|
مخيم شعفاط.....واهمية الحاضنة الشعبية
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 21:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قلت في أكثر من مقالة بأن من شروط استمرار وتطور وتصاعد الهبة الشعبية هو وجود بيئة وحاضنة شعبية،فبدونها يبقى العمل في الإطار النخبوي والفوقي،فالحاضنة الشعبية للإنتفاضة او الهبة أو الغليان او التمرد،هي بمثابة الماء للسمك،ولذلك فإن تجربة مخيم شعفاط واحدة من التجارب في سفر النضال الوطني التحرري الفلسطيني التي تستحق أن تعمم وأن يستفاد منها في أكثر من موقع ومجال،والمسألة ليست مقتصرة على تتضافر وتكاتف الجهد الشعبي في تأمين بيت مؤقت لأسرة الشهيد ابراهيم العكاري،وتصميم أهل المخيم بمختلف قطاعاته ومكوناته ومركباته المجتمعية والسياسية وفي المقدمة منها الشبابية على إزالة ركام البيت المفجر وإعادة بناءه من جديد،بل وأيضاً هنا وجدنا بأن القطاع الخاص لعب دوراً في عملية توفير مستلزمات وإحتياجات البيت من أثاث وادوات كهربائية وما يحتاجه من وسائل وادوات كي يصبح جاهزاً للسكن وفي زمن قياسي،وهذا يؤكد على الحاجة الى توسيع القاعدة الشبابية في الهبة الشعبية،لكي تشمل قطاعات وفئات أخرى من شعبنا الفلسطيني. الإحتلال عجز اكثر من مرة عن إقتحام مخيم شعفاط من اجل القيام بعمليات تفجير بيوت الشهداء،وفي كل مرة كان يحاول فيها،كان يجد التفاف شعبي وجماهيري واسع حول بيوت الشهداء،مما يضطره الى التراجع والإنسحاب،ولكن هذا الإحتلال الغاشم المتسلح بنظرية الإستعلاء والعنجهية ،وبأن العرب والفلسطينيون فقط يخضعون بالقوة والعصا،وبأنه محظور على حكومة الإحتلال التنازل والتراجع في وجه شبان الإنتفاضة او شعبنا الفلسطيني،فهذا يمس بهيبة جيشها وحكومتها وسيادتها،ولذلك تراجعها بغرض وضع خطط جديدة تمكنها من تحقيق هدفها بتفجير بيوت الشهداء،ودخول المخيم بأقل الخسائر والمواجهات،ورأت بان الوقت المناسب لذلك هو عندما يذهب العمال الى اعمالهم والطلاب الى مدارسهم،هؤلاء الذين يشكلون رأس الحربة والعصب الرئيس لقيادة المواجهات مع جنود الإحتلال في حال إقتحامهم،ولكن رغم ذلك وجدنا بأن هاجس الخوف كان يسيطر على الإحتلال وجيشه،حيث ان عملية غزو وإجتياح المخيم بهذه الأعداد الكبيرة من الجنود المدججين بالعدة والعتاد والسلاح، كان يراد منها هدف آخر هو بث الرعب والخوف في قلوب أبناء شعبنا ،والقول بانه لا جدوى من المقاومة او المواجهة،ولكن رغم كل ذلك ومشاهد الإقتحام فإن الصورة تقول بشكل واضح بان هذا الجيش وبهذه الأعداد الكبيرة قد إنهزم امام اطفال مخيم لا يملكون سوى إرادتهم وحجرهم وصدورهم العارية للمواجهة والدفاع عن بيوت الشهداء. جماهير شعبنا واطفالنا وشبابنا الشهداء عندهم خط احمر،فالشهيد هو رمز النضال والمقاومة...رمز العزة والكرامة وعنوان قضية وشعب،والمخيم أصل وجذر الحكاية،وهزيمة المخيم تعني الكثير لهم ولشعبنا الفلسطيني،فالمخيمات على مدار سفر النضال الوطني الفلسطيني شكلت الحاضنة لنضالنا الوطني،هي حضنت البندقية والكفاح المسلح،هي من كانت تتحمل العبء الأساسي في إبقاء شعلة الكفاح وجذوة النضال مشتعلة،من اليرموك في الشام الى عين حلوة في طرابلس فالوحدات في الأردن الى كل مخيمات شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة . المخيم هو الشاهد على المأساة والجريمة،ثمانية وستون عاماً مرت على نكبة شعبنا،وما زالت نكبته مستمرة وتجلياتها في اكثر من مكان،والمجتمع الدولي بدلاً من ان يضع حداً لهذه المأساة الإنسانية،بإجبار حكومة الإحتلال على تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإحترام اتفاقياتها ومواثيقها ومعاهداتها،نجد هناك من يدعمه بشكل لا محدود ويوفر له الغطاء والمظلة في المؤسسات الدولية،لحمايته من أية قرارات او عقوبات قد تتخذ بحقه او تفرض عليه،نتيجة عدوانه وجرائمه وممارساته القمعية والإذلالية والتنكيلية بحق شعبنا الفلسطيني،وليصل الأمر الى أبعد من ذلك،حيث وجدنا هناك من يقف الى جانب الجلاد،ويعتبر بان له الحق في الدفاع عن نفسه،ويدين الضحية ويطالبها بإدانة وإستنكار نضالاتها وتضحياتها،في "تعهير" غير مسبوق لكل قيم ما يسمى بالحرية والعدالة والديمقراطية وحق الشعب في النضال المشروع من اجل نيل حريتها وإستقلالها. الثاني من كانون اول/2015 سيحفر عميقاً في سفر النضال الوطني التحرري الفلسطيني،سيسجل بأن أطفال مخيم شعفاط بحجارتهم العارية هزموا جيش الغزاة الصهاينة المكون من اكثر من (1200) جندي بكامل عتادهم وعدتهم وجرافاتهم وبلدوزراتهم وكلابهم،هؤلاء الأطفال كانوا يرددون ما ردده الراحل الكبير سميح القاسم احد شعراء المقاومة الذين بشر فيهم الشهيد الأديب المبدع المناضل غسان كنفاني....واجهوا هذا الجيش الغازي على وقع تقدموا...تقدموا.. كل سماء فوقكم جهنم وكل ارض تحتكم جهنم،تقدموا... تقدموا ...بناقلات جندكم وراجمات حقدكم وهددوا ... وشردوا ...ويتموا ...وهدموا ...لن تكسروا اعماقنا... لن تهزموا اشواقنا... نحن القضاء المبرم.. تقدموا...تقدموا. ما حدث في مخيم شعفاط يثبت بأنه مع اقتراب الهبة الشعبية من نهاية شهرها الثالث،لم تظهر أي علائم تراجع او تراخي على هذه الهبية،بل هي تتجذر وتتصلب وتطور كلما زاد القمع الصهيوني،وإرادة النضال الوطني لم تهزم،وشبان الإنتفاضة لن يعودوا الى "بيت الطاعة" تحت اوهام بان هناك مشاريع سياسية في الطريق،او الخوف والرعب من كل أشكال القمع المتنوعة التي تمارس بحقهم وحق شعبنا من قبل الإحتلال.فهؤلاء الشبان قد بنوا مقطعاً ميدانياً وأضافوا سطور صفحاته من نضالاتهم وتضحياتهم،وهم بذلك يسقطون نظريات ومقولات قادة الحركة الصهيونية والمشروع والحكومة الصهيونية،بأن "القوة والعصا أفضل وسيلة" وإزاحة من في المقدمة يبدد القطيع، هم كسروا مرحلة التراخي وبددوا الأوهام،وحققوا إنجازات سياسية ومعنوية،صحيح انها غير كافية لكي تحدث تغير استراتيجي نحو إنكفاء الإحتلال ومشروعه الإستيطاني او تفكيك أحد تمظهراته المستوطنات،ولكن ما هو أصح بأن الفصائل امام لحظة تاريخية فاصلة إما أن تكف عن التنظيرات و"الجعجعات" وتنخرط في الميدان الى جانب هؤلاء الشبان،وإما فإن ما ينتظرها هو المزيد من النزف والتراجع في دورها وادائها وقدرتها على القيادة وكسب ثقة الشارع. المخيم أصل الحكاية ...فهزيمة المخيم تعني الكثير لهم ولشعبنا...فالمخيم هو الشاهد على المأساة والجريمة...والمخيم يقولوها أطفاله بأعلى صوتهم في وجه كل التطبيعيين والمتآمرين على القضية فلسطينيين وعربان ومن يدعون انهم حلفاء اقليميين ويذرفون دموع التماسيح على فلسطين...حق العودة ليس للبيع ولن يسقط بالتقادم ..وهو حق تاريخي وقانوني فردي وجمعي لا يحق لأحد التلاعب فيه او المساومة عليه.
القدس المحتلة – فلسطين 3/12/2015 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشهيد الفتى ابو خضير يحرق نفسه ...؟؟
-
التطبيع الإماراتي مع -اسرائيل- جائزة مجانية لدولة الإحتلال
-
تداعيات وسيناريوهات ما بعد اسقاط الطائرة الروسية
-
حرب بوتين على الإرهاب
-
إخراج الحركة الإسلامية عن القانون.....لماذا الان ..؟؟
-
السيد حسن نصر الله ....وواد الفتنة
-
الإرهاب واحد ...... الأدوات مختلفة ولكن المعايير مزدوجة
-
أمريكا عارية بلا رتوش
-
حملة -لنغني موطني معاً وحدت الشعب في الوطن والشتات
-
-إخصاء- الوعي والتوعية والتثقيف في التنظيمات
-
سايكس - بيكو الجديد تقسيم المقسم
-
السلطة والفصائل تلاحق الحدث ولا تصنعه
-
زيارة الأسد لموسكو دلالات كبيرة ورسائل متعددة
-
-اسرائيل- تختنق بعنصريتها
-
القدس....تطهير عرقي وليس عقوبات جماعية فقط
-
المتصهين كيري لا شيء في جعبته إلا الضغط على الفلسطينيين
-
في كيفية الرد على العزل والإغلاق والأطواق
-
فوضى الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي
-
حرب السكاكين....وممكنات تحولات الهبات الشعبية
-
القدس....الأزمة والمخرج
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|