قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 10:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا اعتقد بأن عراقيا لم يقرأ تاريخ (عانه) و(رأوه)، أو لم يسمع بهما، فمن لم يقرأ تاريخ هاتين المدينتين الفاضلتين، لابد له وأن قرأ في شارع من شوارع مدن العراق كافة (يافطة) باسم طبيب أو محامٍ أو مهندس تلقب بـ (العاني) أو (الراوي). ولا بد لكل من تعلم في الابتدائية، أو درس في الثانوية، أو حصل على شهادة جامعية في العراق من أن يكون واحد ممن علموه، أو درَّسوه، أو منحوه الشهادة (عانيا) أو (راويا).
-
لست بصدد الدعاية لهاتين المدينتين ولا بصدد التعريف بما أنجبتاه من ساسة، ووزراء وقادة، وعلماء لهم فضل كبير في تاريخ العراق الحديث.
-
ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو أن هاتين المدينتين محتلتان من قبل داعش منذ ما يزيد على السنة والنصف، ولكننا لم نسمع من أية جهة سياسية، أو إدارية مركزية، او محلية أي ذكر لهما، وكأن الجميع قد تنازل عانهما لـ(داعش). فقد نسي مجلس المحافظة وكل أعضائه بمن فيهم ممثلو هاتين المدينتين ذكرهما، كأنهما ليستا من مدن المحافظة. كما نسي السياسيون الطارئون في الساحة السياسية اليوم عانه وراوه، مثلما تناساهما قادتنا المبجلون في حكومتنا المركزية. وعتبي كبير على أبناء هاتين المدينتين فلم أجد لهم في صفحات التواصل الاجتماعي أي ذكر لهم أو لأهلهم وكأنهم راضون قانعون بما حل بأهلهم.
-
لماذا كل هذا النسيان؟ هل هو حقد على ماضٍ مشرف، أو هي كراهية لحضارة هاتين المدينتين ممن ليس لهم في الحضارة جذر، وليس لهم في التاريخ اسم؟ أم أن (التحرير) صار (مزاجا)؟ لماذا غضَّ سياسيونا الطرفّ عن ذكر هاتين المدينتين ولم تخطر على بال أحدهم؟ فهل كرهوا ذكرهما لأنهما كانتا في يوم من الأيام الشغل الشاغل لكل من يريد العلم، ومن يريد الفهم في السياسة؟
-
كان يمكن أن أقول بأن هذا المسؤول (عانيا) لو أنني وجدت أحدهم (يتندر) على الراويين، أو أن أقول إنه (راوي) لو أنه (تندر) على العانيين، لقد نسينا (عانه) و(راوه) حتى في تندرنا البريء الجميل، بفضل سياسات حكامنا وبفضل شيوخ عشائرنا ووجهاء مدننا ممن طاب لهم العيش في بحبوحة ونعيم الاحتلال الأمريكي أولا، والاحتلال الداعشي ثانيا. لا نريد أن ننسى عانه ولا راوه، نرديهما خالدتين، نريدهما عزيزتين، فاذكروهما كما تذكرون الكثير من المدن التي لم تقدم للعراق وللعراقيين ما قدمته (عانه) ولا ما (وهبته) راوه.
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟