جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 18:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يفسر البعض أن قتل الأبرياء في الغرب هو رد فعل طبيعي متراكم على جرائم الإستعمار الغربي في بلادنا. يذكروننا بالمذابح التي كان إرتكبها الفرنسيون في الجزائر في فترة إحتلالهم لها, ثم يرحل بنا هذا البعض إلى زمن المعارك الصليبية عائدين بنا إلى قصة صلاح الدين وريشارد قلب الأسد التي حفظناها عن ظهر قلب والتي تصور الأوروبيين لوحدهم الغزاة الهمجيين أما تاريخنا فهو الناصع البياض.
طيب إذا كان هذا تفسيرا معقولا أليس من الحق علينا أن نتذكر إننا كنا البادئون في الغزو. لقد غزونا أسبانيا وإستولينا على الأندلس بحجة نشر الإسلام فلماذا ندين قصة الغزو الصليبي لأراضينا قبل قرون عدة, مع إننا من يكرر القول أن البادئ أظلم.
ألسنا نحن الذين ما زلنا نفتخر حتى هذه اللحظة بأننا وقفنا في فتوحاتنا على أبواب باريس ولولا الخلافات بيننا لكُّنا حولنا كنيسة نوتردام إلى جامع.
هم أيضا كانوا أكدوا من جانبهم أن هدف غزواتهم الصليبية كان إستعادة كنيسة يوم القيامة , فلماذا يكون من حقنا أن ننشر ديننا بالفتوحات ولا يحق لهم ذلك. سيقول الفقيه لأن الدين عند الله الإسلام فيكون من الحق أن نسأل هل كان الله عاجزا عن نشر دينه بالحسنى بدلا من الذبح والسبي والقمع تحت راية الفتوحات, وأية ملهاة هذه, بل قل اي إله هو هذا الذي يرضى بنا بعد أن نقدمه بهذه الصورة الداعشية.
وماذا سيتبقى من قصة الرحمن الرحيم بعد أن نقدمه كجنرال حرب. بل ماذا يتبقى من دين سماوي إذا حولته معارك الصحابة وفتوحاتهم إلى دين تراث إحتلت فيه ذوائب سيوف الصحابة مكان الروح الحقيقية لما يجب ان تكون عليه الدعوة, وراح التكفيريون ينقبون فيه عن كل ما يفيدهم في مسلسل الذبح حتى حولوا الخالق إلى داعية للقتل والتدمير ومبشرا بجنة الغيب بديلا لجنة الواقع.
أي عودة غير منصفة للتاريخ هي عودة مضللة, والمفروض قراءة التاريخ بعين منصفة تطلب السلام ولا تعدو وراء الحروب والإنتقام, وإن ذلك ليس معناه أن نلقي السلاح ولا ندافع عن حريتنا ومستقبل بلادنا, وإنما معناه أن لا نقرأ قصة التاريخ الدامي بالعين التي لا ترى سوى البشع الذي فيه, والإرهاب يأكل من صاحبه أكثر من ما يأكل من عدوه لأنه لا ينشأ إلا بوجود ما يدعمه ويحميه من الثقافات المتخلفة والجاهلة. بمقياس منطقي بسيط سيوفر الإرهاب كل المبررات الإخلاقية والقانونية لإفنائنا حضاريا وحتى بشريا. ولأن الغرب المعتدى عليه في هذه الحالة هو الذي يملك وسائل الإقناع لشعوبه ووسائل الإفناء لغيره بينما لا يملك الإرهاب سوى الأحزمة الناسفة والغدر فإن مستقبل منطقتنا برمته مهدد بالزوال أو الذهاب إلى يوم ليس فيه غير اللحى المتسخة بقذارة العقول التي تحملها
وحتى لو أسسنا موقفنا من الأنظمة الغربية الحالية على ضوء موقفها من قضايانا فإن الشعوب بريئة من تحمل أوزار وتبعات أخطاء حكامها, أما تجاوز حقيقة القفزات الإنسانية التي حققتها تلك الشعوب فهو مثل محاولة إخفاء ضوء الشمس بغربال.
الله ليس جنرال حرب يا سادة
الله ينبغي أن نقدمه كحمامة سلام
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟