الرفاق الأعزاء،
حين حمل إلينا رفاقنا
الدعوة للمشاركة في جمعية عمومية طلابية، انتابنا شعور مزدوج بالدهشة والسرور في
آن. ولكن ما أن قرأنا مضمون هذه الدعوة وجدول أعمالها حتى زال سرورنا، وحل إلى جانب
الدهشة شعور بالأسف العميق إزاء الوضع الذي وصلنا إليه.
أما سبب سرورنا ولو
للحظة واحدة، فسببه أنا توهمنا أن التعقل قد عاد إلى بعض الرؤوس الحامية، وأننا
دعينا إلى المشاركة في حياة الحزب التنظيمية. فنحن خلافا لما قد يعتقد البعض منكم،
وخصوصا من الرفاق الجدد ممن لم يتعرفوا إلينا إلا من خلال ما يروجه بعض الرفاق من
أفكار مسبقة ومعلومات خاطئة عنا، فنحن قد سعينا خلال الأشهر السابقة للمشاركة في
حياة الحزب الداخلية دون جدوى، بقرار مسبق يتحمل مسؤوليته رفاق يتوزعون بين منطقية
بيروت وقيادة اتحاد الشباب الديمقراطي وقيادة القطاع، وربما هيئات أخرى أيضا. لقد
سعينا أيها الرفاق للمشاركة في المخيم المركزي خلال الصيف، فوضعت في وجهنا
العراقيل؛ وتمت الدعوة للسيمنار المركزي للطلاب والشباب، فلم توجه إلينا الدعوة؛
وربما عقدت جمعيات عمومية أو اجتماعات أخرى، دون أن توجه الدعوة إلينا أصلا. لذلك،
فقد فاجأنا أن توجه إلينا الدعوة فجأة بعد طول انقطاع، إلى أن قرأنا جدول الأعمال،
فعرفنا السبب ألا وهو أن الرفاق يريدون تنفيذ قرار مسبق قد اتخذ بفصلنا من الحزب،
وان دعوتنا ضرورية من ناحية الشكل فقط من اجل تلافي فسخ القرار من قبل لجنة الرقابة
المركزية، كما حصل في حالة مشابهة من قبل. وكأن الموضوع شكلي لا اكثر.
والحقيقة
أيها الرفاق، فان صدور مثل هذا السلوك عن منطقية بيروت لا يفاجئنا، وهي قد قامت في
الأسابيع الأخيرة بعدد من الخطوات غير الشرعية كلها، فدعت لاجتماعات فروع استنسبت
دعوة بعض الرفاق واستثنت آخرين، وعينت عن طريق الانتخاب بمن حضر هيئات جديدة، وهي
تتابع اليوم في قطاع الطلاب ما قامت به في الفروع. وكل ما قامت به في السابق غير
شرعي، وكذلك ما تقوم به الآن. وهذا ما يدفعنا للأسف والأسى على ما وصل إليه الحزب
في بيروت وفي جامعاتها خصوصا من تهميش وإلغاء، بفضل جهود هذه القيادة التي نجحت في
تغييب الحزب حيث لم ينجح خصوم الحزب في ذلك.
والعجيب أن هذه القيادة لا يرف لها
جفن، أو لا يتبادر إلى ذهنها أدنى شك في كونها على حق مطلق، ولو خالفت في ذلك كل
رأي آخر. ولا مانع عندها من قذف من يخالفها من الرفاق خصوصا بابشع الصفات والنعوت،
وحشو الرفاق المتأثرين بها والذين لا يزالون يؤمنون بشرعيتها، بالأخبار المختلقة عن
نشاط رفاقهم، إلى حد الكراهية أحيانا، وذلك بهدف تعطيل أي حوار وتفاعل بين الرفاق
أنفسهم لان من شأن ذلك أن يهدد نفوذهم المبني فقط على سلطة التنظيم وعلى إطلاق
الإشاعات والتهم، ومنع الرفاق من التواصل.
لهذه الأسباب أيها الرفاق آثرنا أن
نشارك في هذا الاجتماع لتتاح لنا فرصة نادرة للتحدث إليكم، وعرض وجهة نظرنا مباشرة،
ولنوضح لكم بالملموس أين تخالف هذه القيادة مقررات مؤتمرات الحزب، ونظامه الداخلي،
والأصول الديمقراطية، وقرارات الهيئات، وتحاول إلصاق كل هذه الممارسات بمن يخالفها
الرأي. فتعالوا نفكر معا.
أولا: لقد تحول مهرجان الاستقلال في معهد
الفنون الفرع الثاني إلى حدث سياسي هام احتل الصفحات الأولى في وسائل الإعلام
المرئية والمسموعة والمكتوبة، ولم تستطع حتى قيادة الحزب تجاهل ذلك. ولكن الموقف
الصادر عن الحزب كان الأكثر غرابة بين كل المواقف، خصوصا وان جميع القوى عدلت
واقعيا من مواقفها في اليوم الثاني بعد حادثة اليسوعية، بما فيهم وزارة الداخلية
نفسها، الا قيادة قطاع الطلاب في الحزب، الذي تم استصدار موقف باسمها دون رأي
الطلاب بالتأكيد، ودون اجتماع هيئة مكتب الطلاب حيث انفرد هذا البيان بكيل
الاتهامات بالطائفية والعنصرية والالتحاق السياسي بشعارات مرفوضة، والتأكيد على
التبرأ من المشاركة في هذا التحرك المدان. وهو موقف لم تتخذه حتى حركة أمل، أو
الحزب القومي، أو حزب الله، ولا حتما حركة الشعب الذي افتتح ممثلها اعتصام الجامعة
الأميركية. وقد جاء في بيان الحزب حرفيا ما يلي:
أكد الحزب "عدم مشاركته القوى
القيمة على هذا التحرك تشويه معنى الاستقلال وحصر مفهومه سواء تحت سقف مشاركتها
السياسية ومحاصصتها الطائفية والمذهبية من خلال هذا التجمع المناطقي الحاصل للقوى
المشاركة في هذا التحرك، أو في استبدال واقع الالتحاق الراهن بالتحاق من نوع آخر من
خلال ما أوحت به الشعارات العدائية والعنصرية التي أطلقت خلال هذا التحرك التي لا
تخدم المصلحة الوطنية العليا للبنان".
ولكن بيان الحزب هو وحده الذي
انفرد بهذه الرؤية التي تنم عن موقف مسبق منطلق من الغضب من نشاط طلاب شيوعيين.
فحقيقة ما حصل هي غير ذلك تماما، والصحف كلها أدركت هذا الموقف والسلوك السياسي
العملي الجديد الذي نجحنا في إقناع الآخرين بجدواه بفضل مثابرتنا منذ اكثر من سنتين
على العمل بمصداقية في الوسط الطلابي. فما حصل أيها الرفاق هو انه لم يكن هناك
شعارات عنصرية، بل على العكس من ذلك، فقد تفاوضنا مع منظمي الاحتفال واشترطنا
لمشاركتنا أن لا تكون هناك شعارات وهتافات عنصرية الطابع، وقد حصل تجاوب مع طلبنا
هذا بحكم التفاعل الصريح والإيجابي مع منظمي الاحتفال، لا بل إن المتحدثين من
التيار العوني والكتلة الوطنية، هم الذين عدلوا من خطابهم ووجهوا تحية للانتفاضة
الفلسطينية. إن كلمات الجميع منشورة في الصحف، وكذلك كلمتنا، وقد لفت انتباه الصحف
الدور الذي لعبته مشاركة قوى يسارية في تعديل الخطاب المتطرف، وهو أمر مرحب به،
وبدل أن ترى قيادة القطاع في ذلك نجاحا لدورنا، نسمع عن إشاعات في الحزب تقول أننا
لا نريد أن يخطب رفاقنا تحت صور بشير الجميل وشارون؟ فهل من أكاذيب اكثر تفاهة من
هذا ؟ وهل يمكن بهذه السهولة نسف تجربة نضالية للكثيرين من رفاقنا الذين قاتلوا
أيام 6 شباط، وقاوموا الاحتلال الإسرائيلي؟
ثانيا: لا يتورع بيان قطاع
الطلاب وقبله تصريح أحد أعضاء المكتب السياسي لشبكة أن بي أن، عن اتهام الرفاق
المشاركين بالتحرك بالطائفية أو بتغطية نشاط طائفي. وحقيقة الأمر أن في ذلك
ديماغوجية فاضحة، خصوصا بعد تحركات اليوم الثاني التي تمت في معهد الفنون الفرع
الأول(المجلس الوحيد الذي نرأسه ولم تعترف قيادة طلاب بيروت بذلك) وفي الجامعة
الأميركية والبلمند، حيث كان لمبادرتنا دور حاسم في هذه التحركات. وقد تمت كلها تحت
عنوان كسر هذا الانقسام الطائفي بين شرقية وغربية، حيث تمتنع قوى "الغربية" عن
التضامن مع أي مطلب محق في "الشرقية" بذريعة الطائفية، أو التطرف، الخ. يبدو أن
الحرب لم يتنه بالنسبة إلى بعض الأحزاب، وبالنسبة إلى بعض قيادة الحزب أيضا للأسف.
فما قمنا به هو محاولة جادة للعمل على اختراق الوعي الطائفي السائد، ولا يكون ذلك
إلا بالاقتناع بان الحرب انتهت وبان السلم الأهلي يبنى من خلال الحوار ومشاركة كل
الأطراف والقوى ومن خلال الاعتراف بالآخر وبرأيه وبحرية تفكيره. والنشاط الذي قام
في الأميركية والفنون-الفرع الأول- نجح في إحداث ثغرة في المنطق الطائفي وفي
الانقسام الطائفي داخل الجامعة، وهو أمر نستحق الثناء عليه، وهو أيضا ما تنبهت له
الصحف ووسائل الإعلام. ولكن لقيادة الطلاب في الحزب الشيوعي رأي آخر، اعتقد انه آن
الأوان لنصفه بما هو حقيقة، وهو انه موقف من سبقه التاريخ ولم يقتنع بعد أن الحرب
انتهت وان المحاور ولت الى غير رجعة، وهو في حقيقته أيضا موقف طائفي بامتياز، لان
قيادة القطاع تخول نفسها الوقوف موقفا يرفض التضامن عمليا مع مطلب حق (ضد دخول قوى
الأمن إلى الحرم الجامعي اليسوعي) فقط لأنه يطال جامعة "مسيحية" ولأنه وقع في
المنطقة "الشرقية" ولان الحشد الطلابي المعترض عليه ذو أغلبية مسيحية. فما هو هذا
الموقف: هل هو موفق علماني من قبل قيادة القطاع الطلابي الرسمية في الحزب الشيوعي؟
أم انه موقف طائفي حتى العظم؟ وهل يعتقد مصدرو هذه البيانات باسم الشيوعيين أن
الناس أغبياء وانهم يصدقون أن نشاطنا نحن في قواعد الحزب طائفي، وان مواقفهم
علمانية نقية طاهرة؟
على حزبنا ان يتصالح مع القضية الوطنية بعدما مارس لسنوات
سياسة القوى الانعزالية وقد اسس للنظرية القائلة بأن كل مسلم وطني وكل مسيحي عميل
فانتقل من المشروع الوطني الى مشروع في المناطق الاسلامية (وطنية) ومن اللحظة التي
نرتضي فيها التحول إلى لاعب طائفي نفقد مبرر وجودنا السياسي
والبرنامجي.
ثالثا: تعالوا أيها الرفاق نقرأ في نص الدعوة قليلا. فما
هو معنى الإشارة إلى أن الدعوة تمت على أساس لوائح الطلاب في فرع بيروت. ما المقصود
بذلك؟ انه استباق للاستنساب في اختيار المدعويين للاجتماع، وفي اختيار من يقترح
اتخاذ تدابير ضدهم، وهم خمسة فقط من طلاب شيوعيون. ولماذا لا يكونون سبعة، أو عشرة،
أو عشرين، أو لما لا يصدر قرار واحد بحق كل الذين يعملون تحت اسم طلاب شيوعيون.
ومسبقا نقول إن الجواب المتوقع بان الأمر يقتصر على فرع الطلاب في منطقية بيروت غير
صحيح، وثمة رفاق آخرون في بيروت، ومن بيروت، لم تشملهم الدعوة للحضور أو للفصل.
وهذا أيضا مخالف للنظام الداخلي طبعا. ولعلم قيادة المنطقية، فان الجمعية العمومية
للطلاب في بيروت يجب أن تشمل جميع الطلاب المسجلين في جامعات ومدارس بيروت، حتى ولو
لم يشاركوا في مؤتمر الطلاب، حيث أن ازدواجية التنظيم هي مبدأ أساسي في العمل
الحزبي، وان الاختيار المفروض أثناء المؤتمر هو لتلافي حصول رفيق معين على صوتين
فقط، ولحصر عدد المشاركين في المؤتمر، وليس للحؤول دون مشاركة رفاق طلاب في نشاط
طلابي وإبداء الرأي في قضاياهم. وهذه قضايا تتجاوز فهم المنطقية على الأرجح، التي
تريد من إشارتها إلى اللوائح أن تتحكم بالمشاركين، وتضمن نتائج التصويت مسبقا كما
فعلت خلال المؤتمر الثامن ومؤتمر الطلاب ومؤتمر المنطقية (عاشت الديمقراطية!!) وهذا
الأسلوب عوّدتنا المنطقية عليها إذ نشط لديها في السابق"خبراء في الـPointage).
وغني عن البيان أن مشكلة الطلاب مع قيادة القطاع قديمة جدا، وللتذكير فقط، فان
مؤتمر القطاع قد الحق ببيروت خلافا للمنطق حيث أن المنظمة الحزبية التي كانت ناشطة
كانت منظمة الطلاب الشيوعيين في الجامعات في بيروت، وكانت تضم على الأقل الطلاب
الموزعين في الفروع الأولى والثانية، ونطاقها الجغرافي بيروت والضاحية والجبل
الشمالي. وقد ألحقت ببيروت لاعتبارات انتخابية حزبية لا غير. كما أن منطقية بيروت
مارست كل أنواع الضغوط والتحكم في إصدار البطاقات، ومنعت مشاركة حوالي عشرين رفيق
جامعي في المؤتمر، في حين أنها استصدرت بطاقات غير نظامية في اللحظة الأخيرة بناء
على الطلب لا بل أجازت مشاركة رفاق غير طلاب، نعرفهم جميعا، في المؤتمر، فيما منع
الطلاب من المشاركة لأسباب شكلية مفتعلة. مع ذلك، فان قيادة المنطقية لم تعترف
عمليا بهذه الهيئة نفسها، وجعلت مركز القيادة الحقيقي في المجموعة المهيمنة على
اتحاد الشباب الديمقراطي، وعندما نشأت بعض التباينات تم تشكيل قيادة قطاع طلابي
مركزي بشكل غير ديمقراطي أيضا، الخ.. وحقيقة الأمر، إن قيادة المنطقية، ومعها قيادة
القطاع، كانت تنقل مركز القرار والمبادرة من هيئة إلى أخرى دون تبرير إلا قدرتها
على استصدار القرارات المناسبة من الهيئة المعنية، وهذا ما يحصل الآن في اجتماع فرع
الطلاب في بيروت، وهي هيئة غير ذات صلاحية فعلية في معالجة موضوع طلاب شيوعيون،
ولكن الهدف هو تحويلها وتحويلكم إلى شهود زور في المصادقة على قرارات متخذة
مسبقا.
رابعا: ليست هي المرة الأولى إلى نواجه فيها احتمال الفصل
والتدابير التنظيمية. فالرؤوس الحامية في القطاع وفي اتحاد الشباب اقترحت هذه
التدابير مرات عدة في السابق. على سبيل المثال عندما لم "ننصاع" للأمر العسكري الذي
أعطاه قائد النضال الطلابي (وهو غير طالب) أمام حاجز قوى الأمن أمام السفارة
الأميركية في عوكر والذي طلب منا العودة إلى الوراء، فيما فضلنا نحن الاستمرار
والمواجهة مع قوى الأمن. وسمعنا نغمة الفصل والتجميد نفسها يوم تظاهرنا ضد شبكة
السي ان ان؛ ثم يوم بادرنا إلى تنظيم تحرك مستقل تضامني مع الانتفاضة بشعارات غير
دينية وغير طائفية في الوقت الذي كانت القيادة الرسمية تشارك في تحرك مع أحزاب
طائفية ودينية واحزاب السلطة في تحرك مشابه. وسمعنا النغمة نفسها يوم شاركنا
بفعالية في مخيم بعقلين الحواري... الخ. وها نحن نسمع النغمة نفسها الآن، ولعلمكم
أيها الرفاق أنها لا تطالنا نحن وحدنا، ذلك أن بعض أصحاب الرؤوس الحامية يقترحون
الآن حل محافظة الشمال، ومحافظة الجبل الجنوبي، ومنطقية الضاحية الجنوبية... والحبل
على الجرار، لتضاف هذه المآثر إلى مآثرهم السابقة التي حققت نجاحا باهرا يوم تجميد
عضوية المهندسين، ويوم حلت هيئة محافظة الجبل الشمالي السابقة ومحافظة الشمال
السابقة أيضا، وأصحاب هذه المآثر هم أنفسهم في كل مرة. وهنا لا بد من الإشارة إلى
أن هذه النغمة لم تطال طلاب شيوعيون فقط ولكن أيضا رفاق لنا معارضون لسياسة
المنطقية ويعملون في أطر مختلفة من نواد ثقافية وأطر سياسية ويحاولون مثلنا البحث
عن دور حقيقي للحزب ومثلنا يقبلون بفكرة حزب قوامه التعددية والتنوع في
الآراء.
خامسا: منذ أسابيع قليلة كانت هناك دعوة مشابهة لاتخاذ تدابير
تنظيمية بحق الرفاق المتمردين والمخالفين أثناء السيمنار المركزي الذي انعقد في
بيروت بتاريخ 21 تشرين الأول 2001 فقد جاء في الدعوة الموجهة للمشاركة في هذا
السيمنار ما يلي:
إن إعادة بناء قطاع الشباب والطلاب وتفعيل دوره يقتضي راهناً
من الحزب جرأة في القرار السياسي وفي اتخاذ تدابير تنظيمية بحق العناصر المتفلتة من
كل قواعد العمل الحزبي – التنظيمي، الذين يضعون أمامهم هدف التشويه على مسيرة الحزب
والتخريب عليه وعرقلة تنفيذ مهامه.
إن هذه القرارات تعيد للحزب ولقطاع الشباب
الحياة والحيوية والفاعلية والدور المطلوب.
وبالطبع لم ندع إلى هذا السمينار،
ولكن من دعي وشارك فيه رفض اتخاذ أي تدابير، وسقط الاقتراح، لا بل تعرضت ورقة العمل
لانتقادات شاملة وحادة، ولم تقبل بمجملها. وبالتالي، فان الاجتماع الحالي، ومحاولة
استصدار قرار عن فرع طلاب بيروت هو التفاف على قرار السيمنار المركزي، وهو هيئة
أعلى من فرع الطلاب في بيروت، وما تقوم به المنطقية مخالف لتوجه السيمنار الذي
نظمته القيادة الرسمية للحزب والذي من المفترض أن تلتزم به عموم الهيئات، أولى
بهيئاته ان تلتزم به. وفي كل حال، فان حل المشكلة يتم من خلال حوار يشارك فيه
الرفاق جميعا وليس من خلال اتخاذ قرارات تنظيمية عن طريق والترهيب والترغيب
والتحايل على النظام الداخلي وانتهاك الديمقراطية.
أيها الرفاق،
إن المشكلة في قيادة قطاع الطلاب و الشباب قديمة، وهي لعلمكم سابقة على
الاستقطابات الأخيرة في الحزب، وان كانت مرتبطة بها، وهي اليوم مرتبطة بها عضويا
بالتأكيد. وتتلخص المشكلة في وجود قيادة رسمية للقطاع مجزأة ومهمشة، ومشكّلة بغير
الطرق الديمقراطية. وفي كون الممسكين فعليا بالقرار غير مؤهلين للعب دور قيادي على
صعيد الحركة الطلابية وفي كونهم مرفوضين ومعظمهم سقط في الانتخابات الطلاببية
الحزبية على مدى سنوات. ولكن قيادة الحزب المركزية، ومن خلال منطقية بيروت طورا،
ومن خلال اتحاد الشباب الديمقراطي طورا آخر، أرادوا تكريس وتنصيب هؤلاء الرفاق
أنفسهم بعد فشلهم قيادة أبدية للطلاب والشباب، رغم انهم مسؤولون عن عزلة الحزب
واتحاد الشباب عن العمل الشبابي، ورغم انهم مسؤولون عن التهميش وانعدام المصداقية.
فهل نلام لأننا نرفض أن نسلم قيادة العمل الحزبي إلى مجموعة متسلطة على اتحاد
الشباب الديمقراطي تعطل سنويا انعقاد مؤتمر حقيقي للاتحاد، وتزور كل سنة أوراق
العضوية والانتخاب وترسلها إلى وزارة الداخلية ليبقى بعض الأشخاص مسؤولين بالتزوير
عن الاتحاد، ثم يريدون الاستناد إلى قرارات وتوصيات سابقة للعمل باسم الاتحاد في
الجامعات لكي يقولوا انهم هم أصحاب القرار لأنهم هم أصحاب الاتحاد، ثم يشترطون على
القوى السياسية أن يطردوا ممثلي طلاب شيوعيون من اجتماعات المنظمات الشبابية لكي
يشاركوا هم في أي نشاط مشترك، وما يزيد في الطين بلة انهم يرفعون تقارير كاذبة إلى
قيادة الحزب يزعمون فيها إن الأحزاب الأخرى لا توجه دعوة إلى الحزب للمشاركة في
الأنشطة المشتركة، في حين انهم هم الذين يقولون انهم يمثلون الحزب والاتحاد،
ويربطون مشاركتهم في بعض الأنشطة بمشاركة الأحباش والجماعة الإسلامية؟
بالطبع
لا يمكننا ذلك على الإطلاق، خصوصا أن هذه المجموعة حولت الاتحاد إلى إطار تنظيمي
مغلق لا ينتسب إليه إلا مؤيدو الخط الأصولي المؤيد لطروحات أشخاص معينين في قيادة
الحزب، ويمنعون الانتساب على الآخرين في منظمة يفترض أن تكون ديمقراطية كما يقول
اسمها. لقد حول هؤلاء الرفاق الاتحاد والمنظمة الطلابية إلى ساحات لاقتتال تنظيمي
حزبي داخلي مستغلين بذلك مواقع شرعية تسلطوا عليها بشكل غير ديمقراطي وغير شرعي.
إن كل هذا السلوك، بما في ذلك سلوك المنطقية، قد فقد كل مقومات شرعيته. وكل ما
يصدر عنها من قرارات بات غير شرعي لخروجه على توجهات مؤتمرات الحزب التي أكدت هوية
الحزب المستقلة والتغييرية واليسارية والثورية والمعارضة، ولمخالفته للديمقراطية
واصول العمل التنظيمي والنظام الداخلي.
أيها الرفاق،
إن الالتزام
التنظيمي الحقيقي هو التقيد بالوجهة السياسية العامة للحزب والتي عبر عنها الأمين
العام في تقريره السياسي الموافق عليه من قبل المجلس الوطني في ما جاء التقرير
السياسي الأخير للمكتب السياسي ليخرق التنظيم عبر تناقضه الجوهري مع تحليل الامين
العام بمحاولة واضحة لجر الحزب الى مغازلة العهد والسوريين تحت شعار الصفاء
اللاطائفي (وليس العلماني!). (راجع: المؤتمر الوطني للإنقاذ).
إننا غير معنيين
بهذه القرارات الإدارية وسنبقى في حال فصلنا أو عده على اتصال مع جميع الشيوعيين
وأصدقائهم، فقد فصل الرفيق القائد فرج الله الحلو 18 عاماً من الحزب ثم عاد التاريخ
وأنصفه ولو بعد حين.
جل ما نريده هو المحافظة على مسيرة الحزب، وإضافة نقاط
مشرقة إلى تاريخه النضالي الطويل.فلا حزب يساري علماني شيوعي يعيش على خطاب التغني
بالأمجاد في ما هو يضطهد صانعيها الحقيقيين ويعجز عن مواكبة المجتمع الحديث
وتطوراته ويتقوقع في زاوية الماضي اسير فكر وممارسة سلفية متخلفة.
حان
الوقت أيها الرفاق لكي ندخل حاضرنا ومستقبلنا بعد سنوات من التخاذل،ولا سبيل لنا
إلى ذلك إلا بالتمرد على كل عقل رجعي بيروقراطي لننطلق نحو المستقبل بعزم
وحماس.
أيها الرفاق،
إن حزبنا يفقد مبررات وجوده إذ لم يعد قادراً
على الاستجابة لاحتياجات الناس وتلبية مصالحها الوطنية والسياسية
والاجتماعية.
إن مثل هذا السلوك الصادر عن قيادات تتصرف على أساس الحقد الشخصي
والانتقام وتزوير الحقائق، لا يليق على الإطلاق بحزبنا العريق وتاريخه النضالي
وتضحيات شهدائه واسراه، ولا بدوره الحالي والمستقبلي. وان أقل ما ينبغي أن تقوم به
هذه القيادات، هو الاعتذار للشيوعيين عن الضرر الذي ألحقته بحزبهم والتشويه الذي
ألحقته بصورته، وان ترحل بصمت، لتترك الحزب ينطلق نحو بناء مستقبل افضل
لبلدنا.