|
مباهج الحكي التراثي ودراما اللاشكل - مسرح عز الدين المدني -
أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 4998 - 2015 / 11 / 27 - 16:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مباهج الحكي التراثي (1) في دراما اللاشكل الأفريقية المعاصرة - دراسة سيميولوجية في فنون مسرحانية- أ. د أبو الحسن سلام مقدمة البحث وأهميته: يدور هذا البحث حول دور السرد في التخييل والإيهام وقدرته على توليد طاقة الحكي في الفنون التراثية والفنون الأدائية الحداثية . وقد التفت إلى الحكاية الأسطورة والخرافية في تراثنا في اشتباكه مع ملامح الثقافة الإفريقية في تجربة كتابات شمال الغرب الافريقي وفنون مسرحتها برؤية حداثية ؛ محللا بنية الحكي بين في الحكاية الخرافية والأسطورة الأصلية والمعالجة المسرحية الحداثية لها ؛ ليكشف عن بهجة الحكي التراثي الأسطوري بالسرد الوصفي القولي ، وبهجة الحكي الحداثي بالسرد التمثيلي السينوجرافي ، وبهجة الحكي الاسنادي في الدراما اللاشكلية. إشكالية البحث: تضارب الحديث بين المتخصصين حول مفهوم السرد ووظائفه وحدوده – كتابة وحكيا - فتوسع المفهوم عند البعض فشمل فنون الأداء زمانيا ومكانيا ، بينما قصر بعضهم المفهوم على فنون الأدب دون بقية الفنون ؛ مع أن السرد قد طال فنون الأداء حكيا تمثيليا ، وطال فنون التشكيل ؛ خاصة في فنون العرض المسرحي السينوجرافي .
• السرد لغة: يقال فلان "يسرد الحديث؛ إذا تابعه وتابع كلماته دون وقوف" • السرد اصطلاحا: هو لغة اتصال تعبيري تربط الماضي بالحاضر ، وتربط الحاضر بتطلعاته المستقبلية المأمولة ؛ عن طريق الكلام أو عن طريق التشكيل التصويري المرئي أو عن طريق التعبير الحركي غير الكلامي ارتجالا صامتا أو رقصا ، سواء أقام علي تعبير فردي أم علي تعبير جماعي . وهو تعبير اتصالي في فنون المسرح وفنون السينما وفنون الإذاعة المسموعة والمرئية، فضلا على الفنون التشكيلية.
وظائف السرد : للسرد وظائف متعددة في فنون الحكي فعن طريق السرد الحكاء * الدخول إلي عقول الشخصيات وكشف المصادر السرية للأفعال . • يمكن المؤدي من أن يوجز أو يسهب ، كما تتطلب الأجزاء المختلفة في قصته أو في ثنايا الحدث المسرحي . • يستطيع كشف الجوانب غير المعروفة عند أية شخصية من الشخصيات ، والتعليق علي الفعل . • علي أن السرد ذاته يمكن أن يغدو مملا ؛ ولذا وضع كل الكتاب المجيدين أكبر قدر ممكن من التعبير الدرامي ، فيما يعرف بالمشهد ، بدلا من الخلاصة السردية أو الوصف . فضلا على ذلك .. • يعمل الحكي علي تصوير جو أعظم من الحقيقة في كشف الشخصيات علي نحو أكثر حميمية ؛ مما في النص التخييلي الروائي أو المسرحي المعتمد علي طاقة الحكي عند المؤلف ، شريطة الحرص علي إدراك أن مالا تستطيع الشخصية قوله لا يستطيع المؤلف أن يخبر عنه بطريق السرد. • من بداهة القول إن الصيغ السردية مغايرة لصيغ التعبير الحواري الحاضر في الفعل ، المخلوق لحظة تجسيده التي تكشف عن هويته النوعية؛ فالرسائل الاتصالية والحواريات الأحادية ( المونولوج والمناجاة والجانبية) المنطوقة يستخدم لها المؤلف صيغة الحاضر، أما السرد فهو بصيغة الماضي وبصيغة المستقبل ، حتى وإن قيلت في حدث آني حاضر. خاصية الحوار وخاصية السرد: • السرد محدود بحدود مسيرة الحدث الدرامي سواء اتخذه المؤلف قناعا يستر خلفه فكرة أو رأيا ، أو حمل علي لسان إحدى الشخصيات الرئيسية أو الثانوية أو حمل علي اللسان الموحد للجوقة أو علي لسان الراوي. • الراوي هو تلك الشخصية التي هي بمثابة المعادل الدرامي لشخصية الحاكم المطلق في المجتمعات المتخلفة ، فكلاهما يمسك مصائر الناس بين أصابعه الحاكم المطلق يتسلط علي شعبه والراوي يده مطلقه علي رقاب الشخصيات الدرامية والروائية يحيي هذه ويميت تلك ، يعطي من يشاء كما يشاء ويمنع ما شاء عمن يشاء . وهي خاصية اختصت بها شخصية الراوي وفي المجتمعات الأفريقية وفي المجتمعات الشرقية والعربية ، علي النقيض من الدور الجماعي الذي تلعبه الجوقة في الدراما الغربية ، تبعا لاختلاف الثقافة الغربية الديمقراطية التي تضع تقرير المصير العام أمرا منوطا بالتوافق الجماعي ، عن الثقافة الشرقية والعربية ذات الطابع الشمولي القبلي والنظم العسكرتارية القائمة علي التراتبية والأبوية البطريركية الهيراركية.
• يقوم الحوار علي لغة التفعيل الحاضر في الحدث الدرامي مستهدفا خلق رد فعل حاضر نام متباين المستويات بين الشخصيات المتقابلة ، بقصد تنمية الحدث الدرامي وتنمية الشخصية. • من خواص الحوار تنمية الصراع والشخصيات ، فضلا عن كشفه عن تفاعلات المكان والزمان والأحداث والشخصيات في علاقاتها وبواعثها المشتبكة. • يقوم السرد علي لغة التظليل بالوصف والتخييلات التي تتناغم مع لغة التفعيل علي النحو الذي يحققه الفنان التشكيلي في لوحاته بتفعيل دور التكوينات المشعة إذ يحيطها بما يظللها من ألوان ذات قتامه وتدرج. كما يقوم علي لغة التذييل ، الذي يحمله السارد الثالث وهو بمثابة مؤلف ضمني أو ناقد ضمني يعلق علي الأحداث نيابة عن المؤلف نفسه حالة غياب السارد الأول ( أنا المؤلف) عن مسيرة الحدث الروائي في الأسطورة أو في الحدوتة أو في الحدث المسرحي ، وأمثلة ذلك متعددة في الأسطورة وفنون الرواية وفنون المسرح . وتبعا لتعدد صفات السارد تتعدد أنواع السرد ومستوياته وتتدرج مابين التلخيص والتشخيص والاسناد والتجسيد والسرد التشخيصي المجزوء ( مجزوء المونولوج) كما تظهر شخصية السارد الضمني الذي يتقنع المؤلف خلفه
• تقنية البناء السردي المتدرج: • تظهر الحاجة إلى البناء السردي متدرج المستويات بالتظليل والتذييل حالة تحول وظيفة (الراوية) إلى قناع للمؤلف، إذ يحمّل شخصية من شخصياته خطابا أو إسقاطا فكريا أو سياسيا. • يتوسل السرد إلى جمااليات تنويع طرق الحكي وهو أمر قصد إليه ألفريد فرج قصدا ، ولأن الحقيقة الفنية تتجاوز الحقيقة التاريخية ، لذلك تتجلى جماليات البناء السردي للخطاب الدرامي في صدق التعبير الايهامي عن إيمان بأن أصدق التعبير أكذبه. • أولا: أسلوب عرض جزئي للتحذير الخاص للزعماء بسرد تخصيص التخصيص . وقد حمله المنادي الأول ليخص به خاصة الزعماء. • ثانيا: أسلوب سردي تعميمي ، لا يختص بخطاب أحد بعينه . • ثالثا: أسلوب سرد تعميم التعميم في الخطاب كأن يشمل تحذير عام للجماعة .
السرد بين الحكي والمحاكاة: الحكي والمحاكاة وجهان لعملة واحدة هي( التعبير ) غير أن فن الحكي أقدم من فن المحاكاة .. إنه اكثر ميلاً للسكون منه إلي الحركة والتحريك ، وذلك لارتباطه بالصوت والكلمات أكثر منه ارتباطاً بالحركة أو بالتعبير الحركي ، وارتباطه بالماضي – ماضي الفعل ومستقبله – علي العكس من المحاكاة التي ترتبط بالفعل الحاضر وحركة رد الفعل الحاضر ، و إن اتخذت من الماضي ما يظلل الفعل الحاضر أو يذيّـله – يعقب عليه – ومن المستقبل ما يمهد للحاضر في تشوقه للمأمول عـز الدين المدني والمسرحة اللاشكلية للتراث تعول كتابات المفكر والمبدع المسرحي التونسي عــز الدين المدني كثيرا على مراجعة التراث، خاصة التراث التديّني؛ لكشف مراوغات المفسرين وترهات تفاسيرهم الإيهامية لذلك يحفل مسرحه بتقنيات مسرحانية لاشكلية في مراجعات تفكيكية لتفسيرات تديّنية يحل فيه صياغتها الهامش محل المتن في أعمال مثل ( خرافات )،( الغفران)، ( كتاب النساء ) وبالكتابة على الكتابة ، ولدور السارد الثالث حالة استحضاره للجاحظ في ( التربيع والتدوير) و لسيرة ابن رشد (شذرات من السيرة الرشدية) وفي ذلك تنجو كتابته المسرحانية إلى جمالية الحكي اللاشكلي . ولما كان السارد الثالث هو المؤلف الضمني الذي يتحمل مشاق رحلة سرد الحكاية سرداً تمثيلياً ، حاملاً بداخله كل شخصيات حكايته ، لذلك فإنه يتحمل عنها ضمنياً مشاق الحكي عن تبعات رحلة كل منها في مسير صراعها إيجابا أو سلبا ، هجوما أو دفاعا . ومثال هذا كثير في الكتابة اللاشكلانية عند (عز الدين المدني) فمن مشاق الحكي في المسرحة اللاشكلية عند عز الدين المدني ؛ حالة الحكي الإسنادي الذي يسلم فيه الحكاء السارد حبل الحكي لشخصية سارد آخر ، تأكيدا على مزاعمه وتثبيتا لما تقدم من حكيه أملا في كسب تأييد سامعه لمزاعمه ؛ ومثل ذلك في نسق التذييل الحواري لجدلية ابن رشد مع يوسف بن تاشفين في المسرحية التنويرية : ( شذرات من السيرة الرشدية) عقب إعلانه لنفسه خليفة على المسلمين في الممالك الأندلسية المتناحرة . وهو تذييل حواري سردي على لسان كبير الحكائين: " شيخ الرواة : عند هذا الحد الذي لا قبله ولا بعده حد ظهور كفر ابن رشد على رؤوس الأشهاد ! أنتم تشهدون على كفره ! فكيف يتجرأ على مخالفة مولانا الخليفة ؟ أليس هذا بكفر صريح ؟ لم تعلمنا تقاليدنا الاسلامية السمحة ذلك بتاتا! فمولانا الخليفة هو الآمر الناهي في كل أمر ، ونحن المطيعون له في كل شئ ! إذا كان ظاهريا استخرجنا له من كتب الحديث الشريف ما يثبت المذهب الظاهري، أما إذا كان مالكيا جمعنا له من كتب الحديث الشريف ما يزكّي مذهب مالك ! ولئن كان على مذهب أبي حنيفة النعمان ؛ فإننا على استعداد دائما لتأكيد مذهبه الحنفي .. عند هذا الحد ، قال له الوزير: الوزير ابن عطية : سبحان الله يا ابن رشد هذا فسق ! ةهذا مروق ! هذا كفر ! اشهدوا أيها الناس على كفره وإلحاده وأقيموا عليه الحد ! شيخ الرواة: أعوذ بالله من هذه المجادلة الكافرة لقد مر النصارى بطراطيرهم ، ومسوحهم السوداء ، وصلبانهم في وجوهنا ونواقيسهم ترن في أسماعنا ! يا جمهور ! أهكذا تكون دولة المسلمين والإسلام ! " في توظيف الحكي لتقنية الإسناد تذييل يعكس موضوع التسلط . ففي الحكي الاسنادي يأتي دور التخلص الدرامي ما بين تقنية الحكي ، وتقنية المحاكاة ، فالحكاء إذ يسلم مسيرة حيكهحول موضوع أو قضية ما لشخصية ثانية ( الوزير) ينتقل الأداء من حالى الجي السردي إلى حالة التجسيد التمثيلي الحامل لشعور المؤدى ( ةممثل دور الوزير ابن عطية) و الاسناد من حيث مضمونه يحمل المسند إليه ( الوزير ابن عطية) المضمون نفسه الذي استعاد فيه شيخ الرواة حديث الوزير ابن عطية المحرض على سفك دم ابن رشد قبل أن يعيد إليه طرف السند الذي ذيّل له في حكيه التحريضي. وتتبدى اللاشكلية في هذا الحكي قبل الاسناد وبعده؛ في تداخل حالة الحكي مع حالة المحاكاة بين أداء شيخ الرواة الحاكي لقول مضى من الوزير وأداء الوزير تفسه لمضمون السند الذي قام عليه تذييل شيخ الرواة . على أن الأثر الدرامي التنويري المباشر فيما بين الحكيي المروي والمحاكاة التشخيصية يكشف عن ظاهرة تبعية رجل الدين في المجتمعات التي تحكم بسلطان فرد متسلط يستظل بشعارات دينية لترسيخ نظام السمع والطاعة ، كذلك الحديث : " إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم" . وهنا تكون طاعة ولى الأمر الذي جاء باختياركم واجبة. فالأثر التنويري في كشف قناع التسلط تحت مبدأ ( السمع والطاعة) باعتباره مظهرا أصيلا من مظاهر التسلط في المجتمعات المتخلفة ، وهو قديم حديث متوالد عبر العصور في الثقافة الرسوبية في كثير من المجتمعات الافريقية منها والآسيوية أو اللاتينية .
ضرورة التعبير السردي في فنون الحكي ضرورة التعبير السردي تفرضها طاقة الأفكار والمشاعر المتصورة أو المسكوت عنها المنطوقة والمرئية أو المختبئة خلف قناع فعل الكلام المحمول حضور علي ألسنة أصحابه الناطقين به أو خلف قناع فعل الحركة المحمولة علي دوافع فاعليها، ويراد الكشف عنها تلميحا بأن يعهد بها إلي السارد سواء علي لسان فرد أو علي ألسنة جماعة ( جوقة) افتراضية تنوب عن صاحب خطاب غائب . والسارد يمثل ما تراه الشخصية فحسب ، كما لو كان ينظر عبر عينيها أو كما لو كان شاهدا غير منظور يقف إلي جانبها وعلي ما تقدم نقول إن :" السرد يمكن أن يوجد عالما تخييليا متنوعا مفتقدا إلي الموثوقية " متوحد الأزمنة على تباعدها في زمن افتراضي متخيل. ومن المهم التأكيد على أن السرد يأخذ شكل الحكي في الفنون الأدائية يتفرع الحكي في أربعة أساليب رئيسية علي النحو الآتي: (الحكي التصويري - الحكي التلخيصي - الحكي التشخيصي- الحكي التجسيدي) أولا: حكي الاختزال التلخيصي: وهو للتمهيد وللتقديم وللتعليق . في التعليق ينحو نحو النقد أو الانتقاد. وفي التقديم ينحو نحو التهيئة ، والتعريف بجذر الحدث وماضي الشخصية وطبيعة الوسط البيئي. ومنه ما ينحو للتجريد والتشفير على نحو سياق التقديمة الحوارية في مسرحية (الغفران) لعزالدين المدني - • جمالية التصوير الاختزالي: يبدأ النص بتقديمة حوارية لا شكلية هي استعادة لشعار ديني مشفر، ناظم للوجدان الاسلامي الجمعي على لسان شخصيات صفات مؤنسنة منها ( القلم ، أبجد، الطاووس، الشجرة، المرآة) ، وسرعان ما يفكك هذا الشعار بمقاربة تشير إلى جناية عصور الخلافة الإسلامية في نقض ذلك الشعار الجمعي الناظم لوجدان الأمة. تأسست بنية التقديمة دراما/اللاشكلية من ثلاثة مقاطع الأول مقتبسات من مفتتح سور أو آيات تشفيرية وتحذيرية : " القلم: بسم الله الرحمن الرحيم. أبجد: ألف،لام، ميم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين, أبجد: عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون. القلم: حا، ميم،عين، قاف. " يتخذ الكاتب من هذه الحروف الترميزية منطلقا للتأويل في المقطع الثاني من التقديمة باتهام عصور الخلافة ونظم الحكم باسم الإسلام مجالا لتفكيك ثقافة نظام ذلك الحكم على مر العصور. المقطع الثاني مقطع ذو قصدية تفكيكية لأنظمة الحكم الاسلامي ( عصور الخلافة) ففيه اتهام مباشر لنظام الخلافة بهدم الشعار الديني الجامع ، الذي بسببه يأتي المقطع الثالث نذيرا بسوء العاقفبة : " أبجد: الحاء حرب في آخر هذا الزمان، الميم عصر بني أمية ، العين خلافة بني العباس، وبني عثمان، والسين زمن السفياني المنافق الدجال، الذي مازال يملأ الدنيا ظلما وجورا. والقاف هي يوم القيامة ، يوم الندامة. " ويشير المقطع الثالث النذير بسوء المنقلب : القلم: إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، قال الإنسان مالها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها ، يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. أبجد: غفرانك اللهم غفرانك. "
• بهجة الحكي الإسنادي:
تظهر الصياغة اللا شكلية في بنية هذه التقديمة الحوارية في الاقتباسات القرآنية المتقطعة على لسان (القلم) وهو رمز للأنا المطلقة المتعالية للفاعل المصور، ويتداخل معه (أبجد) أداة رسم الأفعال في الماهية السابقة للوجود وتشكبل الصفات وتسبيب الأسباب في عالم المثل . وهذا المقطع من التقديمة في مجمله يشكل تهيئة روحانية للمتفرج ؛ وإذا بالصياغة التعقيبية عليها، تشير بحدة إلى نظام هدم ذلك الشعار الجمعي الناظم لثقافة الأمة تحت ظلال ذلك الشعار فتتهم ( بني أمية- بني العباس وبني عثمان ؛ نمط الحاكم السفياني القديم/ المعاصر بنقض ذلك الشعار الناظم للأمة ) هذا عن مضمون خطاب تلك التقديمة ، أما إنها لاشكلية ؛ فلعدم توافق بنيها مع النسق الدرامي في كل ما نعرف عن أشكال الدراما ؛ إذ بدأت بداية غير مجدولة دراميا ؛ أي لا تقوم على فعل ورد فعل بشري متناميين في حيز زماني ومكاني ، لا على المستوى الواقعي ولا على المستوى الافتراضي . فالفاعل هو الأنا العليا ورد الفعل بشري منساح في الزمان منقسم في المكان. هي صياغة تجمع بين المتن والهامش في بنية تخلو من العاطفة الحاكمة ونقيضها اللتين تشكلان جوهر الصراع. • دلالة الحكي في القراءة السيميولجية : وتكشف القراءة السيميولوجية للتعقيب التفكيكي المشفر(حا، ميم ، عين ، قاف) عن خطاب كولاجي ترديدي تسميعي متواز بين الفاعل المتعالي وأدواته ارتكازا على نزعة تجريدية غير حوارية تسرد فقرات حرفية من نصوص قرآنية وتعقب عليها بوصف انطباعي تفكيكي مجمل ، عن عرب مختلفون حول قضية. حلا لشفرة " حا ، ميم ، عين ، قاف " وفي القراءة السيميولوجية التأويلية ، وعن طريق لعبة الحرف الخحليلية تستبدل مواقع الحروف لنجد( حرف العين رمزا لكلمة: عرب ، والميم ترمز إلى كلمة مختلفين، الحا ترمز لكلمة حول ، أما القاف فترمز لكلمة قضية ) فيصبح خطاب التقديمة الدرامية اللاشكلية هو الخلاف في تفاسير فقهاء ومفسري العصور الاسلامية لما سطره القلم المتعالي ، وهو خلاف أدى إلى زلزلة الأرض من تحت أقدام أمة الإسلام ثانيا: الحكي التصويري: يعني بعرض الفعل في خطوطه الرئيسية ، دون أن يكشف السارد عن طابع ذاتي في المحتوي السردي - إلاّ فيما قل - وهو يحل الحوار بصيغة الحاضر ؛ بخلاصة إجمالية . وهذا ثابت في بنية الموقف الثاني من مسرحانية (الغفران) نفسها. في هذا الموقف من دراما اللاشكل حيث يوضع نص آية مقتبسة على سن لسان (القلم) ومص آية أحرى على لسان (أبجد) ثم يأتي التعقيب المفكك لأثرها ويكشف عن تناقض تفسيرات المتفقهين والمتصوفة مع النص الديني: " القلم: جاء في الخبر الصحيح أن الله تعالى خلق شجرة لها أربعة أغصان فسماها شجرة اليقين . الشجرة: ثم خلق نور محمد صلى الله عليه وسلم في حجاب من درة بيضاء كمثل الطاووس. الطاووس: فوضعني عللا تلك الشجرة المباركة، فسبّحت عليها مقدار سبعين ألف سنة، والسنة كالشهر، والشهر كالأسبوع ، والأسبوع كاليوم ، واليوم كالدهر، . ثم خلق مرآة. المرآة: ثم خلقني عز وجل باطني في ظاهري وظاهري في باطني ، ووضعني باستقبال الطاووس. الطاووس: فلما نظرت في مرآة الحياة رأيت صورتي أجمل صورة، ومنظري أحسن منظر، وهيئتي أزهى هيئة، فخجلت ثم خجلت، وأخيرا خجلت ؛ وأخيرا خجلت من الله ، تعالى فانصببت عرقا فقطرانا منه ست قطرات . كل قطرة . كل قطرة في حجم بحار الخليقة، ثم قطرات منى قطرة واحدة واحدة. الشجرة : فخلق الله من القطرة الأولى أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ومن الثانية أبابكر، ومن الثالثة عمر، ومن الرابغة عثمان، ومن الخامسة عليا ، رضى الله عنهم أجمعين . جميعها تيجان من نور، ومن السادسة الأنعام واللبن والعسل المصّفى ، ومائدجى المن والسلوى، ومن القطرة الواحدة الوحيدة القمح والدقيق والخبز. القلم: ثم امتدت يد آدم والكلم إلى تلك الشجرةبغواية من الشيطانالرجيم فأكل آدم الثمرة. أبجد: ونزلت اللغة إلى الأرض. القلم: فنزرعت في قلوب الناس ؛ فأنجبت فيهم الوسواس الخناس. أبجد: قتولد عنها ألف لسان وعن كل لسان ألف حرفوعن كل حرف ألف صوت، وعن كل صوت ألف معنى، فبكى آدم واللغة والفقهاء والأدباء بكاء مريرا. القلم: بعد أن استبد بهم السفياني الدجال المنافقالسفيه لعنة الله عليه، المشرك بالله الكافر باليوم الآخر. أبجد: القارعة ما القارعة.. القلم: غفرانك اللهم غفرانك . " • الحكي وبهجة الاستبدال الترميزي: في الموقف الثاني من التقديمة الدرامية اللاشكلية يستيدل المؤلف رمز القلم المتعالي بقلم تأويله الحداثي ، ويستبدل رمز أبجد (المتن المتعالي) بمتنه التأويلي ذي السمات التصوفية والايهامية . ليبني الجكي الدرامي اللاشكلي على متن قرآني من آيتين قصيرتين ويعقب بحواش كثيرة بلغة تخييلية تصوفية مراوغة تقترب من تخييلات الخرافة ، بصياغة جمالية تناظر للصور الإيهامية التي صنعها المعري لابن القارح في جنته الغفرانية ، حيث الصور المقتبسة من متون آي الذكر ؛ يليها تعقيب تفكيكي يبطل أثرها الايهامي؛ إذ يغربها عن حقيقة الواقع المعيش . هكذا فعل أبو العلاء المعري في غفرانه ، وكذلك يفعل عز الدين المدني بمهارة أدبية ومخيلة تصويرية فائقة قس غفرانه. وهنا يشترك كلاهما في موقف التنوير المعرفي مع مابينهما من عصور خلت؛ بطرح المظنون والايهامي المناظر لتفسيرات الفقه السلفي،حضا على نقض التلقي المعاصر المدرك على نقض أمثال تلك التفسيرات التى عطلت مسيرتنا نحو المستقبل ، ولفت نظر المتلقي العصري إلى ضرورة طرح المظنون السماعي والأخذ عن المشهود الملموس؛ وكأني بكليهما – المدني والمعري- من أرباب الظاهراتية المادية. وتلفتناالقراءة السيميولوجا التأويلية في المقطع الثاني إلى فكرة السباعية التي أنتهي إليها نسق التسليم والتسلم المتدرج من شخصية القلم إلى أبجد فالشجرة والطاووس والمرآة والبنية الدائرية في الكلام بينها وصولا إللى سباعية الخلق سماوات سبع وأرضين سبع وأيام سبع وطواف سبع . وهي فكرة توراتية يجسدها الشمعدان اليهودي ترميزا. • جمالية الحكي الإسنادي: و كذلك يعتمد السرد على الإسناد؛ حيث ينقل الحكاء الجكاية من على لسانه فيضعها على لسان صاحبها الذي يستحضره من غيبه إلى حاضر التلقي. وهذا ماثل في حديث شخصية " معن" في (خرافات) (عز الدين المدني ) عن ذاته منفصلا عنها عندما يقول: " قال معن" ومسندا إليها القول بلسانه هو في الوقت ذاته في متن حكيه ، وذلك في أسلوب مراوغة وازدواجية حكي هو فيه ( أنا السارد) وهو فيه ( السارد الثاني) حالما ينفصل عن ذاته ليكون بمثابة الراوي : " حدث معن قال : غاب معن دهرا طويلا واختفى ؛ فبحثت عنه فما وجدت له مقاما أو سكنا أو عائلة ؛ فذهبت جهودي هباء ، حتى أيقنت باليأس وببعض العجز، لكني لم استسلم للقنوط ، وعاودت البحث مثنى وثلاث ورباع ، ... وتسقّطت أخباره عند من يعرفه ، وأقتفيت أثره بثبات وجلد ، وتتبعت شبحه أينما حلّ، وأينما ارتحل، ورجوت آخر الأمر أن أجد سبيلا لأصيبه فيها فلم أنجح، ولم أنجخ . وتخيلت بعد ملل المدة كأنما كان يتحاشاني، وكأنما كنت ألاحقه .وكأنما كان يراوغني. وكأنما كنت أطارده فيزوّر عني ظله وشبحه،. ولم أظفر بطائل، واحتملت فقدانه على مضض. قال: كان آخر عهدي به لما قدم علىّ من مدينة نائية لا أذكر اسمها: يابس الوجه جديدا، غائر العين ذابلة، متلعثم اللسان ألكن، كلتفا في ثياب مغبّرة خلقة نتنة ؛ فأنكرتهحين طلع عليّ بلحية كئيبة كلحيتهانسابت بين باب المكتب ، وبعين شاخصة كعينه ، وببزة قذرة كبزته وبرائحة دبرانية تنفست منه لما أعتلى الأريكة وجلس واستوى. أجل أنكرته وعبست فلم يهتم بي. وحنقت فلم يحفل بأمرى وجددت إليه النظر برهة فإذا بي ألاحظ شفتيه ترتعشان كأنهما تهمان ببث سر ولا تفعلان ، كأنهما تريدان إطلاق بعض الحروفمن عقال لسانه ولا تبتغيان، زلم يدم هذا المشهد ثانية وثانية ،- خلتهما ساعات تبور- حتى رمى بطرفه على الأرض وحتى نسيت الحوار " ثالثا: الحكي التشخيصي: يعني بالخطوط الخارجية لماضي الفعل ، بلغة السرد وطريقة تلقيه ، لوضع الفعل في بؤرة الاحتمال عبر وعي متلق معاصر مندهش تتعدد عنده الدلالة الواحدة ؛ وتتمثل فيه صفة الحوار وخواصه لأنه محمل بجوهر إرادة المتحدث وجوهر ما يشعر به ؛ نائبا عن الفاعل الأصلي . ومثاله في الموقف الثالث من (غفران) المدني ، حيث (القلم) وهو هنا لسان حال ثقافة (المعري) التفكيكية لخرافات المفسرين حيث يحث المعري على الكتابة مع تمنع المعري ؛ مع تداخل سلطة النص الديني على لسان الحفظ الطاووسي المتباهي بالتسميعية وجدلية الالحاح بين حامل النص وقلم الفهم المغاير له يخرج قول المعري المفكك لفكرة الدين نفسها : " القلم: اكتب. المعري: لست بكاتب اليوم ! الطاووس: ثم نظر الله تعالى إلى ذلك النور المحمدي ؛ فخلق أرواح الأنبياء من عرق روح محمد عليه السلام. القلم: اكتب! أبو العلاء: ما أنا اليوم بكاتب حرفا ! " هنا نجدنا أمام موقف درامي تتبدى فيه بادرة أزمة بين ذهنية بين إرادة وعي الشخصية وواجبها التنويري ؛ ومشاعره الروحية للنزوع الديني ؛ أزمة بين الشرط الذاتي وتخوفها من ردة فعل الشرط الموضوعي لمجتمعه وتيارات الهوس التديني النقلي . وهي أزمةبين صوتين أو ثلاثة بداخل عقل المعرى نفسه ، شخصيات أفكار ترميزية يتشخص بها واقع حاله على مسرح ذهنه ؛ ينجح فيها (القنديل) رمز التنوير في دفع المعري إلى التصريح بعد الامتناع ؛ خاصة عند ظهور ذلك المختال المراوغ (ابن القارح) : " القنديل: ثم خحلقني الله تعاللا من العقيق الأحمر، يرى ظاهري من باطني. ابن القارح: أنا علي ابن بن منصور المشهور بابن القارح . أنا الأديب الأريب الحلب الحلبي . أنا. القلم: اكتب! المعري: إذا قلت المحال رفعت صوتي وإن قلت الصحيح أطلت همي أتى عيسى فبطّل شرع موسى وجــــاء محمـــــــد بصلاة خمس ابن القارح: أنا الكاتب الأكتب ، الشاعر الأشعر. صاحب المصنفات البديعة ، والرسائل الرفيعة، والدواوين اللامعة اللميعة. وحيد عصري، وفريــد مصري. أنا. " يتبدى الصراع الدرامي دوما بين تناقض إرادة عاطفتين بشريتين ؛ فإذا غاب تنازع عاطفتين بشريتين خول موضوع ما انتفت الصورة الدرامية. لذا ظهر تناقض موقف كل من شخصيتي (المعري وابن القارح) حول تفسيرات المفسرين للمتن الديني وتهويمات التخييل حول مسألة الخلق . وهنا تتداخل الشخصيات/الصفات فبصبح القنديل قنديلين أحدهما يرمز لفهم المعري التنويري الناقض لما خطه قلم المفسرين من تهويمات والآخر يرمز لفهم ابن القارح وقناعاته: القنديل:ثم خلق صورة محمد صبى الله عليه وسلم كصورته في الدنيا ثم وضعها فيّ القلم:ثم أمر الله تعالى الخلق بالصلاة علي صورة أحمد ومحمد صلى الله عليه وسلّم هي إذا حوارية التباين بين العقل النقدي والعقل النقلي في التعامل مع الموروث التديّني التهويمي طرف منها نقلي تسطيحي متطاوس (ابن القارح) يتظاهر بالدافع عن الدين بينما هو يتفاخر بنفسه ؛ في مقابل الثاني (المعري) الذي يفكك الموضوع. " المعرى: إذا قلت المحال رفعت صوتي وإن قلت الصحيح أطلت همي وقالــــــوا لا نبّي بعــــــــــد هــــــــــذا فضل القــوم بين غــــــــد وأمس ابن القارح: لكني تعبت من الأدب لما بلغت من العمر عتيّا . وقد حفظته نصف عمرى ونسيت نصفه الآخر. وسبحانه الذي لا يسهى ولا ينسى . لكن أنا. " • جمالية الحكي بين نبر التصريح وبوح التلميح: الحكي هنا انفرادي ، هو أقرب إلى حديث النفس ، لكن طرف منه هدفه التلويح وطرف قصد إلى التصريح وكلا الشخصيتين في منأى عن الآخر، في نسق بناء تشخيصي. لأنه نسق يقارب بين الحقيقة الفنية والحقيقة التاريخية ؛ حيث لم يتصل ابن القارح بالمعري في ذلك التاريخ البعيد من القرن الخامس الهجري اتصالا مكانيا مباشرا ؛ حيث وجود ابن القارح في مصر الفاطمية الشيعية حينذاك بينما المعري في (معرة النعمان) من أعمال حلب بالشام السنية . لم يكن الاتصال إلا عن طريق رسالة ابن القارح للمنعرى ، الملغزة بما تنضح من تلميحات تحرض على فكر المعرى وتعرض بمعتقده بالنيل من معتقد من شاكله من الأدباء والشعراء . ومن هنا جاءت رسالة الغفران ردا علي ابن القارح ومن على شاكلته ؛ حيث وضعه في آخرته في موضع من لا قبول له في الجنة ولا قبول له في نار جهنم . فإذا تتبعنا السمة الدرامية في بنية هذا الجزء من الموقف لانجدها إلا كما هي في شكل الصراع الدرامي الساكن حيث يتباعد رد الفعل عن الفعل فلا يكاد أن يظفر به إلا في نهاية حديث الشخصية. • ويتمثل الحكي التلخيصي أيضا في المقدمة الدرامية لمسرحة ( التربيع والتدوير) " أحمد بن عبد الوهاب: ( في طريقه إلى مجلس المظالم) أتردد منذ أسبوع على المجلس ، ولا أحد يستمع إلى شكواي ! لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم منذ أسبوع وأكثر من أسيوع وأنا أتردد على مجلس المظالم حتى أهملت شؤوني ! أتردد على مجلس المظالم لأن للا ثقة بمجلس المظالم . لأن لي ثقة مطلقة بقضاة مجلس المظالم ، لأن لي ثقة عمياء بأحكام مجلس المظالم ، حيث يعلو الحق ولا يعلى عليه ، حيث جرّد أمير المؤمنين سيف العدل على الظالمين.وأنا أقول بالمثل السائر ما ضاع حق وراءه طالب . وأنا طالب حق يامجلس المظالم ! انتظر طوال الأسبوع على أحر من الجمر، ونفسي تقول لي : يا ابن عبد الوهاب لا تتعجل إن العجلة من الشيطان ، سيأتي دورك لا محالة ، تمهل، إن عاجلا أو آجلا ، لابد ، لا أسمح لنفسي بأن أصرخ في وجه القضاةولا بأن أبجل شخصي على الناس ، معاذ الله ، فالأول بالأول ، ثم الثاني بالثاني ، ثم الثالث بالثالث ، إذن أترقب دوري بكل هدوء ، إذ لي شهامة ، ونبل أخلاق، ، ونعم ، وكرامة، أترقب دوري من الفجر ،إلى العشاء بكل امتثال، لأني أحب النظام، أترقب دوري كامل الأسبوع بكل اتزان، على شعور عظيم بالمسؤولية . لكن إلام أترقب ؟ افتح لي أبوابك يامجلس المظالم ! "
رابعا: ااحكي التجسيدي: يعني بالتفصيلات الداخلية للفعل الماضي والفعل المحتمل الوقوع ؛ تفعيلا لأزمنة الماضي مع الزمن الافتراضي الآني والمكاني وبالبواعث القائمة علي توحد الضرورة مع الاحتمال عند المتلقي .
الحكي والزمن الخيالي في مسرحانية التراث تقوم فنون الحكي على استعادة الذاكرة الفردية لصور ووقائع من مخزون الذاكرة الجمعية للأمة وعرضها بتقنيات حكي وأسلوب خارج نطاق الترتيب النسقي للزمن الزمن . والزمن دائما في الماضي من منظور علمي ؛ مع أنه في الحاضر من منظور خيالي افتراضي مستعاد في صور متجاورة لا رابط لها إلا شخصية حكاء يستحضرها على شاشة ذهنه في زمن حكيه . وتلك هي القاعدة الأساسية في فنون الحكي إلا أن من الحكي ما هو حكي تام يشتغل على حكاية واحدة على لسان حكاء منفرد طالت أو قصرت ؛ وحكي جزئي تشخصه مجموعة أصوات إنشادا أو توقيعا صوتيا منغما على هيئة جوقة أو كورس مسرحي .
إيقاع الحكي في مسرحانية الاستلهام : قي الاستلهامات الأدائية المعاصرة لنسق الأداء الحخكائي ؛ تتبدى إشكالية من نوع آخر؛ حيث اختلاف تقنيات الحكي في أداء الخرافة والأسطورة عن تقنيات الأداء المسرحاتية التي عولجت استلهاما من التراث (أسطورة أو خرافة) ؛ حيث يشتغل الحكي الشعبي بالأداء الإلقائي السردي المتشح ببعض الغناء الموقّع والتنغيم ؛ بينما يشتغل الحكي بتقنيات التخلص الدرامي والجمالي عبر مهارة مستويات التنقل في الأداء بين ماهو حواري وما هو سردي في بنية التعبير المسرحاني سواء أكان فرديا عن طريق الراوية أو جماعسا عن طريق الجوقة. ولأن الحكي وسيط أدائي فني بين التراث والمعاصرة باعتباره فنا من فنون الاتصال التعبيري الصوتي المتضافر مع فن الإيماء وفن الإشارة - تبعا لضرورات التعبير- لذا فرض نفسه على العلاقة بين فنون الحكي الأسطوري السردي والحكي المسرحي الحواري.
ولأن للأداء مباهج ولذة جمالية تختلف من حيث فعالية الحضور الاتصالي المتبادل بوساطة الأداء مع حضور مشاركة في ىالتلقي ؛ يختلف عن لذة التلقي الفردي بالقراءة ؛ لذا لازمت فنون الحكي عمليات اتصال منظومة الأداء بمنظومة التلقي ؛ مع اخالاف مستويات البهجة الفرجوية بين لذة التلقي من خلال تصور المقروء ترجمة على شاشة الذهن الفردي ؛ ولذة التلقى من خلال مسرحانية صورة سمع / بصرية في التلقي الجماعي الحاضر. يقول باربود Barbaud ( 1804 ) " إن أحد فوائد التقنية في الشكل الرسائلي ، بالإضافة إلي جدته ، أن الرسائل ، علي نقيض السرد ، تستخدم صيغة المضارع محدثة في القراء بناء علي ذلك إحساساً بالانهماك المباشر و التوقع ، يجعل العمل درامياً مادامت جميع الشخصيات تتكلم شخصياً " ويقول د.أبو الحسن سلام " دراميات السرد بالحكي في قالب تمثيلي ، تعتمد علي السارد الثالث في تحليله للنظرات الداخلية للشخصيات التي ينسجها في حكاياته الدرامية بأسلوب الترتيب الزمني القائم علي الاحتمال وليس علي الضرورة ، وذلك بنقل عقدة الحكاية ومناطق اهتمامها للجمهور". والسارد الثالث حيث " يشير الكاتب إلي جميع الشخصيات بصيغة الشخص الثالث ، ويمكن أن تتضمن هذه الفئة سرداً بوساطة المؤلف ، ولكنها تشير عموماً إلي سرد لا إشارة فيه إلي "أنا" الذي يكتب وهذا بالمعني الأخير يدعى سرداً تصويرياً. "
السرد بين الحكي والمحاكاة: يري د. أبو الحسن سلام أن " الحكي والمحاكاة وجهان لعملة واحدة هي( التعبير ) غير أن فن الحكي أقدم من فن المحاكاة .. إنه اكثر ميلاً للسكون منه إلي الحركة والتحريك ، وذلك لارتباطه بالصوت والكلمات أكثر منه ارتباطاً بالحركة أو بالتعبير الحركي ، وارتباطه بالماضي – ماضي الفعل ومستقبله – علي العكس من المحاكاة التي ترتبط بالفعل الحاضر وحركة رد الفعل الحاضر ، و إن اتخذت من الماضي ما يظلل الفعل الحاضر أو يذيّـله – يعقب عليه – ومن المستقبل ما يمهد للحاضر في تشوقه للمأمول "
الإضحاك في فنون الحكي التراثي/ المسرحاني: من الإبداعات التراثية ما كتب على شكل رسائل أدبية إنتقادية ساخرة من الخصوم . وقد عرف أدبنا العربي القديم بعضا من تلك الرسائل الأدبية الانتقادية الساخرة ، منها ( التربيع والتدوير) في قدح الجاحظ في أحمد ابن عبد الوهاب ، و( رسالة الغفران) للمعرفي بقصد السخرية من ابن القارح ، ومنها رسالة ابن زيدون في قدح الوزير ابن حندوس ، وغيرها. غير أن الذي يعنينا هنا هو مسرحة عز الدين المدني لرسالة الجاحظ ( التربيع والتدوير)
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفاعل الفلسفي في الدراسات المسرحية
-
سارتر وقضية الالتزام
-
الإيقاع وروح الشعر
-
الديالوج في دراما الصورة الغنائية بين الغناء والقوالة – عبد
...
-
الخطايا السبع للبرجوازي الصغير
-
- تجديد ذكرى علم من أعلام العلم والأدب
-
توفيق الحكيم وبهرام بيضاني في محكمة العدل
-
الدراماتورجية بين الإخرج الحداثى الاستعادي ل (مارا – صاد) وم
...
-
ما الأدب ؟ قراءة ليست للجميع !!
-
فاطمة وماريكا وراشيل - جنسية الغناء -
-
قضية فنية للمناقشة الطاقة التعبيرية بين الكلمات والألحان
-
الممثل بين المحاكاة والتعبير وإعادة التصوير
-
النيل ينسي !!
-
غواية الكذب في حديث الترللي
-
فساد الكتابة
-
اللحن المسرحي بين الاقتباس وحرفية النقل
-
المونودراما والفرجة المسرحية
-
التفاعل الاتصالي المسرحي بين التوظيف الإبداعي والتوظيف العلم
...
-
كتابات الدكتور أبو الحسن سلام بين أسئلة المنهج وفعاليات قراء
...
-
ذاكرة المسرح في الأقاليم الثقافية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|