|
وزير العدل المغربي والقاضي الهيني ومصادرة الحق في التعبير وتجريم الفكر والراي
الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي
الحوار المتمدن-العدد: 5008 - 2015 / 12 / 9 - 17:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ارتكب وزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد خطئا فادحا وسقطة لا تغتفر عندما استعمل نفوذه السياسي لمصادرة حق القاضي الهيني في التفكير والتعبير عن اراء خاصة من موقع الممارس والمهتم بتقدم واصلاح منظومة العدل التي تعاني من اختلالات قوية والاخطر اقحام المؤسسة التشريعية من منطلق الاستجابة لشكايات البرلمانين ضد القاضي. فالوزير المتاسلم لم تعجبه اراء القاضي التقدمية واستعمل سلطة المنصب السياسي لمعاقبتة بتقديمه للمجلس الاعلى للقضاء الذي يعتبر مؤسسة تابعة للجهاز الرسمي بتهمة الاساءة الى احد القضاة الكبار...؟، لم يعد يهم في هذه القضية التي تستاثر باهتمام الراي العام الوطني والدولي ما عبر عنه القاضي محمد الهيني في حسابه الفايسبوكي والقراءات الشخصية لمجموعة من القوانين، فالذي يهم تصرف الوزير الرميد الذي اهتبل الفرصة وبدل التعاطي مع الافكار الواردة في تدوينات القاضي لخدمة القضايا العامة للعدل سلك اسلوب القصاص والعقاب لاسكات الاصوات المخالفة للتوجه الذي سطره لتدبير مرفق العدالة مما يعتبر مصادرة اكيدة للحق في التعبير ومحاولة تكميم الافواه والاصوات المغدرة خارج السرب وارسال اشارات الى باقي القضاة الذين يرتكبون فعل التفكير والاجتهاد ويحملون افكارا متطورة بامكانها المساهة القوية في معالجة واصلاح قطاع العدل مما يكفل العدالة لجميع المتقاضين بعيدا عن منطق التعليمات. فوزير العدل المغربي لم يهن القاضي الهيني بل اهان الروح الحقيقية للنظام الديمقراطي المغربي و منظومة الحقوق والحريات العامة وتعسف مع سبق الاصرار والترصد على المنهجية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية و واجهز بوعي ادراك على مسالة احترام الاختلاف. فالمفاهيم الكونية وحدها من تحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتساهم في التقدم والازدهار الحضاري.فمصادرة الحق في التعبير والتفكير رغبة مسبقة لتعطيل مسيرة الرقي الانساني للتاريخ ودفع الاخر الى الايمان الاكراهي بالفكرة الواحدة والراي الواحد، لخدمة التوجهات السلطوية على اعتبار ان الوزير الرميد يخدم اجندة المخزن وينفذ المخططات المهياة والمعدة سلفا ويحرص كل الحرص على محاربة الفكر المشاكس والمغاير لما هو سائد وموجود ومستهلك وعدم تجاوز المسموح به في اساليب عرض التصورات العامة في برنامج اصلاح قطاع العدل ان كان موجودا اصلا في مشروع الحكومة المتاسلمة. ان التضييق على الحرية الفكرية لا يستجيب بتاتا لتطبيق وترسيخ ماجاء به الدستور من حريات شخصية يعاكس اختيارات الشعب المغربي الذي صوت على تعديل الدستور ايمانا بطي صفحة سوداء من تاريخ سياسي قوامه المحكمات الصورية والمتابعات القضائية والاعتقالات التعسفية والتضييق الحزبي والنقابي والحقوقي. فاذا كانت المجتمعات المتقدمه والمتحضرة تولي اهتماما متجددا لرعاية وصيانة حرية التعبير والتفكير الحر وتفرد لها موقع الصداره في الدساتير وتحتل المرتبة الاولى في مفاهيم حقوق الانسان. لانها جزء لايتجزا من وجود الانسان وتطوره وتفاعله الطبيعي مع المحيط الذي يتحرك فيه باستقلالية. ان تصرف الوزير الرميد اقرب الى تحركات الانظمة السياسيه الفردية الاستبداديه والدكتاتوريه التي تنفق وتستثمر طاقات بشرية لكبح واعاقة انتشار الحريات الفردية والجماعية وخنق المبادرات ومنع النشاطات الفكريه. ان وزير العدل شكف بما لا يدع مجالا للشك والريبة على سلوك افظع من تصرفات الانظمة اللاديمقراطيه التي تعمل على مصادرة الفكر المغاير وتمارس اصناف التخويف والاعتقال والمحاكمات الصورية لفرض الراي الواحد ودفع البقية الى الاذعان و الترويض والتدجين تحت الاكراه. وبتصرفات وقرارات ممثالة لا يمكن اطلاقا للمنتوج الفكري ان يعكس حقيقة وقياس تطور المجتمعات وتقدم الانتاج المادي الذي يعكس النظام السياسي السائد . فالوزير المتاسم يحاول تذويب قيمة الفرد الفاعل والمنتج واختزاله في مشروع سياسي خلاسي ناقص وقتل الرغبة والمبادرة والاجتهاد في الجسم القضائي لتمرير مخططات التوجه السياسي المبقلن غير المكترث لحقوق الشعب وحرياتهه الاساسية. فمصادرة الراي والفكر له امتداد في المرجيعات الدينية الاسلامية الذي يهتم اكثر بصناعة ابواق الدعاية وجيش المتملقين والتابعين لانتاج وتسويق سلعة رخيصة لا تعكس قطعا مطالب الشعب في قضاء عادل ومستقل يتفاعل مع المتغيرات وينشد الحرية والاستقرار والعيش بكرامة، فالاجهاز على حرية التعبير الفردي ضرب صريح للتقدم والتطور وتعطيل للمبادرة والتوعية الجماهيرية والتحفيز الشعبي الذي يسهم في تغيير قيم ومفاهيم مجتمعية لم تعد صالحة للمرحلة بتحولاتها الداخلية والخارجية بعيدا عن اختيارات القابضين على جمرة المسؤولية. فالوزير الرميد بسلوكه الاندفاعي والاقصائي يرسم تصورا للقاضي عليه ان ينصهر ويذوب فيه لينجو من العقاب وينال الرضا والترقيات ويفلت من التنقيلات التعسفية. فالمفروض ان يستمع الوزير لراي القاضي من منطلق ان النخبة المنتجة للفكر المتقدم الذي يرنو الى ايجاد الحلول العملية لاشكالات العدالة الوطنية يجب ان تتصدر الطليعة على اعتبار انها متفاعلة مع المحيط العام وتسعى في التصور العام الى ترسيخ المفاهيم المعاصرة والقيم الحداثية وتطبيق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية عبر التنزيل الحقيقي للقوانين الدستورية. ان حماية حرية التعبير الفكرية من الركائز الاساسية للمنهجية الديمقراطية التي اختارها المغرب في تعاطيه مع جميع القضايا المطروحة, لكن الوزير الرميد اختزل الفهم الديمقراطي من الزاوية الضيقة للحزب الاسلامي وحوله الى شعار اجوف ليتسنى له ممارسة رقابة فكرية على القاضي بحجة تضييع الوقت بدل الاهتمام بشؤون وقضايا المواطنين المعطلة والمرتهنة. فصراع الوزير مع القضاة صراع بين فكرين متعارضين الاول يستمد مرجعيته الاساسية من الفكر السياسي الديني والثاني يبني طروحاته الفكرية والمرجعية من الفكر الكوني التقدمي والارهاصات اليومية، انه صراع ديناميكي بين جهة تمثل فكر السلطة وتسعى الى ضبط مجال تحرك الاخر اداريا وفكريا على اعتبار الافكار المضاده وسيلة من وسائل اضعافه مما يخلق التنافر والتباعد وهنا لا يمكن ان تكون حرية التعبير شقا للممارسة الديمقراطية ولا شرطا من شروطها الاساسية انطلاقا من المرجعيات الفكرية المتضارية. كما ان تدخل الوزير في تفكير واراء القضاة يشكل انعطافا خطيرا في فهم الادوار كما يؤكد بالملموس خضوع القضاء ضمنيا للسلطة الحكومية او محاولات لاخضاعه وضرب الاستقلالية الهشة. ان وزير العدل اخطا الطريق ولم يجد من كثرة الملفات الثقيلة العالقة التي تعاني منها العدالة لمعالجتها سوى بالركوب على قضية فكرية تناقش باسلوب حضاري اشكالية العدالة والقرارات الحكومية المتخذة، فتجريم النقاش الهادف والمسؤول والنقد البناء يتلمس في العمق الاذعان والتطويع والاستكانة لمسلمات الوزير الرميد في ادارة قطاع العدل الغارق في مشاكل قوية كان من المفروض الانكباب على معالجتها عبر فتح نقاش وطني مند سنوات...
الحسان عشاق- المغرب
#الحسان_عشاق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاصلاح الاداري بالمغرب مدخل اساسي للتنمية المستدامة وتقليص
...
-
الاصلاح الاداري مدخل اساسي للتنمية المستدامة ومحاربة الفوارق
...
-
الفساد السياسي بالمغرب واليات تفعيل الخيار الديمقراطي
-
اي دور للجهلة والاميين في المؤسسات الدستورية بالمغرب...؟
-
الخميسات نقابة الأموي بين شطحات الجيلالي بوحمارة وخرجات قاسم
...
-
اسباب فشل الاتحاد الاشتراكي في تحقيق فوز صغير باقليم الخميسا
...
-
كيف تصبح رئيسا لمؤسسة دستورية في 14 يوما بدون تاريخ نضالي
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|