أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثامن):















المزيد.....



الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثامن):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 21:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نواصل دراستنا لموضوع العمري الذي قد إنحرف فيه عن وجهة الحقائق إلى متاهة الهوى والشنآن بمحاولة خلق قضية خيالية وإلباسها لباس الحق متناسياً الواقع ومقتضياته ومعطياته على الأرض, مستبعداً كشف غايته الكامنة في داخله ومسعاه الحثيث لتتويه القضية الواضحة البينة بحشرها وسط المبالغات والإفتراءات والتهويل والتشكيك من حولها, وذلك بمحاولة طمس البراهين الدامغه, ولو بمجرد تشويشاً بغبش أو ضبابية الشك.

وها هو ذا قد دخل في حيز التشكيك في عالمية الإسلام بعد أن عجز عن نفيها تماماً بإسقاطها وهي في وسط متاريس من الواقع والحقائق الموثقة,,, فكره وجزع من أن (يَخرجْ من المُولِد بلا حُمّصْ) كما يقولون, فلم يجد بداً من أن يقلل ويشكك في كونها عالمية حقيقية وإنما هي إدعاء محض قدمه القرآن ليفرض عالميته على الناس "فرضاً" لا أساس له من الصحة .... ولا شك في أن هذا التفكير يدل حقيقةً على الجهل المركب والإفلاس المزمن لأن عالمية الإسلام لا تحتاج إلى برهان لذا نقول له وللمتربصين معه:

نعم با عادل الحقيقة المؤلمة والمحبطة لكم - التي جعلت ما ظننته بيدك "حُمُّصاً" إنما هو في حقيقته "حصباء" وحصى, لأن الواقع يوقول بأن: (... الإسلام كما قدمه القرآن هو دعوة عالمية وليست موجهة للعرب فقط ...), ولكنك قد أخفقت كثيراً في القول بأن: (... النتيجة المنطقية أن غير العرب أو "العجم" لن يتبينوا إعجازه اللغوي ولن يمثل تحديا لهم ...), فهذا الإدعاء يكذبه الواقع عبر التاريخ من قبل والحقائق على الأرض الآن في العالم كله,, إلَّا إذا إعتبرت "سفهاً" أنَّ مسلمي الهند وباكستان وتايلاند وأندونيسيا وتراكياً والصين بل وأمريكا وأوروبا وأفريقيا,,, عرب أو لسانهم عربي.

فإذا إستوعبت قراءة الواقع الإسلامي "بموضوعية وأمانة ووجدت أن الأغلبية الساحقة فيه غير عربية "عرقياً" و "لساناً" - بالنسبة للذين لم يستطيعوا معالجة نطق الحروف العربية التي يعجمون فيها - ,, عندها سنطالبك بأن تفسر وتبرر لنا هذا الإدعاء الأجوف منك بعد مقارنته بهذا الواقع الحي.

أما قولك: (... وإذا كانت الرسالة موجهة للعالمين فكيف يمكن إقناعهم بها؟...).
نقول لك بالمنطق,, عليك أن تُوجِّه هذا السؤال لنفسك أولاً, ثم لمئآت الملايين من الذين إقتنعوا بالرسالة المحمديَّة فإتبعوها بصدق, ثم فعشقوها وإلتزموها منهجاً كاملاً فريداً لمسار حياتهم ومعاملاتهم في كل بقاع الأرض ومن كل شعوب العالم قاطبةً.

أما قولك بأن (... الأمر المنطقي تماما أن لتوصيل الرسالة "لعجم" لابد أن يقوم به العرب لأن القرآن جاء بلغتهم ...). هذه أيضاً محاولة بائسة يائسة ساذجة, وإدعاء منك غير موفق ولن يكون له أدنى تأثير على العقلاء المعتدلين من البشر, فالواقع يقول إنَّ هناك علماء مسلمون نشطون بِحقٍّ وفاعلون ومؤثرون تأثيراً مباشراً وقوياً وأساسياً في الدعوة والإسلام والمسلمين, بل ومتفردون في نشر وتعليم الإسلام والتفقه في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وهم في حقيقتهم "إثنياً" ليسوا عرباً في الأصل. ومع ذلك هُم عينهم الذين أبلوا بلاءاً حسناً ولا يزالون في الدعوة للإسلام, ولو تذكرنا الشيخ أحمد ديدات كمثال معروف للناس لأدركنا بُعد الحقيقة عن إدعائك هذا, ويكفي أن سيبويه كان فارسياً, وكذلك ابو حنيفة النعمان, ثم الإمام البخاري, والنيسابوري من بخارى على نهر جيحون, وابن حزم والشاطبي, الذهبي,,,, وغيرهم من أعلامٍ غير عرب فصار الذين أجادوا نطق الحروف العربية منهم "عرباً حقيقيون" بلسانهم ولم يتطلب منهم ذلك التخلي أو التنكر لإنتماءهم العرقي والجهوي "من غير عنصرية", فهم مفخرة لإنتماءاتهم ولأهلهم ومشاربهم من دون فخر أو تفاخر.

يقول الكاتب: (... وقد أقر القرآن بتميز الناس إلى عرب و"عجم" دون أن يغير من معنى كلمة عجم، وهو في الواقع لم يفضل اللغة العربية على غيرها بشكل صريح واكتفي بتقسيم العرب والعجم كما اعتاد العرب وكل ما ذكره حول لغته أنها بليغة تتحدى العرب أن ينتجوا مثلها).

واضح أن كل مفردة من هذه الفقرة خاطئة بإمتياز حتى الذي فيه شيء من الحقيقة التي يستحيل عليه تجاوزها,, إذ لا يوجد في القرآن الكريم - على الإطلاق - أي نوع من التمييز العنصري بين بشر وبشر, وقد أكد ذلك في القرآن كله بعدد كبير من الآيات المحكمات المفصلات تفصيلاً بما يمنع أي إحتمال لمجرد الإعتقاد أو الشك, فالعربية والعجمة متعلقة "فقط" باللسان ونطق الحروف لا أكثر. فإذا كانت كلمة "عربي" مقصود بها "اللسان حصرياً", وكلمة "عجم" أيضاً مقصود بها "اللسان حصريا", فلماذا يغير القرآن أي من الكلمتين وهو في الواقع قد أكد عليهما وفي ذلك قفل لباب العنصرية والعرقية بمصراعيه.

والمغالطة الثانية المضحكة هي إدعاءه بأن كل ما ذكره القرآن كان "حول لغته", وأنها بليغة تتحدى العرب أن ينتجو مثلها,,, والواقع أن القرآن الكريم لم يذكر المفردة "لغة" بكل مشتقاتها مطلقاً, ولا أي شيئٍ عن بلاغة لغته ولا حتى تلميحاً كما يدعي عادل العمري, فهذا كله تخبط وإفتراء وتخرص ما أنزل الله به من سلطان.
وأيضاً لم يرد أي ذكر في القرآن بأنه "تحدى العرب بلغته العربية" كما برهنا ذلك أكثر من مرة, وإنما التحدي كان ولا يزال بأن (يأتوا بمثل إعجاز آياته التي جاءت بلغتهم العربية) بإعتبارها أكمل اللغات التي نطق بها البشر على الإطلاق, وقد سبق أن فصلنا في هذا بمعايير علمية تحليلية عملية مباشرة وأجرينا بعض المقارنات بينها وبين غيرها في موضوعاتنا السابقة بدليل أن التحدي للخلق كله,, فلا يعقل أن يتصور أحد أن كل الخلق بإنسه وجنه لسانهم عربي مبين.

نكرر ونكرر ثم نكرر بأن إعجاز القرآن الكريم ليس في لغته العربية, وإنما في آياته التي لن يستطيع بشر أو جن أو غيرهم بأن يأتوا بمثلها ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. و المنطق يقول (لو كانت القدسية في اللغة التي نزل بها القرآن لما إستطاع كائن من كان أن يُصَوِّر بها كلمة كفر أو فساد أو فجور). على أية حال,, فلندع القرآن يقول فيهم قولته, ويرد عليهم ببعض آياته البينات فيما يلي:

1. وعلى إدعائه بأن القرآن أقر بتميز الناس إلى عرب وعجم,,, الخ رد الله تعالى عليهم في سورة الحجرات, داحضاً هذا الإدعاء الكاذب, فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ - « إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى » « وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا » - «« إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ »» إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13). فأين هذا التمييز الذي تدعيه يا عادل؟؟؟ .... فهل التعارف يقتضي التمايز والتعالي والتفاخر والكبر؟؟؟

وهل تركت هذه الآية أي مجال لتمايز ولو بنذر يسير بعد أن حصرت ذلك التمايز في "التقوى" حصرياً,, وأن هذا التمايز ليس مكانه الحياة الدنيا وإنما سيكون عن رب كل الناس في اليوم الآخر حيث لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم ..... فهل الذي يتعاطى شيء من هذه المثالب والنواقص الإنسانية يمكن أن يبقى له قلب سليم بأتي به ربه؟؟؟

وسأعطيك نموذجاً يعكس لديك المفاهيم تماماً وفي نفس السورة, وذلك في قوله تعالى عن الأعراب دون سواهم من طوائف وأصناف البشر: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا « قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ » وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 14).

ثم أنظرر إلى قوله تعالى في سورة التوبة: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ), إن كان هذا هو التميز الذي تقصده فتكون قد إنقلبت لديك الموازين وإختلت بداخلك المعايير,, إلَّا إذا بلغ بك الحال أن فهمت عبارة "... (أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا) ..." على أنها نوع من أنواع المدح والتمجيد والتمييز لهم وليس العكس.

وإليك "بالمقابل" صورة للأعاجم الذين إمتدحهم الله في القرآن الكريم, بقوله تعالى في سورة المائدة: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا « الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا » وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا « الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى » ذَلِكَ بِأَنَّ « مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ » 82).
بل أكثر من ذلك: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ « تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ » يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 83), - علماً بأن أولئك الذين أشركوا هم من العرب العاربة أصحاب الأنساب والمفاخر بشحمهم ولحمهم وعرقهم وإثنهم وجهويتهم وأنسابهم وكبرهم,, - فأين يكمن تمييز العرب على العجم في كتاب الله صريحاً كان أو بشكل غير صريح كما تقول يا صاحبي؟؟؟ فالذين إمتدحهم االله في القرآن هم "أهل التقوى وأهل المغفرة" من كل البشر بشعوبهم وقبائلهم المختلفة.

2. وقولك بأن القرآن (... اكتفي بتقسيم العرب والعجم كما اعتاد العرب وكل ما ذكره حول لغته أنها بليغة تتحدى العرب أن ينتجوا مثلها ...), أيضاً أخفقت للغاية في هذا الإدعاء أو التصور الخاطيء الذي يدل على عدم المعرفة وإلتزام الحقائق العلمية وتفعيل ملكة الفكر القويم, فهو لم يقارن بين البشر إلَّا من جهة اللسان فحسب.

3. لم يمنح القرآن العرب (كبشر عرب) شرف حمل وتوصيل الرسالة للآخرين, وإنما منحه للمستحقين له من كل ولد آدم الذين آمنوا به وباعوا لله أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة من عرب وغيرهم على حد سواء.

فما دام انك لم تجد بداً من التأكيد بأن النص القرآني لم يتضمن نزعة عنصرية عربية أو غيرها كما إعترفت بنفسك, وأنه يميل إلى المساواة بين الناس ويفاضل بينهم على أساس التقوى, وإعترفت بأنه رفع الإنتماء العقدي فوق الإنتماء القبلي والشعوبي,,, كما قلت بنفسك, ألا تعتقد بأن هذا القول مع ما سبق من إدعاء يشبهك بالتناقض ؟؟؟ ..... مثلاً،، ما هو مصدر قولك أو إدعائك بأن القرآن قد (... دعا لسيطرة المسلمين أو العرب على غيرهم أو بين بعضهم البعض ...)؟ وما الغاية من وراء هذا التمييز وما عائده على الإسلام؟؟؟

فأنظر كيف رد الله تعالى على أهل الكتاب الذين حاولوا تمييز أنفسهم عن غيرهم من الناس, فرد عليهم في سورة المائدة قائلاً: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى « نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ » - قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم؟ - « بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ » يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ 18), فالذين يستحقون المغفرة منكم ومن غيركم غفر الله له, وإن كنتم وغيركم من أهل العذاب عذبكم بذنوبكم ولا يظلم الناس شيئاً. ثم أبان لهم الطريق وحدده, قال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ), فقطع دونهم الحجة فإما شاكراً وإما كفوراً.

ثم أنظر إلى الذي حاول التعالي والتميز على صاحبه بما عنده من مال وجاه ونسب, كيف رد الله عليه وجازاه بما يستحقه على الفور,, صور ذلك الله تعالى من خلال هذا الحوار بينهما كما جاء في سورة الكهف, قال لرسوله الكريم: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا « رَّجُلَيْنِ » - جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا « جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ » « وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ » « وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا » 32), أما الرجل الثاني "المحاور" لم يكن له من ذلك أي شيء.

وقد كانت الجنتان مثمرتين مرويتين, قال: (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا 33), ليس ذلك فحسب, بل كان في موسم حصاد, فغره ذلك العطاء من الله تعالى فإستخف بأخيه المحاور الذي لا يدانيه في المال والجاه والسلطان, فأغضب الله وظلم نفسه, قال تعالى: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ - «« أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا »» 34). ففتح بهذه القولة الماحقة باب الشيطان واسعاً, وهذا العدو اللدود للبشر لن يرضيه ويكفيه شراً بالإنسان أقل من الكفر والإلحاد الكامل, فكيف كان الحوار بين الصاحبين بعد هذا الغرور والتعالي والكبر؟؟؟

قال تعالى في ذلك: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ «« وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ »» قَالَ - « مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا » 35), ( « وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً » « وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا » 36), فبدأ الكفر والضياع بالكبر والتعالي على الغير: فصور له إبليس انه خالد مخلد في الحياة الدنيا, وأن جنتيه هاتين لن تبيدا أبداً وهو يراها في تلك الصورة البهيجة.

فما دام ذلك كذلك زين له الشيطان أنه في غنى عن الآخرة ما دام أنه وجنتيه مخلدون فسارع إلى إنكار قيام الساعة, وحتى يقفل الشيطان عليه طريق التفكير في مراجعة النفس أوهمه بأنه "حتى إن كانت هناك ساعة قائمة وردة إلى ربه سيكون حاله أفضل من هذا وستكون له الحظوة الأفضل... "فغوى". فماذا كان موقف صاحبه من هذا التردي الكامل؟؟

(قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ «« أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ؟؟؟»» 37), فإن كان هذا شأنك فأنا لن أجاريك فأكون جاحداً كافراً هالكاً مثلك, قال له: (لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا 38). فحسم أمره بكل صرامة, ولكنه لم يتركه بغير نصيحة حتى يبريء ذمته منه يوم القيامة أما الله تعالى, فقال له "ناصحاً" إنك في خطر:

(وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ - « مَا شَاءَ اللَّهُ » « لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ » - إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا 39), (فَعَسَى رَبِّي - « أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ » « وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا » 40), ( « أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا » 41). وقد كان بالفعل, فجاءه العقاب من ربه على الفور, وكان موجعاً محبطاً,, قال تعالى: ( « وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ » - فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا - «« وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا »» وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا 42).

ولكن,, ألم يقل لصاحبه "أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً؟؟؟",, إذا أين أولئك الذين إفتخر بهم وبقوتهم وعزتهم؟..... هل وجدهم وهو في محنته هذه أو إستطاعوا أن يخففوا عنه من وطأتها وزلزلتها؟؟؟ الجواب في قوله تعالى: (وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا 43), (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا 44).

وإدعاء العمري بأن القرآن الكريم (... دعا لسيطرة المسلمين أو العرب على غيرهم أو بين بعضهم البعض ...), نقول له: من أين جئت "في الأساس" بكلمة "سيطرة" هذه التي نفاها الله تعالى حتى عن نبيه الكريم بقوله له في سورة الغاشية: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ 22), هذا هو دورك الذي أرسلت من أجله لا أكثر, فألزمه وقف عند حدوده ولا شأن لك بهم بعد ذلك لأنك: (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ 23), مهما كانت المبررات أو الدواعي: (إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ 24) منهم, فهذا أيضاً دعه لربه, فهو كفيل به والقادر عليه: (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ 25), وهذا أمر منطقي وموضوعي, إذ الحقيقة: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ 26), وليس إليك أنت حتى تشغل بالك بهم وبمصيرهم: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم 27). علماً بأن القرآن الكريم - كمبدأ عام - لم يفرض سيطرة أحد على أحد غيره إطلاقاً ولا حتى في التوراة ولا في الإنجيل (الأصليين) .

يقول أيضاً, إنَّ (... العرب إستغلوا دعوة القرآن للمسلمين لفرض شريعته على العالم ...). ولكنك لم يقل لنا أين وجدا هذه الدعوة التي إفتراها على القرآن الكريم؟؟؟ .... فإذا كان رب القرآن ومنزله يقول لنبيه الكريم بكل صراحةً ووضوح ما يلي:
- في سورة الأنعام, قال: ( « اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ » - لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ - «« وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ »» 106), وبرر الله له ذلك بأنه قد أذن لمن أراد الشرك أن يفعل ما أراد بإختيار العبد و "بمشيئة الله", إذاً أيها الرسول إلزم حدود مهمتك, قال: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا - « وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا » « وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ » 107), من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

- وقال له في سورة ق: (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ - « وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ » - فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ « مَن يَخَافُ وَعِيدِ » 45). معنى هذا أن الذي لا يخاف الوعيد, دعه وشأنه فأنت لست مكلفاً أو مسئولاً عن إيمانه أوكفره، فإكتفي معه بالتبليغ لإقامة الحجة عليه وكفى.

- ثم قال له في سورة الشورى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ « اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ » 6). فلا شأن لك بمن إتخذ أولياء من دون الله, بل أترك أمره إلى الله فهو وحده الحفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل, وليست الهداية ضمن واجبك أو مسئولياتك.

- ثم قال الله تعالى له في سورة الزمر: (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ - « فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ » « وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا » - «« وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ »» 41), إذاً مهمة النبي واضحة ومحددة ولا مجال للمزايدة والإدعاءات الفاررغة من المضمون والمحتوى.

- ثم قال له في سورة النمل: (وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ 81). فبين له أنَّ هناك أناس لا يرون الآيات الكونية لأنهم عمي "بصيرة" عن الحق مع أنهم مبصرون فهؤلاء لن تستطيع أن تهديهم إلى الطريق القويم وتعيدهم من ضلالتهم التي إختاروها لأنفسهم وأعانهم عليها وليهم إبليس, وهناك آخرون لا يسمعون قول الحق لأن بآذانهم وقر فهؤلاء أيضاً لن تستطيع إسماعهم آيات ربهم. لذا دعهم وشأنهم فقد خيرهم الله تعالى "بمشيئته" فإختاروا ما هم فيه عن علم فكان لهم ما إختاروه وإنتهى الأمر.

- كما قال له في سورة الروم: (وَمَا أَنتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ 53), معنى هذا أن الله تعالى لا يريد من نبيه الكريم أن يتعب نفسه مع من لا أمل في هدايته لأن ضلالته عن عمى البصيرة وصممها, وبالتالي فمعلوم أنه لا يوجد إيمان في غياب البصيرة حيث لا ينفع السمع ولا البصر ولا الحس.

- وقال له عن سبأ الهالكة: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ 20), (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ 21). فإن لم يأذن الله بإبتلائهم وتخييرهم ما إستطاع إبليس أن يقترب منهم, ولكن إختبرهم الله بغواية إبليس وأوضح لهم ذلك مسبقاً, وحذرهم منه وقال لهم بأنه عدو لهم ولكنهم إختاروا لأنفسهم الغواية وهوى النفس الأمارة بالسوء وإتباع الشهوات والأهواء ,, إلَّا قليلاً منهم من المؤمنين, فأهلك الله الباقين بذنوبهم.

- ثم بين الله تعالى "تحديداً" مهمة الرسل عموماً وذلك في سورة الأنعام, قال: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ «« إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ »» فَمَنْ « آمَنَ وَأَصْلَحَ » فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 48). وهذه هي الغاية, أن تُوفَّر الفرصة كاملة لكل شخص حتى ينقذ العاقل نفسه بالإيمان فيفوز في الدارين الدنيا والآخرة, أما غير المؤمنين فهولاء تنتهي مهمة الرسل بتبليغهم وإنذارهم لإقامة الحجة عليهم ثم لهم بعد ذلك مطلق الحرية في إختيار طريقهم الذي إرتضوه لأنفسهم شريطة ألَّا يكون إختيارهم على حساب حرية وإختيار الآخرين غيرهم فتتدخل الحدود والروادع لتحقيق الأمن والسلامة للجميع.

- وفي سورة القصص قال: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ 59), وهذا تأكيد لما سبق من آيات,, فإن إستشرت المظالم وعمت وطمت تدخل العدل الإلهي وأهلك الظالمين ليهلك معهم وبهم المفاسد حتى يبدأ الناس الصالحون من جديد.

- ثم بين له في سورة فاطر أن هناك أناس بمثابة الأموات لأنهم لا يتفاعلون بما يرون أو يسمعون فالأمور كلها عندم سواء, لذا إعتبرهم الله تماماً مثل الأموات أصحاب القبور, بل قال عنهم إنهم أموات غير أحياء حقيقةً,, لذا قال لنبيه الكريم: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ 22). فكأنما قال له,, لا تحمل همهم, لأنه لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم وأبصرهم,, ولا شك إن سمعوا وأبصروا فإنهم سيتفاعلون مع غيرهم وفي ذلك الحياة بين الأحياء بحلوها ومرها.

- وقال تعالى في سورة الإسراء: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ «« وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا »» 54).

- وفي سورة الأعراف, قال له: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ «« وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ »» 199).

- وفي سورة الحجر, قال له: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ «« وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ »» 94).

- وفي سورة الأنعام, قال له: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ «« وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ »» 106).

- وفي سورة الحجر, قال: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ «« وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ »» 94), (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 95), (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 96), (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ 97), (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ 98), (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ 99),,, إذاً أيها النبي: عليك بنفسك فزكها بالتسبيح والسجود ما دام أنك قد صدعت بما أمرت وأقمت الحجة على المشركين,, بعدها أعرض عنهم ودع أمرهم لله فهو كفيل بهم وسيوفيهم حسابهم ولا يظلمون فتيلاً.

- وقال له في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ 67).

- ويقول له في سورة الأنعام: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ «« وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ »» 106), ويقول له (وما أنت عليهم بوكيل). وقوله تعالى (قاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)... الخ. لم يطلب الله تعالى – في القرآن كله وأيضاً في التوراة والإنجيل (الأصليين) – من أنبيائه ورسله أن يقهروا الناس ويجبروهم على الإسلام والإيمان إطلاقاً,, فمن إدعى غير ذلك عليه أن يأتينا ببرهانه على أعين الناس إن كان من الصادقين.

- وقال في سورة الكهف: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا 27).

وها أنت ذا تدَّعِي وتفتري على الله الكذب: فهذا ما كنا نتوقعه من بداية ومطلع توجهك المغرض بدءاً من مقدمة موضوعك المفبرك لِعِلْمِنَا بأنك كنت تمهد للدخول في هستريا الأحقاد والأكاذيب التي تحاول يائساً أن تشوه بها الإسلام على الأقل في أعين ومفاهيم وأفكار العامة الذين يصعب عليهم متابعة خطرفاتك وهزيانك الآثم المفترى وتدقيقها بمقارنتها بالواقع والحقائق المؤكدة,, ولكن فاتك أن هناك حقائق دامغة ستكذبك وتضعك حيث تستحق, خاصة وأنك في محاولاتك إنما تناقض نفسك بنفسك. وسنعلق فيما يلي تعليقات خفيفة لكشف بعض هذه الأباطيل الكثيرة التي تشهد عليك بالتحامل والكيد لا أكثر.

أولاً: بقولك: (... كان للإسلام الدور الأكبر في دفع العرب إلى غزو الشعوب الأخرى ...), هذا محض إفتراء مقرف,,, عليك أن تأتينا ببرهانك بأن للإسلام سلطان على العرب إن كنت من الصادقين فإن لم تأت به فأنت من المعتدين الآثمين.

كيف تقول بأن للإسلام الدور الأكبر في دفع العرب إلى غزو الشعوب الأخرى, ثم تقول في الفقرة التي تليها مباشرة (... وأؤكد هنا أنه بالرغم من أن القرآن لم يميز العرب على غيرهم بالنص فقد استغل العرب هذا النص المقدس في تقديس لغتهم وبالتالى منح أنفسهم واجب غزو العالم والسيطرة عليه...). فما ذنب القرآن الكريم إذا كان العرب محتالين مدلسين, وأنهم لم يفهموا عنه أو تغابوا لشيء في نفوسهم مخالف تماماً لمنهج القرآن ولهديه؟؟؟

ثم تعاود التخبط والتناقض مع ما قلته من قبل فتقول في نفس الفقرة أيضاً إن العرب: (... مستغلين أيضا دعوة القرآن للمسلمين لفرض شريعته على العالم ...), عليك أن تشير إلى حيث وجدت القرآن قد دعى المسلمين لفرض شريعته على العالم "كما تأفك"... أين هذا الفرض الذي تدعيه دون خجل أو حياء!!!, في أي سورة وفي أي آية وجدته؟؟؟. أنت تكذب علناً دون وازع من ضمير أو قدر من أخلاق. فإذا كانت كل آيات القرآن التي عرضناها تواً تأمر النبي بالتبليغ ثم الإعراض عن المشركين, وقد بين له أنه ليس عليهم بحفيظ, وليس عليهم بوكيل, وليس عليهم بمسيطر,,, فمن بعد النبي الذي يجرؤ على ما لم يسمع الله به للنبي نفسه أن يقدم عليه نهياً مغلظاً, إلَّا الذين كذبوا على الله من الكافرين والمنافقين والملحدين.

إن كان القرآن قد فعل ما تقوله,, معنى هذا يكون قد قضى هو نفسه على الإسلام في مهده, ولما إتبعه عاقل مطلقاً لسبب بسيط ومنطقي لا يخطئه أحد لأن الله تعالى لو ثبت "ولو ظناً" أنه يحتاج إلى مساعدة من قوة خارجية لتساعده على فرض شريعته على العالم أو على أمة أو جماعة من الناس, كان هذا إعترافاً منه بأنه ليس من عند القوي العزيز.

وهذا القول لا يصدر إلَّا من سفهاء الناس وأرازلهم وأغبيائهم, لأن العاقل يدرك تماماً أن الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يفرض سلطانه بذاته دون أن يجرؤ مخلوق على الخروج من سلطانه وقهره,, ولكن مراد الله تعالى ومشيئته إقتضت أن يخير خلقه "المبتلين" من الجن والإنس بين الخير والشر, وفطر نفوسهم على الإختيار الحر, وقد سَوَّى الله النفس البشرية فألهمها فجورها وتقواها, وفصل لها النجدين وخيرها لتختار عن علم وإدراك وبكامل الحرية.

ثانياً: يستمر عادل في الكذب والتلفيق فيدعي بأن الإسلام: (... سعى إلى توحيد العرب حول حكومة واحدة قادرة على توجيه القبائل المتناحرة إلى الاتحاد ضد الشعوب الأخرى ...).

1. هذا كذب وإفتراء مخزي لقائله ومعتقده,, إذ أن الواقع يقول بأن قبائل العرب لا توجد قوة في الأرض تستطيع أن توحدهم تحت لواء واحد وقيادة واحدة.

2. ثم ما هي المصلحة التي سيجنيها الإسلام من ذلك وقد كانت وحدتهم من قبل على الشرك ففك الإسلام هذا الرباط الشركي مع مشركي أهل الكتاب, حتى يظهر الخيرون من بين أشرارهم, والشاهد على ذلك سورة البينة حيث قال تعالى: (لم يكن الذين كفروا من الأهل الكتاب والمشركين منفكين...) بل كانوا مرتبطين برباط الشرك, إن كنت تفهم ما تقرأ. فكانت مرحلة فك هذا الرباط الشركي من أصعب وأعقد مراحلة الدعوة الإسلامية وأخطرها. فكيف يعقل أن يسعى إلى إعادة الرباط مرة أخرى فيكون "كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً"؟؟؟

هذا,, بالإضافة إلى أن فكرة توحيد العرب حول حكومة واحدة يعتبر تخلي كامل من الإسلام عن طموحه وإستراتيجيته نحو العالمية والقبول بحكومة محلية عنصرية محدودة,, فهل هذا يعقل؟ ..... أليس منكم رجل رشيد؟؟؟

3. كما أن الله لم يأذن للمؤمنين بالقتال "مطلقاً" إلَّا دفاعاً عن النفس وصد العدوان وفي أضيق نطاق, وتحت شروط مغلظة من ضمنها ألَّا يكون المؤمنون لهم يد في إشعال نار الحرب أو البدء بها أو الترويج لها بأي حال أو قدر,, وإنما يشترط عليهم أن تكون قد فرضت عليهم من عدوهم فرضاً لا خيار لهم فيه.

وحتى بعد ذلك فهناك ضوابط كثيرة منها ما جاء في سورة الأنفال, قال تعالى لنبيه الكريم: (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 61), وطمئنه بأنْ لَّا يخشى من إحتمال أن يكون هذا الجنوح للسلم منهم فيه خيانة وخدعة وليس لرغبة حقيقية في إيقاف الحرب. فقال له في ذلك صراحةً وبكل وضوح: (وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ - «« فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ »» - هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ 62).

وذكَّره بأنه قد أيده بالمؤمنين, بل ما هو أكثر من ذلك بكثير, فقال: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ - «« لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ »» - وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 63). فهؤلاء الصحابة من العرب, إن لم يؤلف الله بين قلوبهم لما وجدت قوة في الأرض يمكنها أن تؤلف بينها مطلقاً. أهذا العزيز الحكيم يمكن أن يُوْكِلَ لبشر أذِلَّة ضِعاف أمْرَ نشرِ دينه وفَرْضَ شريعته على العالم الذي هو جزء يسير للغاية من سلطانه وملكه الذي قهره بحوله وقوته وسلطانه القديم؟؟؟

4. وقد حرم الله تعالى على المؤمنين الإعتداء على الغير تحت أي ظرف أو لأي سبب, فقال في سورة البقرة: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ « الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ » «« وَلَا تَعْتَدُوا »» - إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 190). وقال أيضاً: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن « تَبَرُّوا » « وَتَتَّقُوا » « وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ » - وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 224). حتى لو أقسم أحدهم على شيء ووجد في غيره ما هو أفضل منه له ولغيره إختار الأفضل ثم التكفير عن يمينه بالصوم أو الإطعام...

وفي سورة المائدة, قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ «« وَلَا تَعْتَدُوا »» - إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 87). وقال لهم أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ » « وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ » « وَلَا الْهَدْيَ » « وَلَا الْقَلَائِدَ » «« وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا »» - وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا - «« وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا »» « وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ » - وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 2).

وقال تعالى في سورة الأعراف: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 55).

ثالثاً: يدعي العمري فيقول: (... قدم الإسلام مبررات إيديولوجية لفكرة الغزو الذى اعتبره مهمة مقدسة لنشر الإسلام وتحقيق السيادة لدين الله ...).

هذا إدعاء مبني على إستنتاجات لا أساس لها من الصحة, قد تكون مبنية على بعض الملاحظات أو التحليلات لبعض السلوكيات الشاذة والمخالفة لشرع الله تعالى و (المجرمة ومحرمة بالقرآن), فظن الظانون أو المتربصون بالإسلام والقرآن الظنون الخاطئة فإعتبروها أو أطلقوا عليها "ايديولوجيات لفكرة الغزو, الذي ألبسوه حلة القداسة ظناً منهم بأن الله تعالى عاجز عن نشر دينه وسيادته على الدين كله "قهراً" دون الحاجة إلى من يحمل السيف دونه, وهذا عين الباطل والسفه بل والسذاجة.

ويجب أن يكون مفهوماً للناس أن تعليم القرآن قد سبق خلق الإنسان, وهذا يعني أن الإنسان هو الذي طرأ على القرآن وليس العكس كما يظن الظانون الجاهلون, فأقرأ إن شئت قوله تعالى في سورة الرحمن, حيث قال: (الرَّحْمَنُ 1), أول شيء فعله انه: (عَلَّمَ الْقُرْآنَ 2),،، علمه لكل خلقه ما عدا الإنسان, ثم بعد ذلك: (خَلَقَ الْإِنسَانَ 3), بأن أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً, لذا, فبعد أن خلقه بهذا الجهل الكامل: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ 4). فإن لم يكن يريده مختاراً حراً لماذا لم يعلمه القرآن مع غيره من المخلوقات كبيرها وصغيرها, ظاهرها وخفيها؟؟؟ وما الداعي لتعليمه البيان إبتداءاً؟؟؟

ثم,, ما هي تلك المبررات الإيديولوجية لفكرة الغزو التي قدمها الإسلام التي يدعيها الكاتب؟؟؟ ..... وكيف يكون الغزو مهمة مقدسة لنشر الإسلام وتحقيق السيادة لدين الله التي يفتريها عادل العمري هذا؟؟؟ ..... لعله قد قرأ شيئاً عن هذه المهمة المقدسة في الكتاب المقدس لدى أصحابه بصفة عامة وفي عهده القديم بصفة خاصة فظن أن الإسلام يتبع نفس المنهج المنحرف الذي سخر الدين لخدمة الأجندة الخاصة التي أباحت كل شيء فأصبح أخف ما فرضته هو الإبادة الجماعية والتدمير الشامل والإستعباد الدائم المهين.

لا يا عمري,,, أنت أخطأت الجهة والتوجه,, ولكنك لن تستطيع تسويق هذه البضاعة الفاسدة,, فكما ترى وتسمع, فإن الإسلام محصن بكتابه الكريم,, وقد وثق الله تعالى كل خطوات وسكنات وتصرفات المؤمنين به بكاملها توثيقاً تاماً كاملاً مكتملاً قبل أن يتبنوها ويعملون بها. وهذا الذي جعلنا نرد على كل كلمة أو جملة أو عبارة بآيات القرآن المبين, وحتى لا يدعي المدعون بأننا نعرض عليهم شيء من خارجه, فقد جعله الله تعالى متاحاً لكل البشر في كل مكان ونسخته واحدة فقط لا تختلف واحدة في الشرق عن تلك التي في الغرب أو الشمال أو الجنوب أو الوسط أو على القمر أو في أي كوكب من الكواكب إن وجد فيها جن أو بشر في يوم من الأيام.

رابعاً: ثم قال العمري مسترسلاً في بهته للقرآن: (... هكذا أضفى على الغزو طابعا مقدسا وجعل منه واجبا وليس حقا للعرب المسلمين، بل صار الفقه الإسلامي يعتبر الغزو أشرف الأعمال ...).
فهذه نعذر فيها هذا الكاتب, ففاقد الشيء لا يعطيه, ليس هذا الخلل المعرفي ينفرد به وحده, بل هناك من هم يشاركونه في هذا الجهل المركب باللغة العربية, لذا فهم لا ولن يستطيعوا التفريق ما بين النقيضين وفي النهاية "كله عند العرب صابون" كما يقولون.
فهل يعرف العمري التفريق ما بين "غزو" و "غزو"؟؟؟ ..... وان هناك "غزو مقدس" و "غزو ملعون"؟؟؟
إذاَ كيف يمكن للعاقل الفاهم التفريق بينهما؟ ..... وما هي المعايير والضوابط لذلك التفريق؟؟؟

نعم,, هناك أخطاء جسيمة يقع فيها الجهلاء بلغة الضاد والغافلين عن إشتقاقاتها, ومعاني ودلالات كل مشتق من نفس المصدر والتفريق بين النقيضين.. فمثلاً:
1. هناك فرق شاسع ما بين "الكسب" و "الإكتساب",, فالعمل الصالح هو كسب بكل المقاييس, بينما العمل الطالح الفاسد فهو "إكتساب",, فالله تعالى مفصلاً ذلك في سورة البقرة, قال: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا - « لَهَا مَا كَسَبَتْ » « وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ » - رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ 286), مع أن هذين النقيضين مشتقان من نفس المصدر "كَسَبَ".

2. هناك فرق شاسع واسع ما بين "الشراء" و "الإشتراء",, للذين يعرفون التفرقة ما بين هذين الإشتقاقين من نفس المصدر "شَرَيَ". ولكن القرآن الكريم يفرق بينهما لأنه بلسان عربي مبين, قال تعالى في سورة يوسف: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ 19), ( « وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ » دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ 20), (وَقَالَ « الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ » لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ 21).

كما قال في سورة التوبة: (إِنَّ اللَّهَ « اشْتَرَى » مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 111).

3. كما ان هناك فرق كبير ما بين كلمتي "غَزَا" و "إغْتَزَا" المشتقتين من المصدر "غَزْوْ". فغزو العدو يكون غَزْوَاً إذا أراده وطلبه وقصده, ويكون "إغْتِزَاءً" إذا سار إلى قتاله وإنتهابه. فيكون الغَزْوُ "غزواً" و "غَزَوَانَاً" و "غَزَاوَةً", ويكون الواحد منهم "غَازِيَاً", والجمع "غُزَّىْ" أو "غُزِيَّ" قال تعالى في سورة آل عمران: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا - « ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ » « أَوْ كَانُوا غُزًّى » - لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 156).

أما كلمة "غزوة" فهي إسم مرة, وتجمع على "غزوات".
وليكن معلوماً للكاتب ومن معه أن المفردة "غزا" لا توجد بالقرآن, وأبضاً كل مشتقاتها (يغزوا, غزوة, غازي, مغازي, غزوات,,,), لا توجد سوى كلمة " غُزًّى " فقط التي جاءت في الآية السابقة من سورة آل عمران. كما أن كلمة " غُزًّى " هذه تطلق على الجيش في حالتي كونه غازياً أو مغزياً كما هو الحال مع المسلمين في غزوة أحد فالمشركين هم الذين طلبوا المسلمين وجاءوهم حتى وصلوا جبل أحد.

إذاً ما هي تلك المبررات الأيدلوجية لفكرة الغذو التي تدعي أن الإسلام قدمها؟ أعطنا نموذج منها, فالإسلام موثق, فإن أردت أن تخدع نفسك فهذا لا يهمنا في شيء, أما إن كنت تملك القدرة والشجاعة على المواجهة فأتنا بما عندك من شواهد وأدلة وبراهين تؤيد ما تدعيه وإن لم تستطع نعدك بأن نعيدك إلى ما دون المربع الأول بالعلم والعمل والبراهين.

رابعاً: تدعي كذبها وإفتراءاً أن الإسلام دعا للغزو ونشر الإسلام في العالم مهد الطريق لظهور حكم الغزاة أنفسهم ووضع في يد العرب – عمليا - إيديولوجيا تبرر الاستيلاء على الأراضي والسيطرة على أصحابها, أثبت وبرهن ما تقوله إن كنت من الصادقين. فنحن لن نكرر ما أكدناه بما لا يدع مجالاً للشك بأنه من الإستحالة أن يفكر مؤمن في غزو الآخرين لأنه يعلم أنه سيكون من المنافقين والظالمين الضالين.

خامساً: فلننظر إلى هذه الخطرفة السخيفة والحالة البائسة التي بلغها الكاتب وهو يهزي فيقول: (... ولا يمكن إنكار أن القرآن نفسه كنص قد شجع غزو الشعوب الأخرى وفرض تعاليمه بالقوة المسلحة، وهذا تمشى مع نزوع قبائل العرب قبل الإسلام نحو الغزو وممارسة النهب والسلب، ومع الجوع وحسد الشعوب المجاورة على ثرواتها تم إنتاج هذه الأفكار التى منحت تلك القبائل شرعية الغزو والتسلط وجعلت نهبهم للشعوب الأخرى واجبا مقدسا، بدلا من نهب بعضهم البعض وهم فقراء في مجموعهم. ولذا بالذات كان الإسلام دعوة للعالمين وليس للعرب فقط، لتسويغ الغزو والسيطرة العربية، ولأنه دعوة عالمية لم يتبق للعرب شيئا يسوغون به مشروعية قدسيتهم سوى لغة النص المقدس التي اعتبروها مقدسة.

بهذا المعني كان الإسلام – موضوعيا - هو المحفز الأول لظهور العنصرية العربية التي تحججت باللغة المقدسة. وأنا لا أقصد وجود أي خطة محمدية محددة لإنتاج إيديولوجيا شاملة، بل تم إنتاجها بالتفاعل بين القائد والجمهور فجاء الإسلام - حسب تفسير العروبيين - مناسبا لطموحاتهم وإمكانياتهم...).... هكذا تستمر هذه المسرحية الهزلية دون أن يعي كاتبها إلى انه يوبق نفسه كثيراً.

وبالطبع هذه الخلاصة قد صور بها المسعى الذي حاول إخفاءه طيلة لفه ودورانه وتمحكه وتحايله ليصل إليها والتي قصدنا أن نختم بها الموضوع ونعرضها تماماً كما خطها بيده لتكون شاهداً عليه, ثم ليتمكن القاريء من محاسبته على ما إدعاه وإقتراه إنكاراً وتزويراً وتحريفاً للحق والحقيقة قصداً وعمداً وبدم بارد. فلنقف هنا إستعداداً لإستئناف الرحلة المضنية مع الكاتب طريف سردست الذي تناول أيضاً موضوع العنصرية وسعى إلى وصم الإسلام بها, وذلك في الموضوع التالي.
ولكن فلنختم بقوله تعالى في سورة الفرقان: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ-;- مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا 23).
وما يزال للموضوع بقية

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سابع):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سادس):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه – (جزء خامس):
- تعليقات عن - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه:
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء رابع):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثالث):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثاني):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء أول):
- خلاصة ملك اليمين في الإسلام
- تكملة التعليقات - مِلْكُ اليَمِيْنِ في الإسلام (ب):
- تعليقات - مِلْكُ اليَمِيْنِ في الإسلام (أ):
- الحوار الحر قيمة إنسانية وحضارية:
- تعليقات 4: (تصحيح مفاهيم ):
- تعليقات 3: على موضوعنا (تصحيح مفاهيم ... الذين جعلوا القرآن ...
- تعليقات 2: على موضوعنا (تصحيح مفاهيم ... الذين جعلوا القرآن ...
- تعليقات 1: على موضوعنا (تصحيح مفاهيم ... الذين جعلوا القرآن ...
- تصحيح مفاهيم ... الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (ب):
- تصحيح مفاهيم ... الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (أ):
- تصحيح مفاهيم ... الإرهاب والإرهابيون:
- لسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر ... ومَا أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَك ...


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثامن):