|
الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5)
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 19:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5) طلعت رضوان الميتافيزيقا Metaphysics كما هو واضح من الكلمة الإنجليزية (وفى كل اللغات الأوروبية) تعنى أى شىء خارج عن كل ما هو (طبيعى) لذلك فإنّ تعريف هذا المصطلح فى كل القواميس العلمية يعنى (الماورائى) أى ما وراء الطبيعة ، ولذلك لا توجد كلمة فى اللغة العربية للتعبير عن هذا المعنى ، رغم أنّ (الثقافة العربية) فى مُـجملها غارقة فى كل ما هو (غير طبيعى) أى كل ما هو خارج نطاق العقل البشرى . وكان سلاح الترويج للديانة العبرية فى شـُـعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) هو ذلك البـُـعد الميتافيزيقى ، وهو ما تأكــّـد فى كتب التراث العبرى/ العربى ، وتأكــّــد فى التراث العربى/ الإسلامى ، ومن أمثلة ذلك ما ورد فى صحيح البخارى ، مثل الحديث الذى وجـّـهه نبى الإسلام لمعاذ بن جبل وقال فيه ((ما من أحد يشهد أنّ لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله صدقــًـا من قلبه إلاّ حرّمه الله على النار)) (حديث رقم 128) وأكمله بحديث ((من لقى الله لا يـُـشرك به شيئــًـا دخل الجنة)) (حديث رقم 129) وهذا الحديث ترديد وتكرار لنفس المعنى الذى ورد فى القرآن (النساء/48) ومضمونه أنّ الله يغفر (لمن يشاء) عن أى شىء ارتكبه إلاّ شيئــًـا واحدًا (الشرك بالله) ولكن السؤال المهم هو: كيف علم محمد بمصير البعض مستقبلا ، وما سوف يحدث لهم ما بين (الجنة والنار) بينما القرآن خاطبه قائلا ((قل ولا أعلم الغيب)) (الأنعام/50) وتعاظم الارتكاز على الميتافيزيقا لدرجة أنّ تقليد نبى الإسلام فى الوضوء يضمن المغفرة ، وهو المعنى الذى ورد فى حديث ((من توضأ نحو وضوئى ، ثم صلى ركعتيْن ، لا يُـحـدّث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه)) (حديث رقم 159) وتكرّر فى الحديث رقم 160، والحديث رقم 164. لهذه الدرجة يكون (غـُـفران) الذنوب لمجرد تقليد نبى الإسلام فى الوضوء. وفى حديث أكثر خرقــًـا للطبيعة ، فإنّ أتباع محمد أرادوا الوضوء فلم يجدوا الماء ، فأتى الرسول بإناء ليس فيه ماء ، وبمجرد أنْ وضع يده إذا بالماء ((ينبع من تحت أصابعه)) (حديث رقم 169) ولأنّ الميتافيزيقا لا تدوم ، ولأنّ الطبيعة حرمتْ العرب من المياه العذبة (مثل الأنهار) لذلك اخترع لهم نبى الإسلام البديل المُــتمثــّــل فى (التيمم بالتراب) وهو ما ورد فى أحاديث عديدة . وتمتد الميتافيزيقا لتشمل دخول الجنة لمجرد أنّ رجلا رأى كلـبًا ((يأكل الثرى من العطش ، فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله فأدخله الجنة)) (حديث رقم 173) فإذا تجاوز العقل الحر عن مضمون الواقعة ، فكيف دخل الرجل (الجنة) قبل موعد (يوم القيامة) ؟ وفق ما جاء فى التراث العربى/ الإسلامى . ورغم أنّ القرآن صريح فى أنّ (يوم القيامة) علمه عند (الله) وحده (الأعراف/187) فإنّ ذلك لم يمنع نبى الإسلام من أنّ يقول ((ما من شىء كنتُ لم أره إلاّ قد رأيته فى مقامى ، حتى الجنة والنار)) (حديث رقم 184) وأنا أعلم أنّ أصحاب العاطفة الدينية لديهم الرد الجاهز: إنّ نبى الإسلام مُـستثنى من كل شىء ، وأنه ((فوق البشر)) إلخ ولكن هذا الرد يتنافض مع التراث العربى/ الإسلامى ، ومع ما ورد فى سورة الأعراف ، فكيف رأى نبى الإسلام الجنة والنار، قبل أنْ ((تقوم الساعة)) ؟ سؤال لا يمكن أنْ يشغل عقل أى إنسان استغنى عن عقله وغرق فى توهمات الميتافيزيفا ، ولأنّ الديانة العبرية فى شـُـعبها الثلاث ، مُــتطابقة فى الكثير من (رؤاها) لذلك فكما أنّ نبى الإسلام رأى الجنة والنار، فإنّ النبى والزعيم القومى لبنى إسرائيل (موسى) رأى النار (قرآن – سورة طه/10) وعن فلان عن فلان عن ابن عباس قال ((مرّ النبى بحائط من حيطان المدينة أو مكة فسمع صوت إنسانيْن يُـعذبان فى قبورهما ، فقال النبى ((يُـعذبان وما يُـعذبان فى كبير: كان أحدهما لا يستتر من بوله ، وكان الآخر يمشى بالنميمة)) (حديث رقم 216، وحديث 217) فإذا تجاوز العقل الحر عن أنّ نبى الإسلام له (قــُـدرات خارقة) وإذا كانت النميمة تستحق العقاب ، فهل الإنسان الذى ((لا يستتر من بوله)) يكون عقابه (التعذيب) ؟ ولأنّ الميتافيزيقا تلعب دورًا مُـهمًا فى تثبيت أركان (الوحدانية) لمحو (التعددية) لذلك جاء حديث ((إنّ الله حرّم على النار من قال لا إله إلاّ الله.. يبتغى بذلك وجه الله)) (حديث رقم 425) فهذا الحديث (وغيره كثير) لا يهتم قائله ب (أفعال الإنسان) بمعنى إذا كان قد ارتكب الكثير من الجرائم ضد البشرية (كما فعل الإسلاميون الأوائل وكما يفعل الإسلاميون فى العصر الحديث) فإنّ أفعالهم سيتم العفو عنها ولن يتعرّضوا ل (نار جهنم) طالما أنهم يعترفون بوحدانية إله الإسلام . وقد تأكد ذلك فى حديث : عن فلان عن فلان عن عائشة (زوجة محمد) أنّ أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبى فقال ((إنّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا ، وصوّروا فيه تلك الصور، فأولئك شــِـرار الخلق عند الله يوم القيامة)) (حديث رقم 427) وهذا الموقف من الكنيسة الحبشية (التى يتعبد فيها أبناء الديانة السابقة على الإسلام واعترف بها القرآن) امتد ليشمل قبور العرب الذين أطلق محمد عليهم تعبير (مُـشركين) حيث أمر النبى ((بقبور المشركين فنــُـبشتْ ، ثم بالخرب فسُـويتْ ، وبالنخل فقــُـطع ، فصفوا النخل قبــِـلة المسجد)) (حديث رقم 428) وذلك رغم أنّ أنس قال ((كان النبى يصلى فى مرابض الغنم)) (حديث رقم 429) ومن الأحاديث التى يتوقف العقل الحر أمامها حديث رواه أنس أنّ النبى قال ((عـُـرضتْ علىّ النار وأنا أصلى)) وقال النبى أيضًا ((رأيتُ النار، فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع)) (حديث رقم 431) فإذا كان محمد هو نبى الإسلام ، فلماذا يرى النار وهو يـُـصلى ؟ ولماذا النار وليست الجنة ؟ خاصة وأنّ نبى الإسلام هو الذى أمر ببناء مساجد للمسلمين ، وشجـّـع على ذلك بحديث ((من بنى مسجدًا يبتغى به وجه الله بنى له الله مثله فى الجنة)) (حديث رقم 450) وذلك مع التجاوز عن سؤال : ماذا يستفيد الإنسان ببناء مسجد (باسمه) فى الجنة ؟ وهل الجنة بها (مساجد) بجانب أنهار الخمر التى هى لذة للشاربين (سورة محمد/15) بالاضافة إلى (حور العين) والغلمان (الطور/20، 24) وأيضًا فيها ((قاصرات الطرف لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جان)) (الرحمن/56) وكرّرها فى نفس السورة آية رقم 74. ومع أنهار الخمر، فإنّ الجنة بها ((حور مقصورات فى الخيام)) (الرحمن/72) فكيف تجتمع أنهار الخمر مع الخيام ؟ و(حور العين) فى الجنة كاللؤاؤ المكنون ، بجانب الولدان المخلدين (الواقعة/17، 23) وكما أنّ (حور العين)) مثل اللؤلؤ المكنون فإنّ الولدان المخلــّـدين أيضًا مثل اللؤلؤ المنثور (الإنسان/19) ورغم كل تلك الصور عن (المؤمنين) بالإسلام وبنبى الإسلام ، تأتى آية تناقض ما سبق وتنص على أن أهل الجنة سوف يذهبون إلى جهنم فذكر القرآن (حقّ القول منى لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين)) (السجدة/ 13) والميتافيزيقا تشمل تدخل (الجن) لتفسد على (المسلم) صلاته ، وهو ما حدث مع نبى الإسلام حيث قال ((إنّ عفريتــًـا من الجن تفلــّـتَ علىّ البارحة ، ليقطع علىّ الصلاة ، فأمكننى الله منه. فأردتُ أنْ أربطه إلى سارية من سوارى المسجد ، حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم.. إلخ)) (حديث رقم 461) وهذا الحديث يجعل العقل الحر يتساءل : 1- هل الجان أو العفاريت لهم صورة مادية مُـجسـّــدة مثل الإنسان (أى مرئية) ؟ وبذلك كان محمد سيتمكــّـن من (ربط) الجن حتى يراه أتباعه 2- كيف تغافل نبى الإسلام عن الآيات التى وردتْ فى القرآن عن الفرق بين الإنسان والجان حيث نصّ على ((ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون . والجان خلقناه من قبل من نار السموم)) (الحجر/ 26، 27) والقرآن نصّ على أنّ إبليس كان من الجن (الكهف/50) وأنه مخلوق من نار (سورة ص/ 77) فإذا كان الأمر كذلك ، فكيف تمكــّــن نبى الإسلام من رؤية الجن ؟ ليس ذلك فقط وإنما أراد تقييده فى إشارة دالة على أنّ (الجن) له صورة مُـجسّـدة. والميتافيزيقا فى التراث العربى/ الإسلامى ، لم تقتصر على جعل الكائنات الحية غير العاقلة تتكلم ، مثلما تكلــّـمتْ النملة فى سورة النمل /18) وإنما امتـدتْ (الميتافيزيقا) لدرجة جعلتْ (النار) تتكلــّـم ، حيث – كما ذكر البخارى – ((واشتكتْ النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضى بعضًا ، فأذن لها بنفسيْن ، نفس فى الشتاء ونفس فى الصيف.. إلخ)) (حديث رقم 537) وعن فلان عن فلان عن أنس بن مالك قال : إنّ رسول الله خرج فصلى الظهر فقام على المنبر، فذكر الساعة ، وأنّ الساعة فيها أمورًا عظامًا ثم قال : ((من أحبّ أنْ يسأل عن شىء فليسأل ، فلا تسألونى عن شىء إلاّ أخبرتكم ما دمتُ فى مقامى هذا)) (حديث رقم 540) وهذا الحديث (بغض النظر عن مسألة السند الصحيح أو مسألة ضعيف العنعنة ، وبغض النظر عن اسم قائله) فإنه (قائل الحديث) تجاهل ما ورد فى القرآن الذى نصّ على أنّ نبى الإسلام لا يعلم الغيب (الأعراف/ 187 والأنعام/50) فإذا كان الأمر كذلك فكيف علم (محمد) أنّ الساعة (أى يوم القيامة) ((فيها أمورًا عظامـًـا)) ؟ والحديث السابق تردّد فى حديث لاحق عن قدرة نبى الإسلام بمعرفة الغيب حيث قال ((إنّ شدة الحر من فيح جهنم)) (حديث رقم 629) فهل دخل (جهنم) أو حتى اقترب منها فيصف شدة حرارتها ؟ أمّ أنّ شدة الحر فى الجزيرة العربية هى التى (أوحتْ) له بهذا الوصف الذى شبـّـه فيه حر الجزيرة العربية بحر (جهنم) ؟ وفى حديث آخر قال نبى الإسلام ((دنتْ منى الجنة حتى لو اجترأتُ عليها لجئتكم بقطاف من قطافها ، ودنتْ منى النار حتى قلتُ أى رب وأنا معهم فإذا امرأة تخدشها هرة ، قلتُ ما شأن هذه ؟ قالوا حبستها حتى ماتتْ جوعًا ، لا أطعمتها ولا أرسلتها تأكل)) (حديث رقم 745) وهذا الحديث أيضًا فيه تأكيد على 1- قدرة نبى الإسلام على الغوص فى الغيب ، رغم أنّ القرآن نفى عنه تلك القدرة 2- القدرة على التجول بين الجنة والنار 3- عندما سأل : ما شأن هذه المرأة ؟ جاءه الجواب من (مجهولين) حيث نصّ على ((قالوا)) دون تحديد لشخصياتهم ووظائفهم فى (جهنم) وفى حديث آخر عن عائشة قالت : قال النبى فى صلاة الخسوف ((رأيتُ جهنم يحطم بعضها بعضـًـا حين رأيتمونى تأخرتُ)) (حديث رقم 91) فماذا يقصد بتعبير ((حين رأيتمونى تأخرتُ)) ؟ ومن هم المُـخاطبون بذلك التعبير؟ هل هم سدنة (جهنم) ؟ خاصة أنّ حديثه هذا جاء وهو يُـصلى صلاة الخسوف ؟ فرأى (جهنم) يحطم بعضها بعضـًا ؟ وفى حديث آخر قال النبى لأتباعه ((إنى رأيتُ الجنة ، فتناولتُ منها عنقودًا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيتْ الدنيا )) (حديث رقم 748) فلماذا لم يأخذ العنقود ؟ وكيف ل (عنقود واحد) يأكل منه الناس ((ما بقيتْ الدنيا)) ؟ ونبى الإسلام كان يُـكثر من الكلام عن الجنة والنار، فقال فى حديث آخر لأتباعه ((لقد رأيتُ الآن منذ صليتُ لكم (الأدق لغويًا صليتُ بكم ) الجنة والنار مُمثلتيْن فى قــِـبلة هذا الجدار، فلم أر كاليوم فى الخير والشر)) (حديث رقم 749) وهذا الحديث – المرتكز على درجة عالية من الخيال – يصلح للسينما العالمية ، حيث أنّ الجنة والنار، تجسّـدا على قــِـبلة الجدار الذى كان يصلى أمامه. أما آخر جملة فى الحديث ، فهى شديدة الغموض ، حيث لم يشرح ماذا يقصد ب ((لم أر كاليوم فى الخير والشر)) وعن فلان عن فلان عن ابن عباس قال : انطلق النبى فى طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلتْ عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، قالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء)) وانتهى الحديث بأنّ الشياطين قالوا لقومهم ((إنــّـا سمعنا قرآنــًـا عجبًا ، يهدى إلى الرشد فآمنا به. ولن نـُـشرك بربنا أحدًا ، فأنزل الله على نبيه ((قل أوحى إلىّ)) وإنما أوحى إليه قول الجن)) (حديث رقم 773) هذا هو نص الحديث الذى ذكره البخارى ، أما النص فى القرآن فهو ((قل أوحى إلىّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنــّـا سمعنا قرآنــًـا عجبًـا . يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نـُـشرك بربنا أحدًا)) (سورة الجن / 1، 2) بينما الحديث الذى ذكره البخارى انتهى بجملة ((وإنما أوحى إليه قول الجن)) فهل معنى ذلك أنّ قائل الحديث (ابن عباس) رأى فى تفسيره لسورة (الجن) أنّ الوحى كان من الجن ؟ والسؤال الثانى : إذا كان (الجن) قد آمنوا بالقرآن ، وقالوا ((لن نــُـشرك بربنا أحدًا)) فى تطابق تام مع لغة البشر، فلماذا استمرّ دور (الجن) فى الغواية وتحريض البشر على (الخطيئة) وأنّ الغواية وصلتْ لدرجة أنّ الجن دخلتْ على نبى الإسلام لتقطع عليه صلاته كما جاء فى الحديث رقم 461؟ وفى حديث طويل جدًا رواه البخارى مُـلخــّــصه أنّ الناس سألوا نبى الإسلام : هل نرى ((ربنا يوم القيامة ؟)) فحـدّثهم عن الشمس والقمر.. وقدرة (الله) ورغم ذلك ((تبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم (الله) ويقول لهم : أنا ربكم.. فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا.. فإذا جاء ربنا عرفناه.. فيأتيهم (الله) ويستمر الحديث لينقل بعض المشاهد عن الجنة والنار.. وينتهى الحديث (عسير القراءة) بأنّ شخصًا (لم يذكر اسمه) قال : يا رب قدمنى عند باب الجنة. فقال الله له : أليس قد أعطيتَ العهود والمواثيق ، أنْ لا تسأل غير الذى كنتَ سألت ؟ فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك ، فيقول : فما عسيتُ إنْ أعطيتَ ذلك أنْ تسأل غيره ؟ فيقول لا وعزتك لا اسأل غير ذلك ، فيعطى ربه ما شاء من عهد وميثاق ، فيقدمه إلى باب الجنة ، فإذا بلغ بابها ، رأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور، فيسكتْ ما شاء الله أنْ يسكت ، فيقول يا رب : أدخلنى الجنة. فيقول الله : ويحك يا ابن آدم ، ما أعذرك ، أليس قد أعطيتَ العهد والميثاق أنْ لا تسأل غير الذى أعطيت ؟ فيقول يا رب : لا تجعلنى أشقى خلقك ، فضحك الله عز وجل ، ثم أذن له بدخول الجنة)) (حديث رقم 806) وهذا الحديث الذى شغل صفحة ونصف من القطع الكبير، وبصياغة رديئة تــُـرهق العقل حتى (يفهم) يــُـثير التداعيات التالية 1- المُــتحاورن يتشكــّــكون فى وجود (الله) لذلك سألوا : ((هل نرى ربنا يوم القيامة؟)) 2- بعد أنْ حـدّثهم نبى الإسلام عن قدرة (الله) لم يقتنعوا بدليل أنّ الفقرة التالية نصـّـتْ على ((تبقى هذه الأمة فيها منافقوها)) فكيف يكون الحل لإقناعهم ؟ أجابتْ الفقرة التالية مباشرة أنّ (الله) جاء بنفسه ، وذلك بعد أنْ قالوا ((هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا)) أى أنهم لن يُـغادروا أماكنهم حتى يأتيهم (الله) وبالفعل استجاب (الله) لطلبهم . أما آخر الحديث فكان حوارًا روائيـًـا وسينمائـيــًـا بين (الله) وأحد الأشخاص طلب دخول الجنة ، فضحك (الله) ولبى طلبه وأدخله الجنة. وهكذا تكون الميتافيزيقا – أحيانــًـا – مادة للفكاهة والترويح عن النفس وتنشيط العقل. وعن فضل يوم الجمعة قال أبو هريرة أنّ النبى قال : إنّ الشخص الذى يـُـبكــّـر بالحضور للصلاة واغتسل غـُـسل الجنابة له (بقرة) ثم يبدأ العد التنازلى عن من يأتى بعده فتكون الجائزة (دجاجة) ثم تكون (بيضة) وهكذا.. (حديث رقم 881) وعن فلان عن فلان عن ابن عباس أنّ النبى سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس (حديث رقم 1071) فكيف سجد المشركون ؟ وإذا ردّ فريق التجميل أمثال أ. العقاد بأنهم (تابوا) وآمنوا بالإسلام فلماذا تمّ وصفهم ب (المشركين) أما سجود الجن والإنس فهو ترديد لما ورد فى القرآن ، خاصة عندما ذكر أنّ الهدف من (خلق) البشر والجن هو (العبادة) فقط لا غير (الذاريات/ 56) كما أنّ السجود يكون بالإكراه كما يكون بالطاعة (الرعد/ 15) كما أنّ القرآن نصّ على وجود التشابه بين الإنس والجن ، لدرجة أنّ (الله) كلــّـف رُسل من الجن لينقلوا (آياته) إلى باقى عشيرة الجن (الأنعام/ 130) ورغم ذلك ملأ (الله) جهنم بالجن والإنس (الأعراف/ 179) وكرّرها فى سورة هود/ 119) والميتافيزيقا أثــّــرتْ على عقول العرب/ المسلمين / مثل ذلك الشاب الذى رأى فى الحلم ((كأنّ ملكيْن أخذانى فذهبا بى إلى النار، فإذا هى مطوية كطى البئر، وإذا لها قرنان)) (حديث رقم 1121) ومن نماذج الميتافيزيقا التى تــُـساعد فى الترويح عن النفس الحديث الذى رواه أبو هريرة من أنّ الرسول قال ((إذا نودى للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان)) (حديث رقم 1231) وابن عباس قال أنّ ((الدجال مكتوبٌ بين عينيه كافر)) حديث رقم 1555) و(الدجال) فى التراث العربى/ الإسلامى ليس له وجود مادى ، فكيف رآه ابن عباس ؟ وكما أنّ النبى بشـّـر عشرة من أصحابه بدخول الجنة كذلك قال ((بشـّـروا خديجة ببيت فى الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)) (حديث رقم 1792) وهذا الحديث (بغض النظر عن صحته أو ضعف سنده) فإنّ قائله تجاهل أنّ خديجة لم تكن على قيد الحياة ، فمن هم المُـخاطبون بقوله ((بشــّـروا)) لينقلوا لها البشرى ؟ ولو وضع العقل فرضية أنه كان يُـخاطب (الملائكة) فهل كانت الملائكة فى انتظار هذا الحديث ؟ أما عن التنبؤ بالمستقبل ومعرفة الغيب فقد نفى القرآن عن النبى تلك القدرة (الأعراف/ 187 والأنعام/ 50) وقد تغلــّـبَ النبى على تلك الاشكالية بحديث قال فيه ((أتانى جبريل فقال من مات من أمتك لا يـُـشرك بالله شيئــًا دخل الجنة)) (حديث رقم 2388) ولذلك أصرّ محمد على قدرته على رؤية المستقبل فقال لأتباعه ((لا تــُـخيـّـرونى على موسى ، فإنّ الناس يـُـصعقون يوم القيامة ، فأصعق معهم ، فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى باطش جانب العرش ، فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلى أو كان ممن استثنى الله)) (حديث رقم 2411) وتكرّر فى الحديث رقم 2412) وعن فلان عن فلان عن أبى هريرة قال : سمعتُ رسول الله يقول ((قرصتْ نملة نبيـًـا من الأنبياء ، فأمر بقرية النمل فأحرقتْ ، فأوحى الله إليه أنْ قرصتك نملة أحرقتَ أمة من الأمم تــُـسبّـح ؟)) (حديث رقم 3019) ومغزى الحديث أنّ نبيًا (لم يذكر اسمه) أحرق قرية النمل (كأنّ النمل مثل البشر توزّع على مجموعة من القرى) وذلك لمجرد أنّ نملة (واحدة) قرصته ، فإنّ (الله) اعترض على هذا الفعل ، لأنّ النمل ((أمة من الأمم تــُـسبـّـح)) وعن فلان عن فلان عن أبى ذر قال أنّ النبى سأله حين غربتْ الشمس ((أتدرى أين تذهب؟)) قال : الله ورسوله أعلم . قال : تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن فيؤذن لها ، وتوشك أنْ تسجد فلا يـُـقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها ، ويقال لها ارجعى حيث جئتِ ، فتطلع من مغربها.. إلخ)) (حديث رقم 3199) وهذا الحديث يصلح ليكون أحد مشاهد السينما العالمية التى تعتمد على الميتافيزيقا (باستخدام التكنولوجيا الحديثة) لإبهار المُـشاهدين. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العبودية فى صحيح البخارى (4)
-
البخارى وأحاديثه عن الغزو (3)
-
قراءة فى صحيح البخارى (2)
-
قراءة فى صحيح البخارى (1)
-
بورتريه عن شخصية خالتى
-
كروان (وحيد) بين الغربان
-
كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
-
محمود درويش وأمل دنقل
-
هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
-
لماذا العرب ضد العرب
-
لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
-
هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
-
هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
-
القبائل العربية فى مصر
-
العرب قبل وبعد الإسلام (19)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (18)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (17)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (16)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (15)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (14)
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|