أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - ابن تيمية في (السياسة الشرعية)(4)















المزيد.....

ابن تيمية في (السياسة الشرعية)(4)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4987 - 2015 / 11 / 16 - 10:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفصل الثاني :
قلة اجتماع الأمانة والقوة في الناس بنظر ابن تيمية
يعترف ابن تيمية بأن اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل ، لأسباب يعتقدها بحسب نظريته السياسية للاسلام ، وتطبيقا لاحداث جرت في سياسة الخلفاء والامراء المسلمين ، يعتقدها ويبني عليها نظريتها السياسية هذه . واول كلام يستشهد به قول للخليفة عمر بن الخطاب وهو: (اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة) .
فطالما كان الخليفة يقول مثل هذا الكلام ، وهو رئيس دولة وقائد أمه ، وكلمته مسموعة ورأيه مطاع ، فهذا يدل دلالة واضحة على أن عمر بأعتقاده لا يستطيع أن يدير أمه ويقود سياسة دولة وهو انسان يشعر بهذا الشعور ، بحسب ما هو ظاهر من كلام ابن تيمية هذا .
يقول فالواجب في كل ولاية ، الأصلح بحسبها. ويضيف فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة ، والآخر أعظم قوة ، قدم أنفعهما لتلك الولاية: وأقلهما ضررا فيها ، فيقدم في إمارة الحرب الرجل القوي الشجاع ، وإن كان فيه فجور فيها ، على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان أمينا .
اقول وهذا الكلام ليس بصحيح ، وابن تيمية بهذا الرأي كأنه يشرهن الى امارة الفاجر ويعطيه الضوء الاخضر في القيادة . الا يعلم أنه سوف يرتكب هذا الامير او القائد الفاجر كوارث ومجازر بين الناس لأنه لا يحمل ضميرا حيا ، كما فعل خالد ابن الويد ، حينما بعثه النبي الى قوم مسلمين فقتلهم وارتكب اعظم مجزرة بوجود محمد نفسه ، وعلى رأس تلك الضحايا مالك بن نويرة وتزوج أمرأته الجميلة من دون عدة ، ثم أن النبي لم يوجه له عقوبة ، وهي اقلها الاعدام ، بل اكتفى النبي بأن قال أنني اتبرء الى الله مما فعله خالد ، واكتفى بذلك ! . فيا ابن تيمية هل يوجد اكثر فجورا كالذي فعله خالد والذي هو في نظرك سيف الاسلام ؟!.
وابن تيمية يذكر سؤال قد وجه الى أحمد بن حنبل : عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر والآخر صالح ضعيف ، مع أيهما يغزو؟ فقال: أما الفاجر القوي ، فقوته للمسلمين ، وفجوره على نفسه ، وأما الصالح الضعيف فصلاحه ، لنفسه ، وضعفه على المسلمين ، فيغزي مع القوي الفاجر.
اقول وكيف نحرز من أن الفاجر سوف لا يرتكب جرائم طالما ان صفته الفجور ؟ وكيف نطلب من الفاجر ان يقيم عدلا ، ويعدل معوجا ؟ . واما الصالح الضعيف فهو اكثر انسانية وقيادة من الفاجر ، فهو يمكن أن يستعين بالآخرين الاقوياء لأخذ المشورة والسداد ، ويمتفظ بصلاحه ، فيضمن امرين اساسيين ، القوة والصلاح ؟.
وحديث ينسبه الى النبي وهو: (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر). وروي (بأقوام لا خلاق لهم). فإذا لم يكن فاجرا، كان أولى بإمارة الحرب مما هو أصلح منه في الدين ، إذا لم يسد مسده.وهذا الكلام ليس له معنى ، وهو اقرب الى الهذيان . وكيف النبي يقول مثل هذا الكلام الذي يدعو للفجور ؟ وكيف يجتمعان الدين والفجور؟ والذي افهم من كلامه هذا أن الدين من يصنعه اهل الفجور ، طالما أن الله يؤيدهم بذلك حسب الحديث .
يقول ابن تيمية ولهذا كان النبي ، يستعمل خالد بن الوليد على الحرب ، منذ أسلم ، وقال: - اي النبي - إن خالدا لسيف سله الله على المشركين) مع أنه أحيانا كان قد يعمل ما ينكره النبي حتى إنه - مرة - رفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد).
فهو يعترف بأن النبي كان يعلم أن بما يفعله خالد من جرائم بحق الناس عامة والمسلمين خاصة ، الا أنه يغض البصر عنه ، المهم أنه يحقق نصرا ، وهذا يكفي ، فالغاية تبرر الوسيلة بحسب نظرية ميكافلي .
ويستطرد ابن تيمية بحديثه حول خالد فيقول لما أرسله إلى خزيمة فقتلهم ، وأخذ أموالهم بنوع شبهة ، ولم يكن يجوز ذلك ، وأنكره عليه بعض من معه من الصحابة ، حتى وداهم النبي وضمن أموالهم ، ومع هذا فما زال يقدمه في إمارة الحرب ؛ لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره ، وفعل ما فعل بنوع تأويل.
وابن تيمية يبرر لخالد فعله هذا وما ارتكبه من مجزرة ويعتبرذلك شبهة وتأويل ! ، يعني قتل ابرياء مسلمين وسبي نسائهم واموالهم ، في ابشع جريمة شبهة بنظر ابن تيمية ، وهو فعل داعشي ، فهو كالذي يبرر الى داعش اليوم ما يرتكبونه من جرائم .
ويرى أن أبا ذر كان ، أصلح منه في الأمانة والصدق ، ومع هذا فقال له النبي (يا أبا ذر إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي: لا تأمرن على اثنين ، ولا تولين مال يتيم).
فأبو ذر باعتقاد ابن تيمية لا يصلح للامارة وللقيادة ، لأنه كما يعبر اكثر أمانة وصدقا من خالد ، بمعنى أن الامين والصادق لا يستحقا ذلك ، الا أن يكون مجرما قاتلا كخالد . ويفسر ذلك بأن النبي قد نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية ؛ لأنه رآه ضعيفا!.
ويعترف أن النبي قال فيه: (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء، أصدق لهجة من أبي ذر).
يقول ابن تيمية : {وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مرة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل استعطافا لأقاربه الذين بعثه إليهم ، على من هم أفضل منه وأمر أسامة بن زيد، لأجل ثأر أبيه}.
ويلقي كل ذلك على عاتق النبي حيث يقول ابن تيمية ولذلك كان يستعمل الرجل لمصلحة ، مع أنه قد يكون مع الأمير من هو أفضل منه ، في العلم والإيمان. اقول لأبن تيمية : هل أن قتل الابرياء كان لمصلحة في جهة نظر النبي ؟ .
ويستمر ابن تيمية في تبرير افعال خالد حتى قال فيه : وهكذا كان أبو بكر ما زال يستعمل خالدا في حرب أهل الردة ، وفي فتوح العراق والشام ، وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل . وقد ذكر أنه كان له فيها هوى ، فلم يعزله من أجلها، بل عتبه عليها لرجحان المصلحة على المفسدة ، في بقائه ، وأن غيره لم يكن يقوم مقامه ؛ لأن المتولي الكبير، إذا كان خلقه يميل إلى اللين ، فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى الشدة ، وإذا كان خلقه يميل إلى الشدة ، فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى اللين ، ليعتدل الأمر .
والظاهر من كلام وتحليل ابن تيمية لقضية خالد ان ابا بكر كان يتبع رأي النبي فيما يراه في خالد ؛ فلذلك كان متمسكا به رغم علمه بأن خالد مجرما قاتلا ، الا أن المصلحة تقتضي بقائه كجنرال عسكري قوي السطوة والباس .
يقول ولهذا كان أبو بكر ، يؤثر استنابة خالد ، وكان عمر بن الخطاب ، يؤثر عزل خالد ، واستنابة أبي عبيدة بن الجراح ؛ لأن خالدا كان شديدا ، كعمر بن الخطاب ، وأبا عبيدة كان لينا كأبي بكر.
واعتقد أن الرأي ما كان يراه عمر بن الخطاب ، وهو الاصوب ، وكان يفترض بأبي بكر أن يعزل خالد ، بل ويعاقبه ايضا ، امام محكمة عسكرية مختصة ليكون عبرة لم اعتبر ، فالفعل الذي فعله هذا الرجل لا يمكن السكوت عليه .
لكن ابن تيمية يرى أنه وكان الأصلح لكل منهما أن يولي من ولاه ، ليكون أمره معتدلا، ويكون بذلك من خلفاء رسول الله ، الذي هو معتدل ، حتى قال النبي: (أنا نبي الرحمة أنا نبي الملحمة). وقال: (أنا الضحوك القتال). وأمته وسط قال القرآن فيهم: {أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا} . وقال: {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}.
ويعتقد ابن تيمية أنه لما تولى أبو بكر وعمر صارا كاملين في الولاية ، واعتدل منهما ما كان ينسبان فيه إلى أحد الطرفين في حياة النبي من لين أحدهما وشدة الآخر، حتى قال فيهما النبي: (اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر).
وهذا كلام عجيب من هذا الرجل ، فهو يعتبر أن ابا بكر وعمر حينما اصبحا خليفتين للمسلمين صارا كاملين ، ولا افهم كلامه هذا ، هل أن الذي يتولى الخلافة يصير كاملا معصوما ، اذ أن الكمال لا يصلح الا للرجل المعصوم ، وهذا الكلام هو اقرب الى رأي الشيعة في أئمة اهل البيت .
ويستمر ابن تيمية في وصف ابي بكر ، على اعتباره مثلا للعدالة والكمال بقوله وظهر من أبي بكر من شجاعة القلب ، في قتال أهل الردة وغيرهم ، ما برز به على وعمر وسائر الصحابة ،. وإن كانت الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد ، قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها ، فأما استخراجها وحفظها ، فلا بد فيه من قوة وأمانة ، فيولى عليها شاد قوي يستخرجها بقوته ، وكاتب أمين يحفظها بخبرته وأمانته.
وكذلك في إمارة الحرب ، إذا أمر الأمير بمشورة أولي العلم والدين جمع بين المصلحتين ؛ وهكذا في سائر الولايات إذا لم تتم المصلحة برجل واحد ، جمع بين عدد ، فلا بد من ترجيح الأصلح ، أو تعدد المولى ، إذا لم تقع الكفاية بواحد تام . ويقدم في ولاية القضاء ، الأعلم الأورع الأكفأ، فإن كان أحدهما أعلم ، والآخر أورع ، قدم - فيما قد يظهر حكمه ، ويخاف فيه الهوى الأورع ، وفيما يدق حكمه ، ويخاف فيه الاشتباه: الأعلم.
ويستشهد بحديث ينسبه للنبي ، أنه قال: (إن الله يحب البصر النافذ ، عند ورود الشبهات ، ويحب العقل عند حلول الشهوات). ويرى بهما أن يقدمان على الأكفأ ، إن كان القاضي مؤيدا تأييدا تاما ، من جهة والي الحرب ، أو العامة ويقدم الأكفأ.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام الخباز
- ابن تيمية في (السياسة الشرعية) (3)
- ابن تيمية في (السياسة الشرعية) (2)
- ابن تيمية في (السياسة الشرعية) (1)
- أنتِ وأنا
- الاوراق الجافة (1)
- خمرُ شفتيكِ
- نصوص قصيرة
- ملفات أحمد الحلبي السرية
- نصّانْ
- ثلاثُ علاماتٍ لجنونيْ
- الكذب والزور في الاسلام
- ثلاثة نصوص
- موسى النبي يفقأ عين ملك الموت !
- أمي
- خرافة اسمها جحا العربي
- أبي
- النملة التي حيرت عقول المفسرين
- سبي النساء في الاسلام
- الجلود التي تتبدل وتتعذب في النار


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - ابن تيمية في (السياسة الشرعية)(4)