حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4997 - 2015 / 11 / 26 - 12:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أحوال المسلمين في فرنسا بعد 13 نوفمبر !!
كثيرا ما يشعر الإنسان بخيبة الأمل ويحس بضمور القدرة على الفعل ، أمام ما يتعرّض له من ضغوطات خارجيّة غير متوقّعة يصعب التأقلّم مع هجماتها المفاجئة ، فيفقد الثقة في نفسه ، ويلجأ لرد الفعل المتسرع ، بدل الفعل المتزن ، كما كان حالي مباشرة بعد الوصول للديار الفرنسية ، أياما قليلة بعد هجمات 13 نوفمبر الجاري في باريس ، حيث شعرت بالصدمة الشديدة ، والذهول والإحباط داخلي قوي ، ليس بسبب من وقع العمليات الإرهابية الغادرة فقط ، والتي كانت كارتية ولاإنسانية بكل المقاييس ، روعت باريسيين ، وقتلت عددا كبيرا منهم ، من مختلف الألوان والأجناس ، والانتماءات السياسية والأيديولوجية والدينية ، والتي تعاطفت، كغيري كثير، مع المتألمين من وحشيتها ، وشاركت ، كما الكثيرين ، في التنديد بكل عملياتها الإجرامية ، وكل أنواعها وأسبابها والمرجعية الفكرية لمرتكبيها ..
ولكن صدمتي كانت نابعة من درجة حال العداء الصريح ، الذي أصبح يواجه به المهاجرون بشكل عام ، وذهولي كان صادرا عن حجم الممارسات العنصرية ، التي غدت أمرًا واقعًا مهينا ، يعرض الوجود الإسلامي والعربي في أوروبا -الذي تشير التقديرات إلى أن عددهم بها يصل إلى نحو 20 مليون - لتحديات خطيرة ، وأعمال عدائية انتقامية ، تغذيها تيارات اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين عامة والمسلمين بشكل خاص، والمستفيد الأكبر من تفجيرات باريس الأخيرة ، والمستثمر الأول لها ، والرابح الأكبر منها ، بما تضيفه إليها من سطوة وقوة ، تجعله يؤكد استراتيجياته المناهضة للوجود الإسلامي ، وينشر كارهيته للمهاجرين المسلمين ، كما هو حال مارين زعيمة التكتل اليمينى المتطرف فى البرلمان الأوروبى، والتى لم تفوت الفرصة لتدعوا صراحة لإعادة المهاجرين والمسلمين على الخصوص ، على نفس السفن التي جاءوا بها ، وذلك لأنهم –في نظرها وفي اعتقاد من يسيرون في نهجها المتطرف- يهددون القومية الأوروبية القائمة على العلمانية وفصل الدين عن الدولة ، ويسيؤون استغلال مزايا دولة الرفاهة "كبرامج الإعانة وغيره ، ولم تتورع عن ربط الإسلام ربطا سطحيا ساذجا بالإرهاب ، يجعل من مليار مسلم في العالم إرهابيين محتملين ، يواجهون بتهم جائرة جاهزة ، وكليشيهات بالية ، تنتقص من إنسانيتهم ومقدساتهم ، وتتجنى على تاريخ أوطناهم وأممهم ، لا لشيء إلا لأن بعض أفراد من التنظيمات الإرهابية يصيحون "الله أكبر" عند ارتكابهم لجرائمهم الجبانة التي لا يقرها اليدين الإسلامي ، ويدينها كل المسلمين .
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟