أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهتدي الأبيض - (علمنة الله- محاولة علمانية جديدة)















المزيد.....

(علمنة الله- محاولة علمانية جديدة)


مهتدي الأبيض
كاتب وباحث اجتماعي

(Muhtadi Alabydh)


الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 13:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان العصف الآيديولوجي والفكري الذي عصف المجتمع العراقي ما بعد التغيير لا يقل نظير عن العواصف الأخرى، لذلك ظهرت عدة توجهات فكرية دينية منها وسياسية وعلمانية، وخصوصاً ظهور قراءات جديدة للدين لم يسمع بها المجتمع العراقي من قبل وذلك بسبب دخول الديني في السياسي او العكس، وما انعكس هذا الدخول سلباً على واقع المجتمع العراقي، فذهبت الاحزاب الاسلامية متشبثة بآيديولوجيتها الدينية وتستغل عواطف المجتمع الدينية في ذلك، وذهبت الاحزاب العلمانية والعلمانيون مطالبين بفصل الدين عن الدولة معللين ذلك ان الاحزاب الاسلامية اساءت الى الدين والى الدولة والى المجتمع، ويبدوا ان العلمانيين واحزابهم لم يفلحوا في تلك المطالبات بتغيير فكر وثقافة المجتمع العراقي الدينية، لأن اقوى عامل ثقافي وفكري في المجتمع هو الدين فتلك الثقافة مترسخة في وجدان الفرد العراقي رغم انه لم يفهم ماذا يريد منه الله والدين؟ فنراه يتخوف من انتخاب او تبني الحزب العلماني، مأولاً ذلك انه انتهج غير حكم الله، لذا نجد الفرد ينتخب الاسلامي ويتمنى العيش في اوربا العلمانية كما قال الوردي، وهذا ان دل على شيء يدل على بساطة الفكر الديني في عقلية الشخصية العراقية فهو يأول النصوص والاحاديث الشريفة تأويلاً أزدواجيا.
وبعد عجز العلمانيين في مسعاهم اخذوا يسلكون منهج فكري جديد في قراءة الله والدين، عن طريق علمنة الله نفسه وأنبياءة واوصياءه، لذلك سميتُ مقالي (علمنة الله- محاولة علمانية جديدة)، وعلمنة الله هو سلخ الدين واحكامه عن الله وانبياءه، يقولون ان الاحكام الدينية هي احكام جاء بها الفقهاء واصحاب المعابد ليستغلوا الانسان دينياً من خلال الحكم الديني متأخذين من التاريخ والخلافة الاسلامية دليلاً على مدعاءهم من خلال استرقاق العبيد والفتوحات الاسلامية غير الشرعية والانتهاكات الانسانية التي تبنها الخلفاء باسم الدين الى يومنا هذا حيث تستغل الاحزاب الاسلامية الدين كورقة رابحة لتغطي بها فسادهم وسرقاتهم وفوزهم في الانتخابات، وحين نقرء التاريخ الاوربي الحديث نجد المفكريين الاوربيين تبنوا مثل تلك الدعوة في مجتمعاتهم حين أرادوا فصل الكنيسة عن الدولة فرفعوا شعار (اعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر) وهذا الشعار هو قول للمسيح، وبالتالي هم نجحوا بسلخ الله والمسيح من الدين، واليوم نجد ان مفكرينا ينسخون نهضة الفكر الاوربي على واقع المجتمع العراقي.
ومن النماذج الذي تبنت هذا المنهج هم السيد أياد جمال الدين والسيد احمد القبانجي والكاتب عبد الرزاق الجبران في كتابه (لصوص الله) و(مبغى المعبد)، وحقيقةً أن الجبران يعطي تصور رائع عن انسانية النبي محمد والامام علي، كما يعطي تصور رائع عن الهدف الانساني الذي يريده الله من البشر، لكن بعد قراءتي للكتاب استفشيت ان غير موضوعي لقراءة الاسلام، فيصف ان الفقه هو من صنائع المعابد، ويصف ان الثوار كغاندي وجيفارا وماركس والنبي محمد تجمعهم وحدة الهدف وهو الانسان، ويقول رغم ان ماركس وجيفارا ملحدين وغاندي هندوسي إلا انهم أقرب الى الله من غيرهم، ومرة أخرى نجد ان الجبران لم يقرء الله قراءة موضوعية.
تاريخاً ان النبي محمد أسس ديناً أسمه الأسلام وكتاب اسمه القرآن، كما سن سنن تشريعية وفقهية تنظم حياة البشر والمسلمين، وهذه الاحكام منها اجتهاد ومنها من الوحي، وكان النبي أعرف بواقع الحكم لذلك نجد ان دولته اكثر انسانية وهذه الانسانية نابعة من شخص النبي نفسه، فإراد النبي يؤسس فقه أخلاقي اي يمزج الفقه الديني بالاخلاقي حتى يتصرف الفرد بدينه اخلاقياً نابع من شعوره ووجداني الداخلي فنجد ان النبي انساني واخلاقي بدينه فهو يقول (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) فهنا يقصد النبي ان الحكم الديني الذي جاء بها ما هو الا سلوك اخلاقي يجب على الفرد ان يتبعه، وبما ان مسألة الاخلاق مسألة تربوية فهي تحتاج الى اجيال متلاحقة تسلك نفس منهجية دولة النبي محمد حتى تصل إلى درجة الدين الاخلاقي، لذلك ان النبي أسس القواعد العامة والخاصة للامة الاسلامية واراد من الامة ان تبقى على هذه الأسس، لكن كما هو معروف تاريخاً ان المسألة انقلبت بعد رحيل النبي وظهر الصراع الخلافي وهذا الصراع بدورة يؤدي إلى قراءة النص الديني من جديد، وبما ان النص خرج تأويله من يد النبي فسوف يؤول ظاهرياً وليس واقعياً، فأصبح هناك نص وتأويله، فالنص قائم بذاته والتأويل هو فهم النص ظاهرياً، ومن ثم ان العملية الاخلاقية لتربية المجتمع الاسلامي هي الاخرى فسدت فبقي المجتمع ينظر أيهما احق في تفسير النص وانشغل في الصراع القائم الى يومنا هذا مما جعل الوظيفة الاخلاقية للدين متعطلة، ومن ثم لم يتغير من المجتمع شيء إلا القليل فقط تحولت السنن الجاهلية إلى سنن اسلامية فحسب، الأمر الذي جعل من الفرق والخلافات الاسلامية تتصارع حول تأويل النص ونجد ان الخليفة يثبت التأويل حسب ما يناسب خلافته بالسيف والقوة فظهرت الانتهاكات الانسانية الكبرى على مر التاريخ بسبب تأويل النص ظاهرياً من قبل اشخاص هم ليس اهلاً له، فالنص لا يأوله الا الله والراسخون في العلم حسب المنطوق القرآني.
لذلك نقول هنا ان الاسلام الا يومنا هذا الم يؤخذ مبادرته الحقيقية في بناء المجتمع، وكل السلوكيات الفاسدة التي ظهرت بأسم الاسلام هي اساءت له وليست هي حقيقته، فالاسلام ما زال غريباً وأنا هنا ليس بصدد الدفاع عن الاسلام بل هذه قراءتي الموضوعية له حسب ما ارى، وما يهمنا من الاسلام هو الانسانية فبناء الانسان هو اقدس شيء في الطبيعة، لذا ان العلمانيون الجدد لم يميزوا بين النص وتأويله الظاهري فالنص ثابت وظروفه الزمكانية قابلة للتأويل حسب ما تشتهي الانفس لكن هذا التأويل يخرج النص من دائرته.
يعد تأويل النصوص الدينية (القرآن والحديث) من اهم آليات الخطاب الديني، في طرح مفاهيمه وافكاره وتصوراته. والتأويل الحقيقي المنتج لدلالة النصوص يتطلب اكتشاف الدلالة من خلال تحليل مستويات السياق. لكن الخطاب الديني غالباً ما يتجاهل بعض هذه المستويات، إن لم يتجاهلها جميعاً في حمى البحث عن دلالة محددة مسبقاً. ويرتد هذا التجاهل في جانب منه إلى عدم الوعي بقوانين تشكل النصوص اللغوية، كما يرتد إلى جانب آخر، إلى اعتبار النصوص الدينية نصوصاً مفارقة لسواها من النصوص اللغوية مفارقة تامة أو شبة تامة. وسواء كان تجاهل السياق راجعاً إلى تلك الأسباب، أم كان راجعاً إلى سواها، فالذي لا شك فيه أن الكشف عن ظاهرة إهدار السياق في تأويلات الخطاب الديني يعد خطورة ضرورية لتأسيس وعي علمي بالنصوص الدينية وبقوانين إنتاجها للدلالة. وهذا هو الهم الملح الذي يجب علينا أن نتوجه إليه إنقاذاً لوعينا العام من الانعزال عن حركة التاريخ، والتقوقع داخل أسوار الماضي، الذي مهما بلغ بهاؤه وضياؤه فقد مضى وانتهى (نصر حامد ابو زيد، النص والسلطة والحقيقة، ص91).
فإذا كان هناك نتائج خطيرة في إهدار السياق الثقافي الاجتماعي للنصوص الدينية، فإن النتائج المترتبة على محاولات القراءة العصرية تساهم مساهمة مباشرة في تعميق الازمة. لأنها اولاً ورغم محاولاتها التمييز بين الثابت والمتغير والأزلي والزماني ترسخ مفهوم (شمولية النصوص) وذلك عن طريق قراءة كل تطورات الوعي الإنساني- العلمي والفكري- فيها، ولأنها ثانياً تولد لدى القارئ القناعة بامتلاك كتابه المقدس لكل ما وصل- أو يمكن ان يصل- إليه الإنسان ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. ولأنها ثالثاً قراءة تصادر إنجازات العقل البشري في جميع مجالات المعرفة وتختزلها في نص تمت صياغته منذ خمسة عشر قرناً هجرياً. وهذا من شأنه أن يرسخ في الوعي أو اللاوعي الجمعي سلطة الماضي وهيمنته على الحاضر. وبعبارة أخرى: لا تدرك القراءة التي ترفع شعار العصرية على مستوى المنطوق، أنها ترسخ بالمسكوت عنه في بنيتها شعار الماضوية. ولأنها أخيراً ترسخ تمط التفكير الغيبي الأسطوري في اللحظة التي ترفع فيها شعار العلمية، وذلك لما يؤكده من وجود أزلي مبرمج بشكل رياضي للنص الديني- أو لجزء منه- في اللوح المحفوظ (نصر حامد ابو زيد، المصدر السابق، ص141-142).
لذا ان ازمة المعرفة الدينية التي نعيشها اليوم هو انعكاس لأستغلال تأويل النصوص الدينية في تاريخ الاسلام، الامر الذي ادى إلى ظهور هرطقات بين الذات والآخر، فضلاً عن عدم معرفة الفرد المسلم ان يتعامل مع التيار الحداثوي دينياً اي ان يوفق بين العلم والدين، مما ادى كل ذلك الى خلق ازمات وتيارات رجعية أساءت للمجتمع بأسم الدين فجعل من العلمانيون ان يقرؤون الدين قراءة جديدة بسبب تلك الازمات لكن هذه القراءة ايضاً غير موضوعية حسب ما ذكرت اعلاه.



#مهتدي_الأبيض (هاشتاغ)       Muhtadi_Alabydh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- 4 أضعاف حجم القطط الاعتيادي.. قط ضخم يحب تناول الطعام يصبح ن ...
- تعيين رئيس الحكومة الهولندية المنتهية ولايته مارك روته أمينا ...
- استطلاع يكشف رأي الإسرائيليين بحكم المحكمة العليا بتعديلات ا ...
- محكمة أمريكية تطلق سراح أسانج مؤسس موقع ويكيليكس بعد إقراره ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على مسؤول تهريب الأسلحة لـ-حماس ...
- كاميرون للمخادعين فوفان وليكسوس: أوكرانيا لن تدعى إلى حلف -ا ...
- الخارجية الروسية: حجب وسائل الإعلام الأوروبية هو رد فعل مماث ...
- مكتب زيلينسكي يرفض خطة مستشاري ترامب للسلام
- هل يعيد ترامب رسم الخريطة السياسية في الولايات المتحدة؟
- فنلندا تعلن تدريب العسكريين الأوكرانيين على أراضيها وخارجها ...


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهتدي الأبيض - (علمنة الله- محاولة علمانية جديدة)