أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرحيم العطري - سكن هامشي أم سكان مهمشون؟














المزيد.....

سكن هامشي أم سكان مهمشون؟


عبد الرحيم العطري

الحوار المتمدن-العدد: 1364 - 2005 / 10 / 31 - 10:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


معضلة أحياء الصفيح بالمغرب
ما لهذه الأحزمة البائسة تطوق مدننا؟ وما لهذا الفقر المذقع يسيج واقعنا ويرفض الرحيل من بين ظهرانينا؟ أحياء "سكنية" تنتصب في الهامش, وسكان "هامشيون" أيضا يتجرعون يوميا مرارة الضياع في زحمة الوطن!
ففي أغلب مدننل المغربية تلوح أمامنا "براريك" و "نوالات" نسميها خطأ – ربما للتورية بأحياء الصفيح!, تمتد أمامنا حالكة فادحة! وهي تفتقر إلى أدنى شروط العيش الكريم!
إن هذه الفضاءات السكنية مازالت أرقامها الحقيقية بعيدة المنال, أولا لتناسلها المتواصل ولعجزنا البين في تحديد النسل الصفيحي, وثانيا لكون الإحصاء الأخير للسكان والسكنى قام "بتشفير" رقم "البراكة", وبذلك يتعذر الوصول إلى العدد الحقيقي للبراريك المغربية بين الإحصائيات المسكونة بالهاجس الأمني, الحريصة جيدا على أن تكون عامة وغير مرتبطة بالمتغيرات الأساسية!!!
ولكن بالرغم من سياسة الإخفاء التي تنتهج قصديا وعفويا, فإن السكن الهامشي يفتضح أمره قبالتنا يوميا من خلال مسلسل الحرائق وظواهر الإجرام وحالات الفقر البغيض وغيرها من تخريجات هذا الزمن الرديء, والتي تدل بما لا يدع مجالا للشك أن هناك "مغارب" عديدة.. بعضها يرفل في أبهاء الغنى الفاحش, والبعض الآخر يرزخ تحت نير الفقر والصفيح! فمآسي الذين قدر لهم العيش المبتور في الحي الصفيحي لا ينتهي, كعذاب الشتاء والصيف, وهكذا تكون "القطرة" – كما يقول "الصفيحيون"- صديقة لهم خلال برد "الليالي", وصهد الزنك طاردا لهم من "ديارهم" عندما تلهب سياط الشمس السقوف المثقوبة!! ناهيك عن اختناقات الواد الحار المكشوف, وظلام الليل الذي لا ينجلي!
يذكر أن الجامعة المغربية والمعاهد الاجتماعية امتلأت رفوف خزاناتها بأبحاث ودراسات حول أحياء الصفيح وما يعتمل في رحابها من ظواهر وقضايا, هذه الدراسات التي نزل أصحابها إلى الميدان لمقاربة أسباب هذا الانتشار المتواصل للظاهرة, وأبعادها وملابساتها, بقيت وللأسف الشديد سجينة تلك الرفوف, ولم يستفد منها بالمرة في بلورة استراتيجية شاملة لحل المعضلة؟ وبالرغم من كونها قد وضعت الأصبع على مكمن الخلل الذي نجم عنه سكن هامشي يؤمه سكان هامشيون أو بالأحرى مهمشون ومقصيون من دائرة الأولويات الرسمية!
وتأسيسا على ما اهتدى إليه كثير من هذه الدراسات فأحياء الصفيح نتيجة مركزية لسياسات التفقير والتهميش, فهذه "الأحزمة البئيسة" لم تأت من فراغ, وإنما نجمت بالأساس عن عدم وضوح الرؤى وغياب التخطيط المعقلن, وبذلك تشير ملامحها إلى الإفلاس الواضح للمشروع المغربي المتبع في ميدان الإسكان وما يرتبط به من انعطافات مجتمعية! ولابد من الإشارة إلى أنه كلما أثير حديث ساخن أو بارد – تبعا للخلفيات المحركة- حول هذه المعضلة, إلا وتم ربطها بالهجرة القروية, هذا الربط الذي يكون أحيانا فيه عسف واختزال كبيرين لعمق المشكل. فلا أحد بالطبع يمكن أن ينكر بأن لأحياء الصفيح اتصالا وثيقا بسيول الهجرة نحو المدن والتي تنامت بشكل مهول مع بدايات هذا القرن وبالضبط في فترات الجفاف, ولكن هذا لا ينفي وجود عوامل أخرى تنأى عن فضاء القرية وتنحبس في المدينة ذاتها, فليست الهجرة القروية وهي السبب الرئيسي المؤدي إلى انبتات هذه "الديار الطللية" في هوامش المدن, وإنما يرقد وراء هذه الهجرة القسرية من ظروف استغلال و"تضييق الخناق", والتي يتعرض لها الفلاحون الصغار هي السبب, وما يصادف أيضا هؤلاء "الراحلون" من "عنف المدينة" وغلاء معيشتها وتدني أجورها وأشياء أخرى تنحو منحى فجائيا أكثر فأكثر, هي كلها لا تجعل "القرويين الجدد" فقط "يفضلون" العيش المقزم تحت الصفيح, بل حتى "أولاد البلاد/المدينة/: يضطرون للانغمار في دروب الأحياء المهمشة برفقة الأزبال المزكمة للأنوف و"قطرة" الشتاء و"صهد" الصيف!
إذن هي أسباب أكبر من الهجرة القروية التي نلصق بها التهمة, أسباب قريبة جدا من سياسات الإسكان الفاشلة والعناية الاجتماعية المناسباتية, والتفقير والتبذير الكارثي!
لقد أنشئت في وقت سابق وكالة وطنية لمحاربة السكن غير اللائق, ولكن الذي بدا جليا هو أن الحرب لم تشن بعد على هذا السكن الذي يعترف رسميا بأنه غير لائق, فكما سلف الذكر فأرقام البراريك آخذة في الارتفاع, والهامش استحال إلى مركز تبزغ فيه كل حالات الشذوذ المجتمعي. وكم من قروض قدمت لنا على أساس اقتلاع هذه المساحات الخشبية/الصفيحية؟ وكم من حساب إداري تضمن بنودا مالية منتفخة لإعلان هذه الحرب التي لم تقرع طبولها بعد؟! فكيف السبيل إذن إلى العيش في ظل مدن لا تذرف دموعها المالحة, ولا تحتزم الفقر والفاقة من كل جنباتها!
فالحق في السكن اللائق والكريم لا يتجزأ من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ولهذا فبناء دولة الحق والقانون والمضي قدما في نهج تكريس هذه الحقوق وتطويرها لا يمكن أن يستقيم إلا بالاعتراف والعمل على تنفيذها في أرض الواقع, بضمان سكن كريم لكل مواطن.. وهذا بالطبع لن يكون إلا بالمراجعة الشاملة لسياسات الإسكان والقطاعات الاجتماعية والفلاحية أيضا والاستمرار في مسلسل الأوراش الكبرى وصولا في الأخير إلى "مغرب واحد" تتحقق فيه مواطنة المرء وكرامته.. ويغيب من دنياه "السكن الهامشي والسكان المهمشون".



#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تصير الأسرة بسبب التوقيت المستمرمجرد مؤسسة بيولوجية للإنج ...
- السوسيولوجيا معرفة تعيش حالة الاستثناء
- من يضع الملح فوق جراح البيضاء؟
- صيف حار بالرباط: تعديل حكومي في الأفق .. لا تعديل في الأفق
- ما بعد 16 ماي: الكتابة بالإبر فوق العيون: هل سيتوقف البحث عن ...
- أحداث 16 ماي من زاوية أخرى : حصاد الهشيم أو صناعة الكاميكاز
- الباحث الاجتماعي عبد الرحيم العطري في حديث للأحداث المغربية: ...
- النخبة المثقفة بالمغرب : من سنوات الجمر إلى التدجين و التبخي ...
- حوار مع الوزير المغربي الأسبق في التعليم العالي الدكتور نجيب ...
- حوارمع كاتب الدولة الأسبق في الرعاية الاجتماعية والأسرة والط ...
- سوسيولوجيا الشباب : من الانتفاضة إلى سؤال العلائق
- حوارمع كاتب الدولة الأسبق في التضامن و العمل الإنساني الأستا ...
- العلاقات المغربية الجزائرية : من يجني ثمار تعكير الأجواء ؟
- التعددية السياسية المعطوبة : الانقسام أقصر طريق لتأسيس حزب س ...
- ما معنى أن تكون وزيرا سابقا بالمغرب ؟
- تيبولوجيا المثقف المغربي
- المثقف المغربي : مجالات الفعل و العطب
- في رثاء عصرنا : موت المعنى
- المهنة الأكثر انتشارا في المغرب : قراءة الطالع السياسي
- في حوار مع المحلل النفسي الدكتور محمد نبيل غزوان


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرحيم العطري - سكن هامشي أم سكان مهمشون؟