أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - سياسات صنع الكارثة















المزيد.....

سياسات صنع الكارثة


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 4997 - 2015 / 11 / 26 - 19:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في مقال سابق بعنوان " الاستثمار في صناعة الكوارث" قلت بأن أحد عناصر صنع الكارثة هو النظام الاستبدادي ذاته. يعلق أحد الأصدقاء على ذلك بقوله وهل يعقل أن يجلب النظام السياسي الكارثة إلى بلده؟!!.
قبل أن أفسر ذلك تحضرني حدوتة صغيرة تفيد بأن أشجار الغابة الفتية دب فيهم الذعر لوجود فأس حطاب مرمية في وسطهم، فاستشاروا في الأمر شجرة معمرة(الجدة)، فهدأت من روعهم ومن ثم قالت لهم: فأس الحطاب بلا نصاب لا قيمة لها، وليست مدعاة للخوف، إلا إذا( لا سمح الله!!) تبرعت إحداكن لتدخل في إستها فتكون نصاباٍ لها!!.
في عالمنا العربي يتسابق، للأسف، كثيرون، وفي مقدمتهم حكامنا الأشاوس ليكونوا نصاب الفأس الأمريكي والغربي عموماً. من حيث المبدأ وكما تثبت التجارب التاريخية لا يستطيع الخارج، أي خارج، أن يكون فاعلا في داخل أي بلد بدون توافر أدوات محلية، وإذا كان الهدف صنع كارثة، فمن الطبيعي أن يكون في مقدمة هذه الأدوات الحاكم ذاته.
في مؤتمر للأمن عقد منذ وقت قريب في دبي، قال رئيس شرطة دبي، أن من أصل ست وثلاثين مصدراً للخطر على دول الخليج، فإن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة تشغل المرتبة الأولى؟!! لا أحد يجادل بحجم المصالح الأمريكية في المنطقة، لكن يمكن الجدال وبحق حول أساليب أمريكا لتحقيق هذه المصالح، على ضد من مصالح شعوب المنطقة ذاتها. في هذا المجال أنصح بقراءة كتاب " تفتيت الشرق الأوسط" لمؤلفه جرمي سولت، الذي يتضمن سردا تاريخيا موثقا لأساليب أمريكا القذرة في الشرق الوسط، وكيف كانت تصنع الزعماء وتسخرهم لخدمة مصالحها، حتى لو تطلب الأمر التسبب في حصول الكارثة في بلدانهم، ومن ثم تتخلى عنهم. بالتأكيد لا يفيد لوم أمريكا وغيرها من الدول التي تعمل في سبيل مصالحها بالطرق والأساليب التي تراها مناسبة لها، المسألة ليست أخلاقية، بل سياسية، والسياسة قلما تتأسس على القيم الأخلاقية. اللوم كل اللوم يقع علينا نحن - حكاما وشعوباً- في البلدان العربية، حكاما لأنهم ارتضوا لأنفسهم النصاب في إست الفأس الأمريكي، وشعوبا لأنهم صمتوا طويلا على بقاء حكامهم في ذلك الموضع.
لنأخذ مثالا صدام حسين، فهو نموذج لأغلب الحكام العرب، علماً أن الحكام الجدد لا يختلفون عنه. في الواقع لم أكن يوما من محبي صدام حسين، ولا من مؤيدي سياساته، فهو لم يساهم بصنع كارثة لبلده فحسب، بمساعدة جميع الأنظمة العربية تقريبا، وخصوصا حكام الخليج العربي، بل شكل فاتحة الكوارث اللاحقة جميعها. ومن يقرأ كتاب جرمي سولت سوف يكتشف بالوثائق كيف تم إعداده من قبل المخابرات الأمريكية، وحجم الخدمات التي قدمها لها، ومن ثم كيف استخدمته لاحقاً في صنع الكارثة لبلده وللمنطقة عموماً، تحت شعارات القومية المظفرة!!.
من المعلوم تاريخيا أن العراق كان يشكل نوعا من السد في وجه المطامع الإيرانية، وما إن قامت الثورة الإيرانية حتى دفع دفعا من قبل الولايات المتحدة، وبدعم وتشجيع من الحكام العرب، لغزو إيران على أمل إسقاط النظام فيها، فتسبب بخسائر كبيرة جدا للبلدين قدرت في حينه بأكثر من ألف مليار دولار، عداك عن الخسائر البشرية. وما إن انتهت الحرب حتى حانت لحظة التخلص منه هو بالذات، فدفع لغزو الكويت وكان ما كان، من استكمال تدمير العراق، واستنزاف القدرات المالية لدول الخليج. ومن النتائج التي كانت ملحوظة أمريكيا لتدمير العراق استثمار الواقع في خلق نظام سياسي طائفي، يستمر في تدمير العراق ويفتح الباب على مصراعيه لصراعات طائفية، سنية شيعية، وبين كل المذاهب والأديان، لا تنتهي، وهذا ما نلاحظه اليوم. كثيرون قالوا بفشل السياسات الأمريكية في العراق، وعدو خروجها هزيمة. في حين، وكما يقول الواقع، فقد حققت أمريكا نجاحا باهرا في تفتيت العراق وإخراجه من التاريخ، والاستثمار الناجح في الطائفية. هل من عاقل يصدق بأن ظاهرة داعش قد فقست خارج فقاسات المخابراتية الدولية، والأمريكية منها على وجه الخصوص؟!!. لقد كانت المرشحة كلينتون شديدة الوضوح في هذا المجال...
وبالمناسبة كان العراق قبل شنه الحرب على إيران في بحبوحة اقتصادية، وكان يشهد حركة عمرانية وتنموية لافته، وعلى افتراض أنه استمر في ذلك، وبدلاً من إنفاق المبالغ الهائلة على الحرب، أنفقها على التنمية والعمران، هل يمكن تصور ماذا سيكون عليه وضع العراق وشعبه؟!. لكن لكي يصح هكذا افتراض ينبغي وجود نظام سياسي مختلف، وليس نظاما استبداديا شديد المحافظة، وحاكم فرد مطلق.
الحالة في ليبيا لا تختلف كثيرا عن حالة العراق، هنا أيضا اتبع النظام سياسات افقار الشعب الليبي بصورة ممنهجة، من جهة عن طريق تبذير ثرواته في صراعات وحروب إقليمية، ومن جهة ثانية عن طرق الاستحواذ عليها من قبل الحاكم وأفراد عائلته وحاشية حكمه.
وفي سورية واليمن أيضا، الحالة شديدة الشبه بمثيلتها في العراق وليبيا، ولا تختلف إلا بتضخم ظاهرة الفساد. في سورية، ومنذ أكثر من ستة عقود، والبلد يحكمها نظام مستبد شديد المحافظة، قضى على أية حياة سياسية طبيعية. لقد حال دون ولادة أية معارضة حقيقة بالقمع المتواصل، وأفرغ أحزاب السلطة ذاتها وفي مقدمتها حزب البعث، وجميع المنظمات النقابية ، من روحها الحزبية والنقابية، وحولها إلى مجرد أجهزة للسلطة، تنحصر مهمتها الرئيسة في التوصيل ألأوامري، والضبط المجتمعي.
إن علة العلل في عالمنا العربي تتمثل في النظام السياسي الاستبدادي، الذي يركز جل اهتمامه على السلطة، وليس على الدولة والشعب. لنفترض أن الحكام في سورية قد استجابوا لمطالب الشعب التي طالبت بالإصلاح في البداية، بل حتى عندما انتقل للمطالبة بإسقاط النظام كان ثمة مجال للاستجابة أيضا، من خلال الانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي. لو فعلوا ذلك لجنبوا سورية كل هذا الدمار الذي حصل لها، وهذه المعاناة غير المسبوقة في التاريخ للشعب السوري، ولفوتوا الفرصة على القوى الخارجية الساعية إلى تدمير سورية. لكن هو الاستبداد الذي يمارس السياسة كنوع من المقامرة، وعندما يتهاوى يسقط معه كل شيء. يحضرني بهذه المناسبة قول بليغ لعبد الرحمن الكواكبي في وصفه لحالة سقوط دولة الاستبداد. يقول الكواكبي: "فناء دولة الاستبداد لا يصيب المستبدين وحدهم، بل يشمل الدمار الأرض والناس والديار، لأن دولة الاستبداد في مراحلها الأخيرة تضرب ضرب عشواء كثور هائج، أو مثل فيل ثائر في مصنع فخار، فتحطم نفسها وأهلها وبلدها قبل أن تستسلم للزوال، وكأنما يستحق على الناس أن يدفعوا في النهاية ثمن سكوتهم الطويل على الظلم، وقبولهم القهر والذل والاستعباد"



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستثمار في صناعة الكوارث
- أثر الاستبداد في تكوين الشخصية السورية
- التدخل العسكري الروسي ونتائجه المحتملة
- قطار التسوية السياسية في سورية يتحضر للانطلاق
- ما بين إيران وتركيا
- من اسقاط النظام إلى التحالف معه
- المسألة الكردية في سورية بين الحلم والواقع
- هل الساحل خط أحمر حقاً
- تسريبات سوتشي وقراءة بين السطور
- أسئلة ديمستورا ومفاجأة موسكو
- قراءة سياسية في المشهد العسكري في سورية
- احياء مسار جنيف من جديد
- بين الفشل والنجاح ثمة - أسس موسكو-
- تحولات استراتيجية خطيرة
- دائرة النفوذ الإيرانية
- الحل خطوة خطوة على الطريقة الروسية
- اغتيال الحلم
- تحولات سياسية استعدادا لمواجهة بين قطبين مذهبيين
- تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية
- هل تنجح موسكو فيما فشلت فيه جنيف


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - سياسات صنع الكارثة