|
- الناتو - يزحف إلى دمشق .. وسوريا تقاتل
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 12:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يعد خافياً ، أن التدخل العسكري الروسي ، بطلب من الحكومة السورية ، في الحرب التي تتعرض لها سوريا ، قد جاء في وقت كانت فيه سوريا ، في وضع عسكري حرج ، بعد سلسلة الهجمات التي سجلت فيها الجماعات الإرهابية المسلحة نقاطاً ميدانية لصالحها ، وأهمها احتلال مدينة تدمر ومحيطها ، وشروع دول وجماعات الإرهاب الدولي ، بحشد قواها ، تحت مظلة التحالف الدولي الأميركي ، للقيام بهجمات أكثر خطورة تستهدف مدناً ومناطق سورية عدة ، وبخاصة العاصمة دمشق .
وقد أدى التدخل الروسي إلى إفشال هذا المخطط الدولي الإرهابي الهجومي ، وإلى إضعاف الجماعات الإرهابية ، وخسارتها زمام المبادرة ، ودفعها إلى التراجع في مختلف مناطق الاشتباك ، وإلى بدء اتخاذ إجراءات إعادة الانتشار خارج سوريا . الأمر الذي استفز القوى الدولية الرئيسية المساندة للإرهاب " أميركا ، فرنسا ، بريطانيا ، ألمانيا ، تركيا ، المملكة السعودية ، إسرائيل ، وقطر " ، وأثار مخاوفها على مشاريعها في سوريا وفي الشرق الأوسط ، وبدأت في التعامل مع الوقائع السورية الجديدة ، من خلال رفع مستوى فعاليتها الحربية ، بما يؤمن استمرار حربها على سوريا ، وإفشال التدخل الروسي ، ومتابعة العمل بمخططاتها العدوانية في المنطقة .
إن المعطيات السياسية والعسكرية ، المتوترة ، والمتواترة ، تجاه سوريا ما بعد التدخل الروسي ، تحمل دلالات ، على أن الحرب السورية تتجه نحو التصعيد والتوسع ، وارتفاع مستويات خطورتها ، وتتجه لانخراط اللاعبين الكبار فيها مباشرة . وقد بدأت بوادر هذا الانخراط المباشر ، باستعراض أدوات القوة والحرب ، الجوية ، والبحرية ، طارحة ، تحت غطاء لعبة التسوية والحل السياسي ، خرائط حرب القمم الدولية بأشكال متنوعة ، تحت عنوان عدم التسليم ، بالوقائع السورية الجديدة ونتائج تفاعلاتها وتقدمها ، ومؤجلة انفتاح الأفق على انتهاء الحرب في مستقبل منظور .
وتقدم الأحداث والمعطيات المتلاحقة خلال الشهرين الأخيرين الدلالات على ذلك وأهمها : * قيام تركيا بتغطية من " حلف الناتو " بإسقاط الطائرة الحربية الروسية فوق خط تماس الحدود السورية التركية . * انتهاك طليعة قوات التدخل العسكري الأميركي ، المؤلفة من خمسين جندي وضابط ، للأراضي السورية وبدء تحركها حسب المهام المكلفة بها ، بذريعة تقديم المساعدة " اللوجستية " لجماعات معتدلة تقاتل ضد " داعش " . * إعلان وزير الدفاع الأميركي أن القوات الأميركية في سوريا يمكن زيادتها بأعداد أخرى . * ارتفاع أصوات زعامات مهمة في مجلس الشيوخ الأميركي تطالب بإرسال ( 100 ) ألف جندي أميركي إلى سوريا والعراق . * أوباما يذكر بوتين بأفغانستان . * حصول الحكومة الألمانية على تفويض بإرسال ( 1200 ) جندي إلى سوريا . * موافقة البرلمان البريطاني على التدخل العسكري البريطاني في سوريا .. وبعد ساعات فقط على قرار البرلمان .. بدأ كاميرون من قبرص بغاراته الجوية في سوريا * إرسال فرنسا حاملة الطائرات " شارل ديغول " إلى شرقي المتوسط . وإعداد علني لخرائط التدخل الفرنسي في سوريا . * إرسال " حلف الناتو تعزيزات عسكرية جوية تموضعت بالقرب من الحدود السورية في تركيا .. في عينتاب وإنجرليك . * إعلان إسبانيا وإيطاليا عن رغبتهما بالتدخل في سوريا . * مشاركة الدنمارك وألمانيا بسفن حربية لدعم حشد " الناتو " البحري شرقي المتوسط . * تسريبات تمهيدية تعلن عن قرب تشكيل تحالف عسكري أميركي تركي عربي ، للتدخل البري في الحرب السورية ، كما حدث في ليبيا واليمن .
وعندما نضع هذه المعطيات مع معطى التدخل التركي منذ بداية العدوان على سوريا ، ضمن إطار واحد ، نجد أن جميع الدول المذكورة آنفاً هي أعضاء في " حلف الناتو " ، ونجد أن المشهد يعكس لنا ، أن " حلف الناتو " وملحقاته من الدول العربية الرجعية ، يحقق تدخله في سوريا على مراحل ، من خلال نشر الإرهاب ، ومن ثم من خلال ذريعة محارته . وذلك دون قرار من مجلس الأمن الدولي . ، وأن الحلف بصدد تنفيذ مؤامرة هجومية واسعة تستبيح الأجواء والأراضي السورية . إذ أن من الطبيعي ، أن قوات " حلف الناتو " التي ستدخل الأجواء والأراضي السورية تحت رايات مختلفة ، لن تأخذ إذناً من السلطات السورية ، ولن تحقق وجودها فوق الأراضي السورية ، عبر المناطق التي تسيطر عليها قوات الحكومة ، وإنما عبر الأراضي التي مازالت تسيطر عليها قوات " المعارضة المسلحة المعتدلة " بذريعة دعم هذا الاعتدال المعارض المسلح ضد " داعش " . لكنهما واقعياً ــ قوات المعارضة المسلحة وقوات الناتو ــ يكرسان معاً واقع تقسيم سوريا ، ويؤسسان لحرب أهلية ، يلعب فيها " داعش " دور الحليف " للناتو " والمعارضة المسلحة ضد الجيش السوري الوطني .
وفي غمرة هذه الأوضاع المضطربة ، تتعدد المعادلات المزيفة المسوغة لمجمل التدخلات العدوانية على الشعب السوري ، التي تقوم على ، أن " الناتو " و" المعارضة المعتدلة المسلحة الآن ضد " داعش " . وبعد " داعش " تقوم المعادلة على أن الناتو وهذه المعارضة ضد الجيش السوري الوطني . وبالمحصلة تنتهي الأمور عند معادلة " الناتو والمعارضة المسلحة " ضد الدولة السورية ، ما يفضي إلى تحقيق المخطط الشرق أوسطي الأميركي الصهيوني الغربي ، الذي شكل خلفية الحرب على سوريا .
إزاء ذلك ، بات من الأهمية بمكان إعادة بناء الداخل السياسي السوري ، واتخاذ الإجراءات العاجلة ، لتحقيق الحضور الشعبي الموحد المقاتل ، وممارسة كافة القوى الوطنية المعارضة وغير المعارضة لدورها الوطني على كل المستويات ، بكامل الحرية والثقة ، لتثبيت ميزان القوى لصالح الدولة السورية وحلفائها ، في مواجهة دول " الناتو " وأدواتها الرجعية والإرهابية الدولية . بيد أن هذا الأمر يستوجب تجاوز الكثير من المعوقات ذات الصلة بمراحل ما قبل الحرب ، إن من طرف الحكم ، أو من طرف القوى الوطنية ، والانتقال إلى التعاطي مع اللحظة السورية الوطنية الحربية وارتداداتها السياسية والاجتماعية ، ووضعها في مقدمة الأولويات ، والسياسات ، والغايات ، لقد وضعت حرب الخمس سنوات المستمرة ، المدمرة الدامية ، عقليات وأساليب العمل السياسي التقليدية ما قبل الحرب خلف الظهر . لقد جرفت الحرب الجميع ، دون إذن من أحد ، إلى ضفة أخرى تختلف فيها المطالب والأهداف والطموحات ، وبشكل خاص ما يتعلق بمفهوم السلطة ، والاحتفاظ بالسلطة ، وتداول السلطة . واختزلته بخيار الشعب الديمقراطي . و اصبح الحفاظ على الوطن ، وتحريره من الإرهاب الدولي ، والتخلف ، والتدخلات الخارجية المعادية ، وإعادة بنائه ، بعقلية وطنية ديمقراطية علمانية متطورة .. مهما غلا الثمن .. هو الفضاء الذي يشيع الثقة بين جميع السوريين ، وهو المفتاح لحل عقد الخلافات والحساسيات المتراكمة .
لقد عرفت سوريا خلال المئة سنة الماضية ، ثلاثة أجيال سياسية . وقد قامت جميعها بدورها المشرف في رد العدوان والمظالم عن سوريا وعن الشعب السوري . كان أولها الجيل الذي قاوم وطرد الاحتلال العثماني ، واسترد عروبته ووطنه . والجيل الثاني هو الذي قاوم الاحتلال الفرنسي وحقق الاستقلال الوطني . والجيل الثالث هو الذي قاوم المشروع الصهيوني في فلسطين ، وأقام أول دولة عربية قومية موحدة . والجيل الحالي ، هو الجيل المنوط به تصفية مخلفات الاستبداد والرجعية والتخلف ، والا نتصار في الحرب على الإرهاب الدولي . والحفاظ على وحدة الوطن ، وهو بوعيه وتصديه بالنار والدم " لدول الناتو " والإرهاب الدولي والرجعية ، يؤسس لسوريا جديدة عظيمة مزدهرة .. ويسجل أروع صفحات التاريخ المشرفة .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحل السياسي بين الإرهاب والتدخل الخارجي
-
جلالة الشهيدة
-
داعش يغزو فرنسا
-
- فيينا 2 - والرهانات المتعاكسة
-
الجري وراء الحلول السياسية في زمن الحرب
-
مقومات الحل السياسي الوطني في سوريا
-
صانعو الحلول الوطنية المشرفة
-
فلسطين في القلب
-
سوريا موحدة جديدة قادمة
-
هل بدأت نهاية الإرهاب في سوريا ؟ ..
-
أيلول أسود بشع آخر
-
دفاعاً عن هوية المسجد الأقصى ووجوده
-
المؤتمر النقابي الدولي بدمشق .. توقيته وأهميته
-
لا بديل للوطن .. العودة للدار هي الحل
-
حرب البؤساء العادلة
-
بيان مجلس الأمن والتجربة السورية
-
أردوغان وسوريا المستعصية على الفتح
-
آفاق
-
المطلوب قبل فوات الأوان
-
دفاعاً عن سوريا ووحدتها أرضاً وشعباً
المزيد.....
-
العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب
...
-
وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات
...
-
احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر
...
-
طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا
...
-
الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
-
بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
-
Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى
...
-
بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول
...
-
إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
-
روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|