|
كل عام وعراقناعامر وشعبه أمن
لميس كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:07
المحور:
حقوق الانسان
أمنيتي في العيد بسيطة وهي أصغر من طموحي...أن يكون عيدا جديدا، هادئا، مستقرا، ينام العراقيون بأمان منتظرين شمس العيد تيقضهم بسلام موزعة عليهم أشعتها المشرقة لتحميهم وتبهجهم وهم يمارسوا طقوس العيد بمحبة وألفة. عام خالي من مسلسل العنف وأفلام الرعب التي ينتجها أعداء الوطن. عام تكون شمس العراق شاملة، دافئة، حنونة، يلتحف بها كل أبناء العراق النجباء الذين أتعبهم أزيز الرصاص وأرعبهم صرخات الموت. عام يكون العراق كله رياض أطفال، وحدائق وجوبي كبير لأحبته الصغار الحلوين الجميلين، ملئي بالملاعيب والمراجيح ودولاب الهواء والفرارات وضحكات الطفولة السعيدة. عيد...يّحضروا له أطفال العراق ملابسهم الجديدة ليلا، ويحلمون بوصول خيوط شمس العيد الى وجوههم فيفزون، متعايدين، متمازحين، متجهين الى عالم سالم، أمن، تضحك العيون مع الصباح لتسافر معه الى متعة العيد... يلعبون حيث يشاؤن ...يأكلون حيث يرغبون...ينامون حيث يتعبون...يبكون في أخر أيام العيد مودعين بهجة العيد على أمل اللقاء المنتظر. عيد... يخرج فيه أطفال العراق بوجوهم الجديدة وملابسهم الزاهية بألوان العيد. يتباهي كل طفل بملبسه الأنيق وجيبه ممتلء بعيدية الوالد وخديه معطرة بقبلات الوالدة، المباركة، التي تحرسهم من عين العدو وتحميهم من الملثمين. عيد... يتراكض الأطفال في أزقتهم ودرابينهم الضيقة... يجتمعون، يتشاجرون، يفززون أصدقائهم النائمين والإبتسامة تركض أمامهم لتملء الأرض هرجا ومرجا ورقصا ولعبا وعراكا وتسبقهم رغباتهم السريعة التي ترتسم على وجوههم البرئية، الى براءة الوطن الخالية من الخوف...من الرعب... من المراجيح مفخخة ...من السيارات الجديدة، الخبيثة، الليئمة التي تحاول أن تخطف منهم ضحكة العيد وتنقلهم الى عالم الخلد. عيد... يلم شمل العراقيين، الذين تناثروا في أخر زوايا هذا العالم البعيد، ليذكرهم بشريط العمر الذي سرق منهم أحلى أيامهم وأصبحوا كالمزهرية العتيقة التي تحاول أن تلم شتات أوراق وردها المتساقط، المتراقص حزنا، في أرض المنافي... متمنون أن يشموا عبق شبابهم الذي هرب منهم رغما عنهم وأن يحققوا أبسط أمنية كانوا يتمتعون بها ألا وهي لمة الأهل والأحبة في صبيحة العيد...لمة المشاكل وتقريب المتباعدين عن أهلهم...لمة المتغرب بتراب وطنه...لمة الحبيب بحبيبته... يتمنون أن يحضروا طقوس العيد الجديد في بيتهم العتيق... وينشرون على حيطان أسطحهم الخربة عيدية العشاق ...كل عام وحبيبتي بخير...ويخرجون صباحا في درابينهم الجميلة، المهملة ليفتشوا في عيون جيرانهم ضحكة العيد... ويتسابقون في إبتهال تراتيل صلوات العيد...ويطربون أذانهم بعزف دقات المسحاراتي على الطلبة الذي يبشرهم بحلول العيد ويطلب منهم أكرامية العيد...ويتمنون أن يتراكضوا كالأطفال الى أحضان أمهاتهم، التي بردت بفراقهم، لتمنحهم دفء الرضا وقبلات العيد الملئية بالحنان المفقود...ويخشعون أمام ابائهم ليطلبوا منهم العيدية ويتمنون لهم الصحة والعافية والعمر المديد...يتمنون أن يتسابقوا مع الأطفال الى مائدة غداء العيد العامرة بالألفة العائلية المتحممة بمسك العيد....بالصخب المبتسم على العيون....بفرحة الأمهات المسافرة مع قلوب أطفالها....بنفس أمي في تحضير وجبة عذاء العيد الذي لم أذق أطعم منه في ارقى مطاعم العالم...بالأستعداد لتناول أكل أمي الفواح بنفسها الزكي ومُبهّر برضاها عن أبنائها وبناتها...ومحلى بضحكة الأباء والأجداد والجدات والأقارب المغطين كل أركان طاولة العيد...بالتسابق مع الكبار في أحتلال المكان المناسب حول مائدة أمي التي أفتقدها عقود من الزمن...بحركة يد جدي التي تطيل كل الوجبات المنتشرة على الطاولة وهو يوزع حبه على سلالته المتلاصقة به ويمنحهم فرصة شم عطر مسكه النجفي الأصيل الذي يدخل القلوب قبل الأكل.
أمنيتي أن يكون العيد خالي من الهم والغم والوجوة المتخبئة خلف لثامها منتظرة أن تسرق فرحت العراقيين. عسى أن يكون عيدا خاليا من الملثمين والخاطفين والحاقدين على فرحة الأطفال. عيد ...يكون قلوب العراقيين متسامحة متراضية، متجمعة في يد واحدة تجمع سواعد العراقيين النشامى لتحمي حدود ورودها المبعثرة، الممزقة، وتعيد نشوة نسرينه المتميز عن كل ورود العالم . عيد ...يكون روح العراقيين شدة ورد، ملونة، معبقة برائحة كل من يعز عليهم تكرار هذا العيد بدون نحر رؤوس العراقيين قربانا لنزوات الحاقدين. كل عام وأبي وأخوتي وأهلي واحبتي وأصدقائي الطيبين بخير. كل عام وصلوات الفاتحة على روح أمي الطاهرة التي ماتت في قبور المنفى متحسرة على ولدها المفقود وجلستها على عتبة بيتها المسلوب. كل عام وصلوات مباركة لكل شهداء الوطن الذين صمتوا بشرف وناموا في تراب قبورهم قبل أن يسخروا من سالب حياتهم، واقفا في قفص الدجاج، ذليلا، مكسورا، مهانا، ملتمسا العدل الذي نسى كيف تكتب حروفه في قراراته السابقة. كل عام وعراقنا الحبيب بألف خير وسلام. لنكبر سويتا ونرفع الصلوات لعراق أمن ..لعراق عامر...لعراق مزدهر...محروس من عيون الأشرار والغرباء.
#لميس_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرياح الإنتخابية التي ستعصف بقائمة الإتلاف العراقي
-
طلعت الشمس على الحرامية
-
دلالات محاكمة قائد ديمقراطية الموت
-
وثقت قادسيات الصنم
-
وشهد شاهد من أهلها
-
كل يبكي على موتاه ...فمن يبكي على الوطن المغتصب؟
-
حكومة القصور وتهميش السطور
-
ميثاق شرف يحفظ أمن المواطن وكرامة الوطن
-
*أقوال وأمثال *حاميها حراميها
-
الشهداء متساوون في الحقوق والخلود في ضمير العراق
-
تحرير قضاء تلعفر في مسلسل حرب المدن
-
عثمان حاضر في دستور العراق
-
سقط جسر الأئمة وسقط جسد المواطن وستبقى حكومتنا صامته
-
التهديد والتفجير يتقاطعا مع ديمقراطية الدستور
-
دستور بلا ثقافة وفنون وأدب... كجسد جاف بلا روح
-
حرية المواطنة في مسودة الدستور
-
علم العراق رمزا لتأريخ وحضارة العراق
-
حق الضمان الأجتماعي المتساوي في الدستور
-
مسودة الدستور لايجوز التعديل عليها.
-
أسقطت مسودة الدستور من فقراتها جدولة انسحاب القوات الاجنبية
المزيد.....
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
-
كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|