أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد كاظم الدايني - الشيعة ..... عراقيون دائما















المزيد.....

الشيعة ..... عراقيون دائما


جواد كاظم الدايني

الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 22:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشيعة ..... عراقيون دائما
جواد كاظم الدايني
لم يكن لكربلاء وقضية الحسين, ان تكون بهذا العنفوان لو لم يتلقفها العراقيون وليس غيرهم, انها ابداع عراقي محض ,اعاد العراقيون انتاجه بما يتلائم ومخزونهم الاسطوري. فهم اصحاب اقدم الحضارات البشرية ومنهم الاديان والاساطير والسحر والمعرفة, ومنهم كل هذا التشبث بالموت والحياة على حد سواء.
ولو ان مقتل الحسين بن علي قد حدث في غير كربلاء او خارج منطقة النفوذ الاسطوري للذهنية العراقية, لربما كانت القضية في خبر كان. لم يكن مقدرا لنصوص كربلاء ان تندثر او تعاني الجمود لو لم يعاد تلحينها وفق المقامات والموسيقية وتفعيلات الشعر التي يغلب عليها طابع الحزن والاسى العراقي.
لقد وقع الحسين بن علي ضحية لمكيدة الطبيعة العراقية التي شكلتها اساطير النشأة الاولى, فكانت عشتار حاضرة في الكوفة عندما استصرخت الحسين " ان اقبل علينا " وعندما اقبل شهرت سيوفها بوجه, عشتار كانت آلهة الحب والحرب لدى العراقيين البابليين, وعلى خلاف الكثير من اساطير الشعوب, التي تفرق بين آلهة الخير وآلهة الشر او بين الحب والحرب, يجمع العراقيون بينهما, وهم المشهورين اكثر من غيرهم بجمع المتناقضات. شأنهم شأن آلهتم عشتار, تغدر بعشاقها ثم تندم ( كما فعل التوابون), وتنوح عليهم ( كما هو ديدنهم في النوح على الحسين), حتى ان قضية الحسين لم تخرج عن الحب والندم على التقصير والنواح عليه الى يومنا هذا.
لقد طوعوا واقعة كربلاء لتصبح امتدادا طبيعيا لتراثهم القديم وحافظوا عليها كما هي, دون الاستفادة منها على المستوى الرمزي, لذا مارسوا شعائرهم في اطار موسمي دون ان تنال من اخلاقياتهم, فالعراقيون في شعائرهم الحسينية على استعداد للتضحية في سبيل المبادئ التي نادى بها الحسين بن علي, وهم غير العراقيين بعدها, وهم المتمسكين بذنوبهم في الحياة . يرجع البعض هذا السلوك المزدوج للعراقيين الى ان تاريخهم الذي كان متخما بالحضارات, قد كان متخما ايضا بعدم الاستقرار السياسي فلا الصديق يبقى صديق ولا العدو يبقى عدو, فكانت ويلات السقوط تعصف بهم, كما كانت البيئة المتطرفة التي تسببها الفيضانات الموسمية وما تجلبه من اوبئة وهلاك لمحاصيلهم الزراعية سببا بتهديد حياتهم, وعندها يكون الحزن والنوح سلاحهم الوحيد, وضل حزنهم موسميا حتى مع الحسين.
المتفحص للتراث الشيعي يجد ان لقضية كربلاء شقين الاول شعبي تمارس بداخله الطقوس والشعائر, واخر رسمي تبنته المؤسسة الدينية الرسمية او المرجعية والتي تناولت تلك القضية من وجهة نظر سياسية وأخلاقية, فهي رأت في خروج الحسين واجبا شرعيا للوقوف بوجه الحاكم الظالم, اضافة لايمانهم بان ارادة الاهية وراء اختيار آل بيت الرسول لخلافة المسلمين دون غيرهم. كما انها وفرت غطائا دينيا للشق الشعبي, لممارسة الطقوس والشعائر من خلال احاديث دينية استلت من تاريخ مشكوك بصحته, وتراث شعبي مكون من مجموعة من الخرافات والاباطيل والاكاذيت تغاضت المؤسسة الدينية عن النظر في تخلفه. كذلك يكتنز تراث الشيعة الكثير من الاحاديث التي تتحدث فيه عن دور الحسين بن علي في الشفاعة عند الحساب لمجرد دمعة حزن يجريها زائره عليه في عاشوراء, او يكون شيئ من الغبار على بدنه في طريق مسيرته الاربعينية.
استطاعت الدولة الصفوية من دفع المذهب الشيعي الى المسرح السياسي في الحياة ( كما يقول الدكتورعلي شريعتي في كتابه " التتشيع العلوي والتشيع الصفوي " ), غير ان شيعة العراق لم تستثمر ذلك للمطالبة بحق سياسي خاصة وأنهم شكلوا اغلبية عبر تاريخ العراق وبالرغم من نجاحهم في الحفاظ على مركزية التشيع والتبعية المستمرة لمرجعية النجف, الا انهم ترفعوا عن تطوير نظرية سياسية دنوية للحكم, وظل الخط المرجعي ملتزما فقهيا بعدم شرعية اي دولة قبل ظهور الامام المهدي المنتظر, الذي سيقيم دولة الحق الالهي. لذلك ظل المجتمع الشيعي العراقي مشتت سياسيا, اضافة لكونه يعاني الفقر والجهل والاضطهاد, وضل يدفع ثمنا باهظا بسبب اتهامه بالتبعية للصفوية وايران. كان للقيام الصفوي تأثيرا سيئا على الشيعة في العراق فبسبب التواشج الطائفي بينهما تعرضوا لاكثر من ابادة جماعية واصبحت هذه الطائفة منبوذة من المجال القومي للعرب بسبب العداء التاريخي بينهم وبين الدولة الفارسية والايرانية . الخطر الاكبر الذي مارسته الصفوية هي تشوييها للخط العلوي النقي في التشيع وهذا ما يمكنك استنتاجه من قراءتك لكتاب شريعتي. فهي قبل ادخالها شعائر دخيلة على الشعائر الاسلامية, لفقت صراعا مزيفا قائما على الكراهية على الخلافة بين علي والخلفاء الاوائل, نكاية بالفتوحات الاسلامية التي اسقطت الدولة الفارسية.
استوردت الدولة الصفوية لذكرى عاشوراء طقوسا مذهبية وشعائر مسيحية من اوربا ارتبطت بأحياء ذكرى شهداء المسيحية, ومشاهد تمثيلية لصلب المسيح واستخدام الزناجيل والتطبير, وتراتيل تصف الظلم والجور الذي تعرض له اصفياء المسيح من قبل الاباطرة وقياصرة الروم. سيئة ثانية تركتها لنا الصفوية وهي خلق طبقة الدعاة والخطباء من رجال الدين التي استخدمتهم لنشر المذهب الشيعي وحث الناس على ممارسة تلك الشعائر وبث الخرافات والتلاعب بجهل الناس, خاصة انها كانت تستهدف الشريحة المعدمة من المجتمع المعروفة بفقرها التعليمي والثقافي والاقتصادي,حيث يسهل خداعهم بعد ما غلفوا ما يقومون به بقدسية زائفة مدعين انهم مؤيدين من الله والائمة. الكاتب العراقي سليم مطر يذهب في كتابه " الذات الجريحة " الى القول بما اورده شريعتي, لكنه لا يقول بأستيرادها, بل انها كانت تمارس من قبل العراقيين عندما كانت المسيحية الدين الغالب في بلاد الرافدين حيث تنتشر الكنائس والاديرة من شمال العراق الى جنوبه والحواضر التي كانت مراكز جغرافية حضارية وثقافية في العهد البابلي اصبحت جميعها حواضر لشيعة العراق, فالنجف قدسها الشيعة وهي تقع ضمن حاضرة الكوفة التي كانت ضمن منطقة بابل الكبرى. ويقول الكاتب " ان طقوس عاشوراء تذكرنا بطقوس اهل الرافدين بالاحتفال بغياب تموز في ظلمات الارض, ثم بطقوس النساطرة بالاحتفال بذكرى صلب المسيح, وطقوس المانوية بالاحتفال بصلب ماني البابلي. اليس عاشوراء مقتبس من اسم عشتار امراة تموز. في عاشوراء كانت النساء يمشين بشعور منثورة وأوجه مسودة وملابس ممزقة يلطمن الخدود ويولولن حزنا غلى الحسين الشهيد, كما كانت نساء بابل تفعل نفس الشيء حزنا على هبوط تموز الى العالم السفلي ". وعلى كلا القوليين فأن هناك المسيحية, هي العامل المشترك بينهما, وما من شك ان جزء من الطقوس البابلية والمسيحية قد نقلت لعاشوراء.
اكثر الناس تمسكا باساطيرهم وبطقوسهم اكثرهم تمسكا بحياتهم, ففي كل مرة تمارس الطقوس وتستحضر الاساطير يكون هناك انبعاث جديد للحياة وولادة نقية جديدة, وهذا ما يفعله الشيعة في المسيرة الاربعينية لقبر الحسين بن علي, انهم يقصدون هدفا ساميا يعيدهم الى تلك الولادة, وفي كل مرة يكررون مسيرهم يعيدون بث الحياة في المعاني التي تعطي الحياة قيمتها. انهم يجسدون غاية الحياة بالسعي المستمر نحو السمو والكمال والرفعة. لقد اعاد فلاسفة القرن التاسع عشر للاسطورة دورها في حياة المجتمعات بعد ان رمتها الفلسفة العقلية في المهمل من التاريخ, فأعتبرت الاسطورة اصلا للفن والجمال والتاريخ والدين, واتجهت لها الانثربولوجيا بقوة لغور الكامن في الاسطورة من رموز ومعاني تخفف وطأة الحياة وتساعد البشرية على فهم سلوكها وروحانيتها والكيفية التي تتحكم بها الاسطورة باليات التفكير البشري, عواطفه ودوافعه. الشيعة لم تطور فهما رمزيا لاساطيرها الاخلاقية والتاريخية والدينية, وظلت متمسكة بفعل الاسطورة دون من محاولة الوقوف على مجازاتها, كي تصبح اكثر تأثيرا في سلوكيات المجتمع والافراد وتغني قيمهم الجمالية والفنية .
الكتابة عن الشيعة بالنسبة لي كتابة عن تجربة شخصية ما زلت متعلقا بها رغم انقلابي الفكري الى احضان الليبرالية والعقلانية والفلسفات الانسانية, احمل تعاطفا كبيرا مع الشيعة في العراق بسبب ما عانته من جور التاريخ وظلم الحكام, ولون الحزن والالم الذي يطبع حياتهم, فقد حزنوا على سوء حالهم وكثرة مصابئهم وقسوة حياتهم قبل ان يحزنوا على الحسين, اذا وجدوا في مأساته صورة من صورهم الطبيعية التي خبروها في الحياة. يبقى النظر الى الشيعة محكوم بالنظرة التقليدية التي روج لها " اهل الجماعة " عندما تعاونوا مع السلطة على نبذ هذه الطائفة الاسلامية, كونها اخذت على عاتقها مقارعة حكم السلاطين كما فعلت رموزها المقدسة من علي الى الحسين الى زيد الى يحيى وكل الحركات الاحتجاجية التي تبنتها هذه الطائفة, بالاضافة الى شعائرهم التي يقدح بها الفكر السلفي لابن تيمية, وذلك بسبب حجهم المستمر الى قبور ائمتهم, والتي لا اعتقد انها تختلف عن حج باقي المسلمين الى الكعبة, فالجميع يحجون الى الحجارة والجميع يقصدون الروح التي تسكنها. ما زلت انتمي لشيعة العراق بذكريات النشأة الاولى, فالعراقي يولد على فطرته السومرية والبابلية حتي يشيعه أو يسننه أهله ومجتمعه, فمنذ الطفولة تعلمنا حب آل بيت النبي, فعلي كان رمزا للعدالة والشجاعة والحسين نادى معسكر ابن زياد في يوم عاشوراء " ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد, فكونوا احرارا في دنياكم", يزداد تمسكي الانساني بهذه الطائفة كلما تعلمت شيأ جديدا عنهم, خاصة وان هناك الكثير ممن احبهم فيه ومن اجلهم ورغم عقلانيتي الفكرية امارس شعائرهم واندمج بعقائدهم, فعندما يكون الامر متعلقا بالحب فعلى العقل يحجم بقواعه عنا, فالخل على دين خليله كما يقال. واتنمى لهذ الطائفة ان تدرك مكامن القوة والتأثير التي تمتلكها في محيطها, ومنطلقين من قدرتهم على ايجاد عوامل مشتركة تجمع شتاتهم, وتبني جسور وطنية مع شركائهم في الوطن, فعلى عاتقهم يقع مستقبل العراق.
.................................................................................................Monday, 30 November 2015
المصادر:
• العقل في المجتمع العراقي/ شاكر شاهين.
• الذات الجريحة/ سليم مطر.
• طبيعة المجتمع العراقي/ عل.ي الوردي.
• التشيع العلوي والتشيع الصفوي/ علي شريعتي.



#جواد_كاظم_الدايني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن ` المعلمة `… قراءة في معايير المفاضلة والاستحقاق
- ثورة سنية ضد المالكي-1
- ثورة سنية ضد المالكي
- النظافة وعباءة الوردي
- هذيان وفقر في اروقة السياسة
- اسطورة التسامح الديني
- نبوءة سياسية
- الدولة الموعودة
- الإسلام والسياسة والحمق
- الجزيرة ...... و- جلاب القرية -
- هوية ...... بدل ضائع
- الشيوعية ليست كفراً والحاداً
- ايران داخل سجون القبانجي
- مرسي العراقي ونوري المصري اشكالية الماضي وعبثية الحاضر
- سلطة صماء ومعارضة بكماء
- ربيع آخر


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد كاظم الدايني - الشيعة ..... عراقيون دائما