , رغم وجود المعارضة العلمانية او الليبرالية الا انها ضعيفة جدا ، واستمرت امريكا في مساندة الاحزاب الاسلامية حتى وصلت لسدة الحكم .
وكان لنا سؤال قديم كنت قد طرحته في احدى مقالاتي السابقة قبل اكثر من سنتين وهو : كيف لامريكا ان تحارب الاٍرهاب وتغير الأنظمة الدكتاتورية وتنشر الديمقراطية من خلال تعاملها مع معارضة إسلامية ؟! وبعد فترة نراها تعزز من قوة هذه الاحزاب الاسلامية بعد إسقاط انظمة دولها ومن ثم تقوم بمساندتهم وتوليهم ادارة الحكم فيها , كالعراق على سبيل المثال , وبعد ذلك يبدوا ان امريكا غيرت من استراتيجيتها في تغيير الآنظمة الاخرى في الشرق الاوسط واصبحت تأخذ شيئا فشيئا موقف المتتفرج بدلا من التدخل المباشر , وهذا كان جلي في احداث الربيع العربي , فالمشهد العام لهذه الدول هو الحرب بين الطوائف المختلفة عقائدياً . وأصبحت امريكا تتحكم بالمنطقة من خلال خلق نوع من التوازن بين اكبر طائفتين مختلفتين في العقيدة الدينية سنة وشيعة وذلك لضمان ديمومة استمرار النزاع فيما بينهم وابقاء الوضع على ما هو عليه من قتل مستمر في كلا الطرفين , الامر الذي استفز مخاوفي من ردة فعل ذلك يؤثر على الشعوب الامنة في الدول الأوربية , وقد كتبت مقالا في حينه ابين فيه كل ذلك وتثير جملة من المعطيات الحالية ، ولانعرف على وجه الدقة ما اذا كانت هذه المستجدات ضمن اجندة امريكا ام لا ؟ ولكن الوضع الطائفي دفع بالدول الإقليمية والاوربية ان تختار احدى الطرفين لتقف الى جانبه من اجل زيادة هول النزاع واشتداده خاصة بعد حصول التسويات الامريكية مع ايران .
وفي الواقع ان التدخل التركي والايراني في مناطق النزاع جاء بحكم الموقع والمصالح ، وكذلك السعودية تلعب دورا كبيرا في المنطقة من خلال مساندة القوى السنية , ويقابل كل ذلك اتخاذ امريكا الموقف المتفرج مما جعل من النزاع ان يمتد ويأخذ حيزا اوسع , حيث شمل كلا من فرنسا اثر التفجيرات الاخيرة و روسيا على اثر إسقاط تركيا لطائرتها السيخوي ، مما لا نستبعد حصول تغييرا جغرافيا ديمغرافيا في الشرق الاوسط . وهنا سؤال مثير للجدل يطرح نفسه : ألا تتفقون معي ان روسيا ودورها الجديد في المنطقة لايخرج عن اتفاق أمريكي اوربي ؟ خاصة ونحن نرى صمتاغريبا منهما عن ما يجري بين روسيا وتركيا , فضلا عن عدم اعتراض حلف الناتو للاتهامات المستمرة عن علاقة تركيا بمنظمة داعش الإرهابية . وتسعى تركيا لممارسة دورها في قيادة الأمة الاسلامية الامر الذي يستفز المملكة المتحدة السعودية حتى وان كانت مواقفهم متشابهة في دعم الجماعات الرديكالية السنية ، ونعتقد ان الامر يعزز من ابقاء امريكا في المضي بتدميرها للمناطق ذات النفوذ الاسلامي .
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟