أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزيز باكوش - الشباب العربي يزرع في رأسه الخرائط بدل حبوب العلم والمعرفة















المزيد.....


الشباب العربي يزرع في رأسه الخرائط بدل حبوب العلم والمعرفة


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 09:51
المحور: المجتمع المدني
    


الشباب العربي يزرع في رأسه الخرائط بدل حبوب العلم والمعرفة
عزيز باكوش

المقنزعون ، شباب القنزعة أهل التقنعيز كلها أسماء لمسميات واحدة ، فئة من شباب اليوم فقد البوصلة ، وبدل أن يملأ رأسه بالعلم والمعرفة فقط منح شعر رأسه لحلاقين ليرسموا ما شاؤوا من خرائط بلا تضاريس ، وتنافس حد الدماء في رسم أذرعه الخالية من كل جهد بالوشم تارة ، وبالسكاكين أخرى ، وصم آذانه بالكيت قبل أن يحقن عروقه بجرعات ولفافات وشيء من سماد الغياب

إذا كان الشباب أجمل مراحل العمر وأكثرها نشاطاً وانطلاقاً وتحملاً للمسؤولية وقدرة على العطاء في الحياة ، فهل ارتقى فهم شبابنا المغربي لهذا الوعي الحضاري؟ وكيف استوعب اللحظة التاريخية في خضم هذا المشروع المجتمعي الكبير حيث يختار التوجيه الملائم لرغباته، ويتماشى مع طموحه وانتظارات مجتمعه في البناء والتطوير سواء بإتمام دراسته ، أوالشروع في إنشاء عمله الخاص، وبالتالي التقرير في العديد من أمور حياته المهمة صيانة لكرامة أسرته وضمانا لمستقبله؟

وهل الشباب المغربي على مستوى من التكوين والإعداد السوسيونفسي لاستيعاب أدواره في الحياة ؟ وما مدى مساهمة الدولة المغربية بسجونها وإصلاحياتها بصقورها وأذرعها الأمنية القوية ؟ وما حجم مساهمة الإعلام بقنواته الفضائية ومنابره المرئية والمسموعة المكتوبة والأسرة بمكوناتها المجتمعية ورصيدها الحضاري في تشكيل هذا الوعي لديه ؟ وما مكاسب المجتمع من هذا التحدي الحضاري وما حجم وخطورة ما ينجم عن هذا الوضع المخالف لسنة الحياة ؟ وهل الرهان ما يزال مفتوحا لرفع التحديات و خلق الاستقرار وترسيخ قيم العدالة والحق والقانون وبناء مجتمع السلم ؟

ميزة مرحلة الشباب أنها تمتلئ بالحيوية بالنشاط والانطلاق والحركة والتجارب والرحلات والسفر والمتعة الضاربة بلا ضفاف ، هي مرحلة رائعة في حياة الإنسان هي أيضا مرحلة تشكل الوعي السياسي النقي ، المفعم بألياف الديمقراطية والحق في الحياة والإسهام في الارتقاء بها ، هي الحيوية بكل لغات الكون والاستقلالية بمعناها والجرأة والقدرة على تحمل مختلف الظروف وضغوط العمل والسفر والمغامرة، هي كذلك مرحلة المراهقة العنفوان والكبرياء والشعور بأن الحياة بدأت بالفعل ، هي الإحساس بجرعات الحب وبداية طريق الحرير نحو الشهوة ، وبداية استشراف الحرية واستقلالية القرار والتنفيذ والابتكار حتى ولو كان انتحارا .

في الفكر والدراسة وسيكولوجيا تكوين العلاقات والأصدقاء ، يشكل الشباب مرحلة مفصلية في اتخاذ بعض القرارات واختيار المواقف الواعية بشرط الحياة الضروري ولعل تشكل جينات الوعي السياسي و انتقاء الانتماء إلى الديمقراطية يبدأ من هنا وتبقى الحاجيات والرغبات والميولات والملابس وغيرها تمظهرات عابرة ، لتظل مرحلة الشباب بداية تحمل المسؤوليات الكبيرة نوعاً ما ، هذا في الشق النظري أما تجليات ذلك على أرض الواقع فترصد القليل من تجلياته هذه الورقة ، وها أسباب النزول ؟

الشباب والسياسة

رغم أن الدولة المغربية قامت بتخفيض سنّ التصويت لدى الناخبين من 20 إلى 18 سنة، قبل 15 سنة بهدف التحفيز على المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وبالتالي الرفع من نسبة عدد الناخبين، فإن أغلب شباب اليوم يتأرجح ما بين عازف صريح ومقاطع جريء أومشارك خجول .

عندما تعلن أمام أحدهم أن "التصويت حق من حقوق المواطن من أجل غد أفضل ، ولا يجب التفريط في المكتسب الحقوقي ، يأتي الرد سريعا " مشات السياسة مع عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة واليوسفي " ثم يضيف كما لو انفتح أمامه باب واسع للكلام " لقد استفدت من حملة انتخابية كمساهم ب100 درهم يوميا ، ووزعت أكثر من ألف منشور كما قدمت وعودا كمساهم في الحملة الانتخابية لكل الألوان السياسية من أجل مضاعفة دخلي، علما أنني لن أقنع أحدا حتى نفسي ، ويضيف في ثقة عالية " الانتخابات كيف ما كانت لن تغير شيئا ، فالكل محسوم لي عندو عندو ... ولي ما عندوش ما عندوش "

حتما لا نتفق مع هذا الاستنتاج ولن نزكيه ، ولن نسمح لشاب كي يفكر على هذا النحو لكن الشاب سيعود ليتدخل من جديد ليفرض رأيا بقوة " كاع الأحزاب السياسية بحال بحال ، فعندما تقترب المناسبة الانتخابية تفتح دكاكينها وتستقطب الشباب للخدمة الموسمية "
نعم نحن كفاءات وطاقات شابة ، لكننا لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية ، لم نحسم بشكل واضح في مسألة المشاركة والإدلاء بالصوت كقناعة ديمقراطية من أجل التغيير "

ورغم ان الانتخابات فرصة أمام المواطن للمساهمة في التغيير، يقول أحد الشباب إلا أنه قرر ألا يشارك في الانتخابات. حتى أنه لم يكلف نفسه عناء التسجيل في اللوائح الانتخابية، لقد حسم موقفه نهائيا بعدم المشاركة، والسبب هو عدم اقتناعه بجدوى الانتخابات والسياسة برمتها " وهذه قناعة لم يقبل مناقشتها لينضم إلى قائمة العزوف الكبير"

كان هدفنا معلنا منذ البداية ، ويتمثل في غاية واضحة ومحددة وهي أن ننقل من شباب اليوم رسالة إلى المسؤولين والأوصياء على الشأن السياسي بالبلاد " مضمونها أن شباب المغرب ، ليس ضد الانتخابات كعملية ديموقراطية ، وإنما ضد أسماء ومترشحين بعينهم يمثلون زبدة الفساد في المجتمع ، وجدوا أنفسهم فجأة وكلاء لوائح ، من هنا فقدانهم الثقة في نوعية المرشحين الذين استغلوا الفرصة واشتغلوا كمنتخبين ثم كسماسرة أصوات بالملايين فيما بعد "

أحد محاورينا من الشباب طرح مقارنه بين الانتخابات في المغرب ونظيرتها في البلدان الديمقراطية العريقة قائلا: "في الدول المتقدمة هناك دائما وجوه سياسية جديدة، وأفكار وبرامج مختلفة، بينما في المغرب نرى دائما نفس الوجوه ونفس البرامج الحزبية، لكن الأهم هو أن في البلدان المتقدمة يملك المواطن صلاحية واسعة لمحاسبة المسؤولين فيما نكتفي برفع شعار عفا الله عما سلف "

الشباب والمدرسة
في القسم في الحافلة أو الشارع العام ، كما في الثانوية ومدرجات المعاهد والكليات في المختبر أو في المجالس والمنتديات ، ينبري بعض الشباب المغربي فئة "مشوكي الرؤوس والآذان المثقوبة " بتخريجات ومسلكيات غريبة في تصريف ممارساتهم اليومية بدعوى الحداثة والتميز . إ نهم شباب مفعمون بالحيوية ، يقلدون ما يعجبهم ويستهوي ميولاتهم، وما تقتنصه غرائزهم المقموعة أحيانا والمترعة ويخزنونه على شاشات هواتفهم الذكية ، ليرسمونه ببلاهة في الشارع العام ،و هم في هذه الحالة ليسوا نشازا ، إنهم ينسجون عالما خاصا بهم ، وليس ما يعتقد الناس أنه الصواب ، جيل يرتكب الحماقات طلبا في تحرر مزعوم وحداثة منفلتة. هوائيون ، من طينة هجينة ، أتصور أنهم يفضلون دخان السجائر على الهواء النقي ، بل ، يتمنون لو كانوا يدخنونه حتى وهم نائمين. والسؤال " ماذا دور المدرسة ؟ ثم ماذا كسب هذا الجيل ومن المسؤول على فقدانه البوصلة ، وماذا خسر المجتمع؟ وهل بالإمكان تدارك هذا الانحدار الكبير في القيم والاخلاق ؟

شباب اليوم يتمرد على الماضي، وغير منسجم مع حاضره ويرى المستقبل داكنا


فصيلة من هؤلاء الشباب مشوكي الرؤوس حريصون جدا على أن لا يكونوا أنيقين وتفاعليين إلا بالشكل الذي يرضي ميولاتهم و يزعج الآخرين ، فهم على أتم الاستعداد لاستعراض كل ما أنجبته تقليعات الموضة من إكسيسوارات الزينة في الفصول الدراسية والفضاءات العامة دون خجل ، وفضلا عن ذلك ، فإن كل ما ابتكر في موضات الألبسة من تيشورتات وسراويل دجينز يحتاج في نظرهم إلى لمسة إضافية ، قد تكون جزة مقص أو رشات أسيد وماء قاطع ليس أقلها مزقة على الركبتين، أو مضاعفة معدلة لخمائل مخملية تنسدل تحت الساق أو على الكعبين.

وجهنا حمولة السؤال إلى ناشط سياسي فقال على الفور " بعض شباب اليوم يا صاحبي " مسخرة" على حد تعبير الأشقاء في مصر، إنهم يجدون متعة في تفجير غضبهم على أستاذ المادة ، على الحارس العام والناظر ومدير المدرسة ، على كل من يقف في طريق حماقاتهم، مهووسون بتشويك الشعر ونفشه ورسمه خرائط عابثة ورشه بمزيج من السوائل الكيميائية الخطرة المجهولة المصدر ، حينما تستمع إلى حديثهم داخل الفصول الدراسية ، تخجل من مستواهم الهزيل ، تأسف على انجراف كبير في اللغة والمعنى ، إنهم يدمقون الكلام ويعجنونه بصورة العبث إلى حد بعيد. حيث لا تسمع جملة عربية مفيدة ثمة تنافس مريب في ابتداع الهجانة والترطين اللغوي وتوليد مزيج من الفذلكات الممهورة بعبق الفوضى واللانظام . ويرى ذات الناشط أن السيجارة المحشوة فوق الأذن، وشقيقتها الشقراء بين الأصابع المعقوصة ،إضافة إلى الموسيقى والدردشات .. تمظهرات شبابية وقحة لا سيطرة للمؤسسة التعليمية ولا الأسرة عليها ، ولا معنى لها اليوم سوى الانحدار والتردي والفوضى المائعة، وأن شئت الوضوح،الضياع.

الشباب والدولة
ويتوجه متحدث آخر باللوم إلى مؤسسات الدولة فيقول" لا أجهزة الأمن بصقوره الزاجرة والإصلاحيات التهذيبية ببرامجها ، ولا المدرسة بمقرراتها العلمية ومنهلها الروحي بإمكانها اليوم زحزحة هؤلاء قيد أنملة عما يعتقدون في العبث أنه الصح . ويتمم بنبرة حزينة " يبدو إلى حدود اللحظة، أن لا أحد قادر على إخراج هؤلاء الخائبين من بوتقة الفوضى التي ينعمون بها ، بما فيها ذلك الدولة نفسها" وفجأة تلمع فكرة في ذهن الأستاذة الجامعية فتصدح بها في سخرية سوداء " الدولة ...ما ذا تقول ..الدولة يا حبيبي باتت متواطئة ، أليست من يرخص لفتح المئات من علب الليل ، أليست هي من يعمل جاهدا على تهييئ مختلف أشكال التمييع عن طيب خاطر ، مقاهي الشيشا الفاخرة ، وملاهي الليل والنهار وأشكال وألوان من القمار والمغامرات الرهانات التي تستنزف الجهد والمال المفضية لقتل الذات ، والترحم على كل ما هو جميل نبيل في دواخلهم ، الدولة يا صديقي بدل أن تشيد مؤسسات التأهيل ومعاهد التكوين والتربية العلمية النافعة ، هاهي تقامر بدورها ، فكل تعمل على توفير كل ما يستهوي ميولهم المندفعة والجامحة يتم التغاضي عن تجلياته ، من مضامير للرقص الهستيري والحفلات الصاخبة ، التي تتوالد كالفطر هنا وهناك إلى قنوات تلفزية موغلة في التخلف والجمود ، كي تستريح من وجعهم. هل تفعل الدولة صوابا؟؟؟ أشك في ذلك ، ولدي مبررات معقولة ، يقول أحد المهتمين بالسوسيولجيا ، هم بلا أفق ، باردو الأعصاب بعض شباب اليوم الذي نتحدث عنهم غير أذكياء بما يكفي ، أما طموحهم فلا يبارح الدرجات الوسطى الاعتيادية كل موسم . موسيقى صاخبة نظرات شزراء ومعاكسات وشغب منزاح وبلا نكهة تغديها انحرافات وشجن سلوكي تتصدره تقاطعات عولمية لا ترسو على بر.

الشباب والموسيقى
خلال أمسية دولية للموسيقى بفاس ، سـألت أحد أعضاء فرقة أجنبية ، وكان من جنسية فرنسية، استفسرته عن مستواه التعليمي ، وشكله الاجتماعي ، وفيما إذا كان عاطلا عن العمل مكتفيا ب" العطالة المؤدى عنها " أو عالة على الدولة .ذهلت ، بل أصبت بخيبة أمل كبرى ، قال " دانكرن" وهو في 22 من العمر " أحضر لدكتوراه ثانية في علم الأديان، أعمل أستاذا متعاقدا مع جامعة ستوكهولم ، وزيوريخ ، لدي أخت طبية في العراق ، ووالدي جنرال في البحرية ومضى يكشف عن طموحه " المغرب بلد أكثر من رائع ،....ولكن؟؟؟؟؟

وحين وجهت السؤال نفسه ل" لابن حيي وهو من نفس الطينة، أربكني وصرت مثل ثور هائج لا أقوى على السير من غير أن أرتطم : غادرت المدرسة قبل سنوات، قبل أن انهي تعليمي الابتدائي ، سبق أن قضيت 6 أشهر سجنا بتهمة ترويج المخدرات، ليس لدي عمل ، والدي يمتهن الدرازة ويتكفل بإعالة أسرة من 8 أفراد يالطييييييف...ياستااااار؟؟؟ وما علاقتك بصخب الموسيقى ياعمري ؟ حسب تعبير الناقدة والباحثة في الصورة آمنة الصيباري

لم لا... لا يفتح هؤلاء الشباب قوسا ويسألون أنفسهم ، نحن نقلد من ؟؟؟ ولأنهم لا يجرؤون ، هم يغامرون بمستقبلهم و بحياتهم لأسباب تافهة ، في الليلة ذاتها، عشت فصول مأساة حقيقية ، وكنت لحظتها شاهدا . سأروي تفاصيلها والعهدة علي، كانوا حوالي 6 من الشباب المتحمس "الهيب هوبي " ، أو هكذا يبدو لي على الأقل وكنت سابعهم صدفة ثقافتهم تكشف عنها سراويل الجينز الساقطة الممهورة بخربشات وتمزيقات كيدية غريبة ، سواعدهم المفتولة ،خالية من أي جهد ، عيونهم لا ترقى إلى فوق فيما صدورهم المكشوفة القاحلة المليئة بالرسوم والأوشام . وآذانهم المزمومة بالسماعات الهادرة، تنبئ بفشل قيامي لأمة بدأت من القاع وستبقى فيه.
قال الشاطر منهم، وكان في حوالي 17 من عمره ، وقد أسبل عينيه بخبث :
- والدي يعتقد إنني غبي ....فهو لا يرف له جفن ، ولا يشعر بالخجل حين يمنحني 10 دراهم مصروف يوم بكامله...؟؟؟ ومضى الثاني على منهاج زميله الأول ، بعد أن رشف من سيجارة محشوة حتى الجمر: ....هذا الوالد" مسطي" أحمق. فيما سحب الثالث عن أذنيه سماعة إم ب 3 وصاح بعدمية " بوزبال في المغرب قوى...وأنا بغيت نحرك..." أما الرابع فبدا غير قادر على الكلام ، كان وجهه مليئا بالثقوب ، شعره المتجعد الأشعث مشدود كخصلة نعناع على طريقة قراصنة الكاريبي التي يصدرها تلفزيون الحكومة ضمن تفاهة رمضان كل موسم . فيما حكى الخامس عن انتفاضته الثائرة في وجه والده الجندي المتقاعد :
- قلت له : امش... أيها الوالد المعتوه ، لم يعد للحرب الآن مكان في عالمنا.. لقد حاربتم في الصحراء ..وفي الهند الصينية ..ولم توفروا لأبنائكم مصروفا يوميا يفي بالغرض.؟؟؟
لملم الوالد خيبته ، وترجل على طريقة الحرب، ثم تحسر على زمن النكسة ثم قال موجها كلامه للشلة

"الفالطا" مشي ديالكم اوليداتي .. الفالطا ديالنا" نحن الذين قاومنا وضحينا بالغالي والنفيس كي نعجل بطرد هذا المستعمر المحتل...مشيرا إلى زميلهم الفرنسي ، وليس خطأكم أنتم" لو كنا نعتقد إننا سننتج جيلا خائبا من طينتكم ، تقلدون المستعمر ، لما أطلقنا رصاصة واحدة ، لتركنا ه بجواركم يؤدبكم بدل إرغامه بالسلاح والنار على المغادرة .

ولم يتردد الشاب لحظة في الجواب صمت لحظة ثم قال كمن يؤدي واجبا وطنيا " لأننا طردنا فرنسا...فنحن نجني ثمار مقاومتنا. ارتفعت أصوات الشباب منددة ، وأخرى ساخطة، صبت مجملها في ضعف نمو الآباء وسوء تقديرهم للتحديات الجارفة .أما رد الجندي المتقاعد ، كان الأقوى ، لقد تأسف على جيل افتقد أهمية الخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري ، لأن الحجج الواهية بالنسبة إليه ، وبالنظر إلى تجربته الطويلة في الحياة ، لا يدعمها صوت أي شاب مهما علا...وارتفع

الشباب والحياة

وعلى العكس من المتحدثين قبلها تكلمت الطالبة الجامعية بثقة عالية " شباب اليوم يا أستاذ اختصر مستقبله في شكل ولوك جديد ، في الفصل ونحن في حصة تربوية ترى البعض من هؤلاء الشباب المعاصر اليوم بفاس ، وربما في غيرها من المدن المغربية ، أشبه بالديكة ، فالعرف المعقوف بنتوءات غير متوازية تكاد تكون علامة مميزة . لوكنت أستاذة لفاتحته في الأمر ، ولاشتغلت على إقناعه بعدم جدوى هذا الهراء الذي يواظب على فعله ؟
" التدخين النفحة والأصابع المعقوفة والكيت هي ما يميز أغلب شباب الثانوية تقول تلميذة السنة أولى باك ، شباب قد يغامر بحياته لأتفه الأسباب ، من فرط الإدمان والرجولة الزائفة ، حريصون جدا هؤلاء الشباب وهم أصدقائي في الثانوية أن لا يكونوا أنيقين ، إلا مقنزعي الشعر منفوشيه ، كعرف الديكة ، شباب يفتخرون بغضبهم ، ويبحثون له عن مكان في أي مكان ، ويعبثون بكل من يقف في طريقهم حتى ولو كان حجرة ، مهووسون بتشويك الشعر وقص ركب سراويل الدجين وتمزيقها ، كل ما يتقنه هؤلاء تدوين أرقام هواتف فتيات في أوضاع مثيرة للشهوات ، والتقاط صور إباحية واستعراضها واقتسامها بإفراط وتفريط . جيل اختصر كل أحلامه في امتلاك أرقى الهواتف الذكية ، حتى وهم يعرفون أن أولياء أمورهم باعوا جهاز تلفزيون ليوفروا لهم السروال والدفتر، و راهنهم بلا طموح ، ويبدو أن لا أحد قادر اليوم على إحراجهم ،بما في ذلك المدرسة وانتشالهم من الفوضى التي يفتخرون بتشييدها والإقامة في زواياها الكئيبة والراجفة

ويضيف متحدث ثالث " هؤلاء الشباب نسمعهم يستعملون كلمة الرجولة في أحاديثهم مما يعني أنهم مفتقدي هذه الصفة ، ولا يعرفون معناها ، حيث يخلطون مصطلح الرجولة بمصطلح الذكورية ، نسبة إلى أحد اعضاء الجسم في علم البيولوجيا"

هذه الظاهرة تفشّتْ بشكل كبير خاصة بالمدن الكبيرة يقول أحد رجال التربية والتعليم لكن لها أسبابها الموضوعية التي تجد خيوطها المتشابكة في منظومة القيم التي يفرزها المجتمع الآن .. و كذا البنيات الثقافية و التعليمية ـ اللامواطنة ـ التي تفرخ الجهل و الأنانية و الوهم . قبل أن يضيف بغصة " معضلة كبيرة و أسبابها يمكن معالجتها ، إن اتّحدت النوايا و الإرادات .. لكن هيهات !!

ويثري بحثنا أحد نشطاء الفايسبوك بقوله" جيلنا غير الجيل الذي تتحدثون عنه .كل جيل و له أسلوبه، متحمس نعم ، مندفع لا جدال ، قد يعشق الفوضى هذا الشاب والدم أحيانا ، ويستبيحه هباء ، قد يمجد العبث وينقشه مجسما بخدوش على الساعد والكتفين وعلى العنق من الخلف ، في أحيان كثيرة تفقده المخدرات البوصلة ، وتفعل النفحة فعلتها النجسة في كيانه المراهقي ، لكنه مع ذلك يعيش موجته ، ولأن العمر الزمني لا يتماهي مع العمر العقلي في قاعدة بياناته، فإن الانفصام يشتد ويقوى في شخصيته ، وعندما يضيف " النيبرو " جرعة زائدة ، يبدو شبابنا في نهاية المطاف ، أبعد ما يكون عن المبادرة الخلاقة . التعميم ضار ، لكنه مطلوب ، كلما تعلق الأمر ببحث له مصداقية "


ويجمع الكثير من استمعنا إليهم على ضيق صدر المدرسة العمومية بأبنائها ويعتبرون ذلك سببا رئيسيا لهذا الضياع ، وحين لم تستوعبهم الفصول ، لم تتردد المدرسة في قذفهم إلى الشارع ، رغم سيل الاستعطافات من أولياء أمورهم ، لأن جدران المؤسسات لم تعد تحتمل مزيدا من الضغط البشري. وعوض توسيع بنية الاستقبال لتأهيل فضاءات التمدرس، يضيف الاستاذ محمد مزيوقا يتم آتهام التلاميذ بالتقصير المؤدي إلى الرسوب المفضي إلى مغادرة المؤسسة قبل الأوان.

أعرف عددا كبيرا من التلاميذ الذين استفادوا من سنوات الاستدراك وأكملوا مشاويرهم الدراسية بنجاح ؛أما الآن فلم يعد ذلك ممكنا، رغم الخطابات التضليلية المتلفزة، وبهذا تنضاف فئة عمرية إلى فئة الشباب العاطل.إنهم فئة الأحداث واليافعين الذين سيؤثثون فضاءات قاعات الألعاب ،وأنتم تعرفون ماذا تنتج هذه الفضاءات."

تمر السنون وتتعاقب الأجيال ،فنجد أن لكل جيل طباعه وتصرفاته الخاصة به ، تقول الناشطة الجمعوية قبل أن تستطرد " لكن هذا لا يمنع من تتبع الأسر لفلذات أكبادها إن هي لاحظت أن الرياح تهب في غير اتجاهها، يقول المعجم أن "القنازع " هم صغار الناس، أحسن وأصدق توصيف، تشخيص دقيق لحالة بل لظاهرة تكاد تعصف بجيل بأكمله.."

هل نقتنع أن المسؤولية يتحملها الآباء أولا وأخيرا ؟ ، ثم ماذا اذا عرفنا أن المسؤول عن كل هذا في غالب الأحيان هم المدرسة السجن والتلفزيون ، بل وأسر وأولياء أمور لم يستوعبوا كيف يربون أبناءهم فتركوهم عرضة للضياع "



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما الإيرانية بين الفجور والايديولوجيا
- صورة ذاتية تقتل
- الدارجة المغربية من دبلجة الدارما العربية والعالمية إلى رسوم ...
- أنا لا ابحث عن الجمال في الصورة ؟
- فيلم L’horizon blanc - الأفق الأبيض - لمخرجه علي الحضري استر ...
- هل تساهم الدبلجة إلى العاميات في تمزيق الفصحى وهيمنة الضياع ...
- لماذا تنعدم تماثيل ومجسمات عظماء العرب من الساحات العمومية ؟
- فاس والكل في فاس 325
- المخرج المغربي بوشتى المشروح يقتفي آثار البدايات الأولى للسي ...
- فاس والكل في فاس 324
- فاس والكل في فاس 323
- ستراتيجية المنتدى المغربي للمبادرات البيئية لترصين مجهوداته ...
- ميلود لمسعدي في مؤلف موسوم ب- الأساليب التعلمية مسالك التفكي ...
- فاس والكل في فاس 322
- صحافة الشباب حول البيئة تتألق في أحواز مولاي يعقوب فاس المغر ...
- محمد رامي رئيس القسم الاجتماعي بجريدة الاتحاد الاشتراكي يحرم ...
- فاس والكل في فاس 321
- خزعبلات باسم الإسلام
- على مواقع التواصل الاجتماعي : العرب وصناعة الأحزان
- فاس والكل في فاس 320


المزيد.....




- إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال ...
- مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزيز باكوش - الشباب العربي يزرع في رأسه الخرائط بدل حبوب العلم والمعرفة