أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - أصل الحدوته














المزيد.....

أصل الحدوته


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 18:35
المحور: المجتمع المدني
    


لنعُد إلى أصل الحكاية. كان هناك كوكبٌ. وحدث أن وُجِد رجلان اثنان على هذا الكوكب. فكان من الطبيعي أن يتقاسم الرجلان كل خيرات الكوكب بالتساوي، دون أن يجور واحدٌ على حق أخيه. أما إن تغلّب الأقوى منهما على الضعيف وانتزع حقه في الهواء والماء والثمر، نكون أمام ظاهرة حيوانية همجية لا إنسانية تعتمد مبدأ: “البقاء للأقوى". فإن وُجِد رجلٌ وامرأة على هذا الكوكب. يجب أن تتساوى حقوقهما وواجباتهما دون تمييز في الحقوق مع احترام الاختلاف النوعي بين الطرفين. فإن كان على ذاك الكوكب بشريان أحدهما صحيحُ البدن مفتول العضلات، والآخر سقيمٌ كسيح، أو أعمى، أو أصمّ، هنا نقف أمام مبدأين علينا الاختيار بينهما: 1- العدلُ الأعمى والمساواة بليدة القلب، وتقضي بأن يتساوى الاثنان في الحقوق والواجبات، دون النظر إلى قوة الأول وضعف الثاني. 2- العدل الواعي والمساواة المثقفة، وتقضي بأن يحتوى القويُّ السقيمَ ويحميه من جبروت الطبيعة وشراسة الضواري، دون أن يجور على حقه في الثمر وطيبات الأرض. فإن حدث وكان أحدهما أخضرَ اللون، وكان الثاني أزرق البشرة. هل يجور لون الإنسان على حقوقه أو واجباته؟ مبدأ الحق والخير والجمال يقول: "لا دخل للون المواطن في حقوقه وواجباته." فإن حدث أن اختار أحدهما أن يقدّس الشمسَ، وأختار زميله أن يقدّس القمرَ، فهل يقتتلان من أجل هذا؟ هل يطمع أحدهما في أن يقتص من حقوق أخيه لاختلاف الفكرة والرؤية؟ أم يخلو كلٌّ إلى قدسه في خلوته، ثم يخرج إلى صاحبه يصافحه ويتشارك معه الحياة في سلام وتوادّ؟
فإن حدث وظهر فوق هذا الكوكب رجلٌ ثالث، جاء ليتشارك مع صاحبينا السابقين حياتهما. في البدء كان الرجل الثالث لطيفًا مسالمًا، وقد اتفق الرجلان الأولان أن يُعاد تقسيم الأرض والثمر والطيبات على ثلاثة أنفس بدلا من اثنين، وفق مبدأ العدل الجميل الذي أقرّاه منذ البدء. ومرّت الأيام في هدوء إلى أن قرر هذا الثالث أن يزرع بين الصديقين فتنة، ليستلب منهما الكوكب، فراح يوغر صدر واحد منهما على الآخر، ويوهمه أن له حقوقًا تفوق حقوق صاحبه، ماذا يحدث آنذاك؟ إن استسلما له حدث الاقتتال واختل التوازن وخسر الجميعُ إلا صاحب الفتنة الشرير. أما لو احتكم كلاهما لصوت العقل والضمير والفطرة السوية، فإنهما سوف يتحدان معًا ضد هذا الثالث الشرير.
ويحدث أن يأتي للكوكب شخصٌ رابع ينادي بكل ما سبق من مبادئ الجمال والعدالة والخير والمساواة. ويحدث أن يحبّه كثيرٌ من الناس لأنه ينادي بطبائع الأمور الأولى البديهية، ويكرّس في الأرض الفطرةَ الإنسانية السليمة. ويحدث أن يمقته بعض الناس لأن لهم مآربَ ومصالحَ في إشعال الفتن بين الناس لأغراض في نفوسهم.
في المجتمعات المثقفة المتحضرة، يُحمل على الأعناق ذلك الرابعُ المنادي بمبادئ الإنسانية والحق والخير والجمال، ويوضع الشرير رقم 3 وراء القضبان حتى تتطهر روحه من دنايا العنصرية والطائفية والعرقية. بينما في المجتمعات الظلامية الرجعية، يُحمل الثالث الشرير فوق الأعناق، ويحارَب ويُقتل الرابع المسكين الذي راح ينادي بمبادئ الإنسانية والمساواة والحق والخير والجمال.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر زعلانة منك
- شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
- مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود
- المال مقابل الكرسي
- جمال الغيطاني... خذلتني
- قانون مكافحة التجهيل العمدي
- هكذا الحُسنُ قد أمر
- ما العلمانية؟
- سجينة طهران
- السلطان قابوس والاستنارة
- حزب النور سنة 1919
- السيف والرمح والقرطاس والقلم


المزيد.....




- عاجل | حماس: قطاع غزة دخل فعليا مرحلة المجاعة في واحدة من أس ...
- عضوان بالكونغرس يهددان الأمم المتحدة بعقوبات بحال التحقيق ضد ...
- مقتل صحفي مع أسرته بقصف على خانيونس استمرار لنهج إسرائيل في ...
- يونيسف: استشهاد ما لا يقل عن 322 قاصرا في غزة منذ استئناف ال ...
- الاحتلال يفرج عن مصطفى شتا بعد اعتقال إداري دام عاماً ونصف ف ...
- 17 شهيدا بغزة والقطاع يدخل مرحلة المجاعة مع إغلاق المخابز
- إسبانيا.. عمليات تفتيش واعتقال ضد متهمين على صلة بحزب الله
- اليمن مفخرة حقوق الإنسان (2من3)
- قوانين جديدة تخص طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم
- الأونروا: تعمد إضرام النار بمقرنا في القدس تحريض مستمر


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - أصل الحدوته