أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام عمر النور - مدرسة فرانكفورت، القسم الثالث: ديالكتيك التنوير















المزيد.....

مدرسة فرانكفورت، القسم الثالث: ديالكتيك التنوير


هشام عمر النور

الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 20:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



بيتر تومبسون


ترجمة: هشام عمر النور



كتب أدورنو وهوركهايمر هذا النص المفتاحي (ديالكتيك التنوير) أثناء منفاهم في زمن الحرب (العالمية الثانية)، متوصلين إلى وجهة نظر متشائمة عن مكاننا في هذا النظام الخاطئ.



هوركهايمر أدورنو







تكونت مدرسة فرانكفورت وطورت نظرياتها في عالمٍ تركته الحرب العالمية الأولى مفككاً ومشتتاً. وكانت جمهورية فيمار Weimar Republic مجتمعاً مصدوماً تطايرت فيه أشلاء المعتقدات القديمة. والأسوأ من ذلك، أنه لم ينشأ شئ من هذا الحطام ليمنح الناس أية بارقة أمل في المستقبل.




فشلت الديمقراطية الليبرالية وانحطت فيمار للأسفل إلى النازية، وأضطرت هذه المدرسة المكونة في غالبها من مثقفين يهود ماركسيين إلى الهرب من البلاد التي انقلبت عليهم لأسباب متعلقة بالعرق والسياسة معاً. وانتحر أحد أهم مفكريها، والتر بنجامين، في عام 1940م في الحدود الفرنسية الألمانية، وهو حدث رمى بالعديد من أعضائها الباقيين في اكتئاب عظيم.




وبعد أن غيّروا بلدانهم أكثر مما يغيرون أحذيتهم، كما قال بيرتولت بريخت، انتهى بهم الأمر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سنوات هتلر. وعلى الرغم من أن ذلك كان ملجأ لهم، ولكنه لم يكن المجتمع الذي يشعرون أنه يملك أي شئ يمنحهم الإنسانية. فوصف إرنست بلوخ الولايات المتحدة كـ"مأزق تنيره أضواء النيون" ـــــــــ وهو ما كان في الغالب قالب لفيلم ديفيد ليتش ــــــــ وشعروا أن مجتمعاً ملتزماً بالبحث عن السعادة الفردية هو نموذج لعالم اصطناعي، سطحي، ضحل وغير أصيل. يقول الفيلسوف ثيودور أدورنو في أحد أشهر مقولاته في كتاب الأخلاق الدنيا Minima Moralia الذي تم نشره في عام 1951م أنه لا يمكن أن تعيش حياة حقيقية في نظام خاطئ.




الأكثر أهمية في هذا السياق، أن مفكري مدرسة فرانكفورت لم يميزوا تمييزاً كبيراً بين الأشكال المختلفة للرأسمالية، سواء كانت ديمقراطية استهلاكية أو ديكتاتورية فاشية. وعلى الرغم من أن السطح الظاهر لميكانزمات القمع يبدو اختلافه في غاية الوضوح، إلاّ أن الأساس العميق، بالنسبة إليهم، الذي هو القانون الرأسمالي فهو نفسه.




ديالكتيك التنوير، الذي ربما يكون النص المركزي لمدرسة فرانكفورت، كتبه أدورنو وماكس هوركهايمر أثناء سنوات النفي. وهو نص يصل إلى وجهة نظر متشائمة لما يمكن فعله ضد النظام الخاطئ الذي ومن خلال "صناعة الثقافة" يخلق باستمرار وعياً زائفاً عن العالم المحيط بنا على أساس من الأساطير والتشوشات التي تنشرها بطريقة متعمدة لمصلحة الطبقة الحاكمة.




هذا، بالطبع، لا يخص الرأسمالية ولكن في الرأسمالية تجد الثقافة كامل تحولها إلى شكل بضاعي بحيث نصبح منتجين ومستهلكين راغبين في تغريبنا بأن نصبح مستهلكين أكثر من كوننا منتجين للثقافة. وعلى الأرجح أنه من الأفضل لهما أنهما لم يعيشا ليريا العامل X ومجلة OK! (The X Factor and OK! magazine). بالنسبة إلى أدورنو وهوركهايمر فإن الثقافة الأصيلة لا تعادل ببساطة الثقافة الرفيعة فهي أيضاً قد تم تحويلها إلى بضاعة. الثقافة الأصيلة هي التي تقاوم بطريقة مباشرة عملية التحول إلى بضاعة وتعاقب متلقيها لأنه توقع أن تتم تسليته.




استناداً على نظرية الديالكتيك السلبي، يجادل ديالكتيك التنوير بأن قيم التنوير نفسها ليست قيماً تقدمية بطريقة تلقائية وأن إمكانية عملية التحرر التي يتصف بها تجلي الحرية الإنسانية، كما يتصورها هيجل وبالتأكيد ماركس، يتم إضعافها بعبوديتنا ضمن كلية العلاقات الاجتماعية الرأسمالية.




ووجهة نظرهم أن الفاشية والستالينية والرأسماية الاستهلاكية كلها انتجت طابع اجتماعي واسع الانتشار لوسائل الانتاج وحولت الاقتصاد إلى شركات مع دور مركزي للدولة. هذا الالتقاء أزال الفائض الأسوأ من الاستغلال الطبقي واستبدله بنوع من المشاركة الاجتماعية بين الطبقات مقيدة تحتياً بالرجوع إلى الأساطير والسيطرة الأيديولوجية.




هذه السيطرة لا تتم ممارستها فقط بواسطة القمع المباشر وإنما أيضاً من خلال الجوانب غير الأيديولوجية من حياتنا اليومية، وبالذات الطرق التي تشجعنا بها الحداثة على تلبية رغباتنا ومتابعتها بدلاً من كبتها والسيطرة عليها. هنا، ظهر دي صاد مع نيتشة ليشرحوا لنا كيف أن الحداثة والتنوير جلبتا معهما عملية تحويل لكل القيم وإضعاف لكل التقاليد. ولاحظ أيضاً ماركس أن في الرأسمالية "كلما هو صلب تبخر إلى الهواء". وما يساء فهمه أحياناً في هذه النقطة أن مدرسة فرانكفورت لم تكن السبب في الانهيار الظاهر للقيم الاجتماعية ولكنها لفتت الانتباه إلى الطريقة التي حطمت بها الرأسمالية اليقينيات القديمة بدون تمييز. وفي نفس الوقت وحينما جعلتنا الرأسمالية نتمتع بالتجربة كإمتداد لليبيدو شعرنا أيضاً بالذنب ومن ثم ألقينا باللوم على أي شخص آخر ولكن ليس على أنفسنا.




وفي القسم المتعلق بمعاداة السامية شرح المؤلفان الطرق التي استخدمت بها الفاشية والديمقراطيات الليبرالية الأساطير عن اليهودية لخلق مجموعة خارجة عن المجتمع لإلقاء اللوم عليها في كل المشكلات. ووصل هذا إلى قمته مع النظرية النازية التي تقول بأن العالم تسيطر عليه المؤامرة اليهودية التي يمول فيها أغنياء اليهود في البنوك الشيوعيين لكي يحققوا سيطرة رأس المال المالي على القيم الفاضلة والقديمة، القيم القومية التقليدية المنتجة.




وتم استحضار فرويد هنا ليقول إن كراهية الآخر (اليهود في هذه الحالة، ولكن يمكن أن تكون أية مجموعة أخرى) إنما هي في الواقع طريقة لتغطية الغيرة مما يملكونه، ولا نعني هنا الثروة، ولكن نعني تقاليدهم الجمعية المعروفة وتماسكهم الاجتماعي الظاهر، التي حافظوا عليها بينما كانت القومية المستضيفة تتفكك من حولهم. ولذلك كانت الفاشية ناجحة ليس بسبب قمعها وإنما بسبب سماحها وتشجيعها لرغباتنا العميقة في أن نجد مذنباً لما هو مسؤوليتنا.



#هشام_عمر_النور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدرسة فرانكفورت، القسم الثاني: الديالكتيك السلبي
- مدرسة فرانكفورت، القسم الأول: لماذا يخافهم أندرز برييفيك؟
- الدين في المجال العام - يورغن هابرماس
- فلسفة إعادة بناء الحداثة
- الديالكتيك السلبي عند أدورنو أو نقد تفكير الهوية
- المثقف والسلطة
- الظاهرة الدينية من المجتمعات القديمة إلى الحداثة
- الأسس الفلسفية للثورة عند ماركيوز
- مفهوم جديد للسيادة يقوم على ديمقراطية عابرة للقوميات
- تجدّد النظرية النقدية
- هل هناك ضرورة نظرية لتخطي الماركسية؟ (3) فلسفة اللغة بديل فل ...
- هل هناك ضرورة نظرية لتخطي الماركسية؟ (2) في نقد فلسفة الهوية
- هل هناك ضرورة نظرية لتخطي الماركسية؟ (1) في ضرورة المفاهيم ا ...
- مشروع تأسيس نظري لحركة القوى الاجتماعية الجديدة
- التفكير نقدياً فى نزاع الهويات - فرانسيس دينق نموذجاً


المزيد.....




- بلينكن يلتقي نظيره الصيني ويبحثان تايوان واتفاق الفصائل الفل ...
- «الحاضنة الشعبية للمقاومة»
- الاثنين القادم، مؤتمر واعتصام رمزي في نقابة الصحفيين تضامنًا ...
- إخلاء المهاجرين والمشردين من باريس خلال دورة الألعاب الأولمب ...
- مباشر: مهرجان خطابي وفني بمناسبة الذكرى الثانية للإعلان عن ت ...
- ورقة حول حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب خلال ...
- شاهد.. الشرطة البلجيكية تعتقل متظاهرين يرفعون العلم الفلسطين ...
- فرنسا: من هي لوسي كاستيه مرشحة اليسار لمنصب رئيس الوزراء وما ...
- م.م.ن.ص// عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمكناس في خطوات تص ...
- إسرائيل.. اليمين المتطرف يهاجم هاريس


المزيد.....

- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي
- تحديث. كراسات شيوعية (الهيمنة الإمبريالية وإحتكار صناعة الأس ... / عبدالرؤوف بطيخ
- لماذا يجب أن تكون شيوعيا / روب سيويل
- كراسات شيوعية (الانفجار الاجتماعي مايو-يونيو 1968) دائرة ليو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مقدّمات نظريّة بصدد الصراع الطبقيّ في ظلّ الإشتراكيّة الفصل ... / شادي الشماوي
- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام عمر النور - مدرسة فرانكفورت، القسم الثالث: ديالكتيك التنوير