أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفنون والثقافة القومية لا الأديان















المزيد.....

الفنون والثقافة القومية لا الأديان


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5003 - 2015 / 12 / 2 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفنون والثقافة القومية لا الأديان
طلعت رضوان
دأب أغلب المُــتعلمين (المصريين) على استخدام تعبيرات غير علمية مثل (الحضارة الإسلامية) و(الفن الإسلامى) إلخ وهم يتجاهلون أنّ الحضارة والفنون من انتاج الشعوب ، ولا دخل للأديان فى تأسيس أية حضارة ولا فى انتاج الفنون ، وكان من بين هؤلاء المُــتعلمين د. سعاد ماهر فى كتابها (الفنون الإسلامية) وهو كتاب غاية فى الأهمية ، رغم أنّ مادته تتناقض مع العنوان ، وهذا الكتاب – نظرًا لأهميته - فقد صدرتْ منه عدة طبعات ، ويعتمد عليه كل المُـهتمين بالتعرف على فنون الشعوب المُـختلفة. وعنوان الكتاب يُـشكــّــل مُـفارقة ، حيث أثبتتْ المؤلفة (فى معظم فصول الكتاب) أنّ الشعوب وهى تــُـبدع فنونها كانت تعكس ثقافتها القومية ، من ذلك قولها ((ظهرتْ الرسوم الآدمية والحيوانية فى مصر، فى العصر القبطى متأثرة بالأسلوب القبطى)) وهو ما أكده د. زكى محمد حسن . وأنّ الفنون ((فى العصر المملوكى جـُـلب من آسيا وأوروبا وأوضحتْ (تلك الفنون) تعدد التيارات والأساليب الفنية التى أثــّـرتْ على الفن الإسلامى عامة والمصرى بصفة خاصة. أما الفــُـخــّـار المطلى ب (المينا) أى بتعدد الألوان فهو امتياز مصرى نظرًا لطبيعة التربة المصرية بعد فيضان النيل))
وعن الكتان المصرى استشهدتْ بما ورد فى كــُـتب الرحالة مثل ابن حوقل عن الكتان فى العصر الإسلامى ، وأنّ تصنيع الكتان وغزله اشتهرتْ به محلة بنها وسمنود وبوصوير، وتــُـصدّره إلى جميع أنحاء العالم . وهذا يرجع إلى أنّ المصريين القدماء برعوا فى طريقة الغزل الرطب للألياف المُــتخشبة والتى تعد أحدث عمليات الغزل فى الوقت الحاضر لانتاج الخيوط الرفيعة ، وبواسطتها توصّـلوا إلى غزل خيوط غاية فى الدقة.
وعن أسباب عدم انتشار صناعة الأوانى من الفضة عند العرب ، نقلتْ حديث النبى الذى نهى فيه الشرب فى آنية من الذهب أو الفضة ولبس الحرير. ونقلتْ عن علماء المصريات أنّ الأزياء المصرية فى العصر الإسلامى إمتداد للزخارف على ملابس المصريين القدماء وبراعتهم فى التطريز بالإبرة. وأنّ القطعة التى تحمل اسم (آمن- حوتب) تــُـعتبر أقدم قطعة ومحفوظة بمتحف الهيرميتاج بمدينة بطرسبرج .
وخصّـصتْ المؤلفة فصلا عن (القباطى) أى الأقمشة المصرية المُـزخرفة التى بدأتْ مع الحضارة المصرية وامتدتْ إلى العصر القبطى والإسلامى . ونقلتْ عن بعض المؤرخين مثل (الفاكهى) فى كتابه (أخبار مكة) أنه كتب ((رأيتُ كسوة من قباطى مصر مكتوبًا عليها باسم الله بركة من الله.. إلخ)) وذكر البلاذرى نقلا عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، بصدد فرض الجزية ، الزام المصريين أنْ يؤدوا لكل (مسلم) جبة صوف وبرنسًا أو عمامة وسراويل وثوبًا قبطيـًـا)) ومن هنا جاء اسم (القباطى)
ووصف ابن عبد ربه فى (العقد الفريد) القباطى فكتب ((إذا دنا وقت موسم الحج كانت الكعبة تكتسى بالقباطى ، وهو ديباج أبيض.. إلخ)) وذكر ابن تغرى بردى فى (النجوم الزاهرة) أنّ الحاكم كسا الكعبة بالقباطى ، والكلمة مأخوذة من كلمة (القبط) أى المصريين . وأنّ العرب الذين نزحوا إلى مصر كانوا فى غنى عن القيام بهذه الأعمال التى كانت تعد فى نظرهم ((وضيعة مادام معاشهم مكفولا من ديوان العطاء)) وهو ما أكــّـده المقريزى . ووُجد قماش اسمه (بالابيسون) نسبة إلى مدينة أوبيسون الفرنسية ، زخارفه منسوجة بطريقة القباطى . واختتمتْ هذا الفصل بقولها ((ومما تقـدّم يتبيـّـن أنّ طريقة القباطى كانت مُستعملة فى مصر القديمة واستمرتْ حتى العصر الإسلامى)) وذكرتْ أنّ المصريين القدماء عرفوا صناعة (التكفيت) كما تدل على ذلك آثارهم وأشهرها قناع توت – عنخ – آمون . وحرفة (الصياغة) وتشكيل الذهب والفضة ، توارثتها الأجيال منذ مصر القديمة حتى وقتنا الحالى . وخصّـصتْ فصلا عن صناعة الزجاج المصرى منذ العصور القديمة وحتى العصر الإسلامى . وفصلا عن السجاد المصرى.
والثقافة القومية الإيرانية عكستْ نفسها على الفن مثل التصوير الذى حرّمه الإسلام . وفى مدينة (الرقة) التى وقعتْ فيها معركة (صفين) قارورة على شكل رجل جالس يحتضن طفلا ((وأغلب الظن أنّ هذه التماثيل تــُـحيى باعثــًا شرقيـًا قديمًا هو الإله أشتار)) وأضافتْ ((لم ينتج عن استيلاء العرب على إيران تغير للأسلوب الفنى السائد فى صناعة المنسوجات ، وظلــّـتْ قائمة فى العصر الإسلامى.. وأنّ العرب غنموا الكثير من التحف عندما قضوا على الدولة الساسانية. ومن هذه التحف مجموعة من الأباريق محفوظة بمتحف الفن الإسلامى ، ولا يعنى ذلك بطبيعة الحال أنها صُـنعتْ فى العصر الإسلامى)) ورغم كل ذلك فإنّ المؤلفة وضعتْ لكتابها عنوان (الفنون الإسلامية) وهو عنوان لا يعبر عن مضمون الكتاب ، الذى ركــزت المؤلفة فيه على أن الشعوب عكست ثقافتها القومية على منتجاتها الفنية والصناعية ، خاصة وأنها كتبتْ ((وإذا كانت لفظة (قباطى) اشتقتْ من كلمة تعنى طائفة بذاتها للدلالة على أنها من نسيج هذه الطائفة فى العصر القبطى ، وأوائل العصر الإسلامى ، فبماذا نــُـعلــّـل إطلاق هذه الكلمة (أى القباطى) على النسيج فى العصر الفاطمى ؟ فهل يُـفهم من ذلك أنّ غالبية سكان مصر مازالت إلى هذا العصر من الأقباط حتى أنهم ظلوا يُـطلقون اسمهم على منتجاتهم ؟ على أنه من الثابت أنّ كثيرًا من الأقباط قد اعتنقوا الإسلام لأسباب عدة ، إما رغبة فى الدين الإسلامى أو فرارًا من الجزية أو طمعـًـا فى منصب من مناصب الدولة)) ص120، 121 من طبعة هيئة الكتاب المصرية عام 2005) وقد غاب عن المؤلفة أنّ كلمة (قبطى = مصرى) وفق علم المصريات وعلم اللغويات ، وليس للكلمة أية علاقة بالديانة المسيحية ، وأنّ أصل الكلمة مستمد من أحد الأسماء التى أطلقها جدودنا المصريون القدماء على عاصمة البلاد (منف) وهو (ها – كو- بتاح) وتحولت إلى (هاكو- بتاه) بفعل عوامل التحات اللغوى المعروفة مثل تحول (طارج) إلى (طازه) و(فلوزج) إلى (بلوظه) و(ماشج) القبطية إلى (ماشه) فى المصرية الحديثة. وقد تحوّلتْ (هاكو- بتاه) فى اليونانية القديمة إلى Aiguptos وانتقل الاسم إلى سائر اللغات الأوروبية الحية مثل Agypt فى اللغة الإنجليزية وغيرها فى لغات أوروبية أخرى مع بعض الاختلافات البسيطة فى الحروف (لمزيد من المعلومات – انظر بيومى قنديل فى كتابـــه " حاضر الثقافة فى مصر" – ص 168)
كما أنّ د. سعاد ماهر أكــّـدتْ على الخصوصية القومية عنما كتبتْ ((نعم لقد كان صناع النسيج ، بل وجميع صناع الحرف الأخرى ، وكذلك الزراعة ، فى أوائل العصر الإسلامى من الأقباط ، لأنّ العرب الذين نزحوا إلى مصر كانوا فى غنى عن القيام بهذه الأعمال التى كانت فى نظرهم (وضيعة) ما دام معاشهم مكفولا من ديوان العطاء (أى نصيبهم من الجزية والخراج) ولم يعمل بعض العرب بالحرف الصناعية أو بالزراعة إلاّ بعد أنْ منع الخليفة المأمون عنهم (ديوان العطاء) سنة 218 هـ )) (ص 121) وهكذا فإنّ عدم اهتمام المؤلفة بعلمىْ المصريات واللغويات ، أوقعها فى هذا الخطأ العلمى ، عندما اختارتْ لكتابها عنوان (الفنون الإسلامية) بينما الأدق (الفنون والثقافة القومية) حتى التى تمّ انتاجها بعد اعتناق بعض الشعوب الإسلام .
000
هامش (1) د. سعاد ماهر (1917- 1996) تخصّـصتْ فى التأريخ للفن فى العصرالإسلامى ومن بين مؤلفاتها العديدة (الفن القبطى) ، (الحصير فى الفن الإسلامى) ، (عقود الزواج على المنسوجات الأثرية) ، (موسوعة مدينة طيبة) وأشرفتْ على الكثير من أعمال الحفر. وعلى العديد من الرسائل العلمية.
هامش (2) د. زكى محمد حسن : أحد أهم المُــتخصصين فى تراث الفنون ، ومن كتبه (الرحالة المسلمون فى العصور الوسطى) ، (تراث الإسلام فى الفنون الفرعية) ، (التصوير فى الإسلام) ، (رسوم الحيوان والنبات فى التصوير الهندى الإسلامى) وهو الذى أشرف على رسالة دكتوراه سعاد ماهر بعنوان (المنسوجات المصرية فى عصر الانتقال من الفتح الإسلامى وقيام الدولة الفاطمية)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فى أحاديث البخارى المتنوعة
- نبى الإسلام المميز فى البخارى
- المُطلق فى أحاديث البخارى
- أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)
- البداوة فى صحيح البخارى (6)
- الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5)
- العبودية فى صحيح البخارى (4)
- البخارى وأحاديثه عن الغزو (3)
- قراءة فى صحيح البخارى (2)
- قراءة فى صحيح البخارى (1)
- بورتريه عن شخصية خالتى
- كروان (وحيد) بين الغربان
- كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
- محمود درويش وأمل دنقل
- هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
- لماذا العرب ضد العرب
- لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
- هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
- هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
- القبائل العربية فى مصر


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفنون والثقافة القومية لا الأديان