|
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 15
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 16:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تجربتي كداعية إسلامي في ألمانيا نشاطي الإسلامي في ألمانيا بعدما غادرت العراق في 27/04/1980، فتوقفت في بيروت، مقيما في شقة أخي في بحمدون، منتظرا وصول الموافقة على منحي تأشيرة الدخول لألمانيا، وبعد استلامي التأشيرة، التحقت بزوجتي التي سبقتني إلى ألمانيا، لتكون إقامتنا لبضعة أشهر في رتمر Rettmer/ لُنَبُرڠ-;- Lüneburg، عند أهل زوجتي، ثم انتقلنا إلى هامبُرڠ-;- Hamburg، الواقعة بستين كيلومترا شمال لُنَبُرڠ-;-. سبب انتقالنا لنكون قريبين من المركز الإسلامي في هامبُرڠ-;-، لانبهارنا حتى غيبوبة الرشد بالثورة الإسلامية الخمينية. هناك أقمنا في البداية في شقة، ربما بمساحة 40 مترا مربعا، حتى عثرنا على شقتنا الأولى الواسعة في منطقة بارْمْبَك Barmbek، إذ كانت مساحتها 100 م2. فأصبحت بعد وقت قريب مركزا لنشاطنا الإسلامي كعراقيين متدينين معارضين، ثم كناشطين في حزب الدعوة الإسلامية. ومن نفقتي الخاصة قمت بتأسيس أول مكتبة إسلامية، صرفت عليها عشرة آلاف مارك ألماني، اشتريتها من بيروت. امتلأت جدران الشقة بصور ذوي العمائم، ابتداءً من الخميني، الذي كان بالنسبة لنا صورة متجددة لمحمد أو علي، لكن دون مرتبة العصمة، وصور محمد باقر الصدر، ومحمد حسيني بهشتي، وبعض رموز الثورة الخمينية، ومع الوقت تقلصت، فاقتصرت على الثلاثة الذين ذكروا. لم نبق في تلك الشقة الواسعة طويلا، فانتقلنا إلى شقة بثمانين متر مربع، ثم بأخرى ذات خمسين متر مربع لثماني سنوات. وكلما انتقلنا، كلما بدأت أقلص من الصور، بل أصبحت مع الوقت أمقت ظاهرة الصور، حتى زالت تماما من جدران شقتي في أواخر الثمانينيات.
وتعاقب تأسيس الاتحادات الطلابية الإسلامية والمنظمات والجمعيات الدينية، والمراكز الإسلامية من قبلنا. وكنت في أغلبها إما المؤسس، وإما أحد المؤسسين الأساسيين، وإما المشرف، وواضع مسودات النظم الداخلية لها، وغالبا مُقترِح الأسماء لها، باستثناء اسم الاتحاد الإسلامي لطلبة العراق في ألمانيا الاتحادية وبرلين الغربية، فاسم الاتحاد كان بقرار من حزب الدعوة. أما الجمعيات فكانت (جمعية التوحيد)، (جمعية المصطفى)، (الجمعية الإسلامية العراقية) [التي غيرت اسمها في مطلع الألفين إلى (الجمعية العراقية)]، (الجمعية الثقافية العراقية في هامبُرڠ-;-). أما المراكز التي أسسناها، وكنت غالبا أنا الذي أديرها، فكانت مقر جمعية التوحيد في هامبُرڠ-;--فَدِل Hamburg - Veddel، (مركز المصطفى) في أَسَن Essen، الحسينية العراقية في كُولن Kö-;-ln، دار الهدى في هامبُرڠ-;- Hamburg. كما كنت إماما للجمعة والجماعة لعدة سنوات في مطلع التسعينيات لمركز إسلامي للبنانيين في مدينة بريمن Bremen. وكان هذا المركز الوحيد في ألمانيا، الذي جمعت فيه ثلاث مجموعات لبنانية، لم تلتق قط في مكان واحد في مدينة أخرى. حيث جمعت أعضاء وموالي حزب الله، وأعضاء وموالي حركة أمل، ومقلدي وموالي محمد حسين فضل الله. واستطعت - ولو بصعوبة - حتى إقناع شباب حزب الله بالتخلي عن شعاراتهم وخصوصياتهم داخل ذلك المركز الإسلامي، من أجل استيعاب الجميع، هذا بالرغم من أن مجموعة فضل الله كانوا الأقرب إليّ، لكني استطعت استيعاب الجميع، وكنت أحاول أن أطرح طرحا معتدلا عقلانيا، لو بمعايير فهمي آنذاك، وكان يحضر بعض العراقيين إلى جانب الجمهور الرئيس للمركز من اللبنانيين، بل الذي كان يستضيفني وأسرته الكريمة هناك هو من العراقيين البصريين، ممن كانت له علاقة سابقة بحزب الدعوة.
في كل المراكز والمقرات التي قمت بإدارتها استطعت إقناع الآخرين بالتخلي عن تعليق أي صورة لأي مرجع أو قائد سياسي-ديني. فلم تشهد تلك المراكز لا صور الخميني، ولا محمد باقر الصدر، ولا محمد حسين فضل الله، ولا الخوئي، ولا غيرهم. ففي مركز المصطفى في أسن، حاول بقية الناشطين هناك أن يقنعوني بالاقتصار على صورة محمد باقر الصدر، لكون المركز للعراقيين، وإن كان هناك جمهور لبناني استطعنا استيعابه، ولكون الصدر بالنسبة للناشطين وللجمهور العراقي يمثل الرمز الذي لا خلاف عليه. مع هذا، استطعت إقناعهم بوجهة نظري، مع العلم إني لم أكن أسمح لنفسي بالتفرد بقرار، بل كل ما جرى، كان يجري بالتشاور واتخاذ القرارات بالآليات الديمقراطية، بما في ذلك دوري كمشرف أو رئيس، وكذلك فيما يتعلق الأمر بالأسماء التي كنا نختارها، وأكثرها بمقترح مني، وبالنظم الداخلية، التي كنت أقدم مشروعها، ثم تُناقَش، وتُعدَّل، وتُقَرّ بالأكثرية. وكان لكل اسم اخترناه مبرراته في وقته. كنت أحاول تجنب الأسماء المذهبية أي ذات الصبغة الشيعية، وأحاول أن أختار مفردات سهلة اللفظ بالنسبة للألمان وعموم غير العرب.
جمعية التوحيد: لم أرد في هذه المرحلة أن أختار اسما إسلاميا واضحا في إسلاميته، ولكن مع هذا رأيت أن يحمل الاسم مضمونا إسلاميا، ومضمونا عاما وحدويا، وليس خاصا مذهبيا. فاقترحت اسم (التوحيد)، لأن التوحيد يمثل الركيزة الأساسية لعقيدة الإسلام، ولأن كلمة توحيد سهلة اللفظ لغير العرب، حتى لو بتحوّل الحاء إلى هاء، لأننا استخدمنا في الترجمة الألمانية اللفظ العربي (Tawhid).
مركز المصطفى في أَسَن: عندما عثرنا بعد جهد جهيد على مكان مناسب، وأقنعنا أحد أثرياء الشيعة العراقيين المقيم [عبد الأمير شبر] في آشافنبُرڠ-;- Aschaffenburg بتغطية الإيجار، استأجرنا مكانا واسعا في مدينة أسن، لوجود جمهور لنا، لا بأس به من حيث العدد في المدن القريبة (أَسَن Essen، كُولن Kö-;-ln، بُون Bonn، أوسنابرُك Osnabrück، دويْزْبُرڠ-;- Duisburg). وعندما أردنا اختيار اسم للمكان، كان البعض يريد اسما شيعيا، باختيار اسم أحد أئمة الشيعة (السجاد، الباقر، الصادق، الكاظم ...)، لكني استطعت إقناعهم برجاحة اختيار اسم إسلامي عام، وليس اسما شيعيا، واستطعت بالنتيجة إقناعهم باسم (المصطفى)، باعتباره يدل على نبي الإسلام، دون أن يكون ذلك من جهة أخرى واضحا لعامة الألمان، ثم إنه أيضا سهل اللفظ نسبيا، ولو بلفظه (المُستَفى).
جمعية المصطفى: لكون جمعية التوحيد، كانت هي الجمعية المسجلة في سجل الجمعيات، والتي يقيم نشاطه مركز المصطفى باسمها كجهة رسمية، وبما أننا أسمينا مركزنا الإسلامي بـ(مركز المصطفى)، ولم يبق للجمعية نشاط آخر غير إدارة هذا المكان والعناية بنشاطاته، ومن أجل ألا تتعدد الأسماء، اقترحت تسمية الجمعية أيضا بـ(جمعية المصطفى)، ليتوحد الاسمان، فقدمنا طلبا بتعديل الاسم.
الجمعية الإسلامية العراقية: بعدما اضطررنا لإغلاق (مركز المصطفى) بعد ثلاث سنوات، بسبب العجز المالي، ولتوقف المتبرع [عبد الأمير شبر] عن تغطية الإيجارات، ثم أعلنا إفلاس الجمعية، لأننا كنا فعلا عاجزين عن تسديد التزاماتنا، مما أدى إلى حل الجمعية وشطبها من سجل الجمعيات. لكن بقيت لنا نشاطات ذات طابع ديني محض، لكون النشاطات السياسية كانت تقام باسم (الاتحاد الإسلامي لطلبة العراق)، بل وأخذنا في وقت لاحق نقيم بعض النشاطات حتى باسم حزب الدعوة. مع هذا بقيت هناك حاجة إلى غطاء جمعوي للنشاطات الدينية والاجتماعية غير السياسية. أخيرا هيأت مسودة نظام داخلي، واستثمرت تواجد أكثر المهتمين بالموضوع في أسبوع المخيم الصيفي، فعقدنا اجتماعا أوليا. وبصراحة أنا الذي كنت مصرا على اختيار اسم «الجمعية الإسلامية العراقية». كان هناك مقترح اقترحه البعض في تسميتها بـ«الجمعية العراقية»، أو «الجمعية الثقافية العراقية»، المهم بدون توصيف «الإسلامية». إصراري على اسم «الإسلامية» لم يأتِ من قبيل التشدد، بل من قبيل الشفافية، إذ قلت: إخواني نحن جمعية إسلامية، والسلطات الألمانية ستعرف ذلك، ولذا فالتخفي وراء اسم لا يحمل صفة الإسلام، يثير الشكوك أكثر، لذا علينا أن نكون واضحين، ونفصح عن هويتنا، كما نحن، فبما أن جمعيتنا إسلامية في مضمونها ونشاطاتها وأعضائها وجمهورها، يجب علينا الإفصاح عن هويتنا، ثم نسميها عراقية، لأننا معنيون بالجمهور العراقي بدرجة أساسية، دون أن يعني عدم الانفتاح على غير العراقيين من الإسلاميين، أو المسلمين المتدينين، لأننا إسلاميون أو متدينون، أو الانفتاح على العراقيين من غير الإسلاميين، لأننا عراقيون. وجرت الموافقة بالأكثرية المقاربة للإجماع. بعد أكثر من عشر سنوات غيرتها أنا بنفسي إلى «الجمعية العراقية» دون توصيف «الإسلامية» لأسباب أذكرها في محلها.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 14
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 13
-
داعش وما قبله وما بعده: الإسلام هو المشكلة
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 12
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 11
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 10
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 9
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 8
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 7
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 6
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 5
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 2
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 1
-
ما قلته في لقاء السفارة ب «أسبوع النزاهة؟»
-
إماطة الوشاح عن أسمائي المستعارة
-
الصدق والكذب في حياتنا
-
الاتجاهات السياسية الناقضة للديمقراطية والمواطنة
-
أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|