أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - بهجت عباس - هل يُمكن علاج أورام الدّماغ دون عمليّة جراحية؟















المزيد.....

هل يُمكن علاج أورام الدّماغ دون عمليّة جراحية؟


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4991 - 2015 / 11 / 20 - 23:03
المحور: الطب , والعلوم
    



التجربة التي أُجريِتْ في أوائل هذه الشهر (نوفمبر) في مستشفى سنيبروك في تورنتو- أونتاريو – كندا تدعو إلى التفاؤل، وذلك باختراق حاجز الدم الدّماغي لإيصال علاج كيميائي إلى الدماغ خلال هذا الحاجز، والذي لم يكن يستطيع النفاذ خلاله من قبل. ولكن قبل أن أصف هذه التجربة التي أخذتُ مصدرها من جريدة The Globe and Mail الكندية ومن الإنترنت أودّ أن اذكر بعض الشيء عن هذا الحاجز وعمله وذكرياتي معه.

حاجز الدم الدِّماغي Blood-Brain Barrier (BBB)
أول مرة لفت انتباهي لهذا الاسم الغريب كان في عام 1968 أو ربّما قبله بسنين أثناء دراستي مادة الفسيولوجي في كلية الصيدلة والكيمياء، لا أتذكّر. ولكنّني عرفته عند تسجيلي مادّة الإنسيفابول Encephabol في وزارة الصّحّة ذلك العام. والإنسيفابول عَقّارٌ أنتجته شركة أ. ميرك الألمانية عام 1961 وقد كنتُ مدير مكتبها العلمي في بغداد. هذا العقّار (بايريثيوكسين) وهو مشتقّ من فيتامين B6 – - بايريدوكسين، كما جاء في تعليمات شركة ميرك، يزيد من دخول جزيئات الأوكسجين والكلوكوز إلى الدِّماغ عبر حاجز الدم الدِّماغي إلى أنسجة الدّماغ فيزداد النشاط والحيوية لدى من يستعمله. لم أكنْ أعرف كيف يعمل هذا الحاجز وكيف تزداد جزيئات الأوكسجين والكلوكوز وبعض المواد الحيوية للدماغ ولكنّ العقّار ذاته لا ينفذ إلى الدِّماغ. وكنتُ أدرّس موظفي المكتب خصائص هذه المادة للدعاية لدى الأطباء بتوزيع نماذج منها مجّاناً ونشرات عنها وترويجها في الصّيدليات، وكنتُ شخصيّاً أقوم بهذا العمل أحياناً ، وخصوصاً لدى الأطبّاء المختصّين في الأعصاب. وذات مرّة زرت صديقي المرحوم الدكتور حسن القاسمي، أحد أطبّاء الكاظميّة المعروفين ولم يكن ذا اختصاص بل طبيب عائلة، ولكنّه وزوجته الطبيبة التركيّة يفحصون عشرات المرضى يومياً، وبدأتُ أشرح له هذه المادّة (علميّاً) وتأثيرها على حاجز الدّم الدِّماغي. فلمّا عرف أنّها تعمل على الدّماغ، قال لي: عيني بهجت أخاف أن أكتبها للمريض ويتخبّل! (يصيبه الخبال.) و(نصحني) بأنْ أروّج لها لدى الدكتور علي كمال ودكتور جاك عبّودي مثلاً وغيرهما من أطبّاء الأعصاب! أصبتُ بخيبة، ولكنّي لم أقنط، فقد زرته بعد شهر وأعطيته نموذجاً منها وقدّمتها بصورة أخرى قائلاً: إذا جاءك مريض يشكو التعب والخمول في النهار ولا يستطيع النوم أو أصابه داء النسيان أو عند سياقته السيّارة ينسى الجهة المقصودة وغير ذلك، فإنّ هذا العقّار ينبّهه ويشحذ ذاكرته فهو يساعد على التركيز ويحسِّن المزاج. فسألني إن كان له عوارض سيّئة، فأجبته بالنفي (حسب تعليمات شركة أ. ميرك حينذاك ولكن الآن، حيث لا يزال مستعملاً في أوروبا وأمريكا وكثير من الدول، ظهرت له عوارض سيئة في بعض متعاطيه تنحصر في الدوخة والغثيان وغير ذلك.) فكان جوابه أنْ سيكتبه لكثير من المرضى، وقد فعل! صار هذا الدواء شائعاً في العراق. وعند زيارتي أحد الأيام لصيدلية الأنصاري في الكاظمية لصاحبها الصديق المرحوم الصّيدلي عبد العزيز الأنصاري سنة 1972 شاهدتُ المرحوم الدكتور علي الوردي جالساً فيها، فهو صديقه أيضاً. فالتفت الصيدلي عبد العزيز إلى الدكتور علي الوردي وقال له هذا صاحب الإنسيفابول! فرحّب بي الدكتور علي الوردي وطلب منّي نماذج منه قائلاً إنّه يستعمله ويشتريه وهو غالٍ (حيث كانت العلبة ذات العشرين حبّة تباع بسعر 600 فلس) وإذا لم يستعمله لا يستطيع أنْ يكتب! لا أتذكّر إن كنت أعطيته علبة واحدة أو علبتين. تمرّ هذه الذكريات سراعاً وأنا أقرأ التجربة الفريدة التي قام بها الدكتور تود مينبرايز Tod Mainprize في مستشفى سَنِيبروك (Sunnybrook) – تورنتو – كندا، وهي عملية تُجرى لأول مرّة على الدِّماغ باستعمال تقنية (تفتح) حاجز الدم الدّماغي لإدخال عقاقير لا (تنفذ) عادة خلال هذا الحاجز إلى أنسجة الدِّماغ ولكنّها بواسطة هذه التقنية تستطيع النفاذ/ العبور! فما هو هذا الحاجز؟
هو طبقة من خلايا مكدّسة تكوّن غشاء شعيرات الدم الصغيرة للدماغ يشكل حاجزاً أو مانعاً لنفاذ الموادّ التي يحملها الدم إلى المخ عبر الغشاء ما عدا كريّات الدم البيض، والكلوكوز والأوكسجين وبعض الموادّ الذائبة في الشحوم الموجودة في الغشاء. أمّا خلايا الدّم الحمر فلا تستطيع النفاذ. فكثير من الأدوية والجراثيم التي يحملها الدّم لا تنفذ إلى الدماغ وبهذا يقي نسيج المخ من الأضرار، فهذا الحاجز انتقائي، يمنع البعض ويسمح للبعض أنْ تدخل إلى المخ حيث يكون مفصولاً عن مجرى الدم. يتكون هذا الغشاء من خلايا دماغية وخلايا أوعية دمويّة. والصورة أدناه توضّح هذا التركيب الثلاثي؛ مجرى دم، غشاء ومخّ.











فالأوعية الدموية تحمل الكلوكوز والأوكسجين وما يأتي من الغذاء والهواء الذي نتنفّس وضمنها الجراثيم والمواد السامّة أيضاً إلى جميع أجهزة الجسم ولكنّها عندما تصل الدماغ (تُصفّى) بهذا الحاجز حيث يمنع المواد الضارّة ويسمح للمفيد منها الدخول ولكن ليس كلُّ مفيد مسموحاً له.
العمليّة الفريدة
في الخامس من هذا الشهر، نوفمبر (تشرين الثاني 2015) أجرى الدكتور تود مينبرايز في مستشفى سنيبروك في تورنتو عملية لامرأة عمرها 56 عاماً تحمل ورماً في دماغها شُخِّص قبل ثماني سنين أنّه غير ذي ضرر benign ولكنّه قبل 5 أشهر من العمليّة تحوّل إلى سرطان بطول 5 سم وعرض 3 سم. فاستعمل الدكتور تود الموجات فوق الصوت المُمَركزة focused ultrasound waves وتصوير الرنين المغناطيسي MRI لـ(فتح) حاجز الدم الدِّماغي. وفي اليوم التالي أجرى الدكتور تود العمليّة الجراحية التقليدية لإزالة هذا الورم. وفُحِص الورم لمعرفة كميّة مادة العلاج الكيميائي التي عبرت هذا الحاجز ودخلت الورم. أمّا كيف جرت العملية ؟ فهي كالتالي:
حقن الدكتور تود العلاج الكيميائي وريديّاً في المريضة وبعدها مباشرة حقن فقاعات صغيرة من الهواء لتُسَرّعَ في رؤية صور الموجات فوق الصوت. واستعمل الرنين المغناطيسي MRI لتشخيص المنطقة المطلوبة أو الهدف. أمّا الموجات فوق الصوت المُـمَـركزة فقد سبّبت توسّع أو تضخّم الفقاعات الهوائية في الشعيرات الدموية للدّماغ وانكماشها. وهذان، التوسّع والانكماش في الشعيرات الدموية أحدثا تصدّعات (تشقّـقات) صغيرة في طبقة الخلايا المبطّنة Endothelial cells لحاجز الدّم الدّماغي ممّا (سمح) لجزيئات العلاج الكيميائي للنفاذ إلى المنطقة الهدف في الدّماغ. أمّا الفقاعات الهوائية الصغيرة فلم تستطع المرور إلى الدّماغ وبقيت دقائق معدودة واختفت. وأمّا التصدّعات أو التشقّـقات الصغيرة في جدار هذا الحاجز فانغلقت في مدّة تتراوح بين 8-12 ساعة كما يُظَنُّ.
بهذه الطريقة أستطاع الدكتور تود ورفاقه أنْ يجعلوا هذا الحاجز يسمح للأدوية التي تعالج السرطان، كالعلاج الكيميائي مثلاً، أن تنفذ إلى الدماغ لعلاج الأورام بدلاً من العمليات الجراحيّة. وكما يقول الدكتور كوليرفـو هاينينن Kullervo Hynynen ، رئيس العلوم الفيزيائية في مركز العلوم الصحّية في سنيبروك ومصمّم هذه التقنية لجريدة كلوب أند ميل الكندية The Globe and Mail في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي "إنّ 98% تقريباً من الجزيئات التي تُستعمل لعلاج الأورام لا يُمكن استعمالها حاليّاً لأنّها لا تستطيع عبور حاجز الدّم الدِّماغي وهذه تشمل الأجسام المضادّة Antibodies ، التي أظهرت فعّالياتها في إزاحة الصفائح الدّماغية في مرض ألزهايمر في الدراسات التي أجريت على الحيوانات، أو الخلايا الأوليّة (الجذعيّة) التي يمكن استعمالها في علاج الجلطة الدّماغية ." وهذا يعني أنّ كثيراً من الأمراض (الدماغية) مثل ألزهايمر والرعاش (باركنسون) يُمكن علاجها بأدوية تستطع اختراق حاجز الدّم الدّماغي لتصل إلى أنسجة الدّماغ.



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المَرثيَة الثانية – راينر ماريا ريلكه
- السّجين- راينر ماريا ريلكه
- جولة قصيرة في ربوع دنا DNA الخليّة البشريّة
- رَجْعُ السِّنين (شعر)
- الفساد ليس جديداً في العراق - نبذة من الحياة قبل خمسين عاماً
- Seraphine- للشاعر الألماني فريدريش هاينه (1797-1856)
- إلى الفرحة - للشاعر الألماني فريدريش شيلر (1759-1805)
- موسوعة الشعراء الكاظميّين - وذكرى الأيّام الخوالي
- اكتشاف فيروس للغباء
- المعجم الكيميائي الجامعي – تأليف الدكتور مجيد محمد علي القيس ...
- ترجمة ألمانية لنصّ الشاعر عمّار يوسف المطّلبي (لا تفقد الأمل ...
- ترجمة ألمانية لنصّ االشاعر سعد جاسم (جثّة تمشي)
- أيّهما أهمُّ: الجين (المُنتِج) أم البروتين (المنتوج) وكيف تؤ ...
- خماسيّتان بثلاث لغات
- علاج الجين، أهو طبّ المستقبل؟
- أغنية حبّ - راينر ماريا ريلكه (1875-1926)
- Der gegenueberliegende Buergersteig
- لورَلايْ – Lorelei
- الصمت - Das Schweigen
- الجينات تسيطر على الإنسان، فهل يستطيع الإنسان أن يسيطر على ج ...


المزيد.....




- ” سجل الآن من هنا “.. التسجيل في مسابقة الشبه الطبي في الجزا ...
- مخدر الاغتصاب GHB .. مراحل تأثيره السلبى على الجسم وكيف يحدث ...
- وكالة الفضاء الأوروبية تمول شركات صناعات الفضاء الخاصة بملاي ...
- نوع من الفطر قد يبطئ نمو الورم السرطاني ويطيل العمر
- للمرة الأولى.. اصطفاف مجرتين بشكل مثالي يساعد على رؤية الكون ...
- أوبئة عادت لتهدد العالم فى 2024.. فيديوجراف
- عوائق جديدة أمام رحلات الفضاء المأهولة إلى المريخ
- احذر.. هذه المادة تقلل خصوبة الرجال وتسبب السرطان
- تفكيك -غوغل-: محاولة غير مسبوقة لكبح الاحتكار وتقويض عمالقة ...
- 10نصائح لخفض مستويات الكوليسترول المرتفعة وتحسين صحة القلب


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - بهجت عباس - هل يُمكن علاج أورام الدّماغ دون عمليّة جراحية؟