|
الوعى فى مواجهة الثقافة السمعية
محمد شحات ديسطى
الحوار المتمدن-العدد: 1368 - 2005 / 11 / 4 - 11:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما نتخذ من الوعى شعاراً وطريقاً للمستقبل فإنه يصبح لزاماً علينا مواجهة جميع السلبيات والتجاوزات فى محاولة جادة وواعية لننشئ تنويراً وفكراً وثقافة حقيقية نحارب من خلالها كل صور الجهل والتخلف وظاهرة أخرى خطيرة تتمثل فيما يطلق عليه الثقافة السمعية التى طغت على حياتنا . نعرف مقدماً إننا نسير فى طريق وعرة والدروب المستحيلة ذلك لإيماننا وقناعتنا بأن المستقبل لابد أن يحطم قيود التخلف ويتجاوز الواقع الرديء وصلا لغد مشرق . نعلم مسبقاً أننا نصطدم بأركان النظام القديم ومدعى التدين ومرتزقة الفكر لكننا ـ بإذن الله ـ قادرون على تحمل المسئولية بشجاعة فمن المتوقع أن كلا منا سوف يقابل بالرفض إن لم يصل إلى المواجهةـ وهو على أقل تقدير مكروه ولكن لابد لنا من أن نفقأ عين الكاذب داعية الفكر فلا بد من الضغط وبشدة على الجرح حتى نخرج الصديد ونطهر جروحنا بنظافة لتخرج أفكاراً حرة نصنع بها المستقبل. وبداية لا نتجنى إذا قلنا أننا نعيش ونحيا عصر الثقافة السمعية وخاصة الدينية منها فكل ما يتسرب إلى أذنيك من مذياع أو كاسيت أو من فوق المنابر سواء كنت راكباً أو ماشياً أو جالساً فى مسجد أو مسترخياً فى بيتك هو فى مجمله مكون الثقافة السمعية وهى للأسف حصيلة خبرات الكثير ومنتهى قدرتهم الفكرية وهى فى الواقع تريح أنصارها فى استغنائهم عن محاولة البحث والتنقيب عن الحقيقية فكل ما يلقى فى سمعهم صحيح دون فرز أو تجنيب . فهاهو طالب جامعى يردد ما يسمعه بقوله أليس بالإمكان أن أقيس تحريم الخمر على مشاهدة التليفزيون .. قائلاً أن الشيخ فلان قالها فى أحد شرائطه فإذا كان الخمر فيها منافع وأثم كبير وأثمها أكبر من نفعها فبالتالى كثيره حرام وأضاف طالب الجامعة أن الشيخ نفسه أكد كلامه فى الشريط رقم كذا حيث ذكر رؤية لأحد الصالحين من أمثاله فحواها أن صديقاً له رأى فى المنام صديقاً له يعذب فى النار وما يعذب فى كثير فأهل بيته يفتحون جهاز التليفزيون وطلب منه فى الرؤية أن يريحه من العذاب وتكررت هذه الرؤية ثلاث مرات فذهب لأهل بيته وأخبرهم بذلك وعندما أغلقوا التليفزيون جاءت الروح الصالحة وأعلنت شكرها وهى قريرة العين الآن بعد أن أغلق أهل بيته جهاز التليفزيون !!!! ونحن نحمد الله كثيراً أن حلم ورؤى المعاصرين أصبح له من القوة ما يعادل أحلام ورؤى السلف من الصالحين . فضلا عن ذلك فإنه من الملفت للنظر فى مدينتنا أن نقرأ الملصقات اليومية والتى تقتحم عينيك فى كل مكان عن مشايخ يحاضرون فيما يسمونهم معهد إعداد الدعاة ولا ندرى أى من الدعاة سوف يتخرجون من هذا المعهد وكل ما يقال لهم ليس سوى مذهب سلفى وهابى تحديداً يحتكر المعرفة الدينية وينفى الآخر . إن التيارات السلفية تعتمد على وجود أمراء وتابعين ليسوا إلا أذانا صاغية لا يحق لهم الاعتراض أو التفكير اللهم إلا التقليد والمحاكاة ينشئون على التشدد والمغالاة بجانب نرجسية إسلامية مبالغ فيها ليس فقط فى مواجهة أصحاب دين أخر ولكن تجاه أغلبية مسلمة لكنها ترفض جماعتهم وفكرهم السلفى وكأن الواحد منهم على رأسه ريشة !!! وتراهم يقولون مثلاً أن جميع ما يردعن السلف منزه عن الخطأ وكلها اجتهادات مأجورة أصاب صاحبها أو أخطأ أما إذا اجتهد المعاصرون فهم كفرة يجب تطبيق حد الردة عليهم . فالدكتور فرج فودة كافر لأنه استخرج من التاريخ الاسلامى حقائق تكشف التناقض بين أمراء المسلمين فى ظل الخلافات الإسلامية المتعاقبة والدكتور نصر أبو زيد حلال دمه ويفرق بينه وبين زوجته لأنه نقد الخطاب الدينى المعاصر وتكلم فى أمور تكلم فيها من قبله فرق إسلامية كثيرة كالمعتزلة والصوفية وغيرهما. أما المرأة فهى الغواية وسبب كل البلايا ولها نصيب الأسد فى المحاضرات والتسجيلات فكلها على بعضها عورة ويجب أن نخفيها تحت النقاب ويكفيها من دينها أن تابعة لزوجها وإن كان للرجل فى الآخرة نصيب من الحور العين فلها الخير كله لأن قدرة الرجل الجنسية فى الجنة أقوى من قدرة ألف رجل من رجال الدنيا … وعموماً لا نجد لديهم إلا رعباً من المرأة فالرجال لا يصمدون أمامها والمرأة لا تستطيع أن تقاوم الرجل إلا بالنقاب ونظراً لكثرة الكلام حول المرأة ( ذلك الغول الجنسى ) الذى يمشى على قدمين ويخيف قلوب المؤمنين المرهفة فلا نرى إلا أنها معادل موضوعى للعجز تجاه الجنس الآخر ورغبة فيه نتيجة الكبت والتزمت وعموماً فالعفة صفة لصيقة بالإنسان ( رجلاً أو امرأة ) لا تباع ولا تشترى ولا تثبت بلبس النقاب أو أية مظاهر أخرى. أما بالنسبة لعذاب القبر وأهوال يوم القيامة فهناك ألبومات وشرائط تتحدث عن ذلك كأننا لم نأت إلى هذه الدنيا إلا لكى نعذب فى قبورنا بل ومعظم هذه الأهوال والعذابات تخص المسلمين الموحدين بالله لأنهم اقترفوا بعض الذنوب .. انهم يمحون عن الدين سماحته ويتجاهلون رحمة الله التى سبقت غضبه ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( إذا لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) ويروى الرسول ( عن رب العزة يا ابن آدم لو آتيتني بتراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بى شيئا لأتيتك بترابها مغفرة ). نقول لهؤلاء رفقاً بشبابنا ولا داعي لدس السم فى العسل لترويج أفكار سلفية تأخذ الدين إلى عصور سحيقة فلكل عصر ظروفه وأسلوبه فنحن لسنا الجاهلية الأولى وأنتم لستم الرعيل الأول ولا أنتم الرسول والصحابة ….. يجب علينا أن نخرج من الدين أفكار الفقهاء المتزمتة… ليكون خالصاً لله بمعانيه السامية التى تساعد على الرقى والتقدم إعلاء لقيمة الرحمة والتسامح والعفو والإخاء والإنسانية ، ويجب علينا جميعاً أن نتمسك بالوعى حتى نميز بين الغث والثمين وعلينا أن نلم بكل نواحى الحياة فهى جديرة بأن تعاش وأن نحياها بوعى مستنير حتى نكون أحق بالخلافة على هذه الأرض .
#محمد_شحات_ديسطى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السقوط المبين للإخوان المسلمين
-
الوعى المفقود
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|