|
العبارة الحمقاء - كل مسلم إرهابيّ - !
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 15:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يتعامل مع الثقافة إلاّ إنسان عرف “ التربيّة الثقافيّة ” هذه التربيّة التي عملت الأنظمة العربيّة موضوعيًا على استئصال جذورها . فيصل دراج .. لذلك نحنُ في الحضيض .. ماذا تتوقعون أن يأت من الحضيض ؟ تأتي الطائفيّة والكراهيّة والحقد والمرض وباق الآفات الاجتماعيّة .. الطائفيون على وسائل التواصل الاجتماعيّ والصحف الإلكترونيّة يتطوّرون بطريقة ببغائيّة ووقحة لا مثيل لها .. من الممكن أن يكون معهم المرضى – الحمقى – الأغبياء – إلخ .. أخر هذه التطوّرات الوقحة اكتشافهم لعبارة " كل مسلم إرهابيّ " ! الأستاذ الدكتور محمود سيد القمني كان له مقال بنفس العنوان يرد فيها على هؤلاء .. في الحقيقة هي عبارة عبقريّة وذكيّة جدًا بل أذكى من صاحبها أو ممن أطلقها ! أو ممن يرددها ! عبقريّة لا مثيل لها لذلك نحن دومًا في المقدمة !! ألم يسأل هؤلاء أنفسهم قبل أن يثرثروا ؟ ألم يفكروا قبل أن يهذوا ؟ أين يعيش هؤلاء ؟ في أي مياه آسنة ؟ ومن أي بيئة خرجوا ؟ سيذهبون لمزبلة التاريخ لا محالة .. بعض الإحصائيات لتقريب الفكرة والاستدلال قبل الدخول في الموضوع لعل أصحاب العبارة ( الفهلويّة ) ينتبهون : العدد الإجماليّ للمسلمين في أوروبا في عام 2007 أي قبل 8 سنوات كان حوالي 53 مليون نسمة 5.2% ، بينهم 16 مليوناً في الاتحاد الأوروبيّ 3.2% . عدد المسلمون في أمريكا 8 ملايين . عدد المسلون في قارة أوربا 30 مليون مسلم ، في فرنسا فقط 6 مليون . في المانيا عدد المسلمين 1.7 مليون مسلم . في بلجيكا عدد المسلمين 700 ألف مسلم . في نهاية هذا العام سيصل عدد المهاجرين إلى ما يقارب مليون – ألمانيا لها حصة الأسد . بعض التصريحات : قال الرئيس الأميركيّ بعد أحداث باريس الإرهابيّة بما معناه " ليس هناك علاقة بين استقبال اللاجئين والعمليات الإرهابيّة الأخيرة ولكننا سنقوم بالتدقيق أكثر " ! كذلك بعد أحداث باريس الأخيرة أعلن وزير الداخليّة الفرنسيّ – كازنوف - بأن عدد الفرنسيين الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلاميّة – داعش – 571 فقط " أي أقل من 1 % " من أصول فرنسيّة وعربيّة وأفريقيّة " – ثمّ قال عدد الدواعش 30000 وهم وحوش وليس من المعقول أن لا يستطيع العالم بأجمعه الوقوف ضدّهم ودحرهم ! عدد الذين غادروا أوربا بالكامل منذ عام 2011 إلى اليوم بحدود 5000 " أيضاً أقل من 1 % " وهؤلاء من الممكن أن يكونوا حاليًا من ضمن تنظيم داعش , في نفس الوقت استقبلت أوربا مئات الآلاف من المهاجرين ؟ صلب الموضوع : نشر الصديق معاذ التل على صفحته " الفيس بوك " الموضوع التالي وهو بعنوان : ( كل مسلم إرهابيّ حتى يثبت العكس ) ! قال فيه : من الأمور التي لا يصرح بها قادة الغرب ولكن إعلامهم هو من يزرعها بعقول الناس وإن كان بطرق ذكية وليست مباشرة هو عنوان البوست أعلاه " ليس بالضرورة أن اتفق مع العزيز معاذ في هذه النقطة " ، المشكلة أنّ منا من بدأ يتبنى هذه الفكرة مستنداً الى رأي يقول :- أنّ هناك نصوصاً دينيّة تجعل من المسلم مشروع إرهابيّ وقاتل ! من ناحيّة فرضيّة محضة هذا الكلام قد يكون صحيحاً ولكنّه ينطبق على كل أهل الأرض فكل مسيحيّ أيضاً قد ينضم إلى تنظيم فرسان الصليب " البابا مثلاً الذي رأيته وهو يُقّبل يد أحد الحاخامات اليهود " وكل بوذيّ وقد ينظم إلى قتلة الروهينجا وكل هندوسيّ قد يصبح متطرفاً وكل إنسان على وجه الأرض مهما بدا مسالماً قد يتحول إلى مجرم بلحظة ما . لذلك لا يجوز محاسبة إنسان على شيء لم يفعله أو لم يخطط لفعله سواء كان مسلماً أو غيره. عدد المسلمين في العالم مليار ونصف وعدد الإرهابيين منهم لا يتجاوز عشرات الآلاف على أبعد تقدير ، وكما يوجد داعش من المسلمين يوجد جيش الرب عند المسيحيين الذي يخطف الأطفال ويسبي النساء ويقتل الأبرياء ويقول انه يريد اقامة دولة بأوغندا قائمة على الوصايا العشر ، ويوجد في الولايات المتحدة والغرب نفسه تنظيمات يهوديّة ومسيحيّة تصنف كإرهابيّة " 40 منظمة و22 ميليشيا " وكذا في دول آسيا اعتقد يوجد تنظيم هندوسيّ يصنف كإرهابيّ . ضحايا الجرائم الجنائيّة في الولايات المتحدة أعلى بكثير من ضحايا الإرهاب ومع ذلك فانّ التركيز على أمر معين من قبل الأنظمة الغربيّة له عادة أهداف سياسيّة. إنّ كل مسلم إرهابيّ أو مرشح ليكون إرهابيّ حتى يثبت العكس كلام لا يستند إلى منطق نهائياً بل تأثر ببروباغندا إعلامية. انتهى . أنا أقول ليس بالضرورة ببروباغندا إعلاميّة بل بأشياء أخرى أنا اعرفها !!! زبدة الكلام " للعقلاء فقط " : الفيس بوك عوضني خيرًا في الكثير من المنشورات من قبل أصدقاء يحترمون أنفسهم ويحترمون من يقرأ لهم " في الحوار المتمدن هناك كُتَّاب محترمون ويحترمون من يقرأ لهم " .. المهم .. سأختار صديقاً واحدًا منهم " من الفيس بوك " وللعلم ومعذرة لقول ذلك – هو مسيحيّ -أردني يعيش في أميركا ولقد اكتشفت ذلك بالصدفة مع العلم مضى على صداقتنا عدة سنوات دون أن أعرف ديانته .. يقول هذا الزميل والصديق : من ينظر إلى المشكلة على أنها فقط في النصوص الدينيّة التي تم تأويلها واستعمالها للترويج للجهاد والتعصب والتطرّف وتجنيد الإرهابيين ولا ينظر إلى الواقع الاقتصاديّ والاجتماعيّ والسياسيّ الرديء ولا يرى أن شريحة كبيرة من مجتمعاتنا تعاني من وضع ميؤوس منه من فقر وبطالة وتهميش من لا يرى الصورة كاملة يبحث عن أنصاف حلول . كل الأديان مارست القتل والعنف ورفض الأخر في فترة ما من تاريخها . لم يكن هناك دين أكثر إرهاباً وقتلاً من الدين المسيحيّ في الماضيّ لكن المسيحيّة تغيرت وتصالحت مع الحداثة ومع حقوق الإنسان وقبول الأخر والآن الدور على الدين الإسلاميّ للقيام بنفس التحول الذي شهدته المسيحيّة ولن يقوم أحد بذلك إلاّ المسلمين أنفسهم . انتهى . منذر دبابنة .. على نفس السياق : في حوار بين المفكر هاشم صالح والمفكر محمد أركون قال أركون : أنَّ النَّاس ليسوا بالضَّرورة أوفياء لمبادئ دينهم وأصوله الأولى على عكس ما نتوهَّم . ليسوا محكومين بها إلى أبد الدَّهر أو مخلصين لها في كلّ الظُّروف. والدَّليل على ذلك أنَّ الإنجيل لا يحتوي على آيات عنف إلاَّ نادرا ومع ذلك فقد مارس المسيحيون العنف بشكل هائل ليس فقط إبَّان الحروب الصَّليبيَّة وإنَّما أيضا أثناء الحروب المذهبيَّة الضَّارية بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين . لقد سحق الكاثوليكيون البابويون البروتستانتيين “ الزنادقة ” سحقا لا يقلُّ خطورة عن سحق الدَّواعش حاليًّا للشّيعة أو للأيزيديين والمسيحيين . فكيف نفسّر ذلك ؟ لماذا لم يمنعهم الإنجيل من اقتراف العنف الدَّمويّ وهو يميل إلى السَّلام إلى حدّ الاستسلام أحيانا : من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر؟ وبالتَّالي فهناك المبادئ / وهناك التَّطبيق ، هناك المُثل العليا/ وهناك ما جرى فعلا على أرض الواقع. والبشر ليسوا ملائكة حتَّى ولو كانت شخصيَّة نبيهّم ومبادئ دينهم ملائكيَّة. انتهى . ملاحظة صغيرة !! في أحداث باريس تردد اسم – صلاح عبد السلام – يحمل الجنسيّة البلجيكيّة , قالوا عنه بأنه العقل المدبر للعمليات الإرهابيّة وأن شقيقه إبراهيم كان من ضمن الذين فجروا أنفسهم في تلك الليلة وأنه قام باستئجار سيارتين من بلجيكا ويرافقه شخصين ومعهم الأسلحة – دعم لوجيستي – وهو من حي مولنبيك البلجيكيّ – قامت الشرطة باعتقال جميع أفراد عائلته ومن ضمنهم شقيقه – محمد - ولكن بعد 3 أيام أطلقت سراحه لعدم وجود أي دليل على كونه – إرهابيّ – مُشارك – مُساهم – ولا يعلم عن شقيقه صلاح وحتى إبراهيم أي شئ . فلماذا محمد لم يكن من ضمن الخليّة الإرهابيّة ؟ هل محمد مسلم أم لا ؟ . نفس العائلة ونفس البيت ونفس الحي وكل شئ بينهما مشترك ؟ هل لديكم جواب ؟ بالمشمش ! البعض حقيقة لا يخجل من قول أي شئ لأنه بلا حياء ومن يفقد الحياء يفقد كل شئ . أخيرًا : بالنسبة للحضيض يقول " الياس خوري " : الحضيض الذي نعيش فيه هو نتاج الاستبداد السياسيّ الاقتصاديّ والاجتماعيّ الذي فرضته الديكتاتوريات وجمهوريات الوراثة . الحضيض هو الاستبداد الذي حطم المجتمع وتركه عاريًاً بلا مؤسسات . الحضيض هو أن تبرر الاستبداد بإسم محاربة الاصوليّة . الى متى سنبقَّ في الحضيض ؟ انتهى المسكونون بفوبيا الإسلام من الأقليات الحل الوحيد هو دولة المواطنة وهذا لن يكون قريبا – واهم من يظن غير ذلك ! يقول فيلسوف القرن العشرين كارل بوبر : لا يمكن أن يكون لحجة منطقيّة تأثيرٌ منطقيٌّ على من لا يريد أن يتبنى أسلوبا منطقيًا .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شئ من الفلسفة مع كارل بوبر !
-
بين الاستبداد والمواطنة !
-
البرجوازيّة العربيّة ,, حقًا ما يقولون ؟
-
مجتمعات الكراهيّة !
-
داعشيات 1 / 2 !
-
يا حبيبتي يا داعش ,, كل ده يطلع منك ؟
-
سبتمبر باريس !
-
شبعنا حكي ! فأين الفعل ؟
-
عَلمانيّة وعَلمانيّة ! شتان بين الثرى والثريا !
-
حرق القرآن هو الحلّ .. حقًا ما يقولون ؟
-
هل ..... ؟
-
مجتمعاتنا بين التبعية الغربية والشرقية – ما هو الفرق - ؟ الج
...
-
مجتمعاتنا بين التبعية الغربية والشرقية – ما هو الفرق - ؟ الج
...
-
لماذا ؟ أكبر سؤال مطروح على الساحة الثقافيّة دون إجابة !
-
آراء فيسبوكيّة حول داعش ..
-
مقتطفات من كتابيّ – الخرافة في زمن العلم واليهودي اللا يهودي
...
-
ولادة الأنبياء – محمّد , عيسى – بين الروايات التاريخيّة وعلم
...
-
استغلال الدين من قبل الطغاة !
-
اللغط - الشرعيّ – حول إحراق الفينيق معاذ الكساسبة !
-
داعش - ما هي الأسباب وما هو العلاج ؟
المزيد.....
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
-
زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص
...
-
إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد
...
-
تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
-
لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
-
الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
-
لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال
...
-
سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
-
مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م
...
-
فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|