أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - الإله الذي غاب















المزيد.....

الإله الذي غاب


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإله الذي غاب في الاسطورة الحثية:
بطل هذه الاسطورة هو تيليبينو وثمة نصوص اخرى تعطي هذا الدور لإله العاصفة او لإله الشمس او لبعض الربات.
إن بداية الحكاية مفقودة، وغير معلوم سبب قرار الإله تيليبينو لان يختفي، ربما لان البشر قد اغاظوه.. ولكن نتائج إختفائه شُعر بها مباشرة، فالنيران اُطفئت في مواقدها، والآلهة والبشر شعروا بألإرهاق والضنى، والشاة اجهضت حملها والبقرة عجلها، والشعير والقمح لم ينضجا بعد والحيوانات والبشر كفت عن التزاوج، والمراعي اصبحت هشيما، واليانبيع استنزفت.
عندئذ ارسل الإله –الشمس- رسله بدئيا النسر، ويليه رب العاصفة نفسه من اجل البحث عن تيليبينو، ولكن بدون جدوى، واخيرا ارسلت الربة الام، النحلة، وهذه وجدت الإله نائما في اجمة، وقد ايقظته بلسعتها له.
لقد اثار تيليبينو مثل هذه الكوارث في البلاد وهو غاضب، وقداسرعت الآلهة التي تملكها الخوف لتهدئته بالسحر. وعن طريق حفلات واشكال سحرية تطهر تيليبينو من السعار ومن الشر.
إن شعائر مماثلة من التهدئة كانت تتم بواسطة الكاهن وفي ألدين الإسلامي نجد المسلمون يخرجون لاداء صلاة الإستسقاء عند تأخر سقوط المطر وكذلك يقومون بالدعاء والصلاة اثناء حدوث الكوارث كالزلازل والفيضانات، فهل يعني هذا ان الله غاب او اختفى ام انه غاضب من تصرفات البشر؟
بعد ان عاد الإله تيليبينو الى روعه، رجع اخيرا لعند ألآلهة – وعادت الحياة لتجدد ايقاعاتها.
في الدين اليهودي نرى بان يهوه عندما يغضب على شعبه المختار يسلط عليهم الكوارث والغزاة كما حصل اثناء السبي البابلي.
في الدين المسيحي نجد بان الإله يغيب عن شعبه بطريقة دراماتيكية ويتحول من إله مختفي في ديانات الخصب الى إله قتيل، فهذه المرحلة تمثّل عن حق مرحلة انتصار الحياة على الموت في الدين والاسطورة. فما حصل لإله الخصب مرة سيحصل لكل عباده المخلصين ممن سيدخلون في ديانته، ويلتحقون به من دون بقية ألآلهة. قال السيد المسيح: ( من آمن بي وإن مات فسيحيا). فتحولت ديانة الخصب الى ديانة سرية وتحوّل مخلّصها الارضي الحياتي الى مخلّص روحي باسطا سيطرته من عالم الحياة الى عالم الموت ايضا، مقدما لعباده خلاصا لروحهم من سطوة العالم الاسفل.
من جهة اخرى فإن الغياب والقيامة تعني على السواء هبوطا في الجحيم وعودة للارض وعيد الفصح يعطينا مثلا آخر على تبني المسيحية للمناسبات والاعياد الخاصة بديانات الاسرار. فعيد الفصح هو عيد قيامة المسيح من بين الاموات بعد ما عاناه في يوم الجمعة الحزينة على درب الالام وقد تبنت الكنيسة يوم 25 آذار عيدا للفصح، وبذلك يكون بعث المسيح هو بعث ربيعي، شأنه في ذلك شأن آلهة الخصب القديمة والمخلّصين الاوائل وخصوصا اودونيس وآليس الذي كان يحتفل عُبّاده بقيامته فيما بين يوم 24 و 25 آذار.
إن الإله تيليبينو بإغتياظه قد اخفى نفسه، بمعنى انه غاب عن العالم المجاور، إنه لا ينتمي إلى صنف آلهة النبات التي تموت وتبعث دوريا ومع ذلك فإن غيابه كان له ذات النتائج المفجعة على كل مستويات الحياة الكونية غير ان ما يميز الإله تيليبينو عن آلهة النبات، واقعة ان اكتشافه واعادة شفائه عن طريق النحلة يثقل الحالة: فشعائر التطهير هي التي تتوصل لتهدئته.
إن الخط المميز للإله تيليبينو هو سعاره الشيطاني، الذي هدد بخراب البلد بأسرها وهذا مماثل لغضب يهوه في التوراة وغضب الله في القرآن عندم اغرقوا الحرث والنسل بالطوفان. إن هذا السعار يتعلق بهيجان طائش وغير عقلاني لإله الخصب ضد خليقته الخاصة، والحياة بكل اشكالها.
إن المفاهيم المماثلة من التناقض الوجداني الإلهي نصادفه في اماكن اخرى وستكون جاهزة في الهندوسية بصورة خاصة ( الإلاهان شيفا وكالي)، وفي الواقع ان دور الإله تيليبينو قد تحول ايضا لآلهة العاصفة والشمس وبعض الربات اي إلى آلهة تحكم مختلف قطاعات الحياة الكونية، وهذا ما يؤكد ان هذه الاسطورة ترجع إلى مأساة اكثر تعقيدا من تلك التي للنبات، إنها توضح في الواقع، السر الغير المفهوم لإتلاف الخليقة من قبل خالقها.

الإله الذي غاب في الاسطورة السومرية:
في اسطورة دلمون السومرية يتجلّى مفهوم الجنة التوراتية ففي هذا الفردوس ، كان يعيش انكي اله الماء العظيم، وزوجته ننخرساج- الارض الأم-، كما عاش في الفردوس التوراتي فيما بعد آدم وحواء. وقد اخرج انكي ماءه وسقى تربة زوجته الارض، فحوّل دلمون الى جنة الاهية خضراء، ومن اتحاد الماء (انكي) بالتربة (ننخرساج) يمتليء الفردوس بالحقول والاشجار والثمار، كما تظهر مجموعة من آلهة النبات يقوم انكي بإغوائهن تاركا زوجته.
ثمّ أنّ ننخرساج تقوم بخلق ثمانية انواع من النباتات العجيبة. وقبل ان تفرح بعملها، يرسل انكي رسوله ايسمند الذي يقطف له تلك الثمار فيأكلها جميعا. وما انْ تعلم الخالقة بذلك، حتى تغضب غضبا شديدا، وترسل على انكي لعنة مقيمة ( الى انْ يوافيك الموت، لن انظر اليك بعين الحياة). ثمّ تختفي ننخرساج عن الانظار وتجزع الآلهة الآخرين لهذا الامر، ذلك أنّ اللعنة على انكي تعني شح المياه.
تتشدد الامراض على انكي وتهاجمه ثمانية علل بعدد النباتات التي اكلها واخذ ينهار تدريجيا. واخيرا ينقذ الثعلب الموقف عندما يتطوع للبحث عن ننخرساج ويجدها في النهاية.
وتخضع ننخرساج لمشيئة الآلهة وتقوم بشفاء انكي عن طريق خلق ثمانية آلهة، كل إله يختص بشفاء احد اعضاء انكي العليلة.
-ننخرساج: ماالذي يوجعك يااخي؟
-إنكي: إنّ فكي هو الذي يوجعني
-ننخرساج: لقد وجدت لك الإله ننتول.....
وهكذا يتابع إنكي تعداد اوجاعه وتتابع ننخرساج خلق آلهة الشفاء من اجله إلى انْ يصل الى ضلعه:
-ننخرساج: ما الذي يوجعك يا أخي؟
-إنكي: إنّ ضلعي هو الذي يوجعني
-ننخرساج: لقد اوجدت من اجلك ألآلهة ننتي.
يقول بعض علماء السومريات أنّ كلمة (تي) في السومرية تعني الضلع، ولكنها تعني ايضا (أحيا) او (جعله يحيا)، امّا كلمة (نن) فتعني سيدة، وعلى هذا يكون اسم الآلهة (ننتي) يعني سيدة الضلع او السيدة التي تُحيي وهذه السيدة شبيهة بحواء التوراة التي أُخِذت من ضلع آدم فهي سيدة الضلع وهي حواء بمعنى التي تحيي.
لقد اسست الاسطورة السومرية لاساطير الجنة اللاحقة في المنطقة ولاسطورة سقوط الانسان وفقدانه عالمه الذهبي.

مصادر البحث:
تاريخ ألمعتقدات والأفكار ألدينية...... ميرسيا إلياد
مغامرة العقل الأولى...... فراس السوّاح



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة الذهب ألأسود-12
- لعنة الذهب ألأسود-11
- لعنة الذهب ألأسود-10
- لعنة الذهب ألأسود-9
- ألنبوة وألولاية
- شطحات صوفية
- ألماسونية -3 - بين ألمحافظة والتجديد
- ألماسونية -2- ألماسونية وألدين
- ألماسونية -1- كيف بدأت الماسونية
- ألأسينيون في قمران
- يهودي غامض- يسوع ألناصري- ألخاتمة
- يهودي غامض- يسوع ألناصري- 3
- يهودي غامض- يسوع ألناصري- 2
- يهودي غامض- يسوع ألناصري
- نهاية ألعالم في ألرؤى أليهودية
- ألأرض ألأم
- تجليات كونية... شمس، قمر وأحجار
- ألتجربة ألدينية للحياة
- ألإله ألبعيد
- تانجري (ألإله - ألسماء)


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - الإله الذي غاب