أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - قصّتنا مع الله















المزيد.....



قصّتنا مع الله


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 08:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قصّتنا مع الله(4)!
لأهمية الموضوع و لطلب أحد الأصدقاء الأعزاء الذي رأيه يمثل رأي تيار الطبقة المثقفة, نعيد نشر الحلقة الرّابعة من سلسلة (قصّتنا مع الله) , لأنها تحكي بصدق و بصراحة تفاصيل معاناة و وقائع الحركة الأسلامية العراقية من الداخل و بآلعمق, لذا نرجو التمعن في قرائتها لمن يهمه معرفة الحقيقة المذبوحة على أيدي طلاب الدّنيا الذين تشبثوا بحزب الدّعوة من أجل المناصب و الأموال و العقارات للأسف الشديد!

و أساساً هذا المقال كان مُخصّصاً للدّعاة الحقيقيين فقط .. و تمنيتُ وقتها أنْ لا يقرأهُ مَنْ لَمْ ينتمي للحركة الأسلامية العراقية, في السّبعينات و ما قبله .. و إذا كان و لا بُدّ .. فنرجو مراجعة الحلقات السّابقة ليقف القارئ الكريم على حقيقة الموضوع من جميع الزوايا المطلوبة و المتداخلة في عمق المأساة العراقية التي جرت على الحركيين و حتى الأمة نفسها في تلك الأزمنة الصدامية المحروقة!

قال تعالى: [ألذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فإخشوهم فزادهم إيماناً و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل* فأنقلبوا بنعمة من الله و فضلٌ لم يمسسهم سوءٌ و إتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضلٍ عظيم](1).

بهذه الآية كُنا نطيّب جراحاتنا النازفة و نحن نواجه أعتى و أقسى خلق الله من المخالفين للحقّ في عراق المآسي و الدّم و آلدّموع, و قد ردّدها الشهيد الشيخ (عارف البصري) صرخةً مدوّيةً بوجه الطغاة في زنزانات البعث الجبان في أقبية الأمن العامة يوم واجه رئيس الأمن ألذيّ تحدّى الشيخ عارف بقوله: (كم عددكم يا (حزب الدّعوة و أنتم تريدون أسقاط ثورة البعث و جماهيره المليونية التي تهتف كل يوم بحياة الحزب و قيادة الثورة)؟
فكان الشيخ الشهيد (العارف) يجيبهم بتلك الآية العظيمة!؟
[ألذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم ...]

و قد كان الناس حقّاً كذلك .. حتّى المقرّبين منّا يدعمون النظام رغبةً أو خوفاً أو طماً, و لذلك بَدَلَ أن يدعمونا لنُصرة الحقّ؛ كانوا يُخيفوننا من بطش النظام و يثبطوا عزائمنا لبعدهم عن دين الله الحقّ الذي وصلهم أساساً بآلخطأ من المرجعية التقليدية, حيث ما عرف العراقيون حتى اليوم سوى شكل الأسلام و ظاهر الدين, و لذلك كُنّا وحدنا وسط تلك المأساة نرى جمال وجه الله و ألطافه جهرةً و بلا حجابٍ أو رتوشٍ و كأنه كان معنا في كلّ خطوةٍ و عمليّةٍ و موقفٍ لأنه تعالى وحده عَلِمَ بإخلاصنا و نوايانا بإتجاه تحكيم مبادئ القرآن في سنوات الجّمر العراقي و المواجهات العظمى على أرض ألواقع مع (بعث) الجهل و المآسي و الفساد و الفتن؛ فقد كنا نرى حقيقة الله تعالى ليس فقط عبر آلأستدلالات الفلسفية و نظرّيات الفلاسفة الغربين و الشّرقيين .. بل كُنّا نراه تعالى معنا و أمامنا و خلفنا و في نفوسنا و كلّ خطوة نخطوها في طريق العشق الألهيّ رغم الأشواك و المحن و الأذى و الصّعاب الكثيرة التي لم يُواجهها حتّى الأنبياء و المرسلين!

مشكلتنا الوحيدة كانت في قلّة عددنا .. و لكن كان الله تعالى معنا لأننا كنا معهُ بصدقٍ يوم تُركنا غرباء كما كان الحسين وصحبه و حاربونا و لم يبق معنا سوى بعدد الأصابع من رجال الله بعد ما سيطر موجات الجّهل و الجُبن و الخنوع و الشّهوة و النّفاق و حُبّ الدّنيا على النّاس وعلى مراجع الناس .. كلّ النّاس حتى المراجع ألذين آثروا آلحياة الدنيا و الشهوات و الأموال و البنين على طريق (ذات الشوكة)!

و صَدَقَ (جبران خليل جبران) في مقولته التي قالها قبل أكثر من قرن و كأنّه عنانا بآلذّات:
[لو رأيت الجّميع ضدّك و آلألوان غير لونك, و الكُلّ يمشي عكسكَ؛ لا تتردّد .. إمشي وراء قلبك و تمسّك بمبادئكَ و لا تأبه لهم .. حتى و إنْ أصبحتَ وحيداً .. لا تتردّد ..
فآلوحدة أفضل من أنْ تعيش عكسَ نفسكَ لإرضاء غيرك]!

نصّ الحلقة الرّابعة:
العراق و كما قال (برنارد لويس)؛ [دولة مصطنعة متناقضة و مفككة و يجب أن تتقسم], و هذا ما أكّده (بريمر) و (بادين) أيضاً قبل سنوات بعد كلّ الذي جرى, ثمّ سقوط البعث شكلياً و توليّ حكومات عجيبة مختلفة و مختلطة للحكم بعد ذلك و إلى يومنا هذا!

كما إنّ الشعب العراقي ذاته هو آلآخر ليس شعباً متجانساً و مؤمناً و مسالماً بآلأساس و ليس طيّباً كما يدّعي و يتصور البعض, و لذلك رأيناه ترك الأسلام بسهولة و يُسر و تمسك بآلقوانيين العشائرية الجاهليّة من جديد سواءاً العرب أو الأتراك أو الأكراد أو غيرهم, حيث يحتكم اليوم الجميع لعقائدهم القومية و المذهبية و العرقية و مخلفات التربية العجيبة التي تربى عليها بسبب المدارس و المناهج العراقية التعليمية و التربية العائلية و العشائرية التي إنتشرت بحيث صارت بديلاً عن شرع الله و القانون!

و حين زرته – أيّ العراق - عام 2003م ؛ (ما رأيتُ إلاّ شرطياًّ غضباناً و تاجراً ملهوفاً و عالماً متهتكاً و سياسياً متهالكاً على الحكم و إعلاميون ببغائيون و شيوخاُ جهلة و قسوة طبيعية غريبة ضد حقوق المرأة و الطفل بشكل خاص!

و هكذا و بسبب ذلك إتّخذ طريقاً و نهجاً خاطئاً في الحياة و تطبّعَ على دين شكلي تقليدي و عادات لنيل المطالب و آلرئاسة و التعامل مع مفردات الحياة لتحقيق الشهوات من خلال كل ّآلأصعدة؛ التربوية و آلسياسية و آلأقتصادية و الحزبية و العسكرية و غيرها.

أمّا البعض منهم من الذين عاشوا فترات طويلة أو قصيرة خارج العراق؛ فأنّ تلك الحالات لم تفارقهم أيضاً, حيث يصعب على الأنسان ترك ما نشأ و تطبّع عليه بسهولة, و كما قال المعصوم(ع): [مَنْ شبّ على شيئ شابَ معه].

ليصل آلجميع في النهاية إلى نقطة نسوا عندها تماماً بأنّ طريق الألتزام بآلنهج آلأنساني و الدّيني الحقيقي هو الضّامن الوحيد لنيل المطالب و تحقيق السّعادة في الدارين, وهذا ناتج لكونهم أساساً لم يعرفوا الدِّين الحقّ و إنّما عرفوا ديناُ شكلياً تقليدياًّ من خلال منابر المساجد و الجمعة و حتى الحلقات الحزبية, و لا يزال العراقي – كما العربي يجهل الحقيقة تماماً .. حيث يتصوّر بأنّ الأسلام عبارة عن مجموعة من الطقوس العبادية و المراسم السّنوية و إن التطبير و إللطم و التطيين على الحسين(ع) و تطبيق آلأحكام العبادية المجردة هي غاية الدين و مراد الله من خلق الأنسان, و هذا الأشكال سببه و منطلقه هو الدين الذي أشاعه المراجع التقليديون حتى هذه اللحظة!

و لعل الذنب الأعظم من هذا الأنحراف الكبير و الخطير و التبعيض؛ لا يتحمل أسبابه (العوام) فقط و كما يصنفهم "العلماء" ألذين يصفون أنفسهم بـ (الخواص) وهذا التقسيم بحدّ ذاته يمثل قمة العنصرية و اللاإنسانيّة, على أي حال إنّ القسم الأكبر من ذلك الأنحراف والفهم الخاطئ و الذنب العظيم يقع على عاتق (المرجعية التقليدية) التي زقّتهم قروناً بتلك الأحكام و المفاهيم من دون أيّ اثر إيجابي في الواقع العملي خصوصا الأجتماعي و السياسي, حتى جاء زمن إنتصار الثورة الأسلامية عام 1979م لتقلب كل تلك الموازيين بعد إعلان (المرجعيّة الحقيقية) لمبادئ آلأسلام المحمدي - الأصيل و تطبيقه عملياً على أرض الواقع و على كلّ صعيد خصوصاً فيما يتعلق بحقوق المرأة و الناس و النظام الأجتماعي بشكل عام!

و آلمأساة لا تنتهي عند هذا الحدّ .. بل آلمؤسف أكثر و الذي لاحظناه و بعد كلّ الذي كان و ما جرى من الثورات و آلمعارك و آلغزوات و الأنتفاضات و الحروب و آلأحتلال و آلتحرير و النهب و السلب و التفجير و القتل و المفخّخات و الحكومات و التي سبّبتْ إيجاد تيارات كبيرة من الشهداء و المعوقين و آليتامى و الأرامل و المرضى العصابيين بـ (بي تي إس دي)؛ بعد كلّ هذا لا يزال عموم هذا الشعب و معه الأمة العربيّة الخائبة لا يعرفون حقيقة الأسلام المحمدي الأصيل .. فلا يزال هؤلاء المساكين يحصرونه في إطار الفقه التقليدي ألحيضي ألمُتحجّر المحصور في (الرسالة العملية) التي تختص بـ (الأحكام العبادية الشخصية), بحسب فتوى الأعلم في مقياس (الأعلمية)(2) التي عادة ما يتمترس بها الفقهاء لأدامة دكاكينهم, و حتى أكثر الطبقة الحركية من(الأحزاب الدّينية المثقفة) هي الأخرى للأسف ما زالت متأثرة بتلك الثقافة و تتصور بأنّ التحزب و التنظيم بشقيه الاسلامي أو العلماني ما هي إلّا وسيلة للوصول إلى آلحكم و آلتمتع بآلأموال و الشهوات و لو على حساب حقوق الناس و التكبر عليهم بكلّ الوسائل و القوانين الممكنة لأن الغاية تبرر الوسيلة في الحكم بحسب مبدأ ميكافيللي المعقول!

بعد هذا تصور أخي القارئ؛ إذا كان حال آلدّعاة و مثقفي العراق و الأمّة بهذا المستوى فلك أن تتصور حال بقية الناس فيه بكل سهولة و وضوح!

إنّ ذلك الفهم الخاطئ الخطير للدِّين من قبل الأمة ومرجعياتها التقليدية هي أساس و قاعدة المحنة في العراق و الأمة ؛ و لم يكن بإرادتهم و إختيارهم, بل كانت لعوامل عديدة كما أشرنا تمتد جذورها خارج البلاد أيضاً, لكن يبقى ما بثتتهُ المرجعية التقليدية من مفاهيم خاطئة عن (خط آل البيت)(ع) و حقيقة و غاية الفقه الأسلامي و القرآن الكريم بآلخطأ و بحسب فهمها المحدود و المتحجر؛ هو السبب ألرّئيسي في تسطيح ثقافة و عقيدة الأمة و بآلتالي تسلط الأستكبار العالمي والأحزاب الوضعية ألمتلبسة بآلدين و بغير الدين .. ليستمر إنتشار الفوضى و الجّهل الذي بدأ الناس يُقدّسونه حتّى تحولوا إلى قطعان من الأغنام تسير و لا تدري إلى أين المسير!

لا تستغربوا أيها الأخوة ألحركيون .. لو قلتُ لكم بأنّ الذين يُسمّيهم العراقيون و غيرهم بـ (مراجع الدِّين) حتّى هذه اللحظة لا يعرف أكثرهم فلسفة الأسلام و غاية الأحكام الفقهيّة و مسألة التوحيد العملي الذي بينه و إستشهد لأجله المراجع الحقيقيون العرفاء كالصّدر الأول و الأمام الخميني و صاحب الميزان قدس الله أسرارهم و اليوم السيد الخامنئي و السيد الآملي و مكارم الشيرازي و أمثالهم أدام الله نهجهم و وفقهم لنشر هذا الأسلام بدل الأسلام التقليدي الذي ركزّ دعائم الجاهلية و الأرهاب و الفساد بين الناس!

و السبب ببساطة هو لأنهم – أّلتقليديون - لا يعرفون حقيقة الله و هدفية و غاية رسالة الأنبياء بجانب معرفة أنفسهم أساساً و قبل كل شيئ, أي معرفة الله و النفس, هذا بجانب آليات النظام و الوسائل و البرامج التي تحقق الهدف و الغاية التي بيّناها سابقاً و التي نختصرها بتحقيق السعادة في كل المجتمع, حيث من المستحيل أن تتحقق السعادة التي أرادها الله تعالى لنا في أي مجتمع مهما كان الناس فيه مترفين و بينهم فقراء أو مرضى أو معدمين!

إنّ التّديّن الحقّ يتطلب لأن يعرف الأنسان ربّه أولاً ثم يعرف كيف يمكن حُبّهُ و عشقه بحسب تقرير (الصدر الأول) للعرفان و بيانات (الشيخ الأنصاري) و بيّنات الشيخ (العطار النيشابوري) .. هذا بعد معرفة الأنسان لحقيقة نفسه, ثم بعدها تفعيل تلك المعرفة في الوجود عمليّاً وعلى أرض الواقع عبر الأنتاج و الإبداع و الأبتكار ألذي يشترك فيه الجميع!

بإختصار شديد يحتاج السّالك لهذا الطريق المعرفي المستقيم إلى عبور محطات مدن العشق السبعة التالية:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الإستغناء – الحيرة – الفقر والفناء(3).

و تلك المحطات هي الحلقة المفقودة في أوساط و مسعى الشعب العراقي و في مقدمتهم المثقفون و السياسيون و الفقهاء, و التي بسببها فقد الناس كلّ شيئ للأسف الشديد!

فآلتدين الشائع كما أشرنا لدى أكثر المؤمنين المرتبطين بـ "علماء" العراق التقليديون؛ هو التمسك بظاهر الدِّين و الأحكام الفقهية الشخصيّة كهدف .. بينما الحقيقة هي أنّ الأحكام العبادية ما هي إلاّ وسيلة لأهداف سامية كبرى, و من هنا إنعقد الأشكال عندما إستبدلتْ الوسيلة بآلهدف فأختلط الحابل على النابل!

فجميع الأحكام العبادية الفقهية الشخصية المحدودة – و التي أصبحت هي المعيار (للأعلمية) بحسب التعريف الشائع في أوساط المنتفعين – ما هي في الحقيقة إلا مسأئل ثانوية و وسيلة لبناء ضمير الأنسان لا أكثر لتحقيق غايات أسمى و أكبر, و ليست (العبادات) غاية بحسب ما روّج و يُروّج لها المرجعيّة التقليديّة عمداً أو جهلاً لأجل منافع دكاكينهم و عناوينهم و أسمائهم و ألقابهم و شهواتهم و رفاه عوائلهم و أحفادهم!

لقد بدى لي بأنّ تقرير هذا الوضع الخطير سبّب إبقاء النّاس أسرى (الأحكام العبادية) التي طالما كرّرها و يكرّرها الفقهاء و يستنسخونها عبر رسالة عملية يكتبون في مقدمتها الفقيه و المجتهد و آلآية العظمى و المجدد الأكبر وووو غيرها من العبارات التي لا يفهمها حتّى صاحب الرّسالة نفسها, ثم يذيّلها بإفتتاحية مفادها؛ (العامل بهذه الرّسالة مُجزئ و مبرئ للذمة), بلا حياء و لا علم أو فقه حقيقي!

و لعليّ لا أجانب الحقيقة و الله الأعلم بأنّ المرجعيّة التقليديّة – إنّما تفعل ذلك من أجل تكريس الجّهل عمداً لإبقاء الأمّة أسيرة تلك التعاريف المبينة للأحكام و آلتعاريف الفقهية المتحجرة و التي لا يعلم هل هي وسيلة أم غاية!؟

ليبقى الشيعة المدعين لنهج أهل البيت(ع) كآلهمج الرّعاع و بآلمقابل لتضمين و إستمرار رفاههم و إغراضهم الدّنيوية الدنيئة المغطاة بآلورع الكاذب و الأنتساب لأهل البيت(ع) و مرجعية الدين!

لكونهم يعلمون بأنّ منسوب المعرفة لو إرتفعت في الأمّة لكنستْ وجودهم للأبد, و لسقطت جميع تلك الأقنعة المزيفة و بآلتالي لتحققت الحرية و الكرامة و العزة و الأستقلال لهم!

و كذلك لإنعكست على واقعهم الأجتماعي و السياسي الذي يحتم عليهم بسبب الدين الحقيقي التحرر و عدم الخضوع للمستكبرين و المستغليين للدين و غيرها من النظريات الغربية كآلأشتراكية و الديمقراطية و الرأسمالية التي تريد نهب بلادنا من كل جانب و مكان بلا راع أو قانون إنساني!

لهذا يتورع التقليديون كشف الدين الحقيقي حتى لو كانوا يعلمونه ؛ لأن تبعات ذلك تجرّهم و تفرض عليهم حمل مسؤولية قيادة و إنقاذ الأمة و آلجهاد معها ضد الطامعين و الشياطين و هم كثر اليوم في ارض الله شرقا و غرباً , و هذا يعني إعلان الثورة و القيام بدل القعود و الركوع و الهوان و التخمة و الراحة في قعر البيوت و الحوزات, و هذا في نهاية المطاف لا يراق لهم و لا يطيب معها عيش لهم.

و من هنا لم يكن عقدتهم و معاداتهم للصدر الأول و لجهاد و ثورة آلأمام الخميني الكبير و من سار على نهجهم إعتباطاً .. و إنّما كان بسبب خوفهم من تعرّض دكاكينهم و مصالحهم الشّخصيّة للزوال, و إليكم القصة الحقيقيّة التالية التي شهدتها عائلة السيد عبد الجبار الموسوي رحمه الله كشاهد و دليل على ما نقول بحسب رواية أبنهم البار الأستاذ الصديق السيد أبو مصطفى الموسوي, حيث يقول:

نصّ لقاء والدي السيد (عبد الجبار الموسوي) رحمه الله مع الشهيد الفيلسوف (محمد باقر الصدر) (رض)؛
[نقل لي والدي رحمه الله كيفية لقائه و تشرفه بزيارة السيد المولى (محمد باقر الصدر), أذ كان والدي و في كلّ سنة خُمسيّة (الوقت الواجب استخراج و دفع خُمس الأموال من المدخول السنوي للمرجعية), حيث كان يذهب هو و زوجته الى النجف الاشرف كعادته و كان ينزل ضيفاً لمدة يوم أو يومين على الذي يدفع له الخمس (بيت عالم أو مرجع ما) و كان عادة بيت المرجع الأعلى في النجف, و كان أخي الاصغر السيد (أبو مصعب الموسوي) من الذين كانوا في الجانب آلآخر يتردّدون لزيارة الشهيد السعيد الصّدر الأول كلّما كان يزور النجف الاشرف لمعرفته بثقل و علميّة هذا المفكر الفقيه خلال السبعينات و الذي كان مُحارباً من قبل المرجعية المعروفة, و كان أخي أبو مصعب أثناء تلك الزيارة برفقة والدي, و قد تفرّقا بعد زيارة ضريح أميرالمؤمنين علي (ع), ليذهب أخي لزيارة مرجعه السّيد الصّدر(رض) و والدي رحمه الله بطريقه لبيت مُضيّفه لدفع أموال الخمس!

و يذكر أنّهُ كانت لزيارة أخي(أبو مصعب) وقعٌ مؤلمٌ أذْ أحسّ في تلك الزيارة بأنّ بيت السّيد الصدر يرثى له, حيث لم يكن يملك فراشاً أو حتى قوت يومه فخرج مسرعا الى والدي ليلتقيه في بيت المرجع الأعلى السيد الخوئي(رحمه الله) ليُثنيه عن أعطاء أموال الخمس لمُضيّفه – أيّ المرجع التقليدي أنذاك – و اعطاءهُ الى الشّهيد الصّدر الأوّل, فسمعَ المضيّف(ألمرجع) محاورة الأبن مع أبيه, ليبادرهما قائلاً و بلكنة عربية – فارسية؛ [أنّ خطّ و حركة هذا المدعو (محمد باقرصدر) سيؤدي في النهاية الى أدخال السّياسة بالدّين, و إنه يُريد أن يكون (خميني) ثان في النجف]!

لكن والدي إقتنع و لأوّل مرّة بآلذهاب الى بيت الشهيد الصّدر للوقوف بنفسه على ما رواه أخي, فاستأذنوا السيد المرجع للخروج لزيارة المشهد الشريف أمير المؤمنين عليّ (ع)؛ لكن المُضيّف (المرجع) أصرّ على إرسال أحد أبناءه معهم لتلقينهم الزيارة, لكن والدي و معه أخي مصعب أصرّا – على رفض مرافقة ألمُرافق معهم .. مُعربين حبّهم بالذّهاب لوحدهم و لكن المُضيّف أرسل أبنه خلفهم للمراقبة!

المهم أنّ أخي مصعب نجح بالوصول مع والدنا الى بيت الشهيد الصدر(قدس), و عندما رأى والدي ما رأى تأذّى و تألّم و أحبّ على الفور ذلك العالم الرّباني الفقيه الكبير و من أوّل نظرة و سلام, و قدّم اليه الخمس و قد كان 200 أو 300 دينار عراقي في وقتها على ما أتذكر - تخيّل أنّ شخصاً لا يملك قوت يومه وعياله ماذا يقول و مُتبرّع يُقدّم لهُ هذا المبلغ الكبير نسبياً!؟

لقد كان جوابه هو؛ آلرفض وعدم قبول استلام المبلغ لأنه فهم بأن هذا الشخص هو من مقلدي السيد الخوئي, و قال لوالدي؛
[إعطه لمن كنت ستعطيها أصلا, فنحن و لله الحمد بخير]!
لكن والدي أصرّ على اعطاءه مبلغ الخمس ذاك بعد أن وعد الشهيد الصّدر بانهُ سيدفع لمضيفه الأول (الخوئي) ما يُعادله من المال و لكن بعنوان الصّدقة. و أنّا لله و أنا أليه راجعون, إنتهت القصة.

و لهذا كلّه لم يُبارك الله في عمل المراجع التقليديين و الحركيين العاملين خصوصا بعد ما تعرّبَ حتى المقلدين لها من المُدّعين إنتمائهم للدّعوة بسبب ولائهم للأستكبار العالمي و الشيطان الأكبر في لندن و واشنطن!

فآلمرجعية التقليدية ركّزت بكلّ ثقلها على الأنكليز و إعتبرتها و كأنها الملجأ و المأوى من كلّ خطر و شدّة و فقر و مرض .. كما إنّ المُدّعين لحزب الدّعوة الأسلاميّة من أمثال أكثر الموجودين في الأئتلاف العراقي الوطني البعثي و في مقدمتهم الرئيس إبراهيم الجعفري لم يبارك الله في دعوتهم .. بل أكبّهم على وجوهم في الدنيا قبل الآخرة لأنهم جميعاً كانوا وليدة تلك التربية الثقافية التقليدية الفقيرة ألمنحطة و المتحجرة .. حيث تربّى معظم أعضاء حزب الدعوة على الأحكام التقليدية المتحجرة الجافة مع إضافة الصبغة السياسية الحركية و آلتشبث بفكر الشهيد الصدر بدعوى كونه فقيه الدعوة بينما لم يتجاوز عدد المقلدين الحقيقيين له من الدعاة 1%,!

فعلى الرغم من أنّ الدعوة كانت تدعي بأن فقيهها هو السيد المرجع (محمد باقر الصدر) إلا أن أكثر من 99% من الدّعاة لم يقلّدوه و لم يحترموا فكر و فقه الصّدر بل كانوا يتّكئون و يميلون للمرجعية التقليدية في مواقفهم و أحكامهم و تعبدهم و يرفعون راية و صور و بوسترات الصدر الأول أمام الأيرانيين لكسب ودّهم و رضاهم كذباً بسبب الهجمة المضادة ألظالمة التي قادها بعض العراقيين الكربلائيين المنافقين لخط الشيرازي المريب على الدعوة بعد ما ألصقوا بها أنواع التهم و الأباطيل طمعاً بآلمال و المقام و التقرب من الأيرانيين الذين سرعان ما كشفوا أمر نفاقهم و دجلهم و إرتباطاتهم المشبوهة بأمريكا و إنكلترا عن طريق المقبور مهدي الهاشمي و محمد المنتظري بل و حتى ممثلي الشيرازي نفسه بشكل مباشر.

لذلك فأن الامام الخميني و رجال الثورة الأسلامية المباركة لم يعرفوا و لم يقدّروا عالما عراقياً سوى الصّدر الأول الذي راسله و كاتبه الأمام الخميني العظيم و معه بعض تلامذته الكبار من أمثال السيد آلشهيد (محمد باقر الحكيم) و السيد كاظم الحائري و السيد (محمود الشاهرودي) اللذين يمثلان أعمدة النظام في الدولة الأسلامية المعاصرة بقيادة ولي أمر المسلمين الأمام الخامنئي دام ظله على الامة و الأنسانية!

لقد كان كلّ هدف حزب الدّعوة – بآلطبع قديماً؛ هو (إستلام السّلطة) و نشر الأسلام, أمّا لماذا تريد إستلام السلطة و ما هو الأسلام الذي يريدون نشره!؟

هذا هو السؤآل الذي يطرح نفسه الآن بقوة!

حيث لم نشهد له إجابة واضحة في ثقافة الدعوة الأسلامية و لا في أي من نشراتها الثقافية, ممّأ يظهر هذا الواقع الفقير ثقافياً و فكرياً عجز المتصدين ألأوائل فيه في بيان حقيقة الأسلام الذي يريدون نشره للعالم, بل إنّ ما كتبه الصدر الأول و ختمه بوصيته قد إستخدمت من قبل المدعين للدعاية و الإستغلال .. بسبب ثقافة الدعوة السطحية الفقيرة و الفكر البالي التقليدي الذي تطبع عليه الدعاة و الذي لم يقو على الصمود و مسايرة الأوضاع على الأقل للحفاظ على الهوية ألأسلامية و لو شكلياً .. ناهيك عن المضمون و المحتوى و حقيقة مآرب الدعاة!

و حتى هذه اللحظة لو تسأل أي عضو في الدّعوة حتى المتصدين لهذا الأسم؛
لماذا تريدون السلطة!؟
لما إستطاع أيّ منهم أن يُجيبك بوضوح أو بجواب قانع, بل لا يتواني على الكذب و التلفيق و اللعب بآلكلمات و التزوير و التبرير, بل حتى تكذيب الواقع السياسي الذي أخزاهم, بل والقول بكونهم يريدون تطبيق الاسلام و لو عموماً, فما فعله الدّعاة أثناء حكمهم بعد 2003م كان أسوء مثل للوجه الشيعي في العراق و في تأريخ الحركات الأسلامية قاطبة!

بل صدقت تماماً حين وسمت القضية بمقال بعنوان: [حزب الدعوة ؛ تأريخ أبيض و واقع أسود]!

لقد برهنوا عملياً بعدم وجود فارق كبير بينهم و بين أيّ علماني أو إشتراكي أو رأسمالي أو ملحد كافر وصل لسدّة الحكم قبلهم أو بعدهم و في أيّ بلد من بلدان العالم!

بل لا يخالف الحقيقة لو وصف مراقب هذا الحزب بكونه حزب علماني بكل معنى الكلمة.

صحيح أن مسألة إستلام السلطة هو المرحلة الثالثة من (المراحل الأربعة) في جهاد و عمل الدّعوة و مسعاه من وراء التنظيم الحزبي, و إن نشر الأسلام هي المرحلة ألرابعة و الأخيرة؛ لكن الخلل الكبير و الواضح الذي كشف عورتهم هو؛
أيّ نظام حكم و بأية صيغة يريدون نشر الأسلام .. و اي إسلام هذا!؟

هذا هو السؤآل المركزي الآخر الذي لم تستطع قيادة الدعوة حتى آلمجلس الفقهائي فيه من الاجابة عليه ... بل كان الوقت قد فات يوم إنتبه ذلك المجلس الفقهائي في تنظيم الدعوة – قبل حذفه – من أن هذه الأشكالية لم تعد بسيطة و يمكن حلّها بمنشور أو بيان أو حتى إصدار سلسلة من الكتب الثقافية .. إنها تمثل محنة الدعوة الفكرية, و لهذا إنسحب جميع الفقهاء و المجتهدين من الحزب بعد ما إنكشف لهم حقيقة الأسلام الأصيل التي كشفتها الثورة الأسلامية و ثقافة الثورة الأسلامية بقيادة نهج الولي الفقيه الذي كان يجهلونه.

فحين لا يعرفون أي إسلام يريدون نشره فلا فائدة ولا شرعية في عمل الدعوة لأنهم أنفسهم لم يفقهوا حتى أبسط تعاريف النظرية الأسلامية و فلسفتها التي نادى بها الأمام الخميني و الصدر الأوّل العظيم و طبقها النظام الأسلامي في إيران عقوداً على أرض الواقع في عصرنا الراهن هذا!؟

ثمّ أين الدّعاة و كلّ الحركيين العراقيين من وصية الصّدر الأول الذي كان المؤسس الأول للحزب بجانب السّيد طالب الرّفاعي و السّيد مرتضى العسكريّ و الذين جميعهم تركوا التنظيم في وقت مبكر جداً بعد ما كشفوا بأن الدين الذي آمنوا به لم يكن هو الدين الأسلامي الحقيقي!؟

أما قصّة الشهيد (السبيتي) فهي محنة أخرى تضاف و تدين جبين الدّعاة جميعاً, فآلنظام الأردني العميل هو المسؤول الأول عن إغتياله .. لكننا رأينا كيف أنّ حكومة العراق بقيادة حزب الدعوة قد أخلصت و أكرمت للبدو الأردنيين بآلمال و النفط المجان و بشكل أذهل الأردنيين أنفسهم رغم إن العصابات الأرهابية الزرقاوية و القاعدية و الداعشية كانت تنطلق من مدن الأردن و عاصمتها لقتل العراقيين المساكيين في بغداد والمدن الغربية!

و هل هؤلاء "الدعاة" حقّاً يُحبّون الصّدر الأول الذي أوصى بآلذوبان في الثورة الاسلاميّة و يعتبرونه فقيههم؟
أم إستخدموه للتغطية و للأستهلاك الأعلامي للحصول على المال و المناصب!؟

فأنا شخصياً و من خلال متبنياتي و قيادتي لخلايا ألدّعوة و الحركة الأسلامية في العراق لفترة وجيزة نهاية السبعينات و في قلب العاصمة و مدن العراق الأخرى لم أعرف أيّة موالاة حقيقية له من قبل الدّعاة ولا حتى خارج العراق أثناء وجودنا في إيران و غيرها .. ربما فقط بآللسان و الأعلام أحياناً, بل وصل الأمر حدّاً لأن يُكذّب بعض الدّعاة على الصدر الأول و على فقيه الدّعوة لاحقا السيد كاظم الحائري الذي كان يشرف على قيادة المجلس الفقهائي عام 1980م وتمّ عزله من قبل قيادة الدعوة و كأنهم – أيّ مجموعة من البعثثين الدّعاة - كانوا أعلى سلطة و أجتهاداً من الفقيه القدير آية الله الحائري الذي كان من أنبه تلامذه الصدر الأول المظلوم .. تصوّروا هذه المحنة الكبيرة أيضا و السقوط الأخلاقي في الهرم الفكري لحزب (الشهداء) الذي تحوّل إلى حزب (الشياطين) للأسف الشديد بسبب التقليد و الثقافة الناقصة التي تربى عليها اعضاء هذا الحزب!

فبعد ما رفض الأمام الخميني(قدس) وساطة آية الله الدكتور السيد محمد حسين بهشتي رئيس مجلس القضاء الأعلى و الحزب الجمهوري الأسلامي وقتها لتفويض ممثل شرعيّ عن (ولاية الفقيه) له في قيادة الحزب ربما لعلمه(قدس)؛ بموضوع تعيين آية الله السيد كاظم الحائري فقيهاً للدعوة في المؤتمر الحزبيّ العام وعضواً بالتزكية في قيادتها العامة عام 1982م بشكل رسمي في الحزب!

حيث لا يمكن وجود ولاية داخل بطن ولاية أخرى, بجانب محاذير أخرى تتعلق بمدى إيمان القيادة الحزبية التي لم تكن موضع تزكية الأمام الخميني الراحل قدس سره.

لكن السيد الحائري و لأيمانه بولاية الفقيه حقاً و وجوب إتباع قيادة الدولة الأسلامية بحسب وصية أستاذه الصّدر الأول(رض), رأى إنّ وجود قيادة فقهية .. يعني(ولي فقيه) فرعية بحسب شروط قيادة حزب الدعوة بجانب (ولاية الفقيه) الأصلية, و هو ما يخالف أصل الولاية و وصية الصّدر الأول و حتى موقف و نهج الامام الخميني العظيم الذي أساساً رفض هذا الشكل و آلترتيب و حتى قضية التحزب و التنظيم مع وجود دولة إسلامية فيها مؤسسات و هيئات و مراكز تنظيمية لأدارة شؤون ليس فقط إيران بل كل العالم, لذلك أوصى السيد الحائري دام ظله الدّعاة الحقيقيين الذين إنشقوا عن المحسوبين على تنظيم الدعوة؛ بضرورة إتباع أوامر الدولة الأسلامية و الأنخراط في مؤسساتها و عدم إتخاذ أيّة قرارات شخصية أو حزبية قد تبعدهم عن نهج و مسير الولاية النائبة آلحقة للأمام الحجة(عج) و ا لمتمثلة بولاية الفقيه, و على إثر ذلك إتخذت (قيادة تنظيم الدّعوة) في وقتها قراراً حطّمت بقايا شرعية عمل حزب الدعوة و ذلك بحذف ليس فقط الفقيه السيد (كاظم الحائري) من هيكلية الحزب؛ بل بحذف حتى (المجلس الفقهائي) لتعيش الدعوة في تناقضات و إنشقاقات كبيرة بآلتالي ليصبح لا هو حزب علماني على وجه و لا هو حزب إسلامي على وجه يرتبط بولاية الفقيه كأصل أثبته الصدر الأول نظرياً و عملياً لبعض الحدود ضمن الأزمنة العراقية المحروقة التي مرت بها الحركة الأسلامية العراقية خلال النصف الأخير من القرن الماضي.

و لعلّ هذا الأمر كان هو السبب الرئيسي في أنحراف وعمالة معظم المُدّعين لقيادة الدّعوة يوم ألتجؤوا للغرب و تعاونوا مع الأنكليز ضاربين عرض الحائط أوامر (ولاية الفقيه) و مصالح الدولة الأسلامية العليا التي تُمثّل ولاية الله في زمن الغيبة الكبرى التي نعيش آخر فصولها بحسب بعض المؤشرات, مُعلنين بعملهم ذاك الولاء المطلق للأستكبار العالمي بعد إستقرارهم في لندن و آلدول الأسكندنافية الأخرى!

و لولا تلك الأنحرافات العميقة و آلخروج عن نهج الولاية لما كان يحدث في العراق ما حدث اليوم من صراعات و خلافات بينهم و حتى بين الآخرين .. سبّبتْ هدر دماء الملايين من النّاس بسبب اللهوث وراء الرئاسة و السلطة و التوافقات الغير الشرعية, و ما كان يحدث حتى ما حدث في مسيرة المعارضة العراقية (أيام المعارضة ضد النظام الصدامي) يوم شقّ بعض الدّعاة المنحرفين و ليس كلّهم عصا الوحدة الأسلامية في المعارضة العراقيّة خصوصا بعد تشكيل (المجلس الأعلى العراقي) الذي كان يسمى بـ (المجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق) و كذلك (قرار الحذف) ثمّ قضية قوات بدر و معسكر(غيور اصلي) التي غيّرت معادلة الصراع في القضية العراقية!

و للأسف الشديد يأتي بعد كلّ هذا أحد المحسوبين على الدّعوة(4) محاولاً تخطئة التأريخ بحسب رأيه و عرض ما جرى بخلاف الحقيقة حين حاول تخطئة و إلقاء اللوم على السيد (كاظم الحائري) في مسألة إنحراف مسار الدعوة و تبرئة "الدّعاة" الذين يُشكّ حتى في تأريخهم الجّهادي و الأيماني قائلاً:

[حدثتْ إشكاليات في الصّلاحيات بينه – أيّ السّيد كاظم الحائري – و بين القيادة العامة لحزب الدّعوة؛ حيث كان الحائري يرى ضرورة ممارسة نفس صلاحيّات الإمام الخميني في قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ فيعين له ممثلين في كل لجان الحزب ومكاتبه و فروعه؛ يكون لهم حقّ النقض الشرعي؛ و هو ما رفضته قيادة الدعوة لأسباب تقنية كثيرة, و نتج عنه خلافات على الصلاحيات و تفسير النظام الداخلي, ما تسبب في إتخاذ مؤتمر الدّعوة في عام 1984 قراراً بحدف مادة فقيه الدعوة من النظام الداخلي و إعادة صيغة المجلس الفقهي, و تسبب ذلك في خروج بعض الكوادر من الدعوة؛ و إتهموا القيادة بعدم طاعة الفقيه](5).

و لعلّ المطلع على أحداث الساحة العراقية بعد الثورة الأسلامية المباركة يتذكر جيداً؛ كيف إن المدعين للدعوة – حيث يصعب عليّ إطلاق صفة الدعاة عليهم – كيف إنهم خالفوا جلّ قرارات و مراد الدولة الأسلامية إبتداءاً بتشكيل المجلس الأعلى و مروراً بمسائل الحرب و قضية معسكر غيور أصلي ثم أخيراً تركهم لدولة الأسلام و لجوئهم في أحضان الأنكليز!

أمّأ مصداق كلامنا و مُدّعانا في إنحراف بعض المحسوبين على حزب الدّعوة و قيادته – خصوصا جماعة ألخارج و حصراً جماعة (أبو ناجي)؛ هو و كما تبيّن بوضوح و بشكل عمليّ من خلال تسلّطهم و هيمنتهم بإسم الدعوة و آلشهداء على الحكومة و البرلمان و آلأئتلاف و حتى مجس القضاء و على مدى أكثر من عشرة أعوام, فالمدّعين للقيادة و كما تجسّد في آلبرلمان و مجلس الوزراء أو الأئتلاف العراقي؛ ما زالوا حتى لحظة كتابة هذه المقالة يأكل كلّ عضو منهم شهرياً حقوق و قوت مئات العوائل العراقية الفقيرة و يعتبرونه غنيمة من أموالٍ (مجهولة المالك) بحسب إعتقادهم!

بجانب هذا يمكنك و بنظرة خاطفة و سريعة أن ترى بأن جميع العلماء الحقيقيين ألمجتهدين من أمثال الآصفي و الكوراني و الحائري و الحكيم و العسكري و التسخيرى قد تركوا التنظيم بعد توصيات الولي الفقيه وتوجّهات الدّولة الأسلامية المباركة, حيث لم يبق في التنظيم حتى مجتهداً واحداً!

و لك أن تتصور أخي القارئ المثقف نتائج و مواقف و أعمال تنظيمٍ إسلامي لا يوجد فيه مجتهدٌ واحد ليُحدّد و يُشخّص لهم شرعاً مواقفهم و اعمالهم التي يقومون بها, خصوصا في المسائل المتعلقة بقضايا الدّم و الأموال و الحرمات و الحقوق و العلاقات العامة و الخارجية و غيرها(6)!؟

ممّا يُدلّل بأنّ الأسلام الدّعوي منذ ذلك الحين و لحد آلآن لم يكن إسلاماً حقيقياً صدرياً خمينياً علويّاً .. بل إسلامٌ لأجل مال و منال و مناصب الدنيا و سلطانها و شهواتها للأسف الشديد و كما أثبت ذلك تصرف الدعاة بعد سقوط النظام الصدامي عام 2003م, و لا علاقة لهم لا من قريب و لا من بعيد بهموم الشهداء و السجناء و الدّعوة الأسلامية الحقيقية التي تركوها بلا عودة للأسف الشديد بسبب موالاتهم العملية الباطنية و الظاهرية للأستكبار العالمي و إئتلافاتهم المشبوهة, و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم!
عزيز الخزرجي
10/10/2010
Azez Hamed Alkazragyللأتصال :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران/173 – 174.
(2) إستطاع الخط التقليدي المتحجر أن يزرع في عقول العوام الهمج مقولة (الأعلمية) كمعيار للمرجعية و هو أساساً لا يعرف أي معيار صحيح لتلك الأعلمية, حتى المرجع المدعي نفسه .. لا يعرف تلك المعايير, لكنه كان إسلوباً ذكياً جداً إتبعه التقليديون لأستحمار الأمة و ربطها و لجم فمها كي لا تكسر طوق الجهل المركب الذي نشره المراجع التقليديون في عقول الامة للأسف الشديد ليخيم السكون و الصمت و الجهل عليهم, و لا أنسى كيف إن جميعهم كانوا يتهمون الأمام الصدر الأول في السبعينات بشتى التهم و الكلمات التي لم أسمعها حتى من أسوء خلق الله و هم البعثيون المجرمين و حتى الملحدين الذين عرفوا قدره حتى صمموا له تمثالاً كبيراً في قلب موسكو, بينما لا زال التقليديون يعتبرون الصدر الأول متطرفا و مخطئاً في مواقفه!
(3) للمزيد من التفاصيل حول محطات المعرفة و العشق الألهي راجع مؤلفنا المكون من أربعة أجزاء بعنوان : (اسفارٌ في أسرار الوجود), و للأسف لا أتذكر آلآن في أي جزء فصّلت الكلام فيه, لكنه على العموم أسفارٌ مفيدة و قرائتها للمثقف و الأكاديمي واجبه بنظري.
(4) هو السيد علي المؤمن المقيم حالياً في النجف الأشرف بعد سقوط النظام و عودته من لندن مع جماعة لندن, له بعض المؤلفات عن تأريخ الدّعوة و التنظيم الأسلامي, يطغى على كتاباته تقرير الوقائع التأريخية للحركة الأسلامية العراقية الحديثة.
(5) راجع المقال الأخير الذي كتبه الأخ على المؤمن في صفحته على الفيس بوك بعنوان:
(متلازمة حزب الدعوة و المرجعية الدينية), في موقعه الشّخصي على الفيس بوك.
(6) بآلطبع و لأجل رفع الأشكال و التغطية على هذا الأنحراف العظيم و الكبير و لو أمام التقلييديون, صرح الناطق الرسمي للحزب – بل هكذا هم أساساً – أشاعوا حتى أيام إيران بأن كل داعية يرجع في فتاواه للمرجع الذي يقلده, و إذا خالف رأي مرجعه قراراً من قرارات الدعوة فللداعية الحق في إنتخاب ما يراه صالحاً, ولكم الحكم و التناقض في هذه الثقافة المنحطة التي أقل ما يسببه حالة التناقض و العصيان و الانحراف في وجود العضو الحركي!
و من هنا يفهم القارئ اللبيب سبب حذف المحسوبين على الدعوة الحقيقية للسيد الحائري الذي أراد لهم إرتباطاً حقيقياً و ولائياً بآلدولة الأسلامية و ليس كما أشاع بعضهم و بعكس ذلك!



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يستقيم ألعراق .. إلّا؛
- فساد السعودية إلى أين؟
- العراق نحو المجهول!
- ضد السياسة و التقليد!
- الكلام ينزف أيضا
- في الشهر الحرام و البيت الحرام: السعودية تريق دماء ضيوف الرح ...
- مسؤولية الدولة الأسلامية أمام المسلمين
- مملكة العشق
- واقعة صفّين من جديد!
- هل سيرحل الطاغية البارزاني؟
- النفط العراقي لأسرائيل
- ألتغيير الحقيقي:
- إلى المتظاهرين العراقييين:
- أين العيد؟
- هل حقّاَ هو العيد؟
- ألشعب ألعراقيّ يستحقّ آلفناء!
- ألعارف و آلمجتمع
- نفاق -الفقهاء- في شهر الله!
- نقد ألنّص ألديني:
- فضائح وهابية أكبر من هدم الكعبة!


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - قصّتنا مع الله