أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - حال الناس بين الغفلة واليقظة..














المزيد.....

حال الناس بين الغفلة واليقظة..


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 3 - 02:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عجبت لأحوال الناس في الحياة الدنيا ..فالبعض لاه قد ساقه الهوى لرذائل الأعمال ..والبعض هائم في شرك جلب نفع الدنيا وذلك واجب لا تقوم الحياة إلا به ولكن وجب الإقتصاد في الطلب وإخصاص الوقت لغير الكسب ..فالكسب سبب به يقوم البدن والأخير يقوى لفعل المطلوب منه ..ولا ينبغي أن يُشغل عن تحقيق الهدف طلب العيش ..
وإن كان طلب العيش لا يجوز أن يحجب زمنه طلب الآخرة فغير ذلك أولى اتقاءه ..ومن ذلك صرف الوقت في الملاهي كالمقاهي والجلوس على الطرقات والسفر لغير حاجة وشغل الفكر بالوساوس وطول الأمل والإنفتاح الزائد وما إلى ذلك ..
والغالب قد وصله المعنى وتيقن الطريق الصحيح من جد أو قريب أو مجتمع وخصوصا من يعيش في بلد السلام فذلك غني عن البحث عن صواب الطريق ..والغالب يسمع المواعظ ويطرق بصره مآلات غيره ممن قضوا نحبهم كقريب له أو رحم ..وهذا إنذار للتذكر وبلاغ لتعجل التلفت قبل الفوات ..وهو يسمع ذلك ويندم على التفريط فيما مضى ويرقّ قلبه بعد قسوة وتسطع بصيرته بعد غفلة ..فيعزم على التدارك وينوي الأوبة لكن سرعان ما تغالطه نفسه فيتراخى عزمه ويعود لما ترك ..
فإذا قيل له أعندك ريب فيما وُعدت به قال لا والله..إذن فما هو عذرك لترك ما نزل وعدم التحكيم للقول الفصل.. ألم ترض به صراطا قال بلى! ولا يزال في تأييد وتنصير للحق بالقول فقط والإدعاء لكن تخونه الجوارح ويتراخى عليه البدن لضعف التوجه وصغر الهمة ..
فتأملت السبب لبطء الفعل مع صلاح الإعتقاد فوجدته لا يخرج عن ثلاثة ..أولاهما التعلق بالهوى العاجل فإن الإنشغال به يشغل الفكر ويجذبه فينسى المراد ويهفو عن الأولى فيتطبع الفكر بكثرة الإنسياق ويصير قاسيا لضعف التيقظ.
وثانيهما التسويف بالتوبة وتأخير العمل لحين الكبر ومن يدري بلوغ أرذل العمر ..ومن يضمن عدم سوء الحال عند البلوغ فلا يقدر به العامُّ على درك الفوات وتعويض الصغر..وإن فُرض الوصول فهل يُجْبر فعل القليل هَوْلَ ما يُنتظَر ..وكم من متوفى وهو في سن الشباب .. قد سُحب منه البساط وهو في غفلة فما له من نكير ..وإن اعترض جاءه الخطاب .."أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير" ..فليحذر من ذلك فلربما هجم الموت ولم تحصل التوبة وكُشف عنه الغطاء فقال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا ..فلا راد لقضاء الحق ..فليبادر بالإصلاح قبل حلول الظلام ..
وليتدبر قول العزيز " فلما آسفونا انتقمنا منهم " وليتفكر قول الحبيب " موت الفجأة أخذة أسف ، أي غضب " ومن يشتري غضب مولاه وهو المنعم عليه وأي فضيلة ونعمة يباع بها رضى الوهاب ..بل الحسرة كل الحسرة لمن فرط في زمن التدارك ولم يزرع ما يحصده يوم المعاد ..ومن أدرك ذلك جد واجتهد وعمل على الحزم غير منساق لجذب الهوى قبل سلب الروح ..
وثالث الأسباب رجاء الرحمة من الرحمان ..فزاد عصيانه طمعا في نيل الغفران ..لكن رحمة الرحيم ليست رِقّة ..فكما أنه رحيم فهو شديد العقاب والعقاب غير مأمون والغفران لمن يشاء ..والرحمة في قران مع العدل فلا يجعل المتقين كالمجرمين ولا القاسطين كالمقسطين ..إذ كيف يسوى القاتل بالمقتول والظالم لنفسه كالسابق بالخيرات ..محال ذلك عقلا ونقلا وقولا ..فالرجاء إعمال الحكمة في قول الحق والأخذ منه بالجملة لا بالتقسيط وفي السياق لا خارجه ..
ولا أقصد بحسن العبادة البعد عن الخلق والتفرغ للطاعة كفعل المتصوفة والرهبان ..فالمنهاج وسطي متكامل تتداخل فيه مصالح الدنيا مع مطالب الأخرى والتوافق وارد بل مطلوب لجلب المقصود ..إذ ليس المطلوب الإعتكاف في المساجد وقيام الليل على الدوام وصيام الشهر الحرام طول الدهر فذلك مدعاة لسلب الراحة وفقد النشاط ولا يصحُّ التفريط في ذلك إذ هو لبُّ العبادة وأصل الطلب ..والتفريط في ذلك يسلب روح العمل إذ يقصد لذاته ولا يقصد لسبيل أعلى وهو الخشوع والتعمق في المعنى ...وإنما ينبغي الإعتدال وعدم التفريط والأخذ بالكيف لا بالكمّ.. فالمقصد التقوى والعلم بالعمل ..كما يجب التَّلفُت لمصالح الخلق بالإعانة والتوفيق لقضاء المآرب فذلك من المستحب فعله ..ومن ذلك تعلم العلم ونشره والكسب من حلال وإنفاقه.. فلو لم يعمل الفرد بهذا رغم استطاعته لما صلحت أحوال العباد ولما تم الإعمار للأرض على الشكل المطلوب ولهلك الغالب على حساب القلة ..ولذلك كان من الأوجب خدمة الغير ..
ولينظر فيمن يخالط ..فالجماعة قد تضعف العزم إن كانت من العوام ممن يستحبون الغيبة والجرّ للمهالك واتباع الهوى فصحبتهم تضر ولا تنفع ..والعزلة عنهم أولى لاتقاء الشر وحفظ النفس ..فجمهور الناس من أرباب الغفلة ممن يغلب عليهم حب الدنيا ..فاحذر فإن الطبع يسرق مما رأى والنفس تتمنى والقلب يضطرب.. فسداد مواطن الضعف ومقدمات السقوط مما يجب مراعاته ..وكثرة المداومة على الخلط بدون تيقظ قد تميت القلب حتى إذا طلبته بعد ذلك لم تجده ..
وأدم النظر بحضور العقل في جنان الأرض فذلك يُلين القلب ويدعوه لتعظيم الجليل ..واحرص على تعلم ما ينفع فالعلم يختصر الطريق ويعين على التقدم ويوقض القلب حين الغفلة ..
واعلم أن قهر النفس لا يتحقق إلا بشد العزم وعلو الهمة واستشراف القادم والصبر على الحاضر ..واعلم أن الزمن قصير فاغتنمه في صالح الفعل والقول .. فإنما هي ساعة ستمضي إن حسن العمل فيها فما يَْقدم حسنٌ كله.. وإن خلت من المعاني ولم تتفرغ للقصد خاب أُكلها ..والسُّؤْل من الجليل للتوفيق للصلاح فلا يعين على ذلك إلا هو .



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جَحِيمُ الخادماتِ في السعودية..
- رهانات التنمية وإكراهات البيئة ..
- رهانات التنمية وإكراهات البيئة .
- لقد مات من فَرْطِ الإستهلاك ..
- الرأسمالية والإغتراب ..
- نظرة في خلفيات صناعة الإرهاب..
- وسائل الإتصال وسلطة التأويل ..
- الإرادة العليا وجدل العقل و المنطق ..
- أطفال القمر
- الدعارة ..اختيار أم اضطرار
- متناقضات العالم المعاصر ..
- داعش وجاهلية القرن الواحد والعشرين ..
- دور التربية في صناعة النشء
- لماذا فشلت المنظومة التعليمية بالمغرب ؟
- داعش لم تُخْلَق من فراغ ..والعنف يولِّد العنف ..
- حقيقة الحياة الدنيا والإستعداد للرحيل..
- نظرة في الحياة الدنيا..
- لا إكراه في الإسلام وإنما عليك البلاغ فقط ..
- الإسلام ينسخ غيره من الأديان السماوية وغيره من الأديان كفر . ...
- في المراد من الزواج..


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - حال الناس بين الغفلة واليقظة..