أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - حان الوقت للقطع مع الجهاد وتجريم التكفير. 2/1















المزيد.....

حان الوقت للقطع مع الجهاد وتجريم التكفير. 2/1


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 08:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت للأعمال الإرهابية التي هزت باريس يوم الجمعة 13 نوفمبر 2015 ، وقعها المباشر على المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من حيث كونها أيقظت وعيهما ونبهتهما إلى خطورة التضليل العقائدي الذي يغذي الإرهاب . فعلى مدى عقد ونصف ، لم تتحرك هاتان الهيئتان لتصحيح المفاهيم ومراجعة الخطاب الديني والكشف عن التضليل العقائدي . واستمرت الهيئتان في تجاهل أنشطة المتطرفين ، داخل المساجد وخارجها ليشمل الكاراجات وتوزيع الأشرطة والكتب بالملايين ثم بث فيديوهات تحرض على التكفير والقتل كما لو أن الأمن الروحي والوطني لا يعنيهما . ورغم الأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب ، ظلت الهيئتان على حالهما في جزر معزولة عن المجتمع وعن طبيعة المخاطر التي تحذق به . واليوم ، وبعد التنبيه الملكي إلى التقصير الفظيع للهيئتين في مواجهة عقائد التطرف ، تحركتا ، إلا أن تحركهما سيظل دون جدوى ما لم تتصديا بكل جرأة علمية وحس وطني ، إلى مكامن الداء ومصادر تغذية التطرف ومنابع الإرهاب .من هنا وجب التصدي بالتصحيح والتنقيح للعقائد التالية التي تغذي التطرف وتشرعن الأعمال الإرهابية .
1 ـ عقيدة الجهاد : الجهاد مفهوم يحتل أعلى درجات الإيمان ، وجعله الفقه "ذروة سنام الإسلام" ؛ ونجح الفقهاء في جعل النفوس تهفو إليه بفضل المزايا والفضائل التي يتيحها "للمجاهدين" دون غيرهم من المسلمين . وقد استندوا في تفضيلهم للجهاد على كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، المحرضة على القتال في سبيل الله . فالجهاد إذن ، مرتبط بالدين ، ولا يكون إلا في سبيل الله . وقد أجمع الفقهاء ، منذ فجر الإسلام ، على أن الجهاد ، بالمفهوم الشرعي ، هو من أجل نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله . كتب شيخ الأزهر د. أحمد الطيب ( يجبُ أنْ نعلمَ أنَّ الجهادَ الذي يكونُ بالنفسِ أو بالمالِ (كالقتالِ، وكتمويلِ الجيشِ مثلًا)، مشروطٌ – في القرآنِ - بأنْ يكونَ في سبيلِ اللهِ، ومن أجلِ أن تكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا) . إلا أن التفسيرات والتأويلات التي أعطاها الفقهاء لآيات الجهاد أخرجتها عن سياقها التاريخي الذي فرض على المسلمين الدفاع عن دينهم ومقاتلة من يقاتلهم (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) . هكذا نجد مثلا القرافي يجعل على رأس أسباب الجهاد: (( السبب الأول وهو معتبر في أصل وجوبه ويتجه أن يكون إزالة منكر الكفر فإنه أعظم المنكرات ومن علم منكراً وقدر على إزالته وجب عليه إزالته)) الذخيرة (3/387(. . فلم يعد الجهاد دفعا للعدوان على الدين ، بل قتال وقتل للكفار حتى وإن لم يعتدوا . وعرفه الصنعاني بأنه (( بذل الجهد في قتال الكفار أو البغاة ))( سبل السلام ) 4/41(.وهذا يتنافى مع قوله تعالى ( أذن للذين يقاتَلون بأنهم ظلموا )الحج29 . فالجهاد مشروط بالدين والدفاع عنه ، أما حين يتعلق بالدفاع عن الوطن ضد العدوان الخارجي فهو قتال ومقاومة وليس جهاد .
فهل الجهاد لا زال مطلوبا ؟ وهل المسلمون بحاجة إلى الجهاد لفتح البلدان ونشر الإسلام ؟ لقد انتهى عصر الجهاد وارتفعت أسبابه ، فالإسلام ينتشر دون حاجة إلى الجهاد والقتل والسبي، والمسلمون يعيشون في بلدان العالم بكل أمان تحميهم قوانين تلك البلدان . أما الدفاع عن الأوطان ومواجهة الأعداء فهذا ليس جهادا بالمعنى الديني لأنه قتال لدفع المعتدين عن الوطن ، إنه مقاومة وليس جهادا . وقد أصاب المغاربة لما أطلقوا على مواجهتهم المسلحة للاستعمار الفرنسي والإسباني اسم المقاومة ، وكذلك فعلت الفصائل الفلسطينية لما سمت نفسها بالمقاومة . المقاومة أمر مطلوب وواجب حين يكون الوطن في خطر ، لكن الجهاد انتهى زمنه واختفت دواعيه وارتفعت أسبابه . وعلى الفقهاء أن يدركوا هذه الحقيقة ويكفوا عن التحريض على الجهاد والدعاء بالنصر للمجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها . لقد جعل الفقهاء دائرة الجهاد تتسع وتتمدد دون أن تشمل فلسطين التي تنكروا لها وانشغلوا بالتحريض على الجهاد في بلاد المسلمين وضد مواطنيها (أفغانستان ، الشيشان ، الصومال ، سوريا ، ليبيا ، اليمن ..). لهذا ، على وزير الأوقاف أن يمنع الخطباء من إدراج لفظ الجهاد في خطب الجمعة ويمنعهم من ختمها بالدعاء للمجاهدين بالنصر في مشارق الأرض ومغاربها .. وعلى كل الحكام العرب والمسلمين أن يعقدوا اجتماعا خاصا لمناقشة قضية واحدة وهي منع التحريض على الجهاد والإشادة بالمجاهدين . فالقتال في أفغانستان لم يكن بالمطلق جهادا ، بل كان حربا بالوكالة لصالح أمريكا ، والقتال في العراق وسوريا والصومال والشيشان واليمن وليبيا .. لم يكن أبدا جهادا لإعلاء كلمة الله بل هو قتال نيابة عن قوى إقليمية ودولية ، قتال في سبيل هذه القوى ودفاع عن مصالحها .إذن الشرط الشرعي للجهاد انتفى ، ويجب إلغاء الدعوة إليه وتجريمها قانونيا . لأجل هذا ، يتوجب إخضاع التراث الفقهي إلى النقد الصارم وغربلته من كل الفتاوى التي باتت خارج السياق الحضاري والتاريخي فيكون مصيرها كمصير فتاوى الاسترقاق والسبي وملك اليمين . فقد تعلمنا في المدارس العصرية أن المسلمين ينصرهم الله على أعدائهم ، ليس لما يملكونه من قوة ولكن لكونهم مأمورين بإخضاع بقية الخلق لعبادة الله . إن فقهاءنا علّمونا أن قتل غير المسلمين عبادة ، واليوم يقولون لنا إن الإسلام رحمة وأن قتل الأبرياء حرام شرعا . فما الذي تغير ؟ أتريدوننا أن نصير رحماء بعد أن ملأتم قلوبنا حقدا ونفوسنا كراهية ؟ اسألوا آخر مواطن من هم النصارى واليهود ؟ سيقول كفار .اسألوه وما حكم الكافر سيجيب : القتل. اسألوه كيف يريد أن يموت ؟ سيجيب : « شهيدا » . إنهم علمونا أن أفضل موتة هي « الشهادة والاستشهاد في سبيل الله » وجعلونا ندعو الله بكرة وأصيلا أن يرزقنا « الشهادة » نحن المعتدلين في الإيمان والإسلام والعقيدة . الشهادة لا تكون إلا بقتال الكفار . وهذا ما يفعله الدواعش والإرهابيون .
لقد تجاهل شيوخ التطرف وفقهاء الكراهية أمر الله تعالى لنبيه ولعموم المسلمين ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ))[آل عمران:64] فالله تعالى لم يأمر المسلمين بالجهاد ضد كل من تولى من أهل الكتاب ولم يستجب لدعوة الرسول (ص) والمسلمين من بعده ، ولكنه أمرهم بأن يُشهدوهم على إسلامهم . وهذا الذي ينبغي على كل الفقهاء أن يبثوه بين الناس ويعلموهم أن الإسلام دين الجدال بالتي هي أحسن مع كل البشر مهما اختلفت عقائدهم ودياناتهم (وجادلهم بالتي هي أحسن) ، (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) . إن إشاعة روح التسامح التي تطبع تعاليم الإسلامي ومبادئه هي الكفيلة بتطويق عقائد التطرف وفقه الإرهاب اللذين يغزوان المجتمعات الإسلامية والغربية على حد سواء .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أولى بتقديم الاعتذار ؟
- المساواة في الإرث إنصاف للمرأة وأنسنة للفقه. 2/2
- المساواة في الإرث إنصاف للمرأة وأنسنة للفقه. 2/1
- العريفي والقراءات الدموية والبهيمية للقرآن . 2/2
- العريفي والقراءات الدموية والبهيمية للقرآن . 2/1
- ماذا تحقق خلال 12 سنة على صدور مدونة الأسرة؟
- ٲ-;-بعاد اكتساح البيجيدي للانتخابات 2/2 .
- أبعاد اكتساح البيجيدي للانتخابات 2/1.
- في الذكرى 14 لهجمات 11 سبتمبر . الإرهاب والطائفية تحالف لسفك ...
- من الأخونة إلى الدعوشة .
- إمارة المؤمنين وتبزنيس البيجيدي .
- حوار لفائدة جريدة العلم المغربية
- حوار لفائد جريدة العلم الجزء 2
- محاكمة عيوش حلقة من مسلسل دعوشة المغرب.
- حكومة المنع والقمع والتجريم .
- الإجهاض واقع لن يرفعه قانون التجريم .
- أين المغرب من مخاطر الإرهاب ؟
- خطاب إلى المعارضة البرلمانية .
- وزراء الحب والسرير والشكولاطة
- تبا لحكومة يهمها الحياء العام ولا يهمها نهب المال العام .


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - حان الوقت للقطع مع الجهاد وتجريم التكفير. 2/1