أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمود عباس - من يحاصر من















المزيد.....

من يحاصر من


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 20:56
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


أمريكا مع الدول الأوروبية يضعون ومنذ سنة وأكثر حصارا اقتصاديا على روسيا ومنذ سنوات على إيران، وروسيا أصدرت مرسوما، لتطبيق إجراءات اقتصادية قريبة من فرض الحصار الاقتصادي على تركيا، وتركيا تقنن الدعم الاقتصادي للمناطق المنكوبة في سوريا، والكل يفرضون حصارا اقتصاديا على سوريا، وسلطة بشار الأسد تتلقى الدعم الاقتصادي من روسيا وإيران إلى جانب الأنواع الأخرى من الإسناد والدعم، والحلقة متكاملة ولا يمكن أن تنقطع، رغم ضعفها في بعض الأماكن. هذه واحدة من حلقات الصراع الاقتصادي-السياسي العديدة الموجودة في الكرة الأرضية، وتأخذ منحيين، الأول عقوبات على بعض الدول الصغرى لفرض سياسة معينة، وتأثيراتها لا تتجاوز أبعاد جغرافية تلك الدول، والأخر صراع بين الدول الكبرى على مناطق النفوذ والهيمنة الاقتصادية، وتؤثر على الحركة الاقتصادية العالمية، وتنعكس سلباً على جميع الدول وشعوب العالم.
حلقة مفرغة، من الصراع الاقتصادي، المؤدي إلى تباطأ في النمو، وزيادة البطالة، في معظم المناطق، وتؤثر بشكل أو آخر على الاقتصاد العالمي، وأغلبية الكرة الأرضية تتأثر بها بشكل أو آخر، فأبعاد الحصار في الحلقة المذكورة، رغم محاولة حصرها في جغرافية معينة، لكنها تؤثر سلبا على الجميع، وستبقى هناك سقفيه لا يمكن للحكومات تجاوزها، فهناك شركات رأسمالية عالمية تتأثر، لذلك فهي تضع وتخطط وتنفذ على قدر السلبيات والإيجابيات وأيهما الأكثر حضوراً، فحجم العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وروسيا، تبلغ حدود استحالة تطبيق الحصار، الدول الأوربية تنتج 30% من طاقتها بواسطة الغاز والنفط القادم من روسيا، والشركات الأوروبية العالمية تعتمد عليها لاستمرارية الإنتاج، ومدخولهما بالنسبة لروسيا تتجاوز حدود الاقتراب منه، تبلغ الإيرادات نصف ميزانية الاستيراد الروسي، وهي أكبر داعم لعملتها الصعبة، المبني عليها اقتصادها والعديد من مشاريعها، وحجم الصادرات الروسية إلى تركيا تبلغ أكثر من 25 مليار دولار، والتركية إلى روسية تتجاوز خمس مليارات دولار، ثلثي حاجة تركيا من الغاز تأتي من روسيا، والحصار الأمريكي المالي أثرت على البنوك الروسية واحتياطيها بشكل عام وسوية عملتها الصعبة بشكل خاص، ويتوقع أن تنبض مخزونها منه في نهاية العام القادم، كما وتأثر العديد من البنوك وشركات البطاقات المالية الأمريكية، خاصة تلك التي فرضت عليها قطع علاقاتها مع السوق الروسية.
دمجت الرأسمالية العالمية الحديثة اقتصاديات الدول الكبرى ببعضها، متجاوزة الأبعاد الجغرافية أو الحدود السياسية، إلى الدرجة التي تكاد تنعدم فيها الانعزالية الاقتصادية، إلا في حدود الدول التابعة والتي لا تأثير لها، ككوريا الشمالية، المستندة على قدراتها النووية البسيطة مقارنة بالدول الكبرى للحصول على مساعدات اقتصادية.
صراع على الأسواق العالمية ومنابع الطاقة والموارد الأولية، من البشرية إلى المعدنية، تسند على العنجهية العسكرية الذاتية، أو أدواتهم من المنظمات العسكرية المتنوعة، ليحرز كل طرف على دعم لقانونية تغلغله في المنطقة، وعليه فيثيرون قضايا أثنية، ومذهبية، وقومية، ويفاقمون في كل الصراعات الموجودة والمحتملة الاستفادة منها، مثل قضية الثورة السورية، والتي كان لابد من تحريفها وتشويهها، لتتوسع، ويتفاقم الصراع، لتبلغ حدود منطقية التدخلات العسكرية، والتي رفضها الانتهازيون الأوائل من المعارضة السورية، مثلما فعلتها سلطة بشار الأسد للحفاظ على وجوده، فتفعيل كل الأطراف داخل سوريا، ومعها القوى الإقليمية، واحدة من أساليب الدول الكبرى للتحكم بأمور الشرق الأوسط، ففي فترة كانت المعارضة السورية والسلطة الشمولية ترفضان أي تدخل خارجي، نجدهم اليوم يسخرون لهم كل قوتهم كأدوات مطيعة ينفذون كل الإملاءات وبقناعة. لا شك هناك غايات أخرى أبعد من مجرد التحكم بأمور المنطقة، وتوزيع المصالح، فالقوى الكبرى هذه كانت تستطيع أن تحد من ظهور كل هذا الدمار بسوريا، وتغير من سلطة بشار الأسد وبالتالي تمنع من ظهور كل هذه المنظمات التكفيرية والأصولية في سوريا والعراق، وتحد من التدخلات الإيرانية والتركية والدول العربية في سوريا والعراق، لكن تجارب سابقة لهم في المنطقة حدت أو أدت إلى إعادة النظر في حل القضية السورية في بداياتها.
تحتاج الهيمنة الاقتصادية إلى بيئة ملائمة، لتسود وتزدهر المشاريع، فالنمو الاقتصادي لم يعد محصورا في جغرافية الدول الكبرى، كثيرا ما يكون عامل الاستقرار مهما للتطور الاقتصادي في البلدان الرئيسة والحاضنة للشركات الرأسمالية العالمية. فمثلما كانت الصراعات المذهبية وفيما بعد القومية في أوربا عامل إعاقة للنمو والتطور الاقتصادي، والتي أدت في النهاية إلى انتصار وإرضاخ الأطراف المتصارعة بالتخلي عن أيديولوجياتهم، أو على الأقل التزمت والانحصار ضمنها، كذلك بدأت الشركات الرأسمالية العالمية تطبق أساليب مشابهة، ومنذ بدايات تكوينها تبحث عن خطط للقضاء على كل المعوقات بقدر ما تمهد لهيمنتها الدروب، فهي اليوم وعلى أبعاد وجغرافيات تشمل كل الكرة الأرضية تصطدم بعدة إيديولوجيات، دينية، ومذهبية وعنصرية قومية، أو متزمتة تحتضنها سلطات شمولية، وأهمها في حاضرنا وفي الشرق أوسطنا، المذاهب الإسلامية، التكفيرية والأصولية منها، والأحزاب العنصرية العروبية والتركية والفارسية التي تسخرهما السلطات الحاكمة الشمولية لغاياتها الذاتية كالاستمرارية في هيمنتها، فالطرفان من عوامل الإعاقة لكل تطور في المنطقة، ومواكبة الحضارة، وسهولة دمجها مع التطور الاقتصادي العالمي، وكانت السبب الرئيس في ظهور الصراع بين القوى الثورية أو الراغبة في التغيير والتطور، والرافضة، والسلطات الشمولية من جهة والقوى الظلامية من جهة أخرى، ولم يكن غريبا أن يظهر الصراع الأبشع بين هاتين القوتين المتناقضتين، والمتلائمتين عند مواجهة التطور الحضاري، كالنصرة والمنظمات الإسلامية التكفيرية والجهادية الأخرى وسلطة بشار الأسد ومعه أدواته كداعش، لاستلام السلطة، وتطبيق منهجهم ليس فقط من أجل السلطة بل لمواجهة موجات التغيير حسب نموذجهم، لهذا فالمنظمات المسلحة التكفيرية والإسلامية المتطرفة، ومهم المعارضة الانتهازية التي لا يمثلون الثورة لا من قريب ولا من بعيد، ولا يقلون عداوة لمفاهيم ومتطلبات ورواد الثورة السورية من سلطة بشار الأسد ذاتها.
الأبعاد الاقتصادية كانت ومنذ القدم أمتن رباطا من الأبعاد الثقافية، ولولا ذلك لكان تقارب روسيا من أوروبا وأمريكا، أنسب حضاريا، من تقاربهم من تركيا، لكن العلاقات الاقتصادية والمصالح السياسية التي ترتكز عليها الغايات الرأسمالية العالمية، تقضي على الأبعاد الثقافية والدينية، وتهمش كل التناقضات الفكرية، وهذه توضح حقيقة على أن أغلبية الأسس الثقافية تبنى على المصالح الاقتصادية أو تسندها وتنميها، والارتباطات العسكرية والسياسية تتبع هذه الغاية.
وعليه من الممكن القول إن الدعم الاقتصادي لحكومة أردوغان، وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن من قبل الشركات الرأسمالية العالمية، ومثلها لدول الخليج، والحصار المفروض على إيران، مبنية على المنطق الاقتصادي، فلا فرق بين تركيا وإيران والسعودي ودول الخليج الأخرى بالنسبة للشركات الرأسمالية العالمية إلا من حيث ارتباطات هذه الدول ومصالحها، وسهولة أسواقها، والتي تتلكأ تحت البعد المذهبي وما يبنون عليه من ارتباطات سياسية، للحفاظ على أيدولوجيتهم المذهبية واستمرارية سلطاتهم.
فالتكتلات السياسية، نابعة من العلاقات الاقتصادية، حتى ولو ظهرت التقاربات الإيديولوجية الثقافية كغطاء، والحلقات المتداخلة من حيث الحصار على بعضهم، والتي كانت سابقا صراع على مناطق النفوذ بين الشركات الرأسمالية العالمية قامت بها الدول الكبرى نيابة عنهم، هي الأن صراع بين التوسع الرأسمالي الذي أصبح يستند على التطور الحضاري، بغياب فاضح لمستويات المعيشة في العالم، ووجود التناقضات بينها وبين القوى المعارضة لها، إلى جانب الخلافات على دروب التطور بين الدول الكبرى الراعية للشركات الرأسمالية العالمية. فحلقات الحصار المتداخلة في بعده العام، تنمي التطور من جهة، خلال دعم القوى الحاضنة لها بقدر ما تعيقها من جهة أخرى، عند مواجهة هيمنة القوى الدينية المتطرفة والمذهبية المتنافسة، والسلطات الشمولية الداعمة للثقافة القومية العنصرية، وعليه فمن حيث البعد العام وعلى سوية القوى الكبرى، وملاحظة حجم وضخامة الشركات الرأسمالية العالمية، لا يمكن القول أن الدول الكبرى تحاصر بعضها اقتصاديا، فالكل يتأثر، حتى ولو كانت هناك اختلافات في الحجم، وعمق التأثيرات، لكن وعلى البنية العامة، الإنسانية بكليتها تتأثر، وتخلف تلكؤاً في التطور الحضاري والتنمية البشرية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
11-29-2015



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يقظة شنكال هدمت لإيران أحلاماً
- كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الأخير
- كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الثالث
- كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الثاني
- كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الأول
- من سينقذ غربي كردستان - الجزء الثاني
- من سينقذ غربي كردستان - الجزء الأول
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء الخامس عشر
- آفة الصحراء والبداوة
- دم السوريين أرخص من البنزين
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأخير
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء السادس
- استراتيجية الإنترنيت الأمريكية
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الخامس
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الرابع
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الثالث
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الثاني
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأول
- الخلاف والاختلاف في الحركة الكردستانية - الجزء الأخير
- الخلاف والاختلاف في الحركة الكردستانية - الجزء الثاني


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمود عباس - من يحاصر من