أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شهداء باريس .. الرقم سمكة














المزيد.....

شهداء باريس .. الرقم سمكة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4989 - 2015 / 11 / 18 - 15:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهداء باريس .. الرقم سمكة
جعفر المظفر
طريقة تضامننا مع ضحايا الإرهاب في الغرب, كأن نستبدل صورنا بعلم الحزن الفرنسي, يجب أن لا تثير حفيظة أحد, خاصة إذا كانت الإثارة تجري وفق قاعدة دمهم لا يفرق عن دمنا. الإعتزاز إنسانيا بجميع ضحايا الإرهاب مهما كان لونهم وعرقهم ودياناتهم يجب ان لا يغيب عنا حقيقة أن الخسائر هي في حقيقتها ليست رقمية لأنها تجر معها مجموعة من الخسائر المركبة التي تفوق أرقامها البشرية المجردة بدرجات كبيرة.
هدف الإرهاب مع الغرب لا يتعلق بقتل الأفراد وإنما هو يتجاوز ذلك إلى إستهداف طبيعة المجتمعات هناك وطريقة عيشها وتتخطى أضراره كثيرا الأضرار التي تتأسس على المقارنات الرقمية.
في يوم واحد يُقتل ألف في العراق وكذلك في سوريا, لكن الأمر لا يثير الضجة التي يثيرها مقتل عشرة أو عشرين فرنسيا. تجاوزنا لما تؤسس له الإقترابات الرقمية ينطلق من حقيقة أن الأضرار التي تسببها خسارة العشرين في فرنسا يفوق حتما ما تتسبب بها في العراق وفي سوريا. فالحياة في هاتين الدولتين الأخيرتين هي أصلا معطلة, أما مايثيره القتل فيهما فيجري التعامل معه على طريقة المبلل لا يخاف من المطر.
في فرنسا مثلا يكون أثر العمليات الإرهابية واضحا على صعيد حساب التراجعات التي تؤدي إليها إجتماعيا وثقافيا وحضاريا, ولا نذكر هنا الخسائر التي تحدث على صعيد أمني وإقتصادي وسياحي.
في مجتمعاتنا, ضحايانا لا يتجاوزون حدود الرقم الحسابي لأن حياتنا منذ قرون طويلة سائرة بقدرة قادر, أما في مجتمعاتهم فإن خسارة العشرين دم ربما تصيب الدولة والمجتمع وطريقة الحياة والسلوك بخسائر فادحة.
حذاري إذن من بناء نظريات سياسية وإجتماعية على لغة الأرقام وحدها, فالرقم تماما مثل السمكة, يموت مثلها إذا خرج من مائِهِ.
إجتماعيا, حضاريا, ثقافيا, سلوكيا, ما وصل إليه المجتمع الفرنسي هو نتاج تطور سياقي, مركب ومتفاعل, يمتد على أكثر من عدة قرون, وربما يُؤرخ له ببداية الثورة الفرنسية عام 1789 حين إستوحت تلك الثورة أفكارا ليبرالية وراديكالية غيرت بشكل عميق مسار التاريخ الحديث, أوروبيا على الأقل. هذا التطور يمتد بلا شك إلى ما قبل ذلك التاريخ متواصلا ومتداخلا مع متغيرات فكرية وثقافية عمت القارة الأوروبية برمتها. أما نحن فما لدينا يعبر أيضا من ناحيته عن محصلة لتاريخ متواصل من الغياب عن الإنسانية.
لقد كانت هناك محاولات إستدراكية (نصف ثورية) في بلداننا العربية لم يكتب لها التوفيق لأسباب متعددة, أما ما لدينا الآن فهو أيضا من ناحيته يمثل خلاصة لسياقات تاريخية مرت بها مجتمعاتنا, ولكن على طريقة إلى الوراء در.
والآن إضرب رقم العشرين ضحية فرنسية بأربعة قرون تطور وقارنها بحاصل ضرب الألف ضحية عراقي أو سوري بأربعة قرون تخلف, وأنا على ثقة بأنك ستحصل على نتائج متعاكسة مع ما يحمله الرقم المجرد.
نعم .. الدم هو واحد, وكذلك الإعتزاز به, لكننا نتحدث هنا كيانات وحضارات وثقافات, عن مجتمعات ودول.
نتحدث عن مجتمعاتهم التي تسير إلى الأمام وتُقتلُ من الخلف, وعن مجتمعاتنا التي تسير إلى الخلف وتُقتلُ من الأمام



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البكاء عند أسوار سنجار
- نقلا عن فلان
- السيدة (العاصي) الزوجة الثانية أو الثالثة للجلبي .. حروب الم ...
- الشعب .. ما هو الشعب
- معركة الجوامع لا الشوارع . عائدية الإسلام لمن : للمعتدلين أم ...
- من أجل أن لا نفشل أمام الأغراب
- غدا تبدأ الهجرة المعاكسة
- سوريا واليمن .. بين الشرعية الأخلاقية والشرعية الدستورية
- لماذا (علي بن أبي طالب والتجربة الدنماركية)
- علي بن أبي طالب والتجربة الدنماركية
- الطائفية في العراق .. فصل الخطاب
- الولاء الوطني لامحل له من الإِعرابِ بين الأَعرابْ.
- صراع الحضارات .. فخ منصوب فلا تقعوا فيه
- في سوريا .. لا تنه عن أمر تفعله في اليمن
- الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة
- شرف ما بين النهرين وشرف ما بين الفخذين
- ثقافة الدولنة ونظرية المؤامرة والموقف من قضية الهجرة
- العبادي ليس راسبوتين العراق وعصاه ليست قادرة على أن تخلق الم ...
- في مشيغان ... من أجل أن لا يسيل الأحمر العراقي
- عن الحشد الشعبي .. حذاري من التعميم والتعويم ومطلقات التقييم ...


المزيد.....




- قتلت وجرحت العديد منهم.. شاحنة صغيرة تصطدم بعربة خيول على مت ...
- فرنسا: ماكرون يقبل استقالة رئيس الوزراء غابرييل أتال ويكلفه ...
- انفجار ضخم.. الحوثيون يعرضون مشاهد استهداف سفينة نفطية بزورق ...
- قتلى وجرحى في هجوم على مسجد للشيعة في عمان
- محاولة اغتيال ترامب تكسبه ترشيح الجمهوريين بلا منازع
- شارع فيصل.. عرض صور منتقدة للرئيس السيسي على لوحة إعلانات با ...
- المغرب والجزائر.. ما حقيقة بناء سياج جديد بالقرب من منطقة - ...
- ما أسباب الانهيارات الأرضية وكيف يمكن الحماية منها؟
- انتشار القمل.. أسبابه وكيفية التخلص منه
- وزير الدفاع الإسرائيلي: الظروف نضجت لاتمام صفقة تبادل الرهائ ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شهداء باريس .. الرقم سمكة