أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)















المزيد.....

أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4990 - 2015 / 11 / 19 - 10:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



باب أسباب النزول (أى الذى تناول فيه مفسرو القرآن شرح وتفاصيل الواقعة التى بسببها نزلتْ بعض الآيات) وهذا الباب المهم يكرهه ويُـعاديه كل الأصوليين الإسلاميين (لا فرق بين مُـعتدلين ومُــتشـدين) لأنّ شرح أسباب النزول يكشف عن حقيقة يود أصحاب العاطفة الدينية (لو أنّ الأمر بيدهم) لمنعوا قراءة الكتب التى تناولتْ هذا الباب من الفقه الإسلامى ، ومن كل الدراسات والرسائل العلمية التى تتناول القرآن ، وأنّ الآيات العديدة التى فرضها الواقع تكشف عن أنّ القرآن كان مرآة وترجمة لهذا الواقع . وكان رواة الأحاديث الذين اعتمد عليهم البخارى، لديهم درجة عالية من الصدق مع النفس (سواء بسذاجة أو بغرض التمجيد والافتخار) وهم يحكون ما سمعوه من أحاديث قالها نبى الإسلام (بغض النظر عن صدقهم أو تلفيقهم)
فمثلا آية التيمم عالجتْ شـُـح الماء فى الجزيرة العربية. وماذا يحدث فى حالة (الغائط) وملامسة النساء فيكون البديل التيمم وهو ما نصّـتْ عليه الآية رقم 6 من سورة المائدة . والتيمم يكون بالتراب (الطاهر) أما سبب نزول تلك الآية : عن فلان عن فلان عن عائشة زوج النبى (أى زوجة النبى) قالت : خرجنا مع رسول الله فى بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبيداء (أى الصحراء) انقطع عـُـقد لى فأقام رسول الله على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء ، فأتى الناس إلى أبى بكر الصديق وقالوا : ألا ترى ما صنعتْ عائشة ، أقامتْ برسول الله وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه على فخذى ، فقد نام . فقال : حسبتُ رسول الله والناس ليسوا على ماء وليس معهم ماء . فقالت عائشة : فعاتبنى أبو بكر وقال : ما شاء الله أنْ يقول وجعل يطعننى بيده فى خاصرتى ، فلا يمنعنى من التحرك إلاّ مكان رسول الله على فخذى . فقام رسول الله حين أصبح على غير ماء ، فأنزل الله آية التيمم (حديث رقم334) وهذا الحديث رديىء الصياغة ركيك الأسلوب أرهق عقلى بسبب الاسهاب والانتقال من مشهد إلى مشهد ، بينما العبرة بأسباب نزول آية التيمم ، لم ترد صريحة ومباشرة ، وعلى القارىء أنْ يستنتجها من كلام عائشة أنّ النبى نام على فخذها ، فلماذا نزلتْ آية التيمم إلاّ إذا كان قد نال شهوته الجنسية وعليه أنْ يتطهر، ونظرًا لعدم وجود الماء نزلتْ آية التيمم .
أما الحديث المروى عن عمر بن الخطاب فهو وثيقة دامغة على أنّ (الله) كان يستجيب لرغبات البشر. قال عمر: وافقنى ربى فى ثلاث ، فقلتُ يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فنزلتْ ((واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)) وآية الحجاب قلتُ : يا رسول الله لو أمرتَ نساءك أنْ يحتجبن ، فإنه يـُـكلــّـمهنّ البر والفاجر، فنزلتْ آية الحجاب . واجتمع نساء النبى فى الغيرة عليه فقلتُ لهنّ : من عسى ربه أنْ طلقكنّ أنْ يـُـبدلنه أزواجـًـا خيرًا منكنّ ، فنزلتْ آية الحجاب (حديث رقم402) وهذا الحديث ورد فى أمهات الكتب التراثية ، ولكن ما ورد فى صحيح البخارى جاء مبتورًا ، حيث ذكر آخرون أمثال النسائى وابن ماجة وأنس بن مالك ، أنّ (الله) وافق عمر فى مواقف أخرى ، فمثلا عندما نزلتْ آية ((ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين)) قال عمر ((تبارك الله أحسن الخالقين)) فنزلتْ ((فتبارك الله أحسن الخالقين)) (المؤمنون/ 14) وتوجد آية خامسة نزلتْ على لسان عمر بن الخطاب ، ذكر تفاصيلها ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى أنّ يهوديًا لقى عمر فقال : إنّ جبريل الذى يذكر صاحبكم عدو لنا . فقال عمر ((من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ، فإنّ الله عدو للكافرين)) (البقرة/98) وقد أسهب السيوطى فى ذكر تفاصيل تلك الواقعة ، وأهم ما ذكره أنّ عمر قال ((ثم أتيتُ النبى وأنا أريد أنْ أخبره ، فلما لقيته قال : ألا أخبرك بآيات نزلتْ علىّ ؟ فقال عمر: بلى يا رسول الله فقرأ ((من كان عدوًا لجبريل.. إلخ)) فقال عمر: يا رسول الله. والله ما قمتُ من عند اليهودى إلاّ إليك لأخبرك بما قالوا لى ، وقلتُ لهم فوجدتُ الله قد سبقنى)) (المصدر: أسباب النزول للواحدى النيسابورى ص17، 18)
أما أهم واقعة حدث فيها التوافق التام بين (الله) وعمر، فهى الواقعة التى عالجتْ موضوع أسرى غزوة بدر، حيث استشار النبى أبا بكر، فأشار عليه بالرفق بهم مع أخذ الفدية منهم ، بينما رأى عمر ضرورة ضرب أعناقهم ، تجاهل النبى رأى عمر وأخذ رأى أبى بكر، واستلم (الفدية) من أهالى الأسرى ثم أطلق سراحهم ، ثم كانت المُـفاجأة التى أسعدتْ عمر، حيث استجابتْ السماء لرأيه وأيـّـدتْ موقفه من ضرورة قتل الأسرى . وفى حديث عن ابن عمر قال فيه : استشار رسول الله فى الأسرى فقال أبو بكر: هم قومك وعشيرتك ، فخلّ سبيلهم . واستشار عمر فقال : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله. فنزلتْ ((ما كان للنبى أنْ يكون له أسرى حتى يــُـثخن فى الأرض تــُـريدون عرض الدنيا والله يـُـريد الآخرة)) (الأنفال/ 67) وذكر الفخر الرازى الحديث بشىء من التطويل وجاء فيه ((فقام عمر وقال للرسول : كذبوك (أى الأسرى) وأخرجوك فاضرب أعناقهم ، فإنّ هؤلاء أئمة الكفر. وإنّ الله أغناك عن الفداء ، فمكــّـن عليًا من عقيل وحمزة من العباس ، ومكــّـن من فلان فينتسب له فنضرب أعناقهم)) ولكن الرسول مال إلى قول أبى بكر. وكان تعليق الراحل الجليل خليل عبد الكريم على موقف عمر بأنْ كتب ((ولا ندرى كيف يـُـواجه الإمام على رضى الله عنه وكــرّم وجهه إخوة عقيل وأسرته لو قتله ؟ وكيف يـُـصبح موقف حمزة من أم الفضل (زوجة العباس) وأولادها منه لو نفــّـذ مشورة عمر، وقتل أخاه الذى هو فى ذات الوقت عم (يس / ياسين) الذى أفزعته تلك المشورة فقال لصاحبها (أى لعمر) أتأمرنى أنْ أقتل العباس ؟ فقال عمر: ويلٌ لعمر ثكلته أمه)) (المصدر: التفسير الكبير- الفخر الرازى – المجلد السابع – ج 14 – ص 538، 539) ونقل القرطبى ذات الحديث . وكان عمر يقول ((كان الاثخان فى القتل أحب إلىّ)) (النيسابورى – نقلا عن خليل عبد الكريم فى كتابه " النص المؤسس ومجتمعه " – السفر الأول – دار المحروسة – عام 2002- ص 236، 237) وقد تعمّـدتُ نقل ما ورد فى أحاديث أخرى غير التى أوردها البخارى ، من منطق أهمية قراءة مجمل الكتب التى أوردتْ الأحاديث ، حتى تكون الصورة مـُــكتملة.
وبالرجوع إلى البخارى ورد الحديث التالى : عن فلان عن فلان عن ابن عباس قال : انطلق النبى فى طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلتْ عليهم الشهب فرجعتْ الشياطين إلى قومهم . فقالو ما لكم ؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء)) والحديث طويل جدًا وانتهى بأنّ الجن قالوا (إنــّـا سمعنا قرآنــًـا عجبًا ، يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نــُـشرك بربنا أحدًا)) (سورة الجن/ 1، 2) فأنزل الله تلك الآية على نبيه والتى تبدأ ب ((قل أوحى إلىّ أنه استمع نفر من الجن.. إلخ)) وإذا كان هذا الحديث عالج مسألة (أسباب النزول) فإنه أكــّـد – فى ذات الوقت – على البـُـعد الميتافيزيقى فى علاقة (الشياطين) بالسماء ، وأنّ الشياطين هى التى حالتْ بين الجن وخبر السماء .
وعن فلان عن فلان عن جابر بن عبد الله قال : بينما نحن نصلى مع النبى ، أقبلتْ عــِـير (أى جمال أو غيرها) تحمل طعامًا ، فالتفتوا إليها حتى ما بقى مع النبى إلاّ اثنا عشر رجلا ، فنزلتْ آية ((وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًـا)) (حديث رقم 936- والآية وردتْ فى سورة الجمعة/11) وذلك الحديث كشف عن 1- أنه لولا انصراف الناس عن الصلاة وتركوا النبى وهو قائم يـُـصلى ، لما نزلتْ الآية. 2- أنّ الآية وصفتْ (واقعة حقيقة حدثتْ بالفعل) 3- أنّ الذين تركوا الصلاة تصرّفوا تصرفــًـا انحازوا فيه للواقع (المادى) أى أنهم كانوا مع مصلحتهم فى الحياة الدنيا ، ولم يهتموا بثواب (الآخرة) لو أنهم صبروا حتى تمام الصــلاة 4- أنْ الآية ذكرتْ أنهم كانوا ينصرفون عن الصلاة إذا ((رأوا لهوًا)) أى ليست التجارة فقط .
وعن فلان عن فلان عن جندب بن عبد الله قال : احتبس جبريل (أى امتنع ولم ينزل) على النبى ، فقالت امرأة من قريش : أبطأ عليه شيطانه ، فنزلتْ ((والضحى والليل إذا سجى)) (حديث رقم 1125) أى أنه لولا كلام تلك المرأة (من قريش) التى شبـّـهتْ جبريل بالشيطان ، لما نزلتْ سورة الضحى ، رغم أنّ آيات تلك السورة (وعددها 11 آية) ليس فيها آية واحدة تــُـشير إلى تأخر جبريل على النبى ، فلماذا تمّ ربطها بكلام المرأة القرشية ؟ وهل توجد تفاصيل لم يذكرها راوى الحديث أو ذكرها وامتنع البخارى عن ذكرها ؟
وعن فلان عن فلان عن ابن عباس قال : قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبى : تبـًـا لك سائر اليوم، فنزلتْ ((تبـّـتْ يدا أبى لهب وتب)) (حديث رقم 1394) أى أنه لولا كلام أبى لهب الذى سبّ النبى بكلمة (تبــًـا) ومعناها فى قواميس اللغة العربية ((ألزمه الله هلاكــًـا وخسرانــًـا)) (مختار الصحاح- المطبعة الأميرية بمصر- عام 1911- ص 88) وبدلا من أنْ يرد النبى الإهانة تولى تلك المهمة القرآن فى سورة كاملة وصفت فيها الموقف من أبى لهب (الذى اختلف مع نبى الإسلام) فقالت ((تبـّـتْ يدا أبى لهب . ما أغنى عنه ما له وما كسب . سيصلى نارًا ذات لهب . وامرأته حمالة الحطب . فى جيدها حبل من مسد)) (سورة المسد كاملة)
وعن فلان عن فلان عن أبى إسحاق قال : سمعتُ البراء (رضى الله عنه) يتكلــّـم عن آية ((وليس البر بأنْ تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى . وأتوا البيوت من أبوابها)) وبعد أنْ ذكر الآية قال : نزلتْ هذه الآية فينا ، حيث كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا لم يدخلوا من قبـِـل أبواب بيوتهم ولكن من ظهورها ، فجاء رجل من الأنصار فدخل من قـِـبل بابه ، فكأنه عـُـيّـر بذلك ، فنزلتْ الآية (حديث رقم 1803) وتلك الآية وردتْ فى سورة البقرة/189. وهذا الحديث (بغض النظر عن صحته أو ضعف سنده) يجعل العقل الحر يتساءل 1- كيف ولماذا كان الأنصار يدخلون بيوتهم من (ظهورها) ؟ 2- هل توجد أسباب (لم يذكرها أحد) أنهم لم يكونوا يدخلون بيوتهم (من أبوابها) كما جاء فى الآية ؟ 3- ما علاقة (التقوى) بمسألة دخول البيوت (سواء من ظهورها أو من أبوابها) ؟ وهل يـُـفهم من الآية أنّ الأنصار كانوا يفعلون شيئــًـا ضد مفهوم (التقوى) ؟ وهذه الأسئلة سكت الحديث عن الافصاح عنها 4- أنه لولا ذلك التصرف (المـُـريب) من الأنصار، لما نزلتْ تلك الآية ، أى أنها جاءتْ لتصف حالة واقعية.
وعن فلان عن فلان عن مجاهد قال : سمعتُ عبد الرحمن بن أبى ليلى ، أنّ كعب بن عجرة حدثه قال : وقف أمامى رسول الله فى الحديبية ورأسى يتهافت قملا ، فقال (يؤذيك هوامك ؟)) قلتُ : نعم . قال : ((فاحلق رأسك)) قال ((نزلتْ فىّ آية ((فمن كان منكم مريضـًـا أو به أذى من رأسه.. إلخ)) (البقرة/ 196) أى أنه لولا ذلك المشهد الذى حدث مع (كعب بن عجرة) والقمل (يتهافتْ) من رأسه (والأدق لغويًا يملأ رأسه) وحوار النبى معه ، لما نزلتْ تلك الآية.
وعن فلان عن فلان عن عبد الله بن يزيد قال : سمعتُ زيد بن ثابت يقول : لما خرج النبى فى غزوة (أحد) رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة منهم : نقتلهم . وقالت فرقة (أخرى) لا نقتلهم ، فنزلتْ ((فما لكم من المنافقين فئتيْن والله أركسهم بما كسبوا.. إلخ)) (سورة النساء/ 88) وفى نهاية الحديث قال النبى ((إنها تنفى الرجال كما تنفى النار خـَـبث الحديد)) (حديث رقم 1884) والمـُـلاحظ على هذا الحديث 1- أنّ الحديث لم يذكر ماذا كان قصد النبى من قوله (إنها) فهل كان يقصد (الفتنة) أم يقصد الفئة التى قالت (نقتلهم) أم الفئة التى قالت (لا نقتلهم) ؟ وهذه الأسئلة تدخل ضمن ما اعتبرته (الأحاديث المبتورة من سياقها) 2- الحديث يُـوضــّـح الانقسام داخل أتباع النبى حول (قتل الخصوم) وما حدث فى غزوة أحد 3- ولأنّ الحديث مبتور من سياق الأحداث التى وقعتْ فى تلك الغزوة ، حيث أنّ الكثيرين من أتباع محمد تركوا (ميدان المعركة) لجمع الغنائم قبل انتهاء المعركة لصالح جيش محمد ، وهذا معنى ما جاء فى الآية ((والله أركسهم بما كسبوا)) فكانت النتيجة هزيمة جيش نبى الإسلام ، فهل الانقسام فى الرأى عن (القتل) كان يُـشير إلى قتل أتباع محمد الذين فروا من المعركة ؟ ، هذا السؤال يؤكده ما جاء فى الآية المذكورة ((فما لكم من المنافقين فئتيْن)) وما قاله النبى (إنها تنفى الرجال كما تنفى النار خـَـبث الحديد) وهو المعنى الذى قاله النبى فى حديث آخر عبـّـر فيه عن موقفه من (يثرب) وهو حديث رواه أبو هريرة الذى قال : قال رسول الله : أمرتُ بقرية تأكل القرى ، يقولون يثرب ، وهى المدينة ، تنفى الناس كما ينفى الكير خـَـبث الحديد)) (حديث رقم 1871)
وعن فلان عن فلان عن البراء (رضى الله عنه) قال : كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائمًـا ، فحضر الإفطار ، فنام قبل أنْ يفطر، ولم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسى . وأنّ قيس بن صِـرمة الأنصارى كان صائمًـا ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته وقال لها : أعندك طعام ؟ قالت : لا. ولكن أنطلق فأطلب لك (طعامًـا) وكان يومه يعمل فغلبته عيناه (أى نام) فجاءته امرأته ، فلما رأته قالت : خيبة لك (أى خيبك الله) فلما انتصف النهار غـُـشى عليه ، فذكر ذلك للنبى ، فنزلتْ آية ((أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)) (البقرة/ 187) ففرحوا فرحـًـا شديدًا ونزلتْ – كذلك – ((وكلوا واشربوا حتى يتبيـّـن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل.. إلى قوله ((ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد)) (الآية السابقة - والحديث رقم 1915)
وهذا الحديث ردىء الصياغة ركيك الأسلوب المُـرهق للعقل عليه الملاحظات التالية 1- أنه جمع بين المدة المسموح بها لتناول الطعام فى شهر الصيام ، وبين مضاجعة الرجل لزوجتـــه 2- كيف يكون الناس فى شهر الصيام وفى نفس الوقت لا يكون فيه طعام ، كما حدث عندما سأل الرجل زوجته : أعندك طعام ؟ فقالت لا، ولكن أنطلق فأطلب لك طعامًا ، فلماذا لم تــُـجهـّـز تلك المرأة الطعام لزوجها ؟ ولماذا انتظرتْ حتى عودة الزوج إلى البيت وقالت إنها ستخرج لتأتى له بالطعام ؟ 3- فإذا كانت البيئة الصحراوية حرمتْ أهلها من الماء والطعام ، فلماذا كان الصيام مع شدة الحر ونقص الماء والطعام ؟ وهل السبب هو مجرد الاستمرار لما كان عرفــًـا قبل دعوة محمد للإسلام ؟ وأنّ تقديس شهر رمضان انتقل إلى الإسلام عن الفترة التى نعتها ب (الجاهلية) حيث كان المُــتحنفون يفعلون ذلك ومنهم عبد المطلب جد النبى 4- كيف جامع الرجل زوجته وهو صائم ؟ وهل هذا الفعل كان لابد أنْ ينتظر الآية التى نظــّــمتْ العلاقة بين الرجل وزوجته ، أى أنّ الجماع يكون قبل بدء الصيام 5- مغزى آية ((ولا تــُـباشروهنّ وأنتم عاكفون فى المساجد)) ؟ حيث أنه – يتبيـّـن منها أنهم كانوا يفعلون ذلك داخل المساجد ، فنزلتْ تلك الآية لتمنعهم من ذلك الفعل الذى تأباه الفطرة الإنسانية الطبيعية ، وتعف عن ممارسته فى أماكن دور العبادة .
وعن فلان عن فلان عن عبد الله بن أبى أوفى (رضى الله عنه) أنّ رجلا أقام سلعة (مكتوبة هكذا) وهو فى السوق ، فحلف بالله لقد أعطى بها ما لم يعط ، ليوقع فيها رجلا من المسلمين فنزلتْ آية ((إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنـًـا قليلا)) (آل عمران/ 77) أى أنه لولا تلك الواقعة (الحقيقية) لما نزلتْ تلك الآية التى وصف فيها (الله) هذا الرجل وأمثاله بأنهم ((لا خلاق لهم فى الآخرة)) فإذا كان المقصود ب (الخلاق) الأخلاق ، فهل البشر فى (الآخرة) سيمارسون ذات الأفعال كما كانوا يفعلون فى الدنيا ؟ ومنها البيع والشراء ؟ أو أية تصرفات (دنيوية) لا أخلاق فيها ؟ كما أنّ (الله) لن يـُـكلــّـمهم ولن ينظر إليهم يوم القيامة ولن يُـزكيهم وتوعدهم ب ((العذاب الأليم)) أى أنّ تلك الواقعة التى وردتْ فى الحديث كانت السبب فى الاضافات التى وردتْ بتلك الآية فى الحديث رقم 2088، وتكرر فى الحديث رقم 2667.
وعن فلان عن فلان عن أبى الضحى عن مسروق عن خباب قال : كنتُ قنــًـا (أى عبدًا) فى الجاهلية. وكان لى على العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه (منه) فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد . فقلتُ لا أكفر حتى يـُـميتك الله ، ثم تــُـبعث . قال دعنى حتى أموت وأبعث ، فسأوتى مالا وولدًا ، فأقضيك)) فنزلتْ ((أفرأيتَ الذى كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدًا)) (سورة مريم/77) وذلك ما ورد فى الحديث رقم 2091 ، وتكرّر فى الحديث رقم 2275. أى أنّ تلك الآية جاءت مُـردّدة ما قاله ذلك الرجل الذى رفض تأدية ما عليه من دين للدائن .
وعن فلان عن فلان عن سهل بن سعد الساعدى أنه قال : رأيتُ مروان بن الحكم جالسًا فى المسجد ، فأقبلتُ حتى جلستُ إلى جنبه ، فأخبرنا أنّ زيد بن ثابت أخبره أنّ رسول الله أملى عليه : لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون (وصحتها المجاهدين لأنها معطوفة على ما قبلها) فى سبيل الله. قال : فجاءه ابن أم مكتوم وهو يُـمليها علىّ قال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدتُ . وكان رجلا أعمى ، فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله ، وفخذه على فخذى، فثقلتْ علىّ حتى خفتُ أنْ ترضّ فخذى ، ثم سرى عنه فأنزل الله عزّ وجل ((غير أولى الضرر) (حديث رقم 2832) والآية المذكورة وردتْ فى سورة النساء/ 95. أى أنه لولا تدخل ابن أم مكتوم أثناء كتابة تلك الآية ، ولفتَ نظر النبى إلى أنه (أعمى) وبالتالى لن يتمكــّـن من (الجهاد) مثله مثل المُـبصرين ، لولا ذلك ما تمتْ إضافة جملة ((غير أولى الضرر) وهكذا يتبيــّـن أهمية (باب أسباب نزول الكثير من الآيات) التى تعكس واقعـًا (ماديًا / حقيقيًا) ومن خلال الجدل والحوار بين أصحاب تلك الوقائع ونبى الإسلام ، تمـّــتْ استجابة السماء ، لما أبدوه من ملاحظات ، فنزلتْ الآيات : إما بالتأييد (فى بعض المواقف) كما حدث من تأييد لآراء عمر بن الخطاب ، أو ما حدث مع ابن أم مكتوم ، وإما بالإدانة كما حدث مع الرجل الذى رفض أداء ما عليه من دين للدائن . ولأنّ باب (أسباب النزول) من الأبواب المهمة فى كتب تفسير القرآن ، لأنه يؤكــّـد على أنّ القرآن كان ترجمة لواقع البيئة العربية/ البدوية/ الرعوية ، لذلك فإنّ أصحاب العاطفة الدينية ، الذين ختم الإسمنت عقولهم ، يكرهون هذا الباب ويرفضون الاعتراف به.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البداوة فى صحيح البخارى (6)
- الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5)
- العبودية فى صحيح البخارى (4)
- البخارى وأحاديثه عن الغزو (3)
- قراءة فى صحيح البخارى (2)
- قراءة فى صحيح البخارى (1)
- بورتريه عن شخصية خالتى
- كروان (وحيد) بين الغربان
- كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
- محمود درويش وأمل دنقل
- هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
- لماذا العرب ضد العرب
- لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
- هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
- هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
- القبائل العربية فى مصر
- العرب قبل وبعد الإسلام (19)
- العرب قبل وبعد الإسلام (18)
- العرب قبل وبعد الإسلام (17)
- العرب قبل وبعد الإسلام (16)


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)