|
من يعتذر لمن؟ – اللي اختشوا ماتوا
سليم نجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1366 - 2005 / 11 / 2 - 12:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كلنا قرأنا ورأينا وسائل الاعلام العالمية تتحدث عن المظاهرات التتارية المتعصبة التي قامت في مدينة الاسكندرية والتي استمرت لمدة أكثر من أسبوع حيث أن خمسة عشر الف متظاهر يتظاهرون أمام كنيسة مار جرجس يحطمون زجاج الكنيسة والمحلات المملوكة للمسيحيين وكذا محاولتهم اغتيال خادمة مكرسة (صورتها ظهرت في جميع وكالات الأنباء العالمية) ومحام تواجدوا على أبواب الكنيسة وكان المتظاهرون يهتفون مكبرين الله أكبر وهاتفين الاسلام هو الحل "لا اله الا الله النصارى أعداء الله"، "بالروح بالدم نفديك يا اسلام".. الخ.
كل هذه المظاهرات قامت بحجة أنه قد عرضت في كنيسة مار جرجس مسرحية –حسب زعمهم- مسيئة للاسلام وكل من سئلوا "هل رأيت المسرحية؟" يقولون "لا، لم نراها". ومن هنا فبمجرد اشاعة كاذبة يتجمع هؤلاء الهمج المتعصبين ليصبوا جل غضبهم على الأقباط المسالمين العزل بلا حماية ولا أمان. وللعلم فان هذه المسرحية أخذت فكرتها من فيلم عادل امام "الارهابي" وعرضت لمدة يوم واحد فقط منذ أكثر من عامين ولا تتضمن أية اساءة للدين الاسلامي لأن عقيدتنا المسيحية تحرم علينا التهجم والازدراء بالمقدسات والمعتقدات الدينية الأخرى.
وبدلا من أن يضمدوا جراح والآم الأقباط من جراء هذه الاعتداءات الغاشمة يطالب المتظاهرون بكل بجاحة ووقاحة باعتذار علني من قداسة البابا ومحاكمة كل الأشخاص الذين شاركوا في هذه المسرحية وكذلك معاقبة آباء كهنة كنيسة مار جرجس.
يا أيها الجهلة المتعصبون، ان هذه المسرحية و التي لم تروها تفصل بين الاسلام والارهاب. لقد قامت الدنيا ولم تقعد من مجرد "إشاعة" تقول أن الأقباط قاموا بتمثيل مسرحية تسئ إلى الأسلام ورسول الاسلام. هذا بالرغم أنه لا توجد أية جهة حكومية أو أزهرية أو خلافه قامت بالتحقيق بشأن هذه المسرحية وابداء الرأي بادانتها. فقبل الأندفاع بالتظاهر الهمجي التعصبي الأعمى. يجب التحقق من الاشاعة قبل انتشارها.
وما أيسر لهؤلاء النزول في الشوارع ومهاجمة كنائس الأقباط و الأعتداء على مستشفى مشهور يمتلكه أحد الأقباط و محلات المجوهرات بالمنطقه و سلبها و الصيدليات المملوكه للمسيحيين وتخريبها و بإحداث تلفيات بمنازل الأقباط و ممتلكاتهم و سياراتهم ووضع الأشارات المميزة لها كعمل مدبر ثابت في أذهانهم لمهاجمة الأقباط كجريمة التعدي مع سبق الاصرار والترصد.
وهنا لنا وقفة صريحة نقولها للنظام ولمباحث أمن الدولة ولفئة التتار الجاهلة المتعصبة.
ما قولكم دام فضلكم:- 1- هل سمعتم هذا الدعاء المتكرر من أئمة المساجد في نهاية كل خطبة جمعة "اللهم أهلك الكفرة والمشركين وأعداء الدين (آمين)، اللهم فرّق جموعهم (آمين)، اللهم شتت شملهم (آمين) اللهم خرّب ديارهم (آمين)، اللهم أهلك زرعهم (آمين)، اللهم يتم أطفالهم (آمين)، اللهم ثكل نسائهم (آمين)، اللهم اجعل أموالهم ومتاعهم ونسائهم غنيمة للمسلمين يا رب العالمين (آمين). ان هذا الدعاء يُقال علنا نهاراً جهاراً أسبوعيا عقب صلاة الجمعة من أئمة مساجد تابعة لوزارة الأوقاف ومفتي الديار المصرية ومشيخة الأزهر. فأين فضيلة الامام شيخ الأزهر وأين سيادة وزير الأوقاف ومفتي الديار المصرية وأين النظام وأين مباحث أمن الدولة المسئولة عن حماية الوحدة الوطنية. أين وزير الداخلية وأين النائب العام وأين المثقفين والكتاب وذوي الرأي السديد بهلوانات شاشات التليفزيون، وأين وأين وأين؟؟؟ 2- عرضت القناة الثانية عصر الثلاثاء 31 أغسطس 1999 برنامج "فتاوى وأحكام". كان ضيف البرنامج فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر (أي تابع لشيخ الأزهر) ومن هذا المنطلق فان كل فتاويه تعبر بالضرورة عن رأي الأزهر. وردا على سؤال وجهه مقدم ذلك البرنامج الى فضيلة الشيخ صقر "هل يقبل الله توبة من يرتكب شرورا وآثاما" فكانت اجابة فضيلته ما يلي:- "ان الله غفور رحيم يقبل توبة أي انسان يدين بدين الحق وأما من لا يدين بدين الحق فهو "كافر" ولا يمكن أن يقبل الله توبته". وللعلم فان دين الحق عند فضيلته وعند المسلمين هو "الدين الاسلامي" لأن الدين عند الله الاسلام (سورة آل عمران: 19). وبتاريخ 14 أكتوبر 1999 أرسلنا خطابا لفضيلة الامام شيخ الأزهر نستفسر من فضيلته عن رأيه في هذا الشأن فلم يرد وبالتلي فعدم الرد هو بمثابة موافقة من فضيلته وإلا كان سارع بنشر رأيه المعارض في الصحف المصرية. 3- صحيفة الأهرام شبه الرسمية والحكومية وكذلك مجلة روزاليوسف والميدان والأسبوع ينشرون أسبوعيا مقالات استفزازية مسمومة متعصبة للشيخ زغلول النجار والكاتب فهمي هويدي والمستشار طارق البشري و الدكتور محمد عمارة وهو قمة التعصب الذى يتبوأ منصبا مرموقا فى احدى لجان الازهر وهو يصول و يجول فى الفضائيات و الصحف المصرية و العربية مقالاتهم تحتوي على مهاجمة العقيدة المسيحية وكتابنا المقدس (الذي يزعمون بأنه محرف). وكل هذه المقالات المسمومة تقع تحت طائلة قانون ازدراء الأديان. فلماذا لم يقدموا هؤلاء الكتاب الى المحاكمة لتعرضهم ومهاجمتهم العقيدة المسيحية مما يؤثمه قانون ازدراء الأديان. ومع ذلك لم نقم بمظاهرة أو حتى اجتماع علني لهذا الهجوم السافر علينا. كيف ننسى الشيخ متولي الشعرواي الذي كان له برنامج خاص في التليفزيون المصري لعدة سنوات وكان هذا البرنامج لا يقتصر على العقيدة الاسلامية فقط بل يشمل أيضا هجومه وتهكمه وازدرائه للعقيدة المسيحية وكتابنا المقدس بصفه ممجوجه. وظل على هذا الحال سنوات و سنوات!!! وكوفئ على عمله المبين بأن قلده السيد/ رئيس الجمهورية بقلادة النيل نظير خدماته!!! وبلائه بلاء حسنا. واأسفاه.. الدولة تكافئ الشيخ لشتمه وهجومه السافر المتعصب ضد عقيدتنا المسيحية –ورغم هذا لم يحتج الأقباط بمظاهرات أو هتافات ومن تقلبات الدنيا أن يعالج الشعرواي في أواخر أيامه بأيدي أطباء أخصائيين أقباط (الذين هم كفرة في نظره). 4- هناك أعمال درامية تهين المسيحية وتسئ الى المسيحية والمسيحيين بدءا من مسلسل "مين مايحبش فاطمة"!! حيث ظهرت احدى الصحفيات المسيحيات وقد اعتنقت الدين الاسلامي ثم مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" الذي سار على نفس المنوال ومسلسل "أوان الورد" وفيه امرأة مسيحية تتزوج من شخص غير مسيحي وتشجع بطريق غير مباشر الفتيات المسيحيات للزواج من غير المسيحيين وكذلك مسلسل "صاحبة الشقة" التي تحلف بالمسيح والعذراء وتكذب.. ومسلسل "يا رجال العالم اتحدوا" الذي فيه أليس زوجة بطرس التي تذهب للكنيسة ومتشنجة ومسلسل "أماكن في القلب" الذي يعرض الآن وفيلم "بحب السيما". ولا ننسى مسلسل عن "عمرو بن العاص" زيف كل التاريخ وأظهر الرهبان على أنهم يعملون بالرشوة وأنهم يتخذون الأديرة للتستر على المجرمين وأن المرأة المسيحية تبيع جسدها لأي أحد وأن ديرا بكامله ترك رهبانة الديانة المسيحية واعتنقوا الاسلام. أين هذا الدير يا أيها المزيفون في التاريخ؟ فعلى من يفتي أن يظهر البينة!!!
فبالرغم من كل هذه المسلسلات والبرامج والأفلام التي يعتبرها الأقباط مسيئة لهم ولعقيدتهم وايمانهم واعتراض الأقباط لوزارة الاعلام بشأن هذه المسلسلات يبدو أن النظام يستعمل سياسة "المكيالين". ورغم هذا لم يفكر أحد في القيام بمظاهرات وخلافه لأن ديننا أسمى من كل هذه الغوغائية الهمجية والأقباط باقون وعقيدتهم المسيحية باقية وصامدة ولو كره الكارهون.
لم نطلب الاعتذار من أحد وإلا كنا طلبنا الأعتذار للقرون الأربعة عشر منذ غزو مصر الى اليوم . اننا نتوجه الى صفوة المثقفين والكتاب، لقد حان الوقت أن تتفاعلوا مع الأحداث الخطيرة الجارية في مصر فان هذه الغوغائية المتعصبة الجاهلة لا تنال الأقباط فحسب بل تنال مصر كلها بمسلميها وأقباطها فمصر في خطر بسبب هؤلاء الأوباش المتعصبين ولا تنسوا أن العولمة والتغيرات التي تحدث في شرقنا الأوسط ستؤثر حتما على مصر وقد آن الأوان أن يرتفع صوتكم وأقلامكم من أجل دستور ديمقراطي مدني جديد يُعلي من شأن المواطنة المتساوية لجميع المواطنين –المسلمين والأقباط- عملا ونفاذا لا قولا وشعارات جوفاء.
نريد مجتمعا يفصل الدين عن السياسة. دولة مدنية لا دينية. لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين. دولة تؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع. دولة تؤمن باحترام حقوق الانسان وكافة المواثيق الدولية. دولة توحد ولا تفرق بين مواطنيها. دولة يحكمها القانون المجرد فقط، دولة دستورها علماني مدني. بدون كل هذا فان مصير مصر كلها ومستقبلها في ظلام دامس لا يعلم مداه سوى الله.
نسأل الله أن يحمي مصر من متعصبيها و مضلليها و مدمريها و مفسديها و
غوغائها. د. سليم نجيب
الهيئــة القبطيــة الكنــديــة
مونتريال في 1 نوفمبر 2005
#سليم_نجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترشيحات الأقباط وانتخابات مجلس الشعب
-
من زرع حصد
-
حول المواطنة وحقوق الأقباط
-
حرية العقيدة في الاسلام وفي مصر في ضوء المواثيق الدولية لحقو
...
-
خطاب مفتوح الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر
...
-
تحية اجلال وتقدير وشكر وامتنان
-
عالمية حقوق الإنسان
-
بيان الهيئة القبطية الكندية بشأن قضية الكشح
-
خطاب مفتوح الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك
-
رؤية الهيئة القبطية الكندية في الاصلاح السياسي والثقافي في م
...
-
مواطنون مصريون مسيحيون محرومون من الصلاة في أرض مصر
-
نتمنى للحوار المتمدن كل الازدهار والنجاح المستمر من أجل نشر
...
-
أين الأمن والأمان لفتيات أقباط مصر؟
-
تفجر الأوضاع فى مدينة أسيوط الأحداث بالتفصيل
-
نحو إصلاح سياسي شامل في مصرفصل الدين عن سياسة الدولة العلمان
...
-
القضاء المُسَيَس فى مصر ... إلى متى وإلى أين يأخذنا
-
نداء إلى الضمير العالمي
-
نداء إلى ضمير الكتاب والصحفيين والمثقفين والمتنورين في مصر
-
حقوق الأقليات وحقوق المواطنة-2
-
حقوق الأقليات وحقوق المواطنة - 1
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|